اشعارات

الارادة تقهر الصعاب..

الارادة تقهر الصعاب.. رحلة في عالم المعوقين.. عبد الدائم: عزيمة الإنسان تستطيع أن تجعل من المعجزة قدرة.. مراد: 13مليون معوق في الوطن العربي1% منهم ينالون الرعاية النظامية


هبا البرادعي


هذا الكتاب فريد في بابه حقاً.. لقد كتب الكثير عن المعوقين وأنواعهم، من عمي وصم وبكم، ومقعدين ومتخلفين عقلياً وسوى ذلك، كما كتب الكثير عن وسائل علاج هؤلاء المعوقين وأساليب تربيتهم، والتعليم الخاص اللازم لهم، وإعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع، لاسيما أن نسبة هؤلاء المعوقين في أي بلد نسبة لايجوز إهمالها (نسبة المتخلفين عقلياً فقط تتحلق حول3% من السكان) لأغراض إنسانية واجتماعية ونفسية، غير أن الكتب التي قدمت صورة حية عن هؤلاء المعوقين، وعن القدرة الخارقة لدى بعضهم على تجاوز إعاقتهم، كتب قليلة، فضلاً عن أن مايتوفر منها يقصر عن النظرة الشاملة. [COLOR=#0]
أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو كتاب جامع يقدم عرضاً مستفيضاً لقصة حياة أبرز هؤلاء المعوقين، ومغالبتهم لأدوائهم وعللهم، بل للقفز من التخلف الذي تحدثه الإعاقة إلى أسمى مراتب العطاء الفذ والإنجاز المبدع. ‏
هكذا يقدم المفكر الكبير الدكتور عبدالله عبد الدائم للكتاب القيم الذي صدر مؤخراً بعنوان (الإرادة تقهر الصعاب) لمؤلفه الباحث محمد مروان مراد، والذي يعد دراسة لموضوع اجتماعي وإنساني بالغ الأهمية. ‏
يتساءل المؤلف بداية: كيف يبقى عالم المعوقين مجهولاً وبعيداً عن اهتمام الناس، برغم ماتقدمه الأرقام من أن أعداد المعوقين في العالم بلغت في العام الأول من القرن الحادي والعشرين600مليون معوق/10% من تعداد البشر/ بينهم 80%في الدول النامية، وفيهم أكثر من 150مليون طفل معوق، ويغدو الأمر مدعاة لألم أكبر حين نعلم بأن وطننا العربي يضم نحو13مليون معوق من مختلف الفئات، ولايحصل إلا1% من هؤلاء على الرعاية النظامية، لتبقى نسبة99%منهم محرومة من أي نوع من الرعاية.. كم واحد فينا يعرف هذه الأرقام ودلالتها؟ ويتساءل الباحث مراد مرة أخرى: هل يعقل أن تتفاقم هذه الظاهرة ومايترتب عليها من مشكلات انسانية واجتماعية واقتصادية، وتبقى ستائر اللامبالاة مسدلة على تبعاتها المأساوية.. كأن تلك الملايين من المعوقين تعيش على كوكب آخر..؟ ‏
وكانت هذه التساؤلات بالتأكيد الدافع الرئيس للمؤلف ليحمل شمعة صغيرة يضيء بها ملامح من هذا العالم ليكشف بعض صوره الرائعة، ويدلل على أن فيه أبطالاً حقيقيين تحدوا المصاعب برغم إعاقتهم وحققوا الانتصار بعزيمة واقتدار...
cu006.jpg

هكذا راح الباحث يتتبع أخبار المعوقين وحكاياتهم في كل مكان، ويجمع مايقع عليه من أمثلة الشجاعة والارادة، ليخرج بهذا المؤلف الجامع والممتع، راجياً أن تبعث هذه الأمثلة في نفوس المبتلين قوة ومضاء، وتفتح أمامهم نوافذ على العالم الرحيب المدهش، كما يضاعف إيمان الأسوياء، وعرفانهم بآلاء الخالق القدير وعطائه الذي لايحد. ‏
اشتمل الكتاب على خمسة فصول: ‏
تضمن الفصل الأول: تعريفاً بالإعاقة.. أسبابها ونتائجها، مشكلات المعوقين، معاملة المعوقين في عصور التاريخ­ حقوق المعوقين في الإسلام، وأفرد في هذا الفصل باباً للحديث عن فضيلة الصبر كأجمل صور الإيمان، كما عرض لنظرة القرآن الكريم واللغة العربية للصم والبكم والمكفوفين. ‏
ويتحدث الفصل الثالث عن معجزات إنسانية من حياة السكون والظلام، يلقي فيها الضوء على سير العشرات من أحلام العصر الحديث للمعوقين في الشرق والغرب يحمل الفصل الرابع عنوان: لغة الإصرار والتحدي، ويتضمن صوراً من حكايات الصبر والشجاعة، تتحدث عن فريق من المعوقين خاصموا اليأس، وكرهوا الهزيمة، وقتلوا شعورهم بالإعاقة.. قبلوا التحدي، وقرروا عقد صلح مع الزمن والمجتمع، فهم ليسوا أقل من غيرهم.. قالوها كلاماً وأثبتوها عملاً. ‏
ويتضمن الفصل الخامس حوالي خمسين قصة من قصص العزيمة والانتصار، عرضها المؤلف كما تتبعها في مصادرها ليؤكد العبارة المعروفة: لايأس مع الحياة.. وقد أرفق الباحث المواضيع والحكايات بالصور الحقيقية لأصحابها، ليوضح جوانب الابداع والتفوق في حياة هؤلاء المعوقين. ‏
وإن قارىء الكتاب ليعجب حقاً حين يطلع على تلك اللائحة الطويلة من المعوقين الجبابرة المبدعين، في شتى المجالات، ولاسيما حين يقرأ سيرة حياتهم التي تكشف عن إرادة لاتلين، وعن تحد لعقبات الحياة لايعرف الحد، ويزداد إعجاب القارىء وعجبه، حين يدرك كيف استطاع هؤلاء­ بفضل الجهد والعزيمة­ أن يحيلوا ألمهم شرارة إبداع، وأن يقلبوا بؤسهم وتعاستهم سعادة وطمأنينة ورضى، وفيهم البصير (الأعمى) الذي تفتحت بصيرته وأشرق نورها، وفيهم الكسيح المقعد الذي استطاع أن يركض على يديه مسافة تداني خمسة آلاف كيلومتر، وفيهم الفتاة التي لاتمتلك إلا قدماً اصطناعية، واستطاعت مع ذلك أن تغدو بهلوانة تسير على الأسلاك المعلقة، وفيهم الأعمى الذي أصبح قائداً لكتيبة عسكرية، وفيهم من فقدوا أذرعهم ورسموا أروع اللوحات بأقدامهم وأفواههم، وفيهم... وفيهم... وكلهم يجمع بين شهقة الأسى وصيحة الحبور، وبين حرقة العجز وروعة الإعجاز.. ‏
كل هذا يقصه علينا الكتاب بأسلوب قصصي ممتع يجمع بين روعة الأسلوب وندرة الموضوع، وبهذا يضيف المؤلف إلى المكتبة العربية مرجعاً ثميناً، ويزود المعوقين والمشتغلين في ميدان الإعاقة بزاد ثمين يشحذ هممهم، ويبرر لسائر القراء ماللإرادة والعزيمة الصلبة من شأن في حياة الأفراد، بل يزود المطلعين عليه بالتفاؤل وبمواجهة صروف الأيام بالصبر وشحذ مافي طاقة الإنسان من كنوز دفينة ومن قدرة على على تجاوز مايبدو مستحيلاً. ‏
من العبارات الجميلة التي يوردها المؤلف في ثنايا الصفحات: ‏
إن العمى ليس شيئاً، وإن الصم ليس شيئاً، وكل مايبتلى به المخلوق من محن في جسده ليس شيئاً لأننا جميعاً في واقع الأمر، عميُ صمُ عن الجلائل الخالدة في هذا الكون العظيم، ولكن الطبيعة تترفق بنا، حتى وفي أشد مظهر قسوتها، قد منحتنا ­ نحن الذين لانملك سوى خمس حواس ضئيلة عاجزة، حاسة سادسة، وهي وحدها القادرة على رؤية مالاتراه العين وتسمع ما لاتسمعه الآذان، وتدرك مالاتدركه العقول.. وهذه الحاسة التي تغنينا عن الحواس الأخرى، هي دليلنا في هذه الحياة، وعزاؤنا في هذا العالم: إنها حبنا للحياة، ومضينا وراء أحلامنا بتفاؤل وثقة وإقدام. ‏
هكذا يمثل الكتاب هدية ثمينة تأسر القارىء مرتين: مرة بمضمونه الخصيب والجامع، ومرة بأسلوبه الذي يكاد يجعل منه قصة علمية ممتعة تسر الكبار، كما تسر الشبان اليافعين، وهو جهد موفق جدير بالاشادة والتقدير. ‏

[/COLOR]
 
رد: الارادة تقهر الصعاب..

طرح رائع يعطيك العافيه اختي رابعة
 
رد: الارادة تقهر الصعاب..

بارك الله فيك اختي الكريمة رابعة الحراكي
على هذا النقل المميز
 

عودة
أعلى