... حجة الوداع وواقعنا المعاصر...

رجآوي

عضو لامع
caa0d725d51a30f7cc206482d7a49759.jpeg


في العام العاشر من الهجرة خرج النبي للحج
- وخرج مع النبي في هذه الحجة ما يقارب(124000) مائة وأربعة وعشرون ألف نفس، وقيل : (144000) مائة وأربعة وأربعون ألفًا .
- في هذه الحجة المباركة، وقف وخطب في المسلمين خطبة عصماء سمعها جميع من كان في الحج بدون مكبر صوت
سمعها نحو 144 ألفا، فتحت أسماعهم حتى كانوا يسمعون ما يقوله النبي وهم في منازلهم





- إن هذه الخطبة التي ألقاها لا تستغرق إلا بضع دقائق، ولكنها أهم من خطب قد تستغرق ساعات .
ولا عجب في ذلك فصاحبها عليه الصلاة والسلام، أفصح العرب، وأوتي جوامع الكلم، واختصرت له المعاني اختصاراً .
فكان مما قاله :



1-
(( يا أيها الناس : اسمعوا قولي فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً )) .



سبحان الله: وكأنه كان يشعر بدنو أجله ولقاء ربه، لهذا كان حديثه حديث مودع محب مخلص ناصح، يريد الخير لأمته من بعده .


لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا النبي يودع أصحابه : لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا


- لذا سميت هذه الحجة بحجة الوداع لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتقل بعدها بوقت قصير إلى الرفيق الأعلى





و سبحان الله سميت بخطبة الوداع ورسول الله حي بين أظهرهم


يقول: عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما - : كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي بين أظهرنا ولا ندري ما حجة الوداع .


ويقول أيضا : فودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع . ومما قال في خطبته هذه





ومما قال النبيفي خطبته هذه







2- (( أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا )) .
نعم أعلن النبي حرمة الدم والمال حرمة صريحة


فهذه هي حقوق الإنسان الحقيقية، وليست المزيفة أو المزدوجة، دم المسلم حرام، أي مسلم إلا بالحق



{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء:93 ].


دماء المسلمين التي تسال في كل مكان في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير وأفغانستان حرام


وحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة بيت الله الحرام
أيا عباد الله.. لقد قامت الدنيا من أجل بضعت يهود ماتوا في الأحداث الأخيرة في الهند
وتتضامن الكفار بعضهم مع بعض فأرسل اليهود فرقة مدربة لإنقاذ إخوانهم، وتعرض أمريكا إمكانيتها لمساعدات الهند في تحرير المحتجزين

وصدق الله إذ يقول : والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير





- ومال المسلم حرام. أي مال مسلم، ولو كان شيئاً يسيراً


فقد قال : (( من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق. فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة .



قالوا: يا رسول الله: وإن كان شيئاً يسيراً قال: وإن كان قضيباً من أراك )) .
فأين هم الذين يعتدون على المسلمين فيسرقون أمواهم و ينهبونها؟
أين هم من هذا التهديد والوعيد؟ وما الذي سيفعلونه عندما يفضحهم الله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد؟
أن ثروات المسلمين تبدد وتضيع، والمسلمون يعيشون في ضنك من العيش،



ألا إن مال المسلم حرام .. ألا إن المال العام للمسلمين حرام














3-


ثم قال : (( يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى )) .



نعم مرة أخرى، يتحدث النبي عن حقوق الإنسان، وينبه إلى أن ميزان الحق الذي يوزن به الناس يوم القيامة هو ميزان التقوى،


لا ميزان الحسب والنسب والجاه والمال والشهرة، فكل هذا لا قيمة له في الإسلام .


والنعرات الجاهلية والتفاخر بها تعتبر من أقصر الطرق الموصلة إلى النار والعياذ بالله .

أخبرنا النبي أن : الناس رجلان: مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب .





4



- ثم قال : (( ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع،


ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ربيعة بن الحارث ،


وربا الجاهلية موضوع، وأول ما أضع ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله )) .






هكذا ينبغي على القائد أن يكون أول من يمتثل لأمر الله، ويعطي المثل العملي، فما أسهل القول، ولكن كما قالوا عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل


فبعما أنته الجزء النظري في الخطبة جاء الجزء العملي


فينبه على أن كل ما كانت الجاهلية تفخر به وتتمسك من تقاليد وعادات واستعباد للناس، والحكم بينهم بشرائع باطلة، كل ذلك أخبر النبي أنه موضوع تحت قدميه وأنه قد بطل ومات، وللأسف فهناك من الناس من يصر على أن يضع هذه الأغلال التي وضعها النبي تحت قدميه يصرون على وضعها فوث رأسهم وأعينهم، فالحكم في الدماء والأموال لله رب العالمين

قال تعالى




:{ وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة:49-50 ].


- وذكر رسول الله في خطبته عن الربا أنه يضخم ثروات الأغنياء على حساب الفقراء. وهذا ما نراه الآن فالدول المسماة بالدول الكبرى استغلت الربا في استعباد الدول الفقيرة، وأسرها، حتى تبقى مأسورة لها على مدى الأيام


نعم إن الحضارة المادية التي تقود العالم اليوم، لا تعرف إلا الحاضر والربح العاجل أما قوله تعالى :{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [ البقرة:280 ].


فهو حديث خرافة عندهم. لهذا فالاقتصاد العالمي القائم على الربا فشل وفشلت الرأسماليه بفضل الله وقد انهارت وبان عوارها لكل ذي عينين .
ونفس الكلام في الربا على مستوى الأفراد، فالبعض يتعامل بالربا ولا يبالي .
فلا سأل عن رأي الشرع في ذلك، ولا يعرف حكم الإسلام في تعاملاته المالية
وقليل من يفعل هذا رغم أن الأمر لا يحتاج إلى توضيح أكثر من قوله :

(( إن أبواب الربا اثنان وسبعون باباً أدناه كالذي يأتي أمه في الإسلام )) أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني في الصحيحة وقوله : (( درهم ربا يأكله الرجل أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية )) رجال الصحيح، الجمع (4/117)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1033





هل هناك ما هو أكثر من هذا الترهيب والوعيد، ولكن -{ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلاْبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ } [ الحج:46 ].



5- ثم قال :(( ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم (أسيرات) ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فادعو الله خيرا واستوصوا بهن )) .







الله أكبر: انظروا إلى تكريم الرسول للمرأة، بعد أن كانت لا قيمة لها في الجاهلية، بل كانت رمزاً للشر والخزي والعار،


فأكرمها الإسلام بنتاً وأختاً وزوجة وأماً .


فأكرمها بنتاً وأختاً فقال : (( ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سداً من النار )) وعنها زوجة يقول : (( خياركم خيركم لأهله )) ويقول : (( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ))
وعنها أماً قال : (( إن الله يوصيكم بأمهاتكم )) ثلاث مرات، صحيح، أخرجه أحمد
وقال لرجل أتى للجهاد وترك أمه قال له : (( الزم رجلها، فثم الجنة )) وقال لآخر : (( الزمها (أي أمك) فإن الجنة تحت أقدامها ))
وليس هذا فقط، بل إن المرأة في ظل الإسلام كالرجل في الثواب والعقاب؟ ومطلق المسؤولية والجزاء .
وجعل لها حق البيع والشراء والتملك، بل وجعلت النفقة والكفالة على أبيها أو ولي أمرها إن كانت بكراً أو ثيباً، وجعل على زوجها النفقة إن كانت زوجة، حتى ولو كانت من الثريات، وغير ذلك كثير .
لكن الكثير يتجاهلون هذه الوصايا العظيمة ولا يعملون بها. بل إن بعض الرجال لا يزال يتعامل مع النساء بعقلية الجاهلية، لا ترى المرأة منه إلا الظلم والإهانة والتحقير لها .
والمصيبة العظمى أن البعض من النساء يعتقدن أن هذا يحدث لهن بسبب الدين، وهذا والله افتراء عظيم، فما من دين أنصف المرأة كما أنصفها الإسلام .


فلقد عهدنا المرأة أيام كان الإسلام مزدهراً . عهدناها فقيهة محدثة كأم المؤمنين عائشة، ومربية فاضلة كأسماء، وشاعرة مجيدة كالخنساء. ومجاهدة تلطم وجه الشرك وتصدع أعوان البغي كخولة. هكذا كانت المرأة المسلمة وما نزلت قيمتها وما أهبت وما ضيعت حقوقها إلا عندما قيل لها: تحرري وتطوري: إذا أردت الحضارة فاتركي الدين، واختلطي بالرجال وارفعي الحجاب، فضاعت المرأة المسلمة في كثير من بلاد المسلمين، فاختلطت وغنت ورقصت وتبرجت فصارت طعماً للذئاب الجائعة، والكلاب المفترسة، ولا حول ولا قوة إلا بالله .






الثانية: الحمد لله كما يحب ربنا ويرضا


لك الحمد من قبل ومن بعد وأشهد أن لا إله إلا الله. صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده. وصلاة وسلاماً على رسولنا الكريم ...


ثم يختم النبي حديثه بقوله :

6




- (( فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن تمسكتم به، كتاب الله وسنة رسوله ))



سبحان الله إنه يوصيهم وهو يودعهم، وهم يواجهون الحياة بعده، فيقول لهم: لستم وحدكم، معكم كتاب الله وسنتي، ميراث لا يعدله ميراث، فاحذروا التهاون به، فمن فعل ذلك -{ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَاء فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ ٱلرّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ }- [ الحج:31 ].


ثم وضع العلاج للناس من جميع المشاكل التي قد تعترض حياتهم، إنه في مصدرين لا ثالث لهما. ضمن لهم عند الاعتصام بهما الأمان من كل شقاء وضلال، وهما: القرآن والسنة، والرسول يتقدم بهذا التعهد والضمان إلى جميع الأجيال المتعاقبة من بعده .


إن صلاحية التمسك بهذين الدليلين ليس مقصوراً على عصر دون عصر، أو جيل دون جيل، بل هما صالحان لكل زمان ومكان. لهذا نحن نرى كثيراً من المسلمين اليوم وبسبب تفريطهم في اتباع الكتاب والسنة، يعانون من الهزائم والتخلف والإحباط. فهم لا يخرجون من فشل إلا دخلوا في فشل آخر وسيستمرون في فشلهم هذا حتى يعودوا إلى الله عودة صادقة حقيقية ويعملوا بالكتاب والسنة كما أمر الله .
وبعد أن انتهى من الخطبة العظيمة نادى في الناس قائلاً :

7- (( إنكم ستسألون عني فما أنتم قائلون؟ ))





فارتفعت الأصوات من حوله تصرخ وتقول: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت


فرفع النبي نظره إلى السماء وأشار بسبابته إلى السماء ثم إلى الناس قائلاً :(( اللهم أشهد، اللهم أشهد، اللهم أشهد ))






ونحن نقول اليوم: نشهدك يا الله بأن رسولك ونبيك محمد قد بلغ وأدى ونصح، فجزاه الله خير ما يجزي نبياً عن أمته .


وإذا كان نبينا قد قضى حياته بطلاً مجاهداً صابراً مرابطاً، وترك بعده أصحابه الأبطال والذين قدموا أرواحهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله وفي سبيل نصرة هذا الدين، وفي سبيل أن يصل إلينا نقياً صافياً .












فما الذي فعلناه نحن؟


هل عرفنا قيمة ديننا؟


هل عملنا له؟
هل دعونا لله؟
ماذا قدمنا في سبيله؟
هل جاهدنا بأموالنا وأنفسنا؟


هل. . وهل؟






أسئلة كثيرة تدور في عقولنا، ولكن لا نملك إجابة عليها، بسبب تقاعسنا وكسلنا عن نصرة ديننا .



فهل يدفعنا ما ذكرنا على لسان نبينا على أن نغير من أحوالنا إلى ما يحبه الله ويرضاه، نرجو ذلك ونتمناه .
 
رد: ... حجة الوداع وواقعنا المعاصر...

با ابي وامي انت يارسول الله
 
رد: ... حجة الوداع وواقعنا المعاصر...

جزاك الله خيرا
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 5)

عودة
أعلى