اشعارات

ضرب المعاق

د.مطلق سعود المطيري
كثرتْ حالات تعرض المعاقين للضرب والاغتصاب ، ولم يعد ضربُ هذه الفئه العزيزة على الله وعلى عباده المحسنين على الضعفاء ، عملا شاذا عن قاعدة الحرص والاهتمام المراقب باهتمام ، بل بلغ حد التجاوز لكل حدود الانسانية والاستهتار بآيات الرحمة المقدسة ، كما ان هذه الافعال تفضح عجز بعض مراكز تأهيل المعاقين عن حماية وسلامة المعاق ، التي اصبحت هذه السلامة اليوم مطلبا اساسيا مقدما على الهدف الفعلي لهذه المراكز والذي هو تأهيل المعاق وإكسابه مهارات سلوكية تساعده على انجاز حاجاته الذاتية ، ومع حكايات العنف هذه ننتقل من المدينة المنورة الى جازان واخيرا يستقر بنا الفضح المشين في جدة ، وفي عروس البحر الاحمر سال دم احمر من جسد ضعيف وعاجز ليضع علامة مخجلة بوجه إنسانيتنا ، وانكسرت قدم كانت قد استنجدت برحمتنا لتقوم ..
في مركز التأهيل الشامل للمعاقين في جده تقول الانباء ان عاملا اجنبيا ، قام بالاعتداء على مواطن معاق ، ويذكر تقرير رسمي صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية إن المعاق اصيب بكدمات دموية تحت القدم اليسرى وانتفاخ ويرجع السبب لضرب بالعصا .
وعند تعليق مدير المركز اتوقف قليلا وبمرارة تفجر المرارة ، يقول سعادته : انه يستنكر هذا العمل اذا ثبت ، وان المعاقين معرضون للاصابة بالكسور نتيجة هشاشة العظام التي يعانون منها اضافة الى الحركة المتزايدة ما تستدعي حالتهم الصحية العناية الطبية الفائقة ، ولعل في توضيح المدير توضيحا لمطلب المعاق الذي يطلب إن ثبتت الواقعة تثبتا مضافا الى التقارير الرسمية ان يقدم المدير استقالته ليحمي ضميره من هشاشة أفعال الموظفين والمستخدمين في مركزه ، المسؤولية تقاس بالمسؤولية لا بالامتيازات ، كما ان تفرد العامل الاجنبي بالمعاق وضربه تشرح لنا غياب آليات الاهتمام والمراقبة التي تمنع التجاوزات الدنيئة ليس على كرامة وآدمية المعاق فقط ، بل على انسانيتنا ، وتهز صورة شعارنا الذي عرفنا به العالم وهو (مملكة الانسانية) وتمس حضورنا الانساني في كل بلاد الدنيا ، الذي سبقنا برحمة وعطف الى هذا الحضور الانساني في الخارج ، والى كل مساحات العطاء في الداخل خادم الحرمين الشريفين الذي ضاعف ميزانية اصحاب الاحتياجات الخاصه ، وجعل لهذه الفئة راتبا شهريا بدلا من الاعانات السنوية ، نعلم ان الواقعة ابتلاء للمدير ، وليست سلوكا متعمدا منه ، ولكن تبرير العمل الوحشي او الاهمال بمرض المريض «هشاشة العظام ، الحركة المتزايدة» تبرير اخطأ الزمان والمكان ، والاخذ به سوف يجعل قاعدة الاخطاء لدينا تقوم على ضعف المصاب وليس على الحركة المتزايدة للقوة ، وان افضل تعليق على كلام المدير هو انه لم يوفق في تعليقه على هذه الحادثة ، ونتمنى ان يوفق في حسم امر الاهمال وغياب المراقبة ، ولن يكون له ذلك إلا بالتضحية بمنصبه .
ان الاهتمام بالمعاقين لا يكون باستجداء الانسانية والبحث عن واجهات الخير لتكون يافطات ، لاعمال ابتعد عن فعلها الخير ، وان العطاء لهذه الفئة من الناس يكون من حسابات الضمير قبل ان يكون من حسابات ميزانية العلاقات العامة ، ولقد كفى اصحاب التبرعات ، انسان يؤمن بأن طريق الخير لا يكون خيرا الا برحمة الضعيف والقيام على رزقه ، لقد اعطى عبدالله بن عبدالعزيز ابناءه المعاقين المال والجهد ، فهل يبخل القائمون على شؤونهم بالاهتمام والضمير؟

http://www.alriyadh.com/2010/10/06/article565418.html
 

عودة
أعلى