ذوو الإعاقة ومواجهة إعاقات المجتمع .. نعيمة الغنام

ذوو الإعاقة ومواجهة إعاقات المجتمع .. نعيمة الغنام





يتحدد موقفنا تجاه الأشخاص ذوى الإعاقة طبقا للتفسير الذي نعتقده للإعاقة وبالتأكيد نختلف جميعنا في ذلك التفسير ولكن هناك نظريتين أساسيتين لتفسير الإعاقة، الأولى هي النظرية الطبية والتي ترى الإعاقة في القصور الوظيفي للجسم، والثانية هي النظرية الاجتماعية الحقوقية والتي ترى الإعاقة في الحواجز الاجتماعية التي تحد من قدرة ذوى الإعاقة عن ممارسة حياة طبيعية مثل الجميع والفرق بين النظريتين كبير جدا وكل منهما تؤدى إلي نتائج مختلفة عن الأخرى، ورغم أن هذه التفرقة البسيطة بين النظريتين تبدو واضحة إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما، فالنظرية الطبية الأقدم في تفسير الإعاقة يغلفها ولو ظاهريا المنطق البسيط حيث ترى العاهة الجسدية في تفسير أوحد فالعجز ملتصق بالعاهة، أما الرؤية الاجتماعية فلم تتعمق سوى خلال السنوات القليلة الماضية حيث توجت بصدور الاتفاقية الدولية لحقوق ذوى الإعاقة.
والواقع أن رؤية « العجز « مازالت تهيمن على الثقافة البشرية حتي بين المثقفين والنشطين في العمل الأهلي ويجد أنصار الرؤية الحقوقية أنفسهم يخضعون بدرجات متباينة للرؤية السلبية، وكي أوضح ذلك سأنقل لكم حوار دار بيني وعدد من الزملاء في الجمعية المعنية بحقوق ذوى الإعاقة والتي أتشرف بعضويتها، فالجمعية حديثة النشأة وتقوم رؤيتها على مواجهة العوائق ومناهضة الاتجاهات السلبية السائدة تجاه ذوى الإعاقة، وكنا قررنا أن نصدر تقريرا شهريا عن تفصيلات أحد حقوق ذوى الإعاقة وقد جرى هذا الحوار أثناء إعداد تقرير « حق ذوى الإعاقة في العمل « فبعد أن كشفنا عن العوائق التي تحد من تمتع ذوى الإعاقة بالحق في العمل طرحت أحدى الزميلات قضية رأتها منطقية وهى أن ذوى الإعاقة لا يستطيعوا عمليا أداء غالبية الأعمال وبالتالي لبعض أرباب العمل الحق في عدم تشغيلهم، ووجدت زميلة أخرى تبتسم وتقول، أن هذا الرأي يكشف بوضوح الفرق بين الرؤية التي نتبناها وبين الرؤية السلبية كما يكشف مدى تأثير الرؤية حتى على أصحاب الرؤية الحقوقية، واكتشفنا جميعا أن الفرق الواضح بين الروئيتين ليس بهذه السهولة. ووجدتني أبحث عن الخط الفاصل ورأيت أن المشكلة لا تكمن في الفرق النظري بين الروئيتين فيكفى أن نحدد إلى ما ننظر فأن حصرنا نظرتنا على الجسد وما به من نقص فسنكون من أصحاب الرؤية السلبية أما إذا نظرنا للمجتمع وما يشمله من حواجز سنجد النقص والقصور بالبيئة وليس بالجسد، ولكن المشكلة تكمن في الوعي الجماعي الذي يخضع لخليط من الأفكار الموروثة والسائدة بكل سلبياتها، فالثقافة السلبية وهيمنة رؤية العجز تمثل أصعب الحواجز أمام ذوى الإعاقة، ولكي أوضح دعوني أكمل لكم الحوار الذي دار مع زملائي حيث صور لنا أحد الزملاء هذا المثال، تعالوا نتصور أحد ذوى الإعاقة الحركية يقف بكرسيه المتحرك أمام صاحب مصنع ليطلب العمل عنده، سيقوم رب العمل بالعملية المنطقية التالية، العمل المتاح يحتاج لعامل يمكنه التعامل مع الماكينات والذي يقف أمامي معاق لا يقدر على الحركة ولذلك لن يصلح للعمل، أما نحن فستكون أفكارنا كالتالي، أن المصنع غير معد من حيث الإنشاء والتجهيز ليسهل على هذا الشخص التنقل بسهولة بكرسيه المتحرك والتعامل مع الماكينات ببساطة، وتنطبق هذه الصورة البسيطة على كل البيئة الاجتماعية، فلو تصورنا أن لغة الإشارة صارت منتشرة فلن يصعب التواصل مع الصم فالمشكلة ليست في كونهم صم بل في عجز المجتمع عن التواصل معهم بقراءة الإشارة أو الشفاه.
دعونا نواجه ثقافتنا السلبية وننطلق من كون الأشخاص ذوى الإعاقة بشر ربما يختلفون قليلا عن غيرهم ولكن ألسنا كلنا مختلفون!!!.

 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى