اشعارات

دعائم ثقافة الطفل

دعائم ثقافة الطفل
* د. عبداللطيف الصوفي
تعد الأسرة أول دعامة من دعائم ثقافة الطفل، وهي تتحمل مسؤولية كبرى في تنمية قابليته لتحصيل المعرفة، وذلك بتعويده على القراءة، وحب المطالعة، وتوجيه التوجيه الأخلاقي السليم. فالأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، والقدوة الحسنة، لها تأثير كبير في هذا المجال. فالأهل الذين يخصصون وقتاً يومياً للمطالعة، يحترمونه، ولا يتخلون عنه إلا لظروف قاهرة، خارجة عن إرادتهم، يجعل أولادهم يحبون القراءة، ويميلون إليها، أكثر بكثير من الطلب الشفوي منهم أن يقرؤوا، إنها قوة القدوة الحسنة، والرغبة في تقليد ما يفعله الأهل، أكثر مما يقولونه، ويطلبونه من أولادهم.
كما تلعب وسائل الإعلام، دوراً بارزاً في إثراء ثقافة الأطفال، عندما يحسن استخدامها، واختيار برامجها، مع التركيز دائماً، على البرامج المفيدة، في تنشيط العقل، وتوسيع المدارك، والتربية السلوكية الصالحة.
أما المدرسة، فدورها رائد في التوجيه الثقافي، وبخاصة في بلادنا، حيث تقوم بمهام مزدوجة، أي بدور الأسرة والمدرسة في آن واحد، نظراً لانتشار الجهل والأمية في مجتمعاتنا بصورة واسعة.
ثم إن ثقافة الطفل، هي نتاج اجتماعي، وعملية مستمرة، لا تتوقف عند حدود، فهي للأطفال، في كل زمان. وتلعب مكتبات الأطفال هي الأخرى، بدءاً بالمكتبات المنزلية، مروراً بمكتبات رياض الأطفال، والمكتبات المدرسية، وصولاً إلى المكتبات العامة، دوراً هاماً، في تثقيف الأطفال وتربيتهم، وبناء الأجيال، بناء قويماً، لإعداد رواد المستقبل. وقادته، إنهم أطفال اليوم.
وإن أول عمل يجب السهر على تحيقه بجدية بالغة، هو تحبيب الأطفال بالقراءة وإن أفضل سبيل لتحقيق ذلك، وهو القدوة الحسنة، والمثال الجيد، لأن القراءة، تنقل في الغالب، من الآخرين، عن طريق العدوى، ولا ننسى أهمية وجود الخاصة بهم، وكتب الشعر، والأناشيد، في البيت والمدرسة. والكلمة المطبوعة مازالت تمتلك قوة جاذبية كبيرة للأطفال، إلى جانب الوسائل السمعية- البصرية، والوسائط الإلكترونية.
ويشبه البناء الثقافي، إلى حد بعيد، بناء برج مرتفع، كل حجرة تضاف إليه، أساسية وضرورية، وذات أهمية في تشييده، لا يمكن الاستغناء عنها. والبرج الثقافي، يحتاج أول ما يحتاج، إلى أجهزة تربوية مؤهلة تأهيلاً جيداً، ومن دونها لا يمكن البناء على الإطلاق، والأطفال يحتاجون إلى الشعور بالأمان، حتى يقبلوا على الثقافة، وتزداد معارفهم، وإلى رعاية خاصة من المجتمع والدولة، مع تخصيص الأموال اللازمة لذلك. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، وقصد مواصلة الاهتمام بالأجيال الصاعدة، وتشجيعها على القراءة، وقع الرئيس الأمريكي بتاريخ 2002/ 10/ 8، مرسوماً يقضي بتخصيص مليون دولار كل عام، ولمدة خمس سنوات، تصرف على تدعيم قراءة الأطفال، لترقية إمكاناتهم اللفظية، والصوتية، والتفوق القرائي، بما يمكنهم من الانتقال، من تعلم القراءة، إلى القراءة للتعلم والتثقيف، أي الإقبال على القراءة للتفوق في مجتمع المعلومات، تحت شعار: "القراءة أولاً".
وكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الاهتمام، أكثر من أي وقت مضى، لدعم القراءة في بلادنا، ولتربية أبنائنا، والأجيال الصاعدة، على التفكير العلمي، وتعويدهم البحث الذاتي عن المعلومات، وإعادة الاعتبار للأخلاق الاجتماعية، وزرع الثقة في النفوس، مع التفتح على الثقافات العالمية الرصينة، وقبول الرأي الآخر، وتفجير الطاقات الإبداعية، بما يعود بالنفع على أمتنا، في حاضرها، ومستقبلها.
المصدر: كتاب فن القراءة
 
رد: دعائم ثقافة الطفل

sfsfsdf.gif
 

عودة
أعلى