اشعارات

إجماع الخبراء والمهتمين على أنه "تكليف".. وليس "وجاهة اجتماعية"

إجماع الخبراء والمهتمين على أنه "تكليف".. وليس "وجاهة اجتماعية"

إجماع الخبراء والمهتمين على أنه "تكليف".. وليس "وجاهة اجتماعية" نشر ثقافة "العمل التطوعي" ضرورة تنموية لاستيعاب إبداعات الشباب والفتيات الدمام: أمل التريكي، شريفة الموسى "العمل التطوعي" مصطلح يحمل بين دلالاته "العمل الخيري" الذي تتميز به المملكة، ويمثل "أساسا" مهما في تاريخها على مختلف الأصعدة.
عند ذكر هذا المصطلح يقفز إلى ذهنك تراث ضخم من العطاء الذي عُرِفَ به مجتمعنا على مدار سنوات طويلة، وعصور عديدة.
المصطلح نفسه.. يضعك الآن أمام معادلة صعبة تتصل بواقع العمل التطوعي "المعاصر" الذي يعاني العديد من العقبات، أبرزها: غياب الأنظمة الداعمة له، بما ينبغي أن تشتمل عليه من حقوق وواجبات، إضافة إلى فقدان التخطيط، ونقص التدريب والتثقيف والتأهيل لمن يقدمون الخدمات التطوعية.
الخبراء والمهتمون بالعمل التطوعي يُجمعون على أنه "تكليف".. وليس "تشريفا"، ويرفضون اعتباره نوعا من الوجاهة الاجتماعية.
ويُطالبون بنشر ثقافة "التطوع" كضرورة تنموية لاستيعاب إبداعات الشباب والفتيات، وتعظيم طاقاتهم في خدمة مجتمعهم. كما يطالبون بإدخال مادة "خدمة المجتمع" ضمن مناهج التعليم بمختلف المراحل، لتشجيع الطلاب والطالبات على العمل التطوعي.
ويُشددون على أن نجاح العمل التطوعي يتوقف على الدعم المادي والمعنوي، وتعاون مؤسسات المجتمع، كما أن الاحترام المتبادل، والتعامل الإنساني، وعدم الأنانية تمثل ضمانات قوية لنجاح الخدمات التطوعية.
الخبراء والمهتمون يؤكدون ضرورة دعم مشاركة المرأة في العمل التطوعي، ويشددون على أن هناك إقبالا ملحوظا من الفتيات على الانضمام للفرق التطوعية.
وفي السطور التالية نتعرف على المزيد من آراء الخبراء ومقترحاتهم لدعم العمل التطوعي.
في البداية.. تؤكد الدكتورة شيخة العودة المدربة والمستشارة النفسية والاجتماعية والتربوية أن المجتمع يفتقد إلى العمل التطوعي المنظم الذي يحتوي على صفتي "الصواب" و"الإخلاص".
وتقول: إننا إذا وجدنا إحدى هاتين الصفتين فَقَدنا الأخرى، فغالبا ما توجد الرغبة، ولكن دون أي تخطيط، ومن ثمّ تقع الأخطاء.
وتشدد على أهمية وجود استراتيجية لدعم العمل التطوعي، بحيث تكون منظمة ومزودة بالحقوق والواجبات. وتشير إلى أن هناك وعيا كبيرا بأهمية العمل التطوعي، ولكن هذا العمل امتزج بالوجاهة الاجتماعية، فأصبح ـ في نظر كثيرين ـ تشريفا، وليس تكليفا.
وتوضّح أن الجميع مُكلّف بدعم العمل الخيري، بعيدا عن مكانتهم، فلا يجوز بأي حال ربطه بالوجاهة الاجتماعية، بل ينبغي التركيز على دعم العمل، وإبراز قيمته، وتشجيع كل الجهود الرامية إلى تحقيق أهدافه الإنسانية والاجتماعية.
وتطالب وسائل الإعلامي المختلفة بتغيير نظرتها إلى العمل التطوعي، والتعاون في سبيل ضمان وجود منظم لمن يقوم بهذا العمل، بحيث يكون مؤمنا بأهدافه، وساعيا لدعمه، وعاملا على الارتقاء بغاياته السامية، ولا يمارسه بغرض المفاخرة والمباهاة، وغيرهما.
كما تطالب بعدم تقييد الأعمال التطوعية، وحصرها في مجال معين، حتى تكون مفتوحة وشاملة لجميع المجالات. وتدعو وزارة التربية والتعليم إلى استحداث مادة تسمى "خدمة المجتمع" لتعريف الطلاب بماهية العمل التطوعي، وكيفية القيام به بطرق مدروسة منظمة.
تدريب وتثقيف
أما الدكتورة مها الزهراني أستاذة اللغة العربية بكلية الآداب بالدمام فتجزم بأن مستوى التطوع في المجتمع الشرقي الآن لا بأس به.
وتقول: إن العمل التطوعي يحتاج إلى دعم مادي ومعنوي، وآليات منظمة للعمل فيه، لأن بعض أنواع الأعمال التطوعية يتطلب التدريب والتثقيف والتأهيل للعاملين بها قبل الانخراط فيها، وذلك من خلال وضع برامج وخطط عمل، ليقوم بتطبيقها كفاءات مزودة بالخبرة والدراية والمرونة عبر مراكز تدريبية.
وتضيف أن بعض هذه الأعمال التطوعية تتطلب المساندة والإرشاد والتوجيه والمتابعة والتقييم للمتطوع في بيئة العمل، مشيرة إلى أن العمل التطوعي بشكل عام يحتاج في مفهومه الواسع إلى صفات نفسية يمتلكها المتطوع، أو يكتسبها، ويتناغم معها، ويوطن نفسه عليها، كالتحمل والصبر والإيثار، والتضحية بالوقت، وسعة الأفق، لكي ينجح هذا العمل، ويستمر، ويحدث التغيير المأمول في المجتمع.
مسؤولية مشتركة
وتلفت الدكتورة مها إلى ضرورة حماية المتطوع من المساءلات القانونية، أو الوقوع في الخطأ من خلال تشريع القوانين المنظمة للعمل التطوعي، والداعمة له.
وتوضح أهمية إيجاد الحوافز المعنوية قبل المادية لتشجيع العمل التطوعي باعتباره عملا ينطلق من الذات. وتقول: عندما نقدم لمسلم خدمة بإخلاص فإننا في الحقيقة نقدمها لأنفسنا، لأننا بذلك نتأهل لاستقبال هبات من الله الكريم المنان.
وتعرب عن اعتقادها أن مسؤولية العمل التطوعي تقع على عاتق كل مسؤول في مؤسسة حكومية أو قطاع خاص، وكذلك المربون "الأب والأم" في الحضن الأول وهو الأسرة التي تنطلق منها هذه الطاقات والأجيال نحو مجتمعها ووطنها التي ينتظر ويؤمل منها الكثير وتعلق عليها الطموحات والآمال.
وتصف وعي المرأة السعودية ـ باعتبارها نصف المجتمع ـ بأهمية العمل التطوعي بأنه ضئيل جدا، أو شبه معدوم بسبب عدم الإلمام بأهميته، إضافة إلى تأخر المجتمعات الإسلامية في المبادرة بالأعمال التطوعية، مضيفة أن ثقافة الخوف، والخجل والإحجام عن المبادرة دافع قوي وراء تراجع ذلك الاهتمام.
حيوية المجتمع
الأميرة غادة بنت عبد الله بن جلوي الناشطة في العمل التطوعي تجزم بأن زيادة الوعي، والإحساس بالمسؤولية والمشاركة، ولذة العطاء، وزيادة متطلبات الحياة رسخت اقتناعا لدى الجميع بأن من لا يعطي لا يأخذ، وهذا ما دفع الكثيرين إلى العطاء.
وتشيد بالفرق التطوعية الشبابية المكونة من صغار السن، والتي أخذت في الازدياد أخيرا، مشيرة إلى أنهم لديهم الحماس، وحب العطاء، والقابلية لمعرفة أساسيات هذا العمل، وتعلم كل ما هو مفيد، بالإضافة إلى بث الحيوية في المجتمع، واختبار العمل الميداني، ليكونوا مؤهلين لأعمالهم المستقبلية.
وتُوضّح أن العمل التطوعي يسهم في إبراز مختلف المهارات لدى المتطوع، إضافة إلى تعويده تنظيم الوقت، وكيفية التعامل مع الغير، مشيرة إلى انتشار ظاهرة وجود الفرق التطوعية الشبابية في المستشفيات العاملين بها، ومساهمتهم في دعم المرضى نفسيا ومعنويا، وتنظيم البرامج الترفيهية والمفيدة لهم.
فرق تطوعية
وتؤكد الأميرة غادة أن استغلال وقت الفراغ بما هو مفيد يعد من أبرز أسباب توجه الفتيات إلى العمل التطوعي، إضافة إلى أن المرأة بطبيعتها معطاءة ورقيقة وحنونة، الأمر الذي يدفعها إلى الانخراط في العمل التطوعي.
وتشير إلى ضرورة أن يتم تبني هذا العمل على أسس واضحة، أهمها الاحترام المتبادل، والتعامل الإنساني، والابتعاد عن حب الذات حتى يحقق العمل أهدافه المنشودة.
وتشدد على أهمية أن تكون هناك جهات تحتوي أعضاء الفرق التطوعية، وتحترم فكرهم، وتشجعهم، ولا تفرض عليهم الأوامر، وأن تتعامل معهم كمتطوعين، ولا تعرضهم للاستغلال بأن تلجأ إليهم وقت حاجتها، وتهملهم في الأوقات الأخرى.
وتطالب بتعزيز ثقافة ساعات العمل الاجتماعي المعمول بها في كثير من بلدان العالم، وإدراجها ضمن درجات السلوك في المدارس، ليتمكن جميع الطلبة والطالبات من الانخراط في هذه الأعمال، وتجربتها، والشعور بمدى حلاوتها، إلى جانب فرضها كعقوبات عند العبث في الممتلكات العامة، وعدم المحافظة على نظافتها، وانعكاس تأثيرها إيجابيا على شخصياتهم.
دور التعليم
أما الجوهرة المنقور رئيسة اللجنة الاجتماعية بجمعية جود الخيرية بالدمام فتؤكد ضرورة تأكيد أهمية العمل التطوعي في نفوس الطلاب والطالبات بالمدارس.
وترى أن دور التعليم كبير في هذه القضية، كما أن للأهالي دورا أساسيا في توعية الأبناء بأهمية العمل التطوعي، فالجميع مسؤول ـ من خلال دوره وبيئته ـ عن دعم وتشجيع العمل التطوعي.
وتشير إلى أن نظام التعليم يجب أن يتطور ليناسب الوضع الراهن فكثيرا ما تنهض المدارس الخاصة بجهود كبيرة لدعم المجال التطوعي، وتبذل ما تستطيعه من أجل الارتقاء بهذه القضية في ظل انعدام دور المدارس الحكومية تقريبا في هذه الناحية، مشيرة إلى أن العمل التطوعي بدأ يتطور ولكن ببطء.
مشروع وطني
خالد الحجاج الناشط في العمل التطوعي مؤسس موقع "عالم التطوع العربي" المستشار غير المتفرغ في مجلس الشورى يؤكد ضرورة تبني الجهات الرسمية في المملكة مشروعا وطنيا متكاملا لدعم المتطوعين والعمل التطوعي، وتطويره بشكل أوسع، للمساهمة في إقرار وصدور نظام العمل التطوعي.
ويطالب بسنّ القوانين التي "تُؤطّر" العمل التطوعي، وتنظمه، وتحدد بوضوح حقوق وواجبات المتطوعين، وتساهم في نشر الوعي التام بماهية العمل التطوعي في المجتمع، مشيرا إلى زيادة وعي المجتمع السعودي بالعمل التطوعي، وضرورته.
ويؤكد أن 60% من أعضاء موقع عالم التطوع العربي سعوديون، مشيرا إلى تفوق عضوية الفتيات على الذكور وزيادة مشاركتهم في الأنشطة والفعاليات التطوعية في الموقع.
ويُوضّح أن الشباب أكثر انخراطا في العمل التطوعي من البالغين، خاصة أنهم أكثر حماسا ورغبة في التطوع، واتساما بالنشاط والحيوية والرغبة في التغيير الإيجابي، والسعي لإضافة قيمة لحياتهم.
خدمات إسعافية
الدكتورة أسماء الرفاعي طبيبة الأسرة في الرعاية الصحية الأولية بالحرس الوطني ومشرفة اللجان التطوعية بمنطقة مكة المكرمة رئيسة فريق رفيدة تتناول تجربتها في تأسيس فريق رفيدة الإسعافي التطوعي في الحرم المكي، مؤكدة أن اسم الفريق اشتق من اسم صحابية جليلة عُرِفت بمهارتها في الطبابة والعلاج والتمريض للمصابين في المعارك والغزوات وهي "رفيدة الأسلمية".
وتقول: لقد خرج من هذا الفريق أكثر من فريق "ثانوي" منها "فريق زبيدة"، و"فريق البتول"، و"فريق أم البتول"، وجميعها تقدم خدمات إسعافية تطوعية داخل الحرم المكي.
وتوضح أنه في العام التالي 1426 توسع الفريق بعد انضمام عضوات اللجنة الطبية الإسلامية التابعة للندوة العامية للشباب الإسلامي من الطبيبات وطالبات التخصصات الطبية والصحية، حيث وصل عدد عضوات الفريق إلى 89 متطوعة تم تقسيمهن على 7 مواقع، ثم زاد العدد ليصل 136 متطوعة في العام الذي يليه 1427، كما زاد عدد المواقع إلى 9 وأحيانا 10 مواقع داخل الحرم.
توعية مجتمعية
وتؤكد الدكتورة أسماء أنه في عام 1427 وبرعاية سمو الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز نظمت جمعية الهلال الأحمر حفل تكريم لفريق رفيدة، تقديرا لجهود المتطوعات، ومشاركتهن في هذا العمل الإنساني النبيل.
وقد أخذت جمعية الهلال الأحمر على عاتقها - ممثلة في الإدارة العامة للتطوع - مهمة الإشراف التام على فريق رفيدة التطوعي، ليكون ضمن المشاريع الأساسية في الأعمال التطوعية التي تتبناها الجمعية، وتدعمها من خلال إدارة متكاملة ومؤهلة ومنظمة مخصصة للعمل التطوعي.
وتوضح أن فريقي البتول وأم البتول يغطيان بقية المواسم، وكذلك تدريب المدربين والمدرسات الذين هم تحت التأسيس، مشيرة إلى أن العمل التطوعي مهم، والجميع يحتاج هذا العمل خاصة في المجالات الطبية في ظل نقص في الكوادر الطبية النسائية.
وتضيف أننا مازلنا نعتمد على المتعاقدات، فالمجتمع بحاجة للتوعية بذلك، مؤكدة أن المجتمع لا يقدر أهمية وجود الطبيبة، ويرى أن المرأة مكانها المنزل، الأمر الذي يبرز أننا بحاجة إلى دعم دور المرأة في المجتمع.
دعم التنمية
أما داليا بادغيش ممثلة فريق "الخبر قيرلز التطوعي" فتجزم بأن حملات العمل التطوعي تُظهر المواهب والإبداع، وتُعزّز مفهوم التطوع لدى الفتيات، وتستثمر وقت فراغهن بما هو مفيد.
وتشدد على ضرورة ألا يقتصر عمل المتطوعات على تنفيذ المهام فقط، بل ينبغي تهيئتهن، لِيَكنّ قياديات ومنفذات في الوقت ذاته.
وتوضح أن المتطوعات في الفريق لا يرغبن حاليا في الانضمام تحت مظلة جهة معينة، لأنهن يردن إثبات قدرتهن كفتيات على تنفيذ الحملات، وقيادة الفرق التطوعية بطريقة احترافية ودون العمل بمساعدة من الجهات المختلفة.
وتشدد على أن رسالة الفريق تكمن في السعي للمشاركة في دفع عجلة التنمية في المملكة، وذلك بنشر ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية بين الشابات والفتيات الصغيرات من خلال تنفيذ حملات تطوعية بالتعاون مع القطاع العام والقطاع الخاص.
وتشير إلى أهمية الأفكار الإبداعية التي تضمن التميز والريادة في نشر ثقافة العمل التطوعي بين شرائح المجتمع، وتفعيل المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص، بالإضافة إلى استثمار طاقات الشابات في تنمية المجتمع، مشيرة إلى أهمية مساهمة العمل التطوعي في تنمية قدرات ومهارات الشخص وصقلها.
أفكار إبداعية
فاتن العتيبي مسؤولة فريق بنات الدمام التطوعي تؤكد أن الفريق انطلق في البداية بفتاتين، ليضم أكثر من 70 عضوة حاليا، تتراوح أعمارهن بين 15 وحتى 25 سنة، فمن خلال هذه الأعمار يتم استهداف الطاقات الشابة التي دائما ما تتولد لديهن الأفكار الإبداعية في أكثر المجالات.
وتقول: إنهن يتطلعن إلى أن تكون مدينة الدمام مدينة متألقة بشبابها، كما يتمنون أن تتغير أحياء هذه المدينة للأفضل من خلال وجود طاقات شبابية يمكنها فعل ذلك، وكذلك لتوعية المجتمع من خلال تنوير مداركه وثقافته.
وتضيف أن الفريق الذي أنشئ في عام 2008 استطاع أن يقوم بأكثر من عمل تطوعي، رغم الفترة البسيطة، من خلال إقامة العديد من الفعاليات لدور الحضانة الاجتماعية، بالإضافة لمشاركتهم في العديد من المناسبات، منها احتفالات اليوم الوطني.
 

عودة
أعلى