في بيتنا معاق

في بيتنا معاق
بدر سلطان العيسى - 2011-10-20



عبدالعزيز سعد المطوع حفيدي الأول وأكبر أحفادي سنا، إعاقته وراثية وبالكلام العلمي، كلام هذه الأيام، إن الإعاقة انتقلت لعبدالعزيز في جيناته التي أخذها عن عائلة والده. إعاقة عبدالعزيز كاملة ويطلَق عليها بالتعبير الطبي C.P بمعنى أن الجزء المخصص من الدماغ والمتعلق بالحركة والنطق معطل كلياً، أما التفاهم مع عبدالعزيز فيتم بتكرار السؤال أكثر من مرة، والجواب يكون بهز الرأس بحركة تدل على «لا» أو «نعم».

الرمز C.P هو اختصار لمجموعة من التلفيات تحدث في الدماغ، والتي من نتيجتها العجز الكامل الجسدي والعقلي، وعدم إمكانية التطور في تلك الأجزاء.

عُمْر عبدالعزيز الآن ثلاثة وعشرون سنة، ومنذ ولادته والمسؤول عنه والذي يحاول بصورة مستمرة جعل حياته سهلة ومريحة، هي والدته ـ ابنتي زهرة ـ وهي في واقع أمرها زهرة حقيقية على اسمها وعلاقتها بأبنائها الثلاثة وأصحابها وعلى رأس الكل ابنها عبدالعزيز.

لم تكف زهرة خلال ربع القرن المنصرم من حياة عبدالعزيز في العمل بدأب ومن دون كلل أو تعب لكل ما يخفف من معاناة ابنها ولكل ما قد يساعد على جعل حياته مقبولة بعض الشيء. أخذت زهرة ابنها لأميركا ثلاث مرات وعرضته على أكثر من دكتور متخصص لعل وعسى تجد بعض الأمل في أن ترى ابنها يسير على قدميه من دون مساعدة اثنين من الرجال لدعمه وجعله يحرّك رجليه، أو أن تسمع عبدالعزيز يتكلم بأكثر من عشر كلمات مختزلة بنصفها الأول أو ربعها الأخير، وعلى الرغم من معرفة زهرة أن أمل تحسّن ابنها ضعيف، فإنها لاتزال تبذل جهدها المتواصل لعل وعسى.

لقد تحوّل عبدالعزيز في عيشه وتحرّكه مركز اهتمام ابنتي زهرة، وبالتالي مركز اهتمامي كجد، وأنا لا أتردد في أن أعمل ما قد يساعد زهرة وابنها للشعور حتى ببصيص أمل فيما يأمله وفيما قد يحدث من تطور في وضع عبدالعزيز وفي إعاقته، وهي لا تكفّ ولا تيأس من الأمل، وهي لا تمل من التوجّه إلى السماء بالدعاء الصادر من قلب صادق في أن ترى أملها أو جزءا منه يتحقق.
فندق سبعة نجوم

قبل فترة ذكرت إحدى الصحف فكرة تحويل قصر السلام الواقع في المنطقة المواجهة لشارع السلام في الشويخ السكني (ب) والمقابل في جهته الشمالية إلى البحر، إلى مقر لكبار زوار الكويت وان يتم تحويله إلى فندق سبعة نجوم، وشكراً للمسؤولين الذين رفضوا هذه الفكرة من أساسها، لأن في الكويت ما يكفي من الفنادق لاستضافة كل الشخصيات والزعماء العرب، أما الأمر غير الموجود، والذي يحتاج إليه أكثر من عشرين ألف معاق كويتي هو وجود مستشفى متخصص لعلاج الإعاقة والمعاقين، فالموجود حالياً هي مستشفيات غير متخصصة تقوم بعلاج المعاق كعمل جانبي.

مساحة أرض قصر السلام عشرة آلاف متر مربع، وملاصقة له أرض ساحة العلم، وهي تعتبر مناسبة لمثل هذا المشروع الإنساني الذي يخدم أبناءنا المعاقين.
رحلة الأمل

لم أستطع أن أفهم الدوافع وراء هذه الرحلة إلى أميركا، والتي قد تستغرق أربعة عشر شهراً وتطوف بأكثر من بلد وتنتهي في نيويورك، فإذا كان الهدف من الرحلة هو القيام بالدعاية اللازمة وتحريك الحكومة للاهتمام بالمعاقين وتحسين أوضاعهم، فلا أعتقد أن وضع اثنين من أبنائنا ذوي الإعاقات الذهنية من فئات متلازمة داون أو التوحديين في باخرة تبحر إلى أميركا وإلى أماكن أخرى له أي معنى ما لم تكن فسحة للقائمين والمصاحبين للمعاقين، فإذا كان الغرض منها الترويح عن المعاقين نفسيا، فيجب أن يكون عدد المسافرين على هذه الرحلة هو العدد المساوي للمعاقين الحقيقيين في الكويت، أما إذا كان الهدف هو إبراز وجه الكويت الحضاري ونقل تجاربها في رعاية ذوي الاحتياجات إلى العالم، فلا أعتقد أنه سيكون مجدياً نقله بهذه الصورة، وإنما سيكون من الأجدى فيما لو تم نقل تجارب الكويت وإبراز وجهها الحضاري بالطرق المعتادة في توصيل هذه الصورة لدول العالم، والتي معظمها لديها من المعاقين ما يفوق الكويت ولديها من الاهتمام ما يتخطى اهتمام الكويت بالإعاقة والمعاقين بمراحل.
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لقوانين المنتدى)


المصدر : جريدة القبس
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى