باب الجنة .. وصرير العجل

المتفائل

عضو فعال
propic.jpg


على صرير دوران العجل واختلاطه برائحة الأروقة الطبية في مقر العيادات الخارجية لأحد المستشفيات الحكومية
عاد فكري إلي بعد أن كنت سارحة في مهد أحلامي وانتظاري لأحد الأشخاص في هذا الوقت..
لأرى أمامي رجلا في العقد السابع من عمره أو يزيد والذي ذهب معظم بصره،هزيل الجسد،مطأطئ الرأس
أنهكته الحياة وأثقلته بالأمراض،يدفعه عامل أجنبي..

وحين مر بقربي نادى لذلك العامل بصوت متكسر..يا فلان( هل هناك ماء) حينها نظرت إليه
فوجدت شفتيه أشد تشققاً من الصحراء الشاسعة والتي لا حياة فيها كمشاعر ذلك العامل
والذي رفع صوته عليه بقوله(ما فيه بابا)..والماء متوافر وليس ببعيد..ولكن!!!

ثم عاد مرة أخرى ليسأله عن الموعد فما كان منه إلا أن أدخل يده في جيب ذلك الرجل المسكين ليخرج منها لفافة
تم تجميعها بعقد مطاطي تحوي جميع المواعيد فاستل ورقة منها بكل توتر وضيق وألصقها على عينيه
ليقول( بابا موعد خلاص)

فتأسف لضياع موعده وأمر العامل أن يذهب به لإدارة المستشفى وأبى ذلك العامل وادعى عدم معرفته بالمكان
فما كان من أحد المارين إلا أن هب ليساعد ذلك العامل في معرفة المكان..
فذهب العامل متبرماً ساخطاً لأنه يريد الخروج لاالعودة..

توقعت أن تكون هذه هي نهاية الحكاية وماهي إلا لحظات وعاد صوت ذلك الصرير مرة أخرى ورأيت العامل يعود
بذلك الشيخ دافعاً إياه في ذلك الممر والذي به العيادة وحين أقبل على بابها لم يسع الكرسي المتحرك الدخول
مباشرة فما كان منه إلا أن رفع الكرسي المتحرك للأمام ومال به للجنب محاولاً إدخاله ..

فتشبث ذلك الشيخ بكلتا يديه حتى لا يسقط من على كرسيه.مشيت في طريقي ولسان حالي يقول ..
ماذا سأرى بعد ذلك من عقوق للوالدين وتركهم وهجرهم والتبرم من مساعدتهم والضيق من طلبهم.
فطرق في ذهني ذلك الرجل الذي كان يعتمر بقربي ويصيح بالذي يدفعه بسرعة جنونية أن يترفق به حتى
يستطيع الدعاء وأبناؤه يسيرون في مسارهم الخاص بهدوء وروية وخشوع غير عالمين بحال والديهم.

وحين أقبلت ورأيت والدتي وهي تبتسم لرؤيتي..حمدت الله أنني من قضى لها حاجتها ولم أُوكلها لأحد..
فما كان منها إلا أن عاجلتني بدعوة لا يمكن أن يدعوها إلا أب أو أم محبة.هذا جزء لا يتجزأ من حال كبار السن
من آبائنا وأمهاتنا وما آلوا إليه بعد أن أفنوا حياتهم في تربيتنا..
فرددنا الجميل لهم بأن أوكلناهم لأنفسهم حتى يقضوا حاجاتهم وجعلناهم عرضة للترضي والترجي والاستهزاء
حتى يتم مساعدتهم بل وأودعناهم بأيدي العمالة والتي لم تطأ الرحمة قلوبهم في التعامل معهم فما كان منهم
إلا أن خضعوا لسوء التعامل حتى لا يفقدوا الشيء الوحيد الذي كافأناهم به ومننا به عليهم فيفقدوا بذلك الأنيس
الوحيد لوحدتهم..

وتركنا أنفسنا لنقضي حاجة أبنائنا ونراعي مصالحهم دون تبرم وسخط.
وفي السير أن أحد السلف ماتت أمه فبكى بكاءً مريراً

قالوا له : ما يبكيك ..قال : باب من أبواب الجنة أُغلق عني..
فيا من له بابان مازلا مفتوحين أو باب واحد..

أدلج لهما فو الله لهما أسهل الأبواب دخولا ولن تعلم بذلك حتى تفقد أحدهما أو كليهما ..
بارك الله لكم فيمن بقي منهم لديكم ورحم الله من قُبِض منهم..
 
رد: باب الجنة .. وصرير العجل

بارك الله جهودك الطيبه
 
رد: باب الجنة .. وصرير العجل

بارك الله فيك
 
رد: باب الجنة .. وصرير العجل

نسال الله ان يرحمنا وان يجعلنا من البارين بهم
جزاك الله عنا خيرا وأثابك
 
رد: باب الجنة .. وصرير العجل

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
الله يعطيك العافيه أخى نايف

لك كل التقدير والأحترام
[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى