اشعارات

المحاصروووووووووووووووووووون

ماذا يفعل الأطفال الصم في عالمنا العربي في ظل الحصار الدائم

وفقدان الأمل المستمر بفعل التهميش والتجاهل الذي يحيط بهم من كل اتجاه؟

فالأطفال الصم محاصرون مكبلون بالقيود النفسية والاجتماعية وهي قيود غاية في القسوة تفرضها إعاقتهم وهشاشة العلاقة بينهم وبين الأسوياء، ومسئولية الحصار الذي يعيشه الأطفال الصم موزعة على جهات عدة على رأسها (الأسرة) فالأسرة الغير واعية والغير متقبلة لإعاقة طفلها والرافضة له تكون أسرة عديمة الفاعلية في أحيان كثيرة ولا تستطيع أن توفر لطفلها الأصم أي نوع من الحماية ، كل ما في الأمر أنها تعطيه قدراً ما من العطف والمودة ثم تدفعه عارياً لمواجهة أقداره في عالم بالغ المشقة.

ثانياً المؤسسات التعليمية بتلك النظم التعليمية المتخبطة أحياناً والمتخلفة في أحيان كثيرة والتي تقتل ما في داخل الأطفال من إبداع وتزرع فيهم الخوف والريبة من الحياة الدنيا ومما لا شك فيه أن المناهج الدراسية المتخلفة التي تدرس للأطفال الصم تعكس القصور المفرط في الاهتمام بتلك الفئة الخاصة والتعامل معهم بحضارة ، وكذا عدم بذل المجهود للنهوض بتعليمهم وتنمية ثقافتهم ومداركهم مما يضيق الخناق على الأطفال الصم ولا يتيح لهم بأن يأخذوا نصيبهم العادل من خبرات الطفولة. وتتحمل المؤسسات التعليمية عبئاً كبيراً في هذه المسئولية لأنها واحد من أكثر العوامل أهمية في التطور ، فعليها أن تتخلى عن دورها التلقيني وأن تنصرف لتربية القدرات المبدعة إذ أن تطوير أي قدرات خاصة مرهون بالجهد الذي يبذل في هذا الاتجاه ، وعلى المدرسة أن تغذي في هؤلاء الأطفال حب الاطلاع والحيوية والتطوير الفني والاتجاه نحو النشاط والبحث. فمثل هذه الخصائص هي المحركات الأولى لنمو الإبداع.

ويرى العالم الكبير "ألبرت أينشتاين" أن التعليم بشكله النظامي يعوق ظهور العبقرية ولا يدعمها ، فهذه النبتة الصغيرة في روح كل طفل في حاجة إلى الحرية ، إلى إشباع حب الاستطلاع المقدس. ويقول "أينشتاين" عن أنظمتنا التعليمية العربية (بشكل عام) التي لا تخنق الحرية فقط ولكنها تقتلها عمداً! فهي أنظمة غير فاعلة تعتمد على الحشو والتلقين لمناهج متخلفة يكتب معظمها موظفون رسميون وهي أيضاً تفتقد أي بعد يربطها بالواقع الاجتماعي والثقافي وفوق ذلك كله فهي لا تترك مجالاً يعبر فيه الطفل عن نزعاته الفردية أو عن مواهبه الخاصة إنه نظام تعليمي يصلح لتربية أي شيء إلا الذوات المنفردة. فهو يركز على تلقينهم فضيلة الخضوع وينزع من داخلهم ملكات النقد والتحليل وبالتالي يفقدهم التربية الديمقراطية ويخلق منهم مجموعة من الموظفين الخاضعين لكل ما يتلقونه أو يلقى عليهم من أوامر.

هذا النقد المرير لأنظمتنا التعليمية العربية من عالم كبير يكشف عن أحد جوانب العبقرية التي تنفر من كل أنواع القيود ، والشيء المدهش أنه برغم الإنجازات العظيمة التي قدمها "أينشتاين" للبشرية في مجال علم الفيزياء ونظرية النسبية التي كانت فتحاً جديداً في النظر إلى الظواهر الكونية فإن تعليمه النظامي لم يتجاوز مرحلة البكالوريوس ولم تكن له كمية كبيرة من الشهادات التي يمكن أن يتفاخر بتعليقها فوق الحائط.

وأطالب المسئولين بوزارة التربية والتعليم أن يقوموا بتعديل اختيار المدرسين المرشحين للبعثة الداخلية الخاصة بإعداد مدرس التربية الخاصة بحيث لا تقتصر هذه البعثة على المدرسين الحاصلين على دبلوم المعلمين أو بعض الأقسام الصناعية لدبلوم الدراسات التكميلية . كما هو متبع الآن ، بل لابد وأن تمتد لتشمل كافة العاملين بمدارس التربية الخاصة ودون وضع المؤهل في الاعتبار نهائياً ، فالمعلم الفاضل الذي تطوع للعمل والجهاد في هذا الميدان الإنساني البالغ المشقة من حقه على تلك الوزارة أن تقوم بإعداده وتدريبه وتبصيره بكيفية التعامل مع تلاميذه من الفئات الخاصة بل أنني أذهب لأبعد من ذلك وأرى أنه من حق عامل المدرسة أن تنظم له الدورات الخاصة لزيادة وعيه وتثقيفه وإعداده للتعامل مع هؤلاء الأطفال زوى الاحتياجات الخاصة.

كما يجب على المسئولين بوزارة التربية والتعليم تطوير الأقسام الحرفية داخل مدارس الأمل للصم حيث أنه من الملاحظ أنها تعتمد على أقسم تقليدية كالنجارة والملابس الجاهزة وطباعة المنسوجات في حين أنني أرى أنه من العقلانية أن تعمل تلك الوزارة على تحديث وتطوير هذه الأقسام المهنية بحيث تواكب التطور التكنولوجي الذي نعيشه ولابد من استحداث أقسام أخرى كصيانة الأجهزة والإلكترونيات ، فكل عمل يعتمد على الفن والإبداع يتقنه المعاقين الصم ولكن إذا أردنا نحن إعدادهم لهذا الإبداع وسمحنا لهم بأن يصبحوا مبدعين حقاً ، كما أقترح على جامعة الدول العربية أن تقوم بمبادرة إنسانية وحضارية عظيمة ستظل للأبد شاهد عيان على توحد العرب وريادتهم وتفوقهم في مواجهة الهموم والقضايا الإنسانية ، وذلك بالإعلان عن إقامة أول جامعة عربية لزوى الاحتياجات الخاصة السمعية على أن يبدأ العمل فيها بافتتاح معهد فني للصناعة وكلية للعلوم التكنولوجية تشرف عليها منظمة الثقافة والعلوم والتربية التابعة لجامعة الدول العربية ونكون بهذا العمل الإنساني العظيم قد ساهمنا في بناء القاعدة الأساسية للتعليم العالي الخاص بزوى الاحتياجات الخاصة السمعية في العالم العربي ، هذا العالم الذي علم الأمم كيف تكون الحضارة ، فالحضارة بداخل كل عربي منا ولكنها بحاجة إلى مناخ لتنفجر من جديد ، عندها نقدم للعالم نماذج عربية حضارية لا تقل في أهميتها أو تفوقها عن التفوق الأوروبي أو الأمريكي.

نقلا من كتابى الدراما والطفل الاصم الذى قمت بتاليفه وحاز على اشاده منظمه اليونسيف الدوليه .. رضا عبد العزيز
 
رد: المحاصروووووووووووووووووووون

شكرا استاذ رضا
على موضوعك والله يعطيكم العافيه
 

عودة
أعلى