الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سهام الليل لا تخطي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حجم الخط
    #1

    سهام الليل لا تخطي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.

    سهام الليل لا تخطئ أيها الظالم!!.

    الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    إن الباري جل جلاله لكمال عظمته و عدله حرم الظلم على نفسه، وجعله كذلك بين عباده محرما ، فعن أبي ذر- رضي الله عنه- قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :قال الله تبارك و تعالى:" يا عبادي إني حَرَّمْتُ الظلم على نفسي، وجعَلْتُهُ بينكم مُحَرَّمًا،فلا تَظَالَمُوا...". رواه مسلم (2577)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"فإن هذا خطاب لجميع العباد أن لا يظلم أحد أحدا،وأمر العالم في الشريعة مبني على هذا، وهو: العدل في الدماء والأموال و الأبضاع والأنساب والأعراض". مجموع الفتاوى (18/ 167)
    لكن بعض المخلوقين! لم يأتمروا بأمره سبحانه ولم يبتعدوا عن نهيه، فأعجبتهم أنفسهم وغرتهم قوتهم! وطغى عليه حب الذات، فتعدوا على غيرهم من المستضعفين، إما بالضرب أو بأخذ أموالهم بغير حق، أو بالكلام في أعراضهم!!!.
    يقول ابن الجوزي –رحمه الله- :" اعلم أن الظلم يشتمل على معصيتين عظيمتين :
    إحداهما : أخذ مال الغير بغير حق . والثانية : مبارزة الأمر بالعدل بالمخالفة ، وهذه المعصية فيه أدهى ؛ لأنه لا يكاد يقع الظلم إلا للضعيف الذي لا يقدر على الانتصار إلا بالله عز وجل ". كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/559)
    وقال الإمام الذهبي –رحمه الله- :"الظلم -يكون-بأكل أموال الناس، وأخذها ظلما، وظلم الناس بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء ".الكبائر (ص 104)
    ولو كانت قلوبهم مستنيرة بالإيمان والخوف من الرحمن!لما تمكن منهم الشيطان وزين لهم هذا العصيان!،يقول ابن الجوزي -رحمه الله-:"وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب،ولو استنار بنور الهدى لنظر في العواقب".كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/560)
    ونسي هؤلاء الضعفة! الذي اغتروا بأنفسهم! أن الله جل جلاله ليس بغافل عما يعملون! وإنه سبحانه لكمال عظمته وحلمه، يترك لهم المجال لعلهم يتوبون ويرجعون للكبير المتعال، فإذا هم استمروا في طغيانهم، فإنهم بظلمهم سيأخذون ولن ينفعهم حينئذ ما به يعتذرون،قال تعالى:(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)[إبراهيم :42].
    قال الشيخ السعدي-رحمه الله-:"حيث أمهلهم،وأدر عليهم الأرزاق وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين، فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم،فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما،حتى إذا أخذه لم يفلته". تفسير السعدي (ص 427)
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إنَّ الله ليملي للظالم، حتى إذا أَخَذَهُ لم يُفْلِتْهُ "، ثُمَّ قَرَأَ:( وَكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إِن أخذه أليمٌ شديدٌ )[ هود :102]). رواه البخاري (4409) ومسلم (2583) واللفظ له، من حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه-.
    قال الحافظ المناوي-رحمه الله-:"وفيه تسلية للمظلوم،ووعيد للظالم،وأنه لا يغتر بالإمهال فإنه ليس بإهمال".فيض القدير (2/4)
    أيها الأحبة الكرام إن للظلم عاقبة وخيمة وأخطارا جسيمة،فكم من ظالم! تكبر وتجبر وسعى في الأرض فسادا،وظن أنه لا يَهلِك،فأخذه الجبار أخذ عزيز مقتدر،وجعله لمن بعده آية، وفي قصته عبرة، وكم من ديار أُهلكت بسببه، قال تعالى: ( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) [ الكهف:59]
    قال الشنقيطي –رحمه الله-:" بين – الله جل جلاله- في هذه الآية الكريمة : أن القرى الماضية لما ظلمت بتكذيب الرسل والعناد واللجاج –الخصومة الشديدة- في الكفر والمعاصي أهلكهم الله بذنوبهم" . أضواء البيان (3 /318)
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -:"إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة". مجموع الفتاوى (28/ 63)
    أيها الظالم !يا من أعجبتك نفسك تذكر قدرة الله جل جلاله عليك عند اغترارك بقدرتك على الضعفاء والمساكين! وتذكر أن لهؤلاء الضعفة سلاحا لن تستطيع التغلب عليه مهما بذلت واجتهدت!!،فهي سهام سيصلك تأثيرها إذا لم تبادر إلى الجبار بالتوبة و الاستغفار، طال بك الأجل أم قصر،فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: "وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا الله فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لها أَبْوَابَ السَّمَاء،ِوَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".رواه الترمذي(2526) وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-
    قال القاري –رحمه الله-:"والمعنى لا أضيع حقك، ولا أرد دعاءك، ولو مضى زمان طويل لأني حليم لا أعجل عقوبة العباد لعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاء الخصوم والتوبة،وفيه إيماء إلى أنه تعالى يمهل الظالم ولا يهمله".مرقاة المفاتيح (5/130)
    وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل –رضي الله عنه- :" اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا ليس بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ". رواه البخاري (2316) واللفظ له، ومسلم (19) من حديث عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-.
    يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :" فالمظلوم يستجيب الله دعاءه حتى ولو كان كافراً فلو كان كافراً وظلم ودعا على من ظلمه أجاب الله دعاءه، لأن الله حكم عدل عز وجل، يأخذ بالإنصاف والعدل لمن كان مظلوماً ولو كان كافراً، فكيف إذا كان مسلماً؟". شرح رياض الصالحين(6/85)
    كيف يا هذا!! يهنأ لك العيش ويطيب لك النوم! وأعين المظلومين المستضعفين ساهرة تدعو عليك! يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" فأين من هو نائم وأعين العباد ساهرة تدعو الله له، وآخر أعينهم ساهرة تدعو عليه ".طريق الهجرتين (ص525)
    وصدق من قال :
    أَتَـهزَأُ بالـدعاء وتَـزدَريه
    وما يُدريك ما صنعَ الدعاءُ
    سهام الليل لا تُخطي ولكنْ
    لهـا أمدٌ وللأمد انـقضاءُ . فيض القدير للمناوي (3/527)
    فبادر -وفقك الله- بالتوبة للغفور الرحمن وتخلص من مظلمتك، وتحلل ممن ظلمته قبل فوات الأوان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"من كانت عنده مَظْلِمَةٌ لأخيه فَلْيَتَحَلَّلْهُ منها،فإنه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ من قبل أن يُؤْخَذَ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسناتٌ أُخِذَ من سيئات أخيه فَطُرِحَتْ عليه". رواه البخاري (6169).
    قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:" في الدنيا يمكن أن يتحلل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيء إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة أقتص من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإن بقي منه شيء وإلا أخذ من سيئات المظلوم وحملت على الظالم والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئات إلى سيئاته.
    وظاهر هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يتحلل من ظلم أخيه حتى في العرض، سواء علم أم لم يعلم، وذلك كأن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعرض ". شرح رياض الصالحين(2/509)
    فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يهدي الظالمين للحق،ويغفر لهم ويتجاوز عنهم، ويُبعدنا وإياكم عن كل الشرور، فهو سبحانه ولي ذلك والعزيز الغفور.

    وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أبو عبد الله حمزة النايلي
    عود لسانك في حياٺك على قول
    شيء يفيدك في نهاية حياٺك


    سبح وكبر واذكرر الل? على طول
    هذا الرصيد اللي يفيد بــ وفاٺك
Loading...


يعمل...
X