ذوو الإنجازات الخاصة لـ الكاتب عثمان الخويطر

ذوو الإنجازات الخاصة


عثمان الخويطر
يقول الله ـــ جل شأنه ـــ في مُحكم كتابه: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، سورة إبراهيم. فنعم الله علينا لا تُعدُّ ولا تُحصى. ويقول سبحانه وتعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم)، سورة إبراهيم. ومن أكبر نعم الله علينا الهداية للإيمان والأمان والتمتع بالصحة والعافية وكمال الخَلق. وهناك من بيننا من الإخوان والأولاد وبقية الأحباب منْ قدَّر الله عليهم أن يعيشوا تحت مسمى ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يجب علينا أن نضعهم في عيوننا وأن نساعدهم قدر المستطاع ولا نشعرهم على الإطلاق بأنهم يختلفون عنا في أي موقف أو مجال. فهناك وجوب الرحمة بهم والعطف عليهم داخل أنفسنا وضمائرنا دون أن نظهر ذلك لهم حتى لا يؤثر ذلك في نفسياتهم. ولكن الأهم من ذلك هو تحمل المسؤولية تجاههم دون أن نشعرهم بأن لنا فضلا عليهم. وكان الأجدر أن نسميهم "ذوي الإنجازات الخاصة"، لما لذلك من اعتراف بأنهم يحاولون دائما التغلب على المصاعب التي تواجههم في حياتهم. وليدرك الجميع أن كل واحد منا كبشر ذو احتياجات خاصة في أمر من أمور حياتنا، ليس بالضرورة أن يكون عائقاً بدنياًّ. فمن الممكن أن نُصنِّف الإنسان الفقير بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة والبدين من ذوي الاحتياجات الخاصة والعاطل عن العمل من ذوي الاحتياجات. فلا هناك ما يدعو لأن يسمو بعضنا على بعض تحت أي ظرف من الظروف. وكم من إنسان تظن أن لديه قصورا في بعض الحواس أو عجزا بدنيا، ولكنه يتفوق على الكثيرين من أقرانه في كثير من نواحي الحياة، أو أنه يشعر برضا وسعادة في حياته أكثر من غيره.

ومن أهم الواجبات على أفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم غنيهم وفقيرهم أن يقدموا ذوي الإعاقات البدنية على غيرهم، ويجعلوا لهم أولوية خاصة في أي مجال أو عمل يستطيعون القيام به أو يريدون إنجازه. وإنه لمن المؤسف والمؤذي لنا جميعاً أن نجد بيننا من المسؤولين وأصحاب المراكز العليا مَن يرفض مساعدتهم أو حتى التحدث معهم وسماع صوتهم، ناهيك عن قبول طلباتهم. ألا يدرك هؤلاء أن الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ يبتلي مَن يشاء من خلقه لحكمة هو أعلم بها، وأن الواجب علينا القبول بما قدره لنا ونسأل الله العافية والغفران؟

لو يعلم الكثيرون منا مدى اهتمام معظم شعوب العالم بأصحاب الحاجات في بلادهم، أياًّ كان نوع الخدمة المطلوبة، وتسهيل أمورهم وفتح مجال الاندماج الكامل معهم، لأدركنا أننا نحن المسلمين أولى أن نكون رحماء فيما بيننا ومع بعضنا، استجابة لتوجيهات نبينا محمد ـــ عليه أفضل الصلاة والتسليم. ولو أمعنَّا النظر في أشكالنا وهيئتنا وطباعنا، كما خلقنا الله، لرأينا العجب العجاب. فمنا قمحي اللون والأسمر والأبيض والطويل والقصير. ونتفاوت في الأخلاق، فمنا السمح الخلوق المتسامح ومنا الشرس العدواني الذي لا يراعي شعور أخ ولا صديق، وبينهما الكثير من درجات الاختلاف. ومع ذلك فتجدنا متعايشين لا يفرق بيننا شكل ولا لون ولا طباع، ولا نحس لا بنظرة دونية تجاه بعضنا بعضا ولا بأي شيء يلفت النظر. ولكن عندما يكون الأمر متعلقاً بإنسان مِمَّنْ هم بحاجة إلى مساعدة، ربما لعدم قدرته على أداء واجب ما في هذه الحياة، تجد البعض منا يتهرب أو يتقاعس عن المساعدة، متثاقلاً تحمُّل المسؤولية. والأكثر إيلاما، نظرة العطف السلبية نحوهم التي ربما تصل إلى حال الازدراء حتى لو كان عفوياًّ وغير مقصود. ولا تجد في المباني العامة ومعظم الدوائر الحكومية والمدارس ما يدل على أن هناك اعتبارا لفئة من أفراد المجتمع تحتاج إلى مداخل خاصة وإلى ما يسهل الصعود إلى الطوابق العليا. وكلما كان الاندماج بين أفراد المجتمع الواحد مبكراً، من السنوات الدراسية الأولى كان ذلك أدعى إلى أن يتعايش الجيل الواحد مع بعضهم دون تمييز. وهذا يستدعي أن تكون المدرسة الواحدة تضم، إلى جانب البرامج الدراسية العادية، فصولا للطلبة أو الطالبات الذين هم بحاجة إلى عناية خاصة، بحيث يتقابل الجميع في ساحة واحدة في أوقات الفسح بين الدروس وفي المناسبات العامة. وعلى وجه الخصوص، أولئك الذين تسمح لهم إعاقتهم بالاختلاط والاندماج مع أفراد المجتمع. ويكون لدى كل طالب في المدرسة فرصة الاشتراك في النشاط الذي يتلاءم مع قدراته البدنية والذهنية، والكل كأبناء أسرة واحدة تحت توجيهات إدارة المدرسة. وهنا تذوب الفوارق ويذهب الشعور بالكبرياء أو الإحساس بالنقص من أي فرد في المجتمع الصغير داخل المدرسة. وسوف ينعكس ذلك حتماً على مستقبل سلوك أفراد المجتمع تجاه بعضهم البعض، وهو ما نظن أنه مفقود الآن.

وهناك دول كثيرة تعتني بكل مَن لديه إعاقة أو قصور يمنعه من القيام بواجبات معينة من مواطنيها حتى لا يتولد عند المرء مُركَّب نقص قد يؤثر سلباً في حياته وفي علاقاته بالآخرين وتأدية عمله. ولذلك نجد الكثيرين من ذوي الاحتياجات الخاصة يبدعون في شأن من شؤون الحياة، بل يتفوقون على الذين يتمتعون بكامل حواسهم وقوة أبدانهم.
http://www.aleqt.com/2012/11/04/article_706619.html
 
رد: ذوو الإنجازات الخاصة لـ الكاتب عثمان الخويطر


جزاه الله خير أ. عثمان

رااائع ماكتب ووضح وماهدف له..


وكل الشكر والتقدير لك اخي ابن طيبه

على طيب وروعة مانقلت..

شكري وتقديري لك ؛؛
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى