فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: محظورات الإحرام

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع الصبر
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • الردود 4
  • المشاهدات 2,494

الصبر

عضو جديد
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: محظورات الإحرام

64 - المحرم يجتنب تسعة محظورات

س: ما هي الأشياء التي يجب أن يجتنبها المحرم؟ .

ج: المحرم يجتنب تسعة محظورات بينها العلماء وهي: اجتناب قص الشعر، والأظافر، والطيب، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، وقتل الصيد، والجماع، وعقد النكاح، ومباشرة النساء، كل هذه الأشياء يمنع منها المحرم حتى يتحلل، وفي التحلل الأول يباح له جميع هذه المحظورات ما عدا الجماع، فإذا كمل الثاني حل له الجماع.



65 - حكم من أخذ من شعره بعد الإحرام جاهلا

س: رجل قام بالإحرام للعمرة وبعد ذلك تذكر أنه يجب أن يحلق شعر الإبط فقام بحلقه بعد الإحرام ثم توجه إلى العمرة نرجو توضيح الحكم ولكم الأجر والثواب؟ .

ج: حلق الإبط لا يجب في الإحرام ولا نتفه، وإنما يستحب نتفه أو إزالته بشيء من المزيلات الطاهرة قبل الإحرام، كما يستحب قص الشارب وقلم الظفر وحلق العانة إذا كان كل منها قد تهيأ لذلك، ولا يلزم أن يكون ذلك عند الإحرام بل إذا فعل ذلك قبل الإحرام في بيته أو في الطريق كفى ذلك.

وليس على من ذكرت شيء في حلقه إبطه لكونه جاهلا بالحكم الشرعي، ومثل ذلك لو فعل المحرم شيئا مما ذكرنا بعد الإحرام ناسيا لقول الله عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ولما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه قد استجاب هذا الدعاء.



66 - حكم كد الشعر:

س: ما حكم كد الشعر الخفيف ممن هو محرم، هل فيه حرج؟ .

ج: المحرم لا يكد شعرا. أما إذا حك شعره أو حك جلده حكا قليلا بالرفق فلا حرج. أما أن يكده فيقطع شعرا أو ظفرا أو جلدا فلا يجوز ذلك في حال الإحرام، فالمسلم إذا أحرم لا يقطع شعرا ولا ظفرا ولا يتطيب ولا يغطي رأسه بعمامة ولا بشبهها، ولا يغطي جسده بالقميص ونحوه، ولا يقتل الصيد، كل هذه الأمور ممنوعة في حق المحرم، ولا يعقد النكاح، ولا يخطب زوجة، ولا يعقد لموليته وهو محرم، كل هذه محرمة في الإحرام، وهكذا لا يجامعها ولا يباشر بقبلة ولا غيرها حتى يحل من إحرامه كل هذه ممنوعة في الإحرام.



س: لقد حجيت أنا وابني وأحرمنا من الطائف ودخلنا مكة صلاة الظهر وبقينا فيها إلى المغرب، ثم أرغمني ابني على العودة إلى الطائف والمبيت به وقد حصل ذلك وبتنا تلك الليلة في الطائف ثم رجعنا إلى مكة في صباح اليوم التالي ولم نحرم إحراما جديدا بل اكتفينا بإحرامنا الأول ودخلنا الحرم المكي في اليوم نفسه وطفنا طواف القدوم وسعينا ثم بتنا تلك الليلة في مكة ثم ذهبنا إلى منى وبقينا فيها يومين وليلة وسرينا في الليلة الثانية وقبل الخروج منها اغتسلنا ومشطنا رءوسنا ولم نغير ملابسنا وبالذات ثوبي مع العلم أنه كان أسود وأكملت حجي كبقية المسلمين. فما حكم الإسلام فيما سمعت من دخول مكة بدون إحرام والاكتفاء بالإحرام الأول في اليوم الذي مضى، وفيما فعلنا في منى من غسل ومشط والإحرام بالثوب الأسود؟ .

ج: ليس عليكما شيء والحمد لله، إحرامكما الأول باق وصحيح، وخروجكما إلى الطائف لو تركتموه لكان هو الذي ينبغي؛ لعدم الحاجة إليه لكنه لا يترتب عليه شيء، لأنكما خرجتما قبل إتمام حجكما وأنتما على إحرامكما فلا يضركما ذلك وطوافكما وسعيكما حين رجعتما إلى مكة ثم خروجكما إلى منى ثم إكمالكما مناسك الحج ليس فيه شيء، أما المشط فإن كان فيه قطع شعر، فهذا محل نظر، إن كنتما جاهلين فلا شيء عليكما أو فعلتما ذلك نسيانا فلا شيء عليكما، أما إذا كنتما تعلمان أنه لا يجوز قطع الشعر وقطعتما الشعر متعمدين حين المشط فهذا عليكما فيه أحد ثلاثة أشياء:

1 - إما صوم ثلاثة أيام على كل واحد.

2 - أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غير ذلك من قوت البلد.

3 - أو ذبح شاة على كل واحد منكما تجزئ في الأضحية، هذا إذا كنتما متعمدين عالمين أنه لا يجوز، أما إذا كان قطع الشعر حين المشط عن جهل أو عن نسيان فلا شيء عليكما كما تقدم. وهكذا لو كان مجرد المشط ليس فيه قطع شعر فلا بأس، والثوب الأسود لا بأس به في حق الرجل والمرأة، لكن يجب أن يكون لبس الرجل على حال ولبس المرأة على حال لا يتشبه أحدهما بالاخر، فيكون لباس الرجال على حال ولباس النساء على حال.



67 - حكم سقوط الشعر من رأس المحرم

س: ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغما عنها؟ .

ج: إذا سقط من رأس المحرم - ذكرا كان أو أنثى - شعرات عند مسحه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك، وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك، وإنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو محرم، وهكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء، أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر سقوطها.



68 - حكم إزالة الجلد الجاف للمحرم

س: هل إزالة الزائد من الشفتين تعتبر من محظورات الإحرام؟ مثل الزائد من الجلد الجاف .

ج: لا يأخذ المحرم ولا المضحي من بشرته شيء، ولا من شعره، فالمحرم والذي يريد أن يضحي لا يأخذان من جلدهما ولا من بشرتهما شيئا، لا من جلدهما في الوجه ولا من جلدهما في الرجل ولا في اليد ولا من غير ذلك حتى يحل المحرم من إحرامه التحلل الأول، وحتى يضحي المضحي، وإنما يحرم ذلك على المضحي بعد دخول عشر ذي الحجة إلى أن يضحي، إذا كان يضحي عن نفسه أو عن نفسه وأهل بيته ولا يحرم على أهل بيته شيء من ذلك في أصح قولي العلماء، وإنما يحرم ذلك على المضحي نفسه الذي بذل المال من حين أراد الضحية بعد دخول الشهر إلى أن يذبحها، أما الوكيل عن غيره فلا يحرم عليه شيء من ذلك كالوصي وناظر الوقف ونحوهما؛ لأن كلا من هؤلاء ليس بمضح وإنما هو وكيل. والله الموفق.



69 - ضابط تغطية الرأس للمحرم

س: ما الضابط في تغطية الرأس للمحرم، بمعنى لو حمل على رأسه بعض متاعه، هل ذلك يعد من تغطية الرأس؟ .

ج: حمل بعض المتاع على الرأس لا يعد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حيلة، وإنما التغطية المحرمة هي: ما يغطى بها الرأس عادة كالعمامة والقلنسوة، ونحو ذلك مما يغطى به الرأس، وكالرداء والبشت ونحو ذلك. أما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المحرم حيلة؛ لأن الله سبحانه قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم، والله ولي التوفيق.



س: هل يجوز للمحرم أن يستعمل الشمسية دون أن تمس رأسه نظرا لحرارة الشمس؟ .

ج: لا حرج على المحرم أن يستعمل الشمسية اتقاء للشمس كما يستظل في الخيمة وسقف السيارة. وفق الله الجميع.



س: سماحة الشيخ، لبست طاقية وأنا محرم في الحج الماضي، ولم أكن أعرف فهل علي فدية وإذا كان كذلك ولم يكن معي ثمنها فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا .

ج: بسم الله والحمد لله، إذا كنت جاهلا فوضعت غترة أو طاقية على رأسك أو كنت ناسيا فليس عليك شيء والحمد لله.



70 - حكم استخدام الكمامات للمحرم

س: هل تعتبر الكمامات التي يستعملها الطبيب في عمله ويضعها على فمه وأنفه في حكم تغطية الوجه للمحرم أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ .

ج: نعم، لا ينبغي ولا يجوز هذا، لأنه غطى حوالي نصف الوجه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تخمروا رأسه ولا وجهه» يعني للمحرم الذي وقصته راحلته.



71 - تحديد المخيط من اللباس للمحرم

س: ما هو تحديد المخيط من اللباس، وهل يجوز لبس السراويل المستعملة الآن تحت الإحرام؟ .

ج: لا يجوز للمحرم بحج أو عمرة أن يلبس السراويل ولا غيرها من المخيط، على البدن كله أو نصفه الأعلى كالفنيلة ونحوها، أو نصفه الأسفل كالسراويل؛ «لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عما يلبس المحرم قال: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين. وليقطعهما أسفل من الكعبين» . متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وبهذا يعلم السائل ما هو المخيط الممنوع في حق المحرم الذكر. ويتضح بالحديث المذكور أن المراد بالمخيط ما خيط أو نسج على قدر البدن كله كالقميص، أو نصفه الأعلى كالفنيلة، أو نصفه الأسفل كالسراويل، ويلحق بذلك ما يخاط أو ينسج على قدر اليد كالقفاز أو الرجل كالخف. لكن يجوز للرجل أن يلبس الخف عند عدم النعل، ولا يلزمه القطع على الصحيح؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس بعرفات في حجة الوداع فقال: «من لم يجد إزارا فليلبس السراويل ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين» . متفق على صحته. ولم يأمر بقطعهما فدل على نسخ القطع المذكور في حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ لأن حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي أمر فيه بالقطع كان متقدما والأمر بلبس الخف دون قطع كان في خطبته - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة بعد ذلك. والله الموفق.



72 - يجوز خياط ثياب الإحرام إذا تمزقت

س: إذا كان الإنسان محرما بالحج أو العمرة، وتمزق إحرامه بسبب سقوطه على الأرض فهل يجوز له أن يخيطه أم لا؟ .

ج: له أن يخيطه وله أن يبدله بغيره والأمر في ذلك واسع بحمد الله، والمخيط المنهي عنه هو الذي يحيط بالبدن كله كالقميص والفنيلة وأشباه ذلك، أما المخيط الذي يكون في الإزار أو في الرداء لكونه مكونا من قطعتين أو أكثر، خيط بعضهما في بعض فلا حرج فيه، وهكذا لو حصل به شق أو خرق فخاطه أو رقعه فلا بأس في ذلك.



س: إذا لبس المحرم أو المحرمة نعلين أو شرابا سواء كان جاهلا أو عالما أو ناسيا فهل يبطل إحرامه بشيء من ذلك؟ .

ج: السنة أن يحرم الذكر في نعلين؛ لأنه جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين» . فالأفضل أن يحرم في نعلين حتى يتوقى الشوك والرمضاء والشيء البارد، فإن لم يحرم في نعلين فلا حرج عليه فإن لم يجد نعلين جاز له أن يحرم في خفين. وهل يقطعهما أم لا؟ على خلاف بين أهل العلم، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» . وجاء عنه في خطبته في حجة الوداع في عرفات أنه أمر من لم يجد نعلين أن يلبس الخفين ولم يأمر بقطعهما، فاختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم: إن الأمر الأول منسوخ فله أن يلبس من دون قطع.

وقال آخرون: ليس بمنسوخ ولكنه للندب لا للوجوب، بدليل سكوته عنه في عرفات. والأرجح إن شاء الله أن القطع منسوخ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في عرفات وقد حضر خطبته الجمع الغفير من الناس من الحاضرة والبادية ممن لم يحضر خطبته في المدينة التي أمر فيها بالقطع. فلو كان القطع واجبا أو مشروعا لبينه للأمة، فلما سكت عن ذلك في عرفات دل على أنه منسوخ، وأن الله جل وعلا عفا وسامح العباد عن القطع؛ لما فيه من إفساد الخف.

أما المرأة فلا حرج عليها إذا لبست الخفين أو الشراب، لأنها عورة، ولكن تمنع من شيئين: من النقاب ومن القفازين؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - «نهى المحرمة عن ذلك، فقال: لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» والنقاب هو الشيء الذي يصنع للوجه كالبرقع فلا تلبسه وهي محرمة، ولكن يجب أن تغطي وجهها بما تشاء عند وجود الرجال الأجانب؛ لأن وجهها عورة، فإذا كانت بعيدة عن الرجال كشفت وجهها ولا يجوز لها أن تضع عليه النقاب ولا البرقع، ولا يجوز لها أن تلبس القفازين، وهما غشاءان يصنعان لليدين فلا تلبسهما المحرمة ولا المحرم ولكن تغطي يديها ووجهها عند الحاجة بغير النقاب والقفازين؛ لما ثبت «عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنا ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - محرمات إذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا بعدوا منا كشفنا» . والله ولي التوفيق.



73 - حكم من وقف بعرفة بملابسه المخيطة

س: فضيلة الشيخ أفادنا الله بعلمك ونفع المسلمين به، أنا منعني رؤسائي في العمل من الإحرام وقد جئت هنا للمملكة للعمل عندهم وقد أفتاني أحد المشايخ بأن أقف في عرفة بملابسي المخيطة فماذا علي وهل حجتي صحيحة وأنا لا أستطيع ذبح دم وأنا مسافر إلى بلدي؟ فماذا يجب علي من الصيام هنا؟ وماذا يجب علي في بلدي؟ .

ج: إذا كنت عاملا ولم يأذنوا لك فلا تحرم أما إذا سمحوا لك بالإحرام فلا بأس أما إذا كنت عاملا عند أحد تشتغل عنده فليس لك الحج بغير إذنهم؛ لأنك مربوط بعملهم مستأجر فعليك أن تكمل ما بينك وبينهم فالمسلمون على شروطهم والله يقول: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أما إذا سمحوا لك أن تحج فلا بأس وتحج كما يحج المسلمون تكشف رأسك، تلبس الإزار والرداء، ولا تلبس المخيط بل تلبس إزارا ورداء وتكشف رأسك، أما كونك تحج وهم ما أذنوا لك فهذا يعتبر معصية، وإن كنت حججت صح الحج، لكنك عصيت ربك في هذا، لأنك ضيعت بعض حقهم إلا إذا أذنوا لك، وإذا كنت حججت وأنت لابس على رأسك العمامة أو المخيط على بدنك فعليك الكفارة مع التوبة إلى الله، والكفارة هي إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة عن تغطية الرأس، ومثلها عن لبس المخيط على البدن، إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع كيلو ونصف تقريبا، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة تجزئ في الضحية للفقراء في الحرم عما جعلت على رأسك من اللباس، وعما جعلت على بدنك من اللباس، عن الرأس كفارة وعن البدن كفارة. الله يهدينا وإياكم والمسلمين.



74 - حكم من سافر في مهمة عاجلة فخلع ملابس الإحرام بعد إحرامه

س: رجل لبس ملابس الإحرام بعد أن اغتسل وتطيب ثم استدعي للسفر في مهمة عاجلة فخلع ملابسه فماذا يكون عليه؟ .

ج: هذا السؤال فيه تفصيل، فإن كان الرجل المذكور قد أحرم بالنسك بعد لبسه ملابس الإحرام، أي نوى الدخول في الحج أو العمرة ثم رجع عن ذلك؛ فخلع ملابس الإحرام من أجل المهمة المذكورة فهذا لم يزل محرما، وعليه أن يعيد ملابس الإحرام ويتوجه إلى مكة من حين يعلم حكم الشرع في ذلك لإكمال نسكه من حج أو عمرة، ولا كفارة عليه عما فعل إن كان جاهلا، أما إن كان حين خلعه ملابس الإحرام لم ينو الدخول في النسك وإنما لبس ملابس الإحرام استعدادا لذلك ثم خلع الملابس من أجل المهمة قبل أن ينوي الدخول في النسك من حج أو عمرة فلا شيء عليه؛ لأنه حين خلع الملابس والحال ما ذكر ليس بمحرم. والله أعلم.



75 - لبس الحزام في الإحرام لا حرج فيه

س: ما حكم لبس الهميان (الكمر) من قبل الحاج المحرم، ليحفظ فيه نقوده، هل يجوز له ذلك أم يعتبر مخيطا لا يجوز لبسه؟ .

ج: لبس الكمر ونحوه لا حرج فيه، وكذلك الحزام أو المنديل لربط إزاره وحفظ حاجته من النقود وغيرها، وبالله التوفيق.



76 - حكم لبس الساعة للمحرم

س: ما حكم لبس الساعة للمحرم؟ .

ج: لبس الساعة مثل لبس الخاتم لا حرج فيه إن شاء الله.



مضاعفة السيئة في مكة

س: هل تضاعف السيئة في مكة مثل ما تضاعف الحسنة؟ ولماذا تضاعف في مكة دون غيرها؟ .

ج: الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة. وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا» فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة فيما سوى المسجد النبوي، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه سوى المسجد الحرام، وبقية الأعمال الصالحة تضاعف، ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم فيها نصا ثابتا يدل على تضعيف محدد، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود. والحديث الذي فيه: «من صام رمضان في مكة كتب الله له مائة ألف رمضان» حديث ضعيف عند أهل العلم.

والحاصل: أن المضاعفة في الحرم الشريف بمكة لا شك فيها (أعني مضاعفة الحسنات) ولكن ليس في النص فيما نعلم حدا محدودا ما عدا الصلاة، فإن فيها نصا يدل على أنها مضاعفة بمائة ألف كما سبق.

أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد ولكن تضاعف من جهة الكيفية أما العدد فلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرهما، بل السيئة بواحدة دائما وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه.

ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم في الإثم من حيث الكيفية لا من جهة العدد، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثما من سيئة في جدة والطائف مثلا، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك، فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد.

أما الحسنات فإنها تضاعف كيفية وعددا بفضل الله سبحانه وتعالى، ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة قول الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة وحتى الهم بها فيه هذا الوعيد.

وإذا كان من هم بالإلحاد في الحرم يكون له عذاب أليم، فكيف بحال من فعل الإلحاد وفعل السيئات والمنكرات في الحرم؟ فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهم، وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير، وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} فنكر الجميع، فإذا ألحد أي إلحاد - والإلحاد هو الميل عن الحق - فإنه متوعد بهذا الوعيد. وقد يكون الميل عن العقيدة فيكفر فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أكبر، وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر أو الزنا أو عقوق الوالدين أو أحدها فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر. (بظلم) هذا يدل على أنه إذا كان يرجع إلى الظلم فإن الأمر خطير جدا فالظلم يكون في المعاصي، ويكون في التعدي على الناس، ويكون بالشرك بالله، فإذا كان إلحاده بظلم نفسه بالمعاصي أو بالكفر فهذا نوع من الإلحاد، وإذا كان إلحاده بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحادا وكله يسمى ظلما وصاحبه على خطر عظيم. لكن الإلحاد الذي هو الكفر بالله والخروج عن دائرة الإسلام هو أشدها وأعظمها كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} والله أعلم.



100 - عرفة ليست من الحرم

س: امرأة أرادت أن تصلي في عرفة فضايقها غصن شجرة فقطعته وهي جاهلة، فما الحكم؟ أفيدونا بارك الله فيكم .

ج: بسم الله والحمد لله، شجر عرفة ليس بمحرم فقطع غصن منها لا يضر؛ لأن عرفة حلال وليست من الحرم فإذا قطع شيء منها فلا يضر.



س: لقد ذهبت والدتي إلى الحج وخلال الإحرام نسيت فاقتعلت بعض الشجيرات، هل يجوز حجها وماذا يجب عليها الآن أن تفعل؟

ج: هذه المسألة فيها تفصيل: فإذا كان إحرامها من الميقات فالشجر الذي قلعته لا يضر؛ لأنه ليس بحرم مثل ميقات أهل المدينة وميقات أهل الطائف (وادي محرم) وهكذا ميقات اليمن، وهكذا ميقات أهل الشام ومصر والعراق، كلها ليست بحرم، فما قلع منها من شجر أو نبات فلا يضر وليس فيه شيء، أما إن كانت اقتلعت أثناء إحرامها بالحرم وسط الحرم بمكة فهذا خطأ، وليس عليها فيه شيء سوى التوبة إلى الله من ذلك؛ أولا: لجهلها، وثانيا: لأنه ليس هناك نص واضح في إيجاب قيمة ما يقلع من الشجر أو النبات الأخضر.



س: هل غرس بني آدم منهي عن قطعه في الحرم؟

ج: غرس بني آدم غير داخل في النهي، وإنما النهي عن قطع شجرها النابت بغير إنبات الآدمي، أما ما كان من إنباته من نخل وغيره فمتى شاء قطعه.



102 - حكم رعي الغنم في الحرم

س: صاحب الغنم إذا أرسل غنمه يرعى في الحرم؟ .

ج: الرعي ليس فيه بأس.



103 - خصوصية حمام مكة والمدينة

س: هل هناك خصوصية لحمام مكة والمدينة؟

ج: ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا لحمام المدينة سوى أنه لا يصاد ولا ينفر ما دام في حدود الحرم لعموم حديث: «إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها» ، والحديث رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها» رواه مسلم (وفي حمام مكة إذا قتله الجزاء وهو أن يذبح بدل الحمامة التي قتلها شاة أو عدلها صياما أو إطعاما؛ لقول الله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ وقد ذكر العلماء أن في الحمامة شاة).



104 - حكم قتل الجراد في الحرم

س: لو قتلت المرأة جرادة أو جرادتين هل عليها كفارة؟

ج: إذا قتل الجراد بغير سبب فإنه يفدي بقيمته في حق المحرم وهكذا من قتله في الحرم.



105 - حكم الفدية في الصيد بالقتل المتعمد

س: هل تلزم الفدية في الصيد بالقتل المتعمد؟

ج: تلزم الفدية من تعمد قتل الصيد وهو محرم أو قتله في الحرم لقول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الآية. والجمهور من أهل العلم ألحقوا المخطئ بالمتعمد؛ لأن الإتلاف عندهم يستوي فيه المتعمد وغيره. لكن صريح القرآن يدل على أن الفدية لا تلزم إلا المتعمد، وهذا هو الأظهر، ولأن المحرم قد يبتلى بذلك من غير قصد ولا سيما بعد وجود السيارات وقد قال الله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
 
رد: فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: محظورات الإحرام

106 - حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى رسول الله صلى الله علية وسلم

س: حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه وقال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» متفق عليه. هل هو ناسخ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه في قصة صيده الحمار الوحشي وهو غير محرم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وكانوا محرمين: «هل منكم أحد أعانه أو أشار إليه بشيء؟ قالوا: لا. قال: فكلوا ما بقي من لحمه» متفق عليه. لأن حديث أبي قتادة في الحديبية وحديث الصعب في الصلح؟

ج: لا تعارض بينهما؛ لأن أبا قتادة لم يصده للمحرمين ولم يعينوه عليه. وأما الصعب فقد أهداه للنبي صلى الله عليه وسلم حيا والمحرم ممنوع من الصيد الحي كما أنه ممنوع من أكل ما صيد من أجله، ولو كان صاحبه قد ذبحه هذا هو الجمع بين الحديثين، ويدل على ذلك أيضا حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم» . والله ولي التوفيق.



س: هل ورد في بعض الروايات أنه حي؟

ج: في بعض الروايات أنه حي، وفي بعضها أنه أهدى عجز حمار أو رجل حمار، ورواية رجل حمار أو عجز حمار محمولة على أنه صاده من أجل النبي عليه الصلاة والسلام.



س: أبو قتادة هل صاده لأجلهم أم أنه أهداه لهم؟

ج: لم يصده لأجلهم وإنما أهداه لهم كما تقدم.



77 - حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام

س: ما حكم وضع الحاج الطيب على ملابس الإحرام قبل عقد النية والتلبية؟ .

ج: لا يجوز للمحرم أن يضع الطيب على الرداء والإزار، وإنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «لا تلبسوا شيئا من الثياب مسه الزعفران أو الورس» . فالسنة أنه يتطيب في بدنه فقط، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها، وإذا طيبها لا يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها.



78 - حكم استعمال الصابون للمحرم

س: ما حكم غسل اليدين بصابون معطر مثل اللوكس أثناء الإحرام؟ .

ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأنه لا يسمى طيبا ولا يعتبر مستعمله متطيبا لكن لو ترك ذلك واستعمل صابونا آخر من باب الورع كان أفضل وأحسن؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» .



س: هل يجوز استعمال الصابون ذي الرائحة للمحرم؟ .

ج: الصابون ذو الرائحة الجيدة الذي يسمى "الممسك" الأقرب والله أعلم هو التسامح فيه وعدم التشديد فيه، فإن تركه على سبيل الاحتياط لأن الرائحة فيه ظاهرة فمن باب الورع ومن باب الحيطة، وإلا فاستعماله لإزالة الأوساخ والدسم ونحو ذلك لا يسمى تطيبا وليس من باب التطيب، فإذا فعله المحرم فلا أرى عليه شيئا من الفدية ولا أرى عليه بأسا في ذلك.



س: ما هو حكم من اغتسل بصابون أو مطهر وهو محرم للحج أو العمرة وإذا كان عليه فدية فهل يجوز أن يذبح له أخوه أو يذبح هو في بلد آخر؟ .

ج: من استعمل الصابون أو غيره مما يغسل به الشعر فلا حرج عليه وإن كان محرما، إلا إذا كان الصابون فيه طيب كالممسك فالأولى تركه احتياطا، ولا يسمى من استعمله متطيبا، ولا فدية عليه إذا استعمل الصابون أو أشباه ذلك ولا يكون حكمه حكم المتطيب، ولكن ترك ما فيه الطيب من الصابون الممسك الذي يظهر رائحة الطيب أحوط وأولى للمؤمن، وإذا وجبت الفدية على إنسان فإنها تذبح في الحرم الذي هو محل الفدية لمساكين الحرم، إلا إذا فعل المحظور خارج الحرم فهذا يذبح في محله الذي حصل فيه المحظور وإن كان خارج الحرم، لكن من فعل ذلك داخل الحرم تكون فديته بالحرم، وهكذا الصيد يكون جزاؤه في الحرم إذا كان جزاؤه غير الصيام. كالذبح والطعام يكون لمساكين الحرم. والله ولي التوفيق.



س: امرأة محرمة بالعمرة شربت قهوة في زعفران قبل أن تكمل العمرة. هل الزعفران من أنواع الطيب وهل يخل بالعمرة أم لا؟ .

ج: المحرم الذي يشرب القهوة وفيها زعفران يكون قد أساء؛ لأن الزعفران طيب فلا ينبغي استعماله في القهوة في حق المحرم كما لا ينبغي استعماله في ملابسه ولا في بدنه وهو محرم، فإذا فعل ذلك الرجل المحرم أو المرأة المحرمة جهلا أو نسيانا فلا شيء عليهما، أما إن تعمد ذلك وهو يعلم أنه محرم ولا يجوز فإنه يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة كما لو لبس المخيط عمدا أو تطيب في بدنه أو ثيابه أو رأسه عمدا وهو يعلم أنه محرم فإن عليه هذه الفدية؛ كفارة، وهكذا لو قلم أظفاره أو قص من شعره عمدا وهو يعلم أنه محرم، أما الناسي أو الجاهل فلا شيء عليه.



79 - حكم الجماع قبل التحلل الأول

س: هل يجب إعادة الحج على من جامع قبل التحلل الأول مع العلم أن حجه حج تطوع؟ .

ج: إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه، وعليه أن يتمه وعليه أن يقضيه بعد ذلك ولو كان حج تطوع كما أفتى بذلك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة والله المستعان.



80 - حكم الجماع قبل طواف الإفاضة

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. ع. د. وفقه الله.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 1\ 1 \ 1394 هـ وصلكم الله بهداه وما تضمنه من التعزية في فقيد الجميع فضيلة الشيخ \ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله فهمته، وأسأل الله أن يجيب دعاءكم ويجبر مصيبة الجميع فيه ويتغمده بالرحمة والرضوان ويصلح ذريته ويخلفه على المسلمين بأحسن خلف إنه جواد كريم.



س: امرأة سافرت إلى الخميس قبل طواف الإفاضة فما الحكم وهل لزوجها وطؤها؟

ج: يلزمها العود إلى مكة فورا مع القدرة لأداء طواف الإفاضة؛ لأنه ركن من أركان الحج، وإن أحرمت بالعمرة عند وصولها إلى الميقات فذلك أفضل، فتطوف للعمرة وتسعى ثم تطوف لحجها السابق ثم تقصر وتحل، وإن قدمت طواف الحج على طواف العمرة وسعيها فلا بأس، وليس لزوجها وطؤها حتى تطوف طواف الإفاضة؛ لأن الوطء لا يجوز إلا بعد الحل الكامل من الحج وهو لا يحصل إلا بالطواف والسعي لمن عليه سعي والرمي لجمرة العقبة والحلق أو التقصير.



رئيس الجامعة الإسلامية:

حضر عندي ع. ع. ي. وذكر أنه أحرم بالحج من جدة في عام 1407 هـ وبعد خروجه من عرفات استمر به السير إلى منى ولم يبت في مزدلفة ثم رفض الحج وخلع ملابس الإحرام وذهب إلى أهله وجامع زوجته بعد ذلك، واستفتاني في ذلك، فأفهمته أن هذا العمل منكر، وأن عليه التوبة من ذلك؛ لأن من دخل في الحج والعمرة لا يجوز له رفضهما حتى يكملهما إلا المحصر؛ لقول الله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وأفهمته أن حجه قد فسد بالجماع وأن عليه بدنة تجزئ في الضحية، وهي التي تم لها خمس سنين أو سبع من الغنم تجزئ في الضحية، كلها توزع بين الفقراء في مكة، وعليه أيضا ذبيحة عن تركه الرمي وذبيحة ثانية عن تركه المبيت في مزدلفة وثالثة عن تركه المبيت في منى، وعليه أن يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر بنية حجه السابق ويجزئه ذلك عن طواف الوداع، فإن أقام بعد الطواف والسعي في مكة فعليه طواف الوداع عند خروجه إلى جدة، وعليه حجة أخرى بدل الحجة الفاسدة وتجزئه عن فريضة الإسلام.

ونسأل الله أن يمن علينا وعليه بالتوبة النصوح، وأن يعفو عنا وعنه وجميع المسلمين.

قاله ممليه الفقير إلى عفو ربه عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.



س: رجل وطئ زوجته قبل طواف الإفاضة، فماذا عليه؟ هل يخرج إلى الحل من جديد؟ جزاكم الله خيرا .

ج: إذا وطئ الحاج زوجته قبل الطواف فقد أخطأ وعليه التوبة إلى الله، وعليه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، ولا يلزمه بذلك الذهاب إلى الحل، وإنما عليه التوبة إلى الله والفدية والطواف والسعي إن كان لم يسع وكان قارنا أو مفردا، أما إن كان متمتعا فعليه السعي الأول لعمرته، وعليه السعي الثاني بعد الطواف لحجه.



س: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

سماحة الشيخ الفاضل \ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظك الله ورعاك.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لقد ذهبت من المنطقة الشرقية (الأحساء) إلى مكة المكرمة وذلك بمناسبة إجازة عيد شهر رمضان المبارك وأخذت هذه الفرصة حتى آخذ أنا وأهلي عمرة في شهر رمضان، ومن الميقات أحرمنا وذهبنا إلى الحرم المكي ثم طفنا وسعينا، وفي الشوط الثاني من السعي قالت لي زوجتي: لقد نزل علي دم وهو من أثر ربط، وقالت أيضا: لقد حسيت بشيء بسيط قبل الدخول إلى الحرم وهذا لم أتأكد منه لكن الآن ثبت نزول الدم. فأخذتها في الحال إلى إحدى بوابات الحرم وسألت أحد الشيوخ هناك فقال لي: هي لا تكمل السعي أما أنت فأكمل العمرة، وأرجو أن تسأل هل عليك كفارة؟ وكان ذلك في تمام الساعة الثامنة صباحا. وبعد إكمالي العمرة ذهبت إلى مقر الفتوى في الحرم فلم أجد أحدا، وقال لي أحد الموجودين: إنه لا يوجد أحد الآن. فأخذت أهلي وذهبت إلى بلدي وقضيت هناك ما بقي من الإجازة ثم رجعت إلى المنطقة الشرقية وبعد عودتي سألت عن ذلك أحد المشايخ فقال لي: إن زوجتي لا تزال محرمة ويحرم عليها ما يحرم على المحرم ويلزمها إكمال العمرة، لذا أرجو من سماحتكم إفادتي عن الحكم الشرعي في ذلك وإذا كانت لا تزال محرمة فلقد اغتسلت وجامعت ومشطت شعرها وقصت أظافرها.

فهل هناك كفارة؟ أو أنه يسقط عنها الإحرام بنزول الدم؟ وهل يلزمها إكمال العمرة؟ أم أنها تعتبر معتمرة حيث إنها نوت العمرة وحدث ذلك بعد النية غصبا عنها. وإذا كان لابد من إكمال العمرة. فإنني أخبركم بإنني لا أستطيع الذهاب بها الوقت الحاضر نظرا لظروف عملي. وبعد المنطقة ، هذا وأرجو رأي سماحتكم الشرعي والله يحفظكم ويرعاكم.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:

إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فالمرأة المذكورة لا تزال محرمة وعليك اجتنابها حتى تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى وتقصر، بذلك تكمل عمرتها، وإذا كنت جامعتها في هذه المدة فعليها دم جبران فدية تذبح في مكة للفقراء، جذع ضأن أو ثني معز يجزئ في الأضحية مع التوبة والاستغفار منكما جميعا، وعليها أيضا أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات بدلا من هذه العمرة التي فسدت بالجماع، ونسأل الله للجميع الهداية وقبول التوبة، ونوصيكما جميعا بعدم التساهل في أمور الدين وأن تبادر بالاستفتاء في كل ما يشكل عليك، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

والخلاصة: أن على زوجتك أن تكمل عمرتها بالطواف والسعي والتقصير من رأسها، ثم عليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات إذا كنت قد جامعتها مع الفدية المذكورة آنفا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



س: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أستفتي فضيلتكم بسؤالي هذا وهو أنني تزوجت من فتاة ولها عندي ما يقارب السنتين ولي منها بنت. فضيلة الشيخ بعدها قامت زوجتي بإخباري بأنها أدت مناسك العمرة مع أهلها وطافت بالبيت الحرام والدورة كانت معها. فضيلة الشيخ بعدما أخبرتني بذلك قمت بطرح هذا السؤال على فضيلة الشيخ \ صالح بن فريج بمحافظة عفيف طالبا الفتوى في هذا السؤال تبرية لذمتها، وهل يلحقها شيء من ذلك؟ وأجابني جزاه الله خيرا بأن تعيد الزوجة العمرة مرة أخرى. فضيلة الشيخ تأديتها لهذه العمرة قبل أن أتزوجها بمدة أربع سنوات. فضيلة الشيخ \ عبد العزيز بن باز أتينا لفضيلتكم للتأكد من الأمر وإفتائنا عن إجابة هذا السؤال. هذا والله يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:

إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فالواجب عليها أن تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى لعمرتها وتقصر، وعليها دم يذبح في مكة للفقراء عن جماعك لها وهي محرمة لم تحل من عمرتها؛ لأن طوافها وهي حائض غير صحيح، وعليها أن تعيد العمرة من الميقات؛ لأن الأولى فسدت بالجماع، فيكون الواجب أداء أعمال العمرة الأولى وهي الطواف والسعي والتقصير ثم عمرة ثانية من الميقات، كما أفتى بذلك بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحرم عليك قربانها حتى يجدد العقد - أعني عقد النكاح - بعد فعلها ما ذكرنا مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



81 - حكم مزاولة العادة السرية في الحج

س: الأخ م. ع. م. من الرياض يقول في سؤاله: منذ سبع سنوات ذهبت أنا وأبي لأداء فريضة الحج وكان عمري وقتها حوالي سبعة عشر عاما. وعندما كنت مرتديا الإحرام وقبل الذهاب من مكة إلى منى لأداء مناسك الحج قمت عن جهل مني وعن غير علم بمحظورات الإحرام بمزاولة العادة السرية، وبعد ذلك غسلت غسل الجنابة وارتديت إحرامي ثم ذهبنا إلى منى وأتممنا جميع مناسك الحج والحمد لله. فما حكم حجتي التي هي حجة الفريضة، والذي جعلني أتأخر عن السؤال طوال هذه المدة هو الغفلة. جزاكم الله خيرا ووفقكم وأعانكم .

ج: الحج صحيح في أصح قولي العلماء. وعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن تعاطي العادة السرية محرم في الحج وغيره، لقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ} ملومين {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} ولما فيها من المضار الكثيرة التي أوضحها العلماء. نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق. وعليك دم يذبح في مكة للفقراء.



س: إذا احتلم الإنسان أثناء الإحرام ما حكمه؟ وما عليه؟ جزاكم الله خيرا .

ج: بسم الله والحمد لله، إذا احتلم في الإحرام وأنزل المني فعليه الغسل ولا شيء عليه، فإحرامه صحيح ولا يضره شيء؛ لأنه ليس باختياره، وهكذا الصائم في رمضان وغيره إذا احتلم صومه صحيح، ولكن إذا أنزل المني يغتسل غسل الجنابة.



82 - حكم تغطية المرأة المحرمة لوجهها وكفيها

س: هل يجوز للمرأة أن تغطي وجهها وكفيها بقفازين عندما تذهب للحج أو للعمرة وهي بذلك ليست مكرهة بل إن وليها أعطاها حرية الخيار بين أن تكشف أو تغطي وجهها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .

ج: المرأة في الإحرام ليس لها أن تغطي وجهها بالنقاب أو بالبرقع وليس لها أن تلبس القفازين في اليدين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك فقال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح فيما يلبس المحرم: «ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» يعني في الإحرام ولكنها تغطي وجهها وكفيها بغير ذلك من خمار ونحوه لجلبابها أو عباءتها أو نحو ذلك، أما النقاب وهو ما يصنع للوجه فإنها لا تلبسه المحرمة لا في العمرة ولا في الحج، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وكنا إذا دنا منا الركبان سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا بعدوا كشفنا» ، فالمرأة تفعل هكذا إذا قرب منها رجال تغطي وجهها بخمار ونحوه، لا بنقاب مصنوع للوجه ولا تغطي يديها بقفازين ولكن بغيرهما وهكذا الرجل المحرم لا يغطي وجهه ولا يغطي رأسه بالعمامة ونحوها، ولكن يغطي يديه بغير قفازين عند الحاجة، فلو غطى يديه بالرداء أو بالإزار أو بشيء آخر فلا بأس بذلك، والمرأة كذلك.



83 - الأفضل للمرأة أن تحرم في شراب وليس لها الإحرام في قفازين

س: سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء عن حكم إحرام المرأة في الشراب - بتشديد الراء - والقفازين، وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه؟ .

فرد سماحته قائلا: "الأفضل لها إحرامها في الشراب أو مداس فهذا أفضل لها وأستر لها، وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك".

وأضاف سماحته: "وإن أحرمت في شراب ثم خلعته فلا بأس، كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك" بيد أن سماحته أكد أنه: "ليس لها أن تحرم في قفازين". وعلل ذلك بقوله: "لأن المحرمة منهية أن تلبس القفازين وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها ومثله البرقع ونحوه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن ذلك" وأكد سماحته أن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود رجال غير محارمها وفي الطواف والسعي.

واستشهد بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه» أخرجه أبو داود وابن ماجه.

أما بالنسبة للرجل فقال سماحة الشيخ ابن باز: "يجوز للرجل لبس الخفين ولو غير مقطوعين على الصحيح، وقال الجمهور بقطعهما". ولكن سماحته أضاف: "والصواب أنه لا يلزم قطعهما عند فقد النعلين". واستدل بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس بعرفة فقال: «من لم يجد إزارا فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين» متفق عليه. واختتم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية إجابته بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لم يأمر بقطعهما فدل ذلك على نسخ الأمر بالقطع".



س: امرأة لديها ضعف في البصر، وتنوي الحج هذا العام، وتقول: هل أضع نقابا يغطي وجهي بحيث تظهر العينان، ثم أضع عليه غطاء ساترا خفيفا أتمكن من رؤية الطريق من خلاله، فهل علي إثم لو فعلت ذلك؟ جزاكم الله خيرا .

ج: لا حرج في ذلك إلا إذا كانت محرمة فليس لها ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق المحرمة: « ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» ا هـ. لكن تغطي المحرمة وجهها بغير ذلك كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها، والله ولي التوفيق.



84 - المحاورات والجدال في الحج تثير النزاع والعداوة

حول حرمة الحج وفرضيته على المسلمين والإحرام به والآداب التي لا يجوز معها الجدال وتقليد قبائل الجاهلية يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة: يقول تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} يخبر تعالى أن الحج في أشهر معلومات وهي: شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، وقال تعالى: {مَعْلُومَاتٌ} لأن الناس يعرفونها من عهد إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام -، فالحج وقته معروف لا يحتاج إلى بيان كما احتاج الصيام والصلاة إلى بيان مواقيتهما. وقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} معناه من أحرم بالحج في هذه الأشهر سواء في أولها أو في وسطها أو في آخرها، فإن الحج الذي يحرم به يصير فرضا عليه يجب عليه أداؤه بفعل مناسكه ولو كان نفلا.

فإن الإحرام به يصير فرضا عليه لا يجوز له رفضه، لقول الله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} بيان لآداب المحرم وما يجب عليه أن يتجنبه حال الإحرام، أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من "الرفث" وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية. "والفسوق" وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. "والجدال" وهو المحاورات والمنازعة والمخاصمة؛ لأن الجدال يثير الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر الله. والمقصود من الحج الذل والانكسار بين يدي الله وعند بيته العتيق ومشاعره المقدسة، والتقرب إلى الله بالطاعات وترك المعاصي والمحرمات ليكون الحج مبرورا.

فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» . ولما كان التقرب إلى الله تعالى لا يتحقق إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات، فإنه سبحانه بعد أن نهى عن المعاصي في الحج أمر بعمل الطاعات، فقال تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} وهذا يتضمن الحث على أفعال الخير، خصوصا في أيام الحج وفي تلك البقاع الشريفة والمشاعر المقدسة وفي المسجد الحرام، فإن الحسنات تضاعف فيه أكثر من غيره، كما ثبت أن الصلاة الواحدة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، والمراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، فيدخل في ذلك منى ومزدلفة وجميع المساجد التي في داخل الحرم، وهكذا بقية الحرم. لا سيما وقد اجتمع للحاج في هذا المكان وهذا الوقت شرف الزمان وشرف المكان، ومن الجدال الذي نهى عنه في الحج ما كان يجري بين القبائل في الجاهلية في موسم الحج وفي أرض الحرم من التنازع والتفاخر ومدح آبائهم وقبائلهم حتى حولوا الحج من عبادة إلى نزاع وخصام. ومن تحصيل فضائل إلى تحصيل جرائم وآثام، حيث يقول سبحانه: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} وقال تعالى عن الحرم: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أما الجدال بالتي هي أحسن فلا حرج فيه في مكة وغيرها، يقول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}





87 - على الحجاج التقيد بالتعليمات التي تأمر بها الدولة

س: تضع الأجهزة المشرفة على إسكان الحجاج في المشاعر بعض الضوابط التي تمنع تجاوزها لضمان سلامة الحجاج بإذن الله، مثل منع استخدام عبوات الغاز داخل المخيم حيث يؤدي استخدامه السيء إلى كثير من الأضرار المتعدية إلى الغير، فهل تجاوز الحاج لتلك الضوابط وغيرها من الأنظمة التي وضعت لسلامته تنقص من أجره؟ وما توجيه سماحتكم لحجاج بيت الله للحفاظ على سلامة بعضهم بعضا؟ .

ج: الواجب على الحجاج وفقهم الله هو التقيد بالتعليمات التي تأمر بها الدولة وفقها الله لمصلحة الحجاج؛ لأن الله سبحانه أوجب السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف، والتعليمات التي تقوم بها الدولة لمصلحة الحجاج من جملة المعروف، ومخالفتها معصية ونقص في الأجر، وفق الله الجميع لما يرضيه.



.
 
رد: فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: محظورات الإحرام

88 - القيام بالمسيرات في موسم الحج في مكة المكرمة باسم البراءة من المشركين بدعة لا أصل لها

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه. أما بعد .:

فإن الله أوجب على عباده المؤمنين البراءة من المشركين في كل وقت وأنزل في ذلك قوله سبحانه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وأنزل في ذلك سبحانه في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله عز وجل: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

وصحت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث الصديق رضي الله عنه عام تسع من الهجرة يقيم للناس حجهم ويعلن البراءة من المشركين، ثم أتبعه بعلي رضي الله عنه ليبلغ الناس ذلك، وبعث الصديق رضي الله عنه مؤذنين مع علي رضي الله عنه ينادون في الناس بكلمات أربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله عهد فأجله إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فله أربعة أشهر يسيح في الأرض، كما قال عز وجل: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} وبعدها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال المشركين إذا لم يسلموا، كما قال الله عز وجل: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} يعني الأربعة التي أجلها لهم - عليه الصلاة والسلام - في أصح قولي أهل العلم في تفسير الأشهر المذكورة في هذه الآية {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

هذا هو المشروع في أمر البراءة وهو الذي أوضحته الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينه علماء التفسير في أول تفسير سورة براءة - التوبة -، أما القيام بالمسيرات والمظاهرات في موسم الحج في مكة المكرمة أو غيرها لإعلان البراءة من المشركين، فذلك بدعة لا أصل لها ويترتب عليه فساد كبير وشر عظيم، فالواجب على كل من كان يفعله تركه، والواجب على الدولة وفقها الله منعه؛ لكونه بدعة لا أساس لها في الشرع المطهر، ولما يترتب على ذلك من أنواع الفساد والشر والأذى للحجيج، والله سبحانه يقول في كتابه الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ولم يكن هذا العمل من سيرته - عليه الصلاة والسلام -، ولا من سيرة أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» . متفق على صحته. وقال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه في خطبة الجمعة أما بعد: «فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» أخرجه مسلم في صحيحه. وقال - عليه الصلاة والسلام -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» أخرجه مسلم أيضا، وقال - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: «خذوا عني مناسككم» . ولم يفعل - صلى الله عليه وسلم - مسيرات ولا مظاهرات في حجة الوداع، وهكذا أصحابه بعده رضي الله عنهم، فيكون إحداث ذلك في موسم الحج من البدع في الدين التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما الذي فعله - عليه الصلاة والسلام - بعد نزول سورة التوبة هو بعث المنادين في عام تسع من الهجرة ليبلغوا الناس أنه لا يحج بعد هذا العام - يعني عام تسع - مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، مع نبذ العهود التي للمشركين بعد أربعة أشهر إلا من كان له عهد أكثر من ذلك فهو إلى مدته، ولم يفعل - صلى الله عليه وسلم – هذا التأذين في حجة الوداع؛ لحصول المقصود بما أمر به من التأذين في عام تسع، والخير كله والسعادة في الدنيا والآخرة في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على سنته وسلوك مسلك أصحابه رضي الله عنهم؛ لأنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم وأتباعهم بإحسان، كما قال الله عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح والفقه في الدين والسير على منهج سيد المرسلين وأصحابه المرضيين وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ومن البدع في الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.



89 - منافع الحج

س: ذكر الله في كتابه الكريم أن هناك منافع في الحج فما هي هذه المنافع؟

ج: لقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه المنافع في قوله جل وعلا في سورة الحج بعدما أمر نبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ببناء البيت الحرام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}

ومن هذا ذكر بعض المفسرين رحمهم الله تعالى المنافع التي تحصل للحجاج: دنيوية وأخروية مما يشاهده ويحس به الفرد المسلم في نفسه وفي أمته. فمن المنافع الدنيوية التي يلمسها الناس البيع والشراء، ومكاسب أصحاب الحرف التي تتعلق بالحجاج والحركة المستمرة في وسائل النقل المختلفة، وفائدة الفقراء مما يدفع لهم من صدقات أو يقدم من ذبائح الهدي والضحايا والكفارات عن كل محظور يرتكبه المحرم، وتسويق البضائع والأنعام إلى غير ذلك مما يلمسه كل مسلم يشارك في الحج، ومن المشاهد أن الله سبحانه يسهل النفقة والبذل فيه على الإنسان حتى تجود يده بما لم يجد به من قبل في حياته العادية، علاوة على ما في الحج من التعارف فيما بين المسلمين والتعاون على مصالحهم.

أما المنافع الدينية التي تعود على الحجيج بالخير الجزيل من أعمال الآخرة فمنها: التفقه في الدين، والاهتمام بشئون المسلمين عموما، والتعاون على البر والتقوى، والدعوة إلى الله سبحانه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاستكثار من الصلاة والطواف وذكر الله عز وجل والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم والفوز بما وعد الله به الحجاج والعمار من تكفير السيئات، والفوز بالجنة، وتنزل الرحمة على عباد الله في هذه المشاعر العظيمة. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته فيقول: ما أراد هؤلاء؟» رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها.

وقال عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة متفق عليه. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» .. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.



90 - حج المصر على المعصية صحيح ولا بد من التوبة

س: ما حكم حج المصر على المعصية أو المستمر على ارتكاب صغيرة من الذنوب؟

ج: حجه صحيح إذا كان مسلما، لكنه ناقص ويلزمه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من جميع الذنوب ولا سيما في وقت الحج وفي هذا البلد الأمين ومن تاب تاب الله عليه؛

لقول الله سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الآية.

والتوبة النصوح هي المشتملة على الإقلاع عن الذنوب والحذر منها تعظيما لله سبحانه وتعالى وخوفا من عقابه مع الندم على ما مضى منها والعزم الصادق على ألا يعود فيها، ومن تمام التوبة رد المظالم إلى أهلها إن كان هناك مظالم في نفس أو مال أو بشرة أو عرض واستحلال أهلها منها.

وفق الله المسلمين لما فيه صلاح قلوبهم وأعمالهم ومن علينا وعليهم جميعا بالتوبة النصوح من جميع الذنوب إنه جواد كريم
 
رد: فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: محظورات الإحرام

طرح مفيد
الله يعطيك العافيه اخي الصبر
تقييمي واحترامي لك
 

اعضاء يشاهدون الموضوع (المجموع: 0, الاعضاء: 0, زوار: 0)

من قرأ الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

اعضاء قاموا بالرد في الموضوع (مجموع الاعضاء: 3)

عودة
أعلى