كثيرا ما نشاهد عند الإشارات وفي الأماكن العامة عدداً من المعاقين صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً ممن اتخذوا التسول مهنة يزاولونها ليل نهار، حيث تثير إعاقتهم تعاطف الناس معهم فيصعب عليهم ردهم فيتصدقون عليهم..
وأمام ذلك المنظر نتساءل: لماذا يلجأ بعض المعاقين للتسول؟، هل بسبب رفض بعض أرباب العمل تشغيل ذوي الإعاقة؟، وهل يقوم أحد بإرغام المعاقين على التسول؟..
"الرياض" قامت بجولة ميدانية مع عدد من المتسولين والمحسنين، لالقاء الضوء على هذة الظاهرة..
تعاطف الجميع
البداية كانت في أحد المراكز التجارية بشمال الرياض عندما وجدنا رجلا مسنا في العقد السادس من العمر يدعى محمد، وهو مقعد بسبب إعاقته الجسدية، وقد أختار وسط السوق للبقاء بكرسيه المتحرك، اقتربنا منه بهدف المساعدة وعندما سألناه عن قصته أجابنا قائلاًً: تعرضت لحادث قبل أربع سنوات تسبب لي بالشلل، وكنت أعمل بأحد المحلات التجارية كمحاسب، ولكن بسبب إعاقتي استغنى رب العمل عني، ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش على صدقات المحسنين وما تقدمه لنا الجمعية الخيرية أحياناًً من مؤونة غذائية، فلدي ثلاثة أبناء من زوجتي غير السعودية وجميعهم صغار ويحتاجون للمساعدة، مضيفاً: يتراوح دخلي اليومي مابين 100 إلى 300 ريال وهي تسد حاجة أبنائي ولا حل لدي، فالكل يرفض تشغيلي بسبب إعاقتي وكبر سني.
وفي أحد المراكز التجارية في جنوب الرياض وجدنا عددا كبيرا من المتسولين بينهم رجل فقد إحدى ذراعية واقفاًً أمام بوابة المركز التجاري، ولاحظنا كثرة الإقبال عليه من المتسوقين المتعاطفين معه، حاولنا محادثته، ولكنه رفض بشدة، وأثناء ذلك حضرت إحدى المتسوقات وقدمت له صدقة وعندها سألتها عن ذلك فقالت أم منيرة: أمرنا الله بالصدقة، وهؤلاء مساكين لم يقفوا هنا إلا بسبب الحاجة، والضمان الاجتماعي لا يكفي لمتطلبات الحياة، والجمعيات لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب، وإلا لماذا نجدهم بكثرة؟.
والتقينا بإحدى المتسوقات وتدعى أمل، والتي قالت: الأسبوع الماضي وجدت بأحد الاسواق طفلة صغيرة تبلغ من العمر قرابة سبع سنوات مصابة بإعاقة سمعية وتجري بين المتسوقين وتقوم بالإشارة لهم طالبة من خلالها المال، لقد "رحمت" تلك الطفلة فلا بد أن أهلها هم من شجعوها على ذلك لاستدرار عطف الناس، ولو أنهم رفضوا لما وجدنها هنا.
وأضافت نورة العجمي قائلة: شاهدت معاقين في أماكن متفرقة، ولكن لا نقارن الموجودين في الرياض بالأعداد الهائلة في مدينة مكة، فهناك أنواع الإعاقات من صغار وكبار، ولا يدعونك تمضين في طريقك بسلام إلا بعد أعطائهم مبلغا من المال ولو كان زهيداًً.
وعن الأسباب النفسية والاجتماعية التي دفعت المعاقين للتسول تقول الأخصائية الاجتماعية جميلة العتيبي أن هناك جملة من الأسباب النفسية والاجتماعية الدافعة للتسول، ومنها قلة وعي الأسرة وبعضهم يشجعونه على التسول، وشعور المعاق بالنقص أمام الآخرين، والألفاظ المهينة التي توجه للمعاق.
أكثرهم مقيمون
وقال حمد سعد الثاقب مدير مكتب مكافحة التسول بالرياض: استطعنا القبض على خمسة وأربعين ألف متسول خلال الأربع سنوات الماضية، وبلغت نسبة غير السعوديين 88% والسعوديين 12 %، ومن ضمن المتسولين يوجد هناك مدمنو المخدرات ومرض نفسين ومعاقين من الجنسين ومختلف الأعمار، واستطاع هؤلاء المتسولون من المواطنين كسب تعاطف الناس معهم، مع أن الدولة توفر لهم كافة الرعاية والدعم المادي.
هذا التحقيق نشرته جريدة الرياض في عددها الصادر يوم الأحد 3/1/1431هـ وإن كان هناك إشارة غلى أن السواد الأعظم من المعوقين هم من المقيمين حيث بلغت النسبة 88% ، إلا أن نظرة المجتمع لا تفرق بين مقيم ومواطن فالنظرة بالنسبة للمجتمع واحدة فهم أي المجتمع ينظر للإعاقة فقط بغض النظر عن الجنسية مما يسئ لكافة شرائح المعوقين فالنظرة عموما سوداوية للمعاق وإعاقته
لذا يجب على المعوقين أو دعنا نسميهم ذوي الاحتياجات الخاصة بتكثيف الحملات والمطالبة بحقوقهم وكسر تلك النظرة التي أظهرت المعاق على أنه شخص متسول لا يجد ما يسد به رمقه
تحياتي للجميع
تعليق