عبدالله العرياني: قبل الإعاقة كنت بطل العرب و أصبحت بطل العالم بع

عبدالله العرياني: قبل الإعاقة كنت بطل العرب و أصبحت بطل العالم بع

عبدالله العرياني: قبل الإعاقة كنت بطل العرب و أصبحت بطل العالم بعدها



عبدالله العرياني: قبل الإعاقة كنت بطل العرب و أصبحت بطل العالم بعدها

113.jpg


أبوظبي
لكبيرة التونسي:

ليس سهلاً أن يصاب المرء في جسده، لينهض من جديد أكثر قوة، ولا أن يخدش في نفسه ليرفع رأسه من جديد، قائلاً للعالم: أنا موجود، وليس بسيطاً أن تتدمر الذات الفردية وتفرغ من كل معاني الجمال، وأن يسلم الإنسان ذاته لما يحيط به من سلبية فيصاب بخيبة الحياة، ليكتشف مجدداً أنه يتحلى بالعزيمة وقوة الإرادة، وأنَّه قادر على الاستمرار بكل عنفوان وتألق، أيضاً ليس صعباً أن يرضى الإنسان بما قُسم له في هذه الدنيا، ويقدر ما فيه من نعم ويسعد بحياته، ويعيش يومه بدل التطلع للغد بشغف، لأن الغد قد يحمل ما لا يسر: ''لو اطلعتم على الغيــــب لاخترتم الواقع''، فلنتعـــــــلم من هؤلاء الذين تحدوا ونهضوا من جديد بعدما كان الظن أنَّ لا قيام لهم، ليبصموا زمانهم، ويخلدوا أسماءهم في ذاكرة العمر.

يستحق التشجيع والتنويه، يستحق كل التقدير والاحترام، بصم زمانه بالذهب، ويطمح للكثير، تألق في محافل دولية، صنع المعجزات، وتحدى ومازال سائرا على درب النجاح، صنع لنفسه اسما لامعاً بقوة العزيمة والإرادة والصبر والصمود، هو البطل عبدالله العرياني، الحاصل على تسع ميداليات ذهبية في الرماية، وتحركه قوة الإرادة والرغبة في صناعة الأحداث والنجاح.

أصبت بإعاقة بعد صحة

كان شاباً مقبلاً على الحياة، يجول ويصول في ربوع البلاد، يغترف من فيض ما توفره لأبنائها من رخاء، كان نقيباً في الجيش، بطلاً متميزا في الرماية، متزوجاً وله أبناء، يعيش الحياة بكل تفاصيلها ويحياها بحب وشغف، وفي الحادية والثلاثين من عمره تعرض لحادثة ألزمته الكرسي المتحرك، لكنَّ الموقف لم يثنه عن ممارسة الرماية، رياضته المفضلة، بل زاده صمودا وعزيمة على حصد المزيد من الذهب، والتتويج على عرش هذه الرياضة في الكثير من المحافل الدولية، حول كل المعوقات وتجاوزها، وهو خطط لحياته الجديدة بقوة جعلته يقول للعالم إن الإيمان بالله والإرادة والعزيمة تخلق المعجزات، وإن طاقة الجسد مقرونة بالطاقة النفسية الإيجابية، وهذا ما يساعد الإنسان على تجاوز الوهن والضعف، وليس من مستحيل مع قوة التحمل والإرادة.

يحكي عبدالله العرياني قصته مع الحياة من البداية، والتي مازالت مستمرة في الزمن إلى اليوم، فيبدو كما لو أنَّه ينحت في الصخر، ويمسك بخيوط الأمل تنير دربه ودروب من حوله، ويقول: ''أعشق الحياة، وعشقتها بطريقتي سابقا، أحببت النجاح وعرفت طريقه وتلذذت بالانتصارات، لم أذق طعم الهزيمة في حياتي، رغم معيقات الزمان البسيطة التي يصادفها كل إنسان، كنت مقبلاً على الحياة، أحياها بكل صخبها وصمتها، حصلت على الثانوية العامة والتحقت بالكلية الحربية، وحصلت على رتبة ضابط في الجيش، تدرجت في وظيفتي كما ينبغي لي، تزوجت وأنجبت أربع بنات وولد، بالإضافة لذلك كنت أمارس هواياتي المفضلة، ومن بينها الرماية حيث كنت بطلا من أبطالها في الدولة، وكنت مدير منتخب الإمارات للرماية لمدة سنتين، وبعدها تعرضت لحادث أليم، كنا عائدين وأصدقائي وإخواني من رحلة صيد بالصقور، انفجرت عجلة السيارة وكان ما أراد الله، والحمدلله على كل حال، وكان من بين المرافقين في هذه الرحلة صديقي محمد خليل الحمادي، والذي أصيب بشكل طفيف، (وأشيد بالدور الذي قام به ولايزال يرافقني ويشد أزري، فهو متطوع ويمد يد العون لمن يحتاج لذلك)، نقلت للمستشفى على وجه السرعة وتلقيت العلاج على مدار يومين، وبأمر من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جزاه الله ألف خير، نقلت على وجه السرعة لألمانيا في طائرة خاصة، وبقيت أتلقى العلاج هناك مدة سنة ونصف، تركت أولادي، ورافقني إخواني، وخلال هذه المدة كان يزورني أهلي وأولادي كلما سنحت الفرصة لذلك، هذه الزيارات كانت تعطيني شحنة من الأمل، ودافعاً قوياً للسعي نحو الشفاء، أردت الشفاء من أجل من رأيت الحب في عيونهم، تمسكت بخيوط الأمل، واتبعت نوره من أجلهم، لا أحب أن أرى الانكسارات في همسات من يحبني ويساندني، تابعت مسيرة العلاج، وبعد ذلك رجعت للبلد، وحصلت على التقاعد بسبب الإصابة بأمر من اللجنة الطبية العسكرية برتبة نقيب.

حياة جديدة ونتائج مبهرة

يسترسل عبدالله في حديثه، تسمع كلامه نبرة من التحدي والصمود والإيمان بأن كل ما يصيب المرء له جانب من الإيجابية، ويقول: ''جلست في البيت مدة أربع سنوات، بعد هذه المدة الزمنية التي فصلت بين حياتي السابقة والحياة الجديدة في ظل الإعاقة الجسدية، راجعت حساباتي وفكرت ملياً، وقررت الخروج من دائرة الحزن والممل والروتين اليومي، رجعت للرماية، واشتركت في بطولة القارة الآسيوية، واشتركت في الرماية الدولية للمعاقين، وحصلت على الميدالية الذهبية، بماليزيا في شهر ديسمبر من سنة ،2006 حيث حصلت على المركز الأول بعد أن حققت رقما قياسياً وكان هو 600 من ،600 وقد مثَّل الامر إنجازاً حينها، فقد كنت مشاركا ضمن العديد من الأسماء وأصحاب الخبرات السابقة، وبعد ذلك صرت أول لاعب عربي مسجل في الاتحاد الدولي للرماية الخاص بالمعاقين، وكان لي الشرف أن أحصل على هذه البطولة ومن أول ظهور حيث حصلت على الذهبية، وهذا رفع من معنوياتي كثيرا، فشرف لي أن أحقق لبلادي هذا الإنجاز''. ويضيف العرياني مستعرضاً ما حققه من انجازات: ''نلت 9 ميداليات ذهبية في مختلف البطولات على مستوى العالم، وواحدة فضية و3 برونزيات، اشتركت في أولمبيات بكين، وحققت منافسة قوية وحصلت على درجة الثاني مكرر، وحاليا أستعد للبطولة التي ستقام هذه السنة، وقد تحديت نفسي واجتهدت لأصبح بطل العالم في ظل الإعاقة، التي أنجزت بعدها ما لم أحققه قبل الإعاقة، لقد تعلمت منها الكثير، علمتني الصمود والصبر والتحمل والانفتاح على الآخر والتعلم من خبراته''.

لا حياة مع اليأس

عن الأمل في الحياة، وعن الصمود والصبر لتجاوز كل المعيقات، يقول عبدالله سلطان العرياني: ''لا حياة مع اليأس، فالإنسان مهما يصيبه من متاعب في الحياة سواء عضوية أو نفسية، لا يستسلم بسهولة، يجب أن يتحلى بالإرادة القوية، ودائماً يجب على المرء أن ينظر لمن هو أقل منه حتى يقدر النعم التي بين يديه، كذلك فإنَّ العزيمة والصبر والتحدي أسرار من يريد النجاح ويسعى له سواء كان مصاباً أو معافى''.
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى