اشعارات

جزائري يتحدى الفقر والإعاقة ويرفض التسول

alnour

New member
جزائري يتحدى الفقر والإعاقة ويرفض التسول

المصدر: الشروق الجزائرية
عُرف مبروك من بيضاء برج، شرق ولاية سطيف بالجزائر، بالرجل الذي يمشي على ركبتيه، أو الرجل الذي يتنقل باستعمال مطاط العجلات.

فهو الإسكافي الذي تحدى الفقر والإعاقة، وفضل كسب قوت يومه من عرق جبينه ولا يسأل الناس إلحافا، رغم وضعيته المعقدة.

مبروك عقنة، أدرك السادسة بعد الخمسين، وُلد بإعاقة في رجليه فلا يمكنه الارتكاز عليهما، ووجد نفسه مرغما على المشي على أربع فيستعين بيديه وركبتيه وإذا سار في الأرض لا يمكنه النظر إلى السماء. هذه الوضعية أثرت في صحته.

ونظرا إلى صعوبة الارتكاز على الأرض، اهتدى إلى فكرة استعمال مطاط العجلات الذي يربطه حول يديه وركبتيه. وعليه بعدها أن يشق الأرصفة والطرقات حبوا يزاحم أرجل المارة.

ورغم هذه الطريقة الشاقة في التنقل إلا أن عمي مبروك رفض البقاء في البيت أو مدَّ يديه للناس، بل أصرّ على العمل كإسكافي، وهي الحرفة التي اشتهر بها في المنطقة منذ حوالي 20 سنة، حيث استأجر محلا صغيرا بوسط مدينة بيضاء برج، وأضحى قبلة لكل من يريد إصلاح حذائه.

فهو يتقن عمله جيدا، والناس يقصدونه لخبرته وللسمعة الطيبة التي يحظى بها في المنطقة. لكن الإشكال بالنسبة إلى عمِّي مبروك يكمن في بعد المسافة بين مسكنه ومكان عمله، فهو يقطن على بعد 5 كلم من وسط المدينة وعليه كل يوم الانتظار على حافة الطريق. البعض يعطفون عليه وينقلونه معهم، وعليهم أن يساعدوه في ركوب السيارة، فلا يمكنه القيام بهذه المهمة بمفرده.

وفي هذا الشأن، يقول مبروك: "الحمد لله، سكان بيضاء برج طيبون ويعرفونني ولا يترددون في نقلي إلى العمل والبيت. لكن عند تساقط الأمطار تصعب المهمة فالأوحال تلطخني وأصحاب السيارات يخشون أن أوسخ كراسي سياراتهم، وبالتالي كلما تساقطت المطر أفضل المكوث في البيت والتوقف عن العمل"؛ فالمدخول اليومي للرجل ضئيل وفي الشتاء يكاد ينقطع، ورغم الفقر ووضعيته المعقدة، فإن الابتسامة لا تفارق شفتيه.

ولعمي مبروك في زواجه حكاية متميزة، فزوجته ريحانة التي استقبلتنا في بيتها تقول بأنها هي التي طلبت منه الزواج بها، فهي التي تقدم لها عرسانٌ في السابق ورفضتهم، اختارت بمحض إرادتها أن تتزوج مبروك فتحدَّت أهلها وأصرت على أن لا تتزوج إلا ذلك الرجل الذي يمشي على أربع.

وتقول بأنها لم تندم إطلاقا على هذا القرار بل العكس، صرحت لنا بأنها تسبح معه في جنة النعيم؛ فهي تستقبله بابتسامتها المعهودة وتحضِّر له الطعام وتتولى تنظيفه ورعايته، ولا تتردد إطلاقا في خدمته. ولا تكلّ ولا تمل وتقول إنها تحتسب الأجر على الله، ورغم الفقر تقول إنها أسعد امرأة.

ولا تتمنى في الوقت الحالي سوى بيت يأويها مع زوجها لأنهما يقطنان في منزل قديم حجري، لا توجد به سوى غرفة واحدة سقفها من خشب وأرضيتها إسمنتية. وأما زوجها فلا يريد سوى كشك يملكه ليواصل فيه العمل؛ فمبروك الذي يمشي على أربع يكاد يكون زاهدا في هذه الدنيا ويكفيه أن له زوجة رائعة ترعاه وجعل الله بينهما مودة ورحمة حقيقيتين.
 

عودة
أعلى