حكم الغناء وآلات الطرب


حكم الغناء وآلات الطرب

بقلم
خالد أبو مريم


مقدمة : إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل لـه ومن يضلل فلا هادي لـه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد : إن الإستماع إلى المعازف والمزامير وسائر آلات اللهو وجميع ما يتعلق بها من الأحكام قد بينها الشارع الحكيم بيانا جليا لا يماري فيه إلا جاهل أو معاند متبع لهواه , ولقد ظن كثير من الناس خصوصا في الوقت الحالي أن المعازف والمزامير مما لم يحكم فيه لا بالحظر ولا بالأمر مما يدخله في إطار المباح , ونحن نعلم يقينا أن هذا القول ليس صادرا ممن لـه علم وتفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم , إذ هذا مما ثبت تحريمه كتابا وسنة وإجماعا , وفي عرض بيان هذا الحكم سنأتي بآيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة مع تعقيب على ذلك ببعض النصوص لبعض العلماء ممن حكى الإجماع على تحريم المعازف وآلات اللهو بصفة عامة , فأقول وبالله التوفيق :
& قال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمان بن يزيد بن جابر حدثنا عطية ابن قيس حدثنا عبد الرحمان بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف , ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم , يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون إرجع إلينا غدا , فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ) . البخاري وأبو داود
& قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثمن الخمر حرام , ومهر البغي حرام , وثمن الكلب حرام والكوبة حرام , وإن أتاك صاحب الكلب يلتمس ثمنه فاملأ يده ترابا , والخمر والميسر وكل مسكر حرام ) .
الألباني في الصحيحة ج 4 ـ ص 422
& عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم , فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال أتشتهين تنظرين ؟ فقلت نعم , فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول دونكم يا بني أرفدة , حتى إذا مللت قال حسبك قلت نعم قال فاذهبي)
البخاري : كتاب العيدين .
& عن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات , يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير) .
ابن ماجة في كتاب الفتن وأحمد [ 5ـ342 ] والبيهقي [ 10ـ221 ] .
& عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف , فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور ) .
الترمدي في كتاب الفتن والألباني في الصحيحة .
& عن جابر بن عبد الله عن عبد الرحمان بن عوف قال : ( أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلقت معه إلى إبراهيم ابنه وهو يجود بنفسه , فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره حتى خرجت نفسه , قال : فقلت تبكي يا رسول الله وأنت تنهى عن البكاء , قال : إني لم أنه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين , صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان , وصوت عند مصيبة لطم وجوه وشق جيوب , وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم , لولا أنه وعد صادق وقول حق وأن يلحق أولنا بآخرنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا , وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون , تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ) .
الحاكم في المستدرك [ 4 ـ 69 ] .
& ( عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن بنات أخيها أختن فقيل لعائشة ألا ندعوا لهن من يلهيهن , قلت بلى , فأرسلت إلى عدي أو أعرابي فأتاهن فمرت عائشة في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربا فقالت عائشة , أف شيطان أخرجوه , أخرجوه ) .
البخاري في الأدب المفرد ص 116 والبيهقي في السنن الكبرى [ 10 ـ 223 ] .
& عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تبيت طائفة من أمة على أكل وشرب ولهو ولعب , ثم يصبحون قردة وخنازير فيبعث على حي من أحيائهم ريح فتنسفهم كما نسفت من كان باستحلالهم الخمور وضربهم بالدفوف و اتخاذهم القينات ) .
أحمد [ 5 ـ 259 ] والألباني في الصحيحة [ 4 ـ 136 ] .
& عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة , مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة ) عزاه الألباني في الصحيحة إلى الرباعيات لأبي بكر الشافعي وإلى الضياء في المختارة .
& عن محمد بن حاطب الجمحي قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف ) المسند [ 4 ـ 259 ] .
الترمدي والنسائي فيكتاب النكاح .
& عن إسحاق بن عيسى الطباع وهو ثقة من رجال مسلم قال : سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال إنما يفعله عندنا الفساق .
& كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه : ( ...... وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام , ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جمة سوء )
أخرجه النسائي في سننه وأبو نعيم في الحلية بسند صحيح .
& كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده يأمره أن يربيهم على بغض الملاهي والمعازف فقال : ( ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمان , فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء , ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه ) .
أخرجه إبن أبي الدنيا في دم الملاهي [ ق ـ 6/1 ] .
& قال ابن الجوزي قال الطبري : فقد أجمع علماء الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه , وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالسواد الأعظم فإنه من شد, شد في النار وقال : ( من فارق الجماعة مات ميتة الجاهلية ) . تلبيس إبليس : ص 230 .
& قال ابن حجر الهيتمي : الأوتار والمعازف كالطنبور والعود والصنج أي ذي الأوتار والجنك والكمنجة والسنطير والدريج وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسفاهة والفسوق وهذه كلها محرمة بلا خلاف , ومن حكى فيها خلافا فقد غلط أو غلب عليه هواه حتى أصمه وأعماه , ومنعه هواه وزل به عن سنن تقواه .
& قال الإمام أبو العباس القرطبي وهو الثقة العدل : أما المزامير والأوتار والكوبة فلا يختلف في تحريم سماعها , ولم أسمع من أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج الشهوات والفساد والمجون وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا في تفسيق فاعله وتأثيمه . كتاب كف الرعاع [ 2 ـ 306 ] .
& قال الله سبحانه وتعالى : ] واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا[
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : قيل هو الغناء , قال مجاهد باللهو والغناء أي إستخفهم بذلك , وقال بن عباس في هذه الآية : كل داع دعا إلى معصية الله عزوجل .
وقد قال إبن تيمية في كتابه مقدمة أصول التفسير: قال الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به , ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره .
& قال الله سبحانه وتعالى : ] ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين [ , قال ابن مسعود في هذه الآية : هو والله الغناء , وروى إبن جرير عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية فقال ابن مسعود : الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات , وكذا قال إبن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمروا بن شعيب وعلي بن بذيمة , وقال الحسن البصري نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير. تفسير ابن كثير: سورة لقمان الآية 6 .


برئـنا إلى الله من معــــشر بهم مرض من سماع الغنــــا

وكم قـلـت يا قوم أنتم عـلى شفا جرف ما به من بنـــــا

شـفا جـرف تـحـت هـوة إلى درك كـم بـه مـن عنــا

وتكرار في النصح منا لــــهم لـنعـذر فـيـهـم إلى ربنــا

فـلـما اسـتـهـانـوا بتنبيهنا رجـعـنـا إلى الله في أمـرنـا

فــعشنا على سنـة المصـطفى ومـاتوا على تـنـتـنا تـنتـنا

إبن القيم : إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان [ 1 ـ 226 ]

والحمد لله رب العالمين
الموضوع في ملف وورد من هنا
ط*ظƒظ… ط§ظ„ط؛ظ†ط§ط،.doc



المزيد...
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى