هموم ذوي الإعاقة.. مسئولية الجميع

alnour

عضو جديد
هموم ذوي الإعاقة.. مسئولية الجميع

تحقيق - نادية صبحي:
المجتمع مسئول عن ذوي الاحتياجات الخاصة وشبكات من الحماية الاجتماعية لابد أن تلقي ظلالها على ملايين من ذوي الاعاقة، من أجل مساندة مجتمعية لكل الافراد الذين يعيشون على أرض هذا الوطن.

مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة والتوجهات الحديثة في رعايتهم، أمر لابد أن تستمر المناقشات حوله بأساليب علمية دقيقة، وفي هذا السياق كان المؤتمر الدولي الأول الذي عقد بجامعة الفيوم على مدى ثلاثة أيام ليناقش أكثر من 25 بحثاً علمياً في حضور نخبة من الاساتذة والخبراء في كافة المجالات المعنية والمتخصصة في شئون ذوي الاحتياجات الخاصة، ليكون خطوة على طريق منح ذوي الاعاقة حقوقهم وتفهم قضاياهم بعيداً عن الشعارات والمتاجرات الرخيصة بهموم اكثر من 15 مليون مواطن واسرهم يبحثون عن قنوات اتصال حقيقية وفعالة مع المجتمع الذي يعيشون فيه.
القدرة على حل المشكلات المعرفية لدى أم الطفل المعاق.. بحث من أهم الابحاث التي ناقشها مؤتمر جامعة الفيوم تحت رعاية الدكتور خالد اسماعيل رئيس الجامعة وبرئاسة الدكتور فريد حيدر.

أمهات المعاقين
ام الطفل المعاق تعاني ضغطاً نفسياً يجب وضعه في الاعتبار ومن هذا المنطلق جاء البحث الذي اعدته الدكتورة ايمان صبري رئيس قسم علم النفس وخلود عويس، المدرس المساعد بكلية التربية، سلط البحث الضوء على التعرف على طبيعة العلاقة بين القدرة على حل المشكلات وأساليب مواجهة الضغوط لدى امهات الاطفال المعاقين مع الوضع في الاعتبار الفروق بين اطفال التوحد والاعاقات الذهنية أو العقلية، ومن أهم النتائج التي أسفرت عنها الدراسة التي طبقت على 30 أم بأن الامهات يستخدمن أساليب متعددة في مواجهة هذه الضغوط كما لا توجد علاقة ارتباطية بين القدرة على حل المشكلات وأساليب المواجهة، لا توجد فروق بين امهات الاطفال المعاقين لغوياً وذهنياً في المقدرة على المواجهة مع فن أساليب مواجهة الضغوط وتناول بحث آخر بمشاركة هناء يوسف المعيدة بقسم علم النفس، أكد وجود تأثير قوي للاعاقة الجسدية على صورة الجسم وجاء بالبحث أن استئصال الثدي أو الرحم نتيجة الاصابة بسرطان الثدي او الرحم يمثلان اعاقة جسدية للمرأة لما يترتب عليه من آثار نفسية وعضوية تفوق المرأة على ممارسة حياتها الطبيعية والقيام بدورها البيولوجي والاجتماعي، وأسفرت الدراسة التي اجريت على 30 سيدة خضعن لاستئصال هذه الاعضاء.
أنه لا توجد فروق ذات دلالة احصائية بين المرأة المعاقة جسدياً نتيجة استئصال الثدي أو الرحم، ووجود علاقة عكسية بين صورة الجسم والتوافق الزوجي لدى هؤلاء السيدات، بالاضافة الى انخفاض صورة الجسم لديهن.
وناقش بحث آخر عن تحمل الامهات لأطفال متأخرين عقلياً للضغوط الناجمة عن ذلك وثبت أن تحمل الامهات يختلف باختلاف درجة اعاقة الطفل وجنسه والمرحلة العمرية له.

بين الجاهلية والاسلام
كانت نظرة المجتمع الجاهلي للمرضى والمعاقين نظرة ازدراء وسخرية فهم كم مهمل لا فائدة منه ومن هذه المجتمعات من يقضي باعدام الاولاد المشوهين او المعاقين عقب ولادتهم أو تركهم في الصحراء طعاماً للوحوش والطيور وقد جاء الاسلام ليصحح هذا المسار الخاطئ في تعامل البشرية من ذوي الاعاقة، وأكد الدكتور محسن محمد علي الاستاذ بكلية دار العلوم، وأن الاسلام كرم ذوي الاحتياجات الخاصة فلقد قال الله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر» ولقد كانت تلك الحادثة التي وقعت لعبدالله بن أم مكتوم وهو رجل اعمى جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وكان عنده أكابر القوم يدعوهم الى الاسلام فأعرض عنه فنزلت في حقه آيات عتاب رقيق للنبي صلى الله عليه وسلم لتثبت للجميع ان ذوي الاعاقة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع وأن العناية بهم وتقديم الخدمات المتميزة لهم هي مبدأ من مبادئ الاسلام الخالدة وقد اشار كثير ممن كتبوا في تاريخ رعاية المعاقين بجهود المسلمين في هذا الجانب واتهم اول من قدم اتجاهات وخدمات ايجابية نحو ذوي الاعاقة.
بات من المؤكد أن الاعلام يلعب دوراً مباشراً في خدمة قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وتهميشها وهذا ما أكده الدكتور صابر حمد وهو أول كفيف يحصل على الدكتوراه في الاعلام في مصر والعالم العربي وأكد الدكتور حمد أن للاعلام دوراً كبيراً في التثقيف ونشر الوعي بكافة قضايا حقوق الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقال: إن فئة ذوي الاعاقة تمثل ركيزة كبري في المجتمع وتولى الدولة اهتماماً ملحوظاً بحقوقهم وقضاياهم مثل الحق في التعليم والرعاية الصحية والزواج والعمل.
وأوصى الدكتور صابر محمد بضرورة زيادة فترات البرامج المعنية بالاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في الاعلام الرسمي والخاص وإعداد الكوادر من القائمين بالاتصال يتوافد لديهم الوعي والخبرة بقضايا حقوق الانسان وحقوق الاشخاص من ذوي الاعاقة وادماج بعض القادرين منهم علي المشاركة في تلك البرامج، ومؤكداً ان البحث الذي اجراه على عينة من البرامج في الاعلام المسموع والمرئي اوضحت أن اكثر القضايا التي تناولها هذه البرامج هي قضايا المكفوفين والاشخاص ذوي الاعاقة الحركية والذهنية، ونبه الدكتور صابر حمد الى أهمية الاعلام «المسموع» بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة وقال: إن الدراسة الميدانية اكدت أن اكثر من 77٪ من عينة الدراسة يستمعون للإذاعات المصرية، مشيراً الى أن قضايا حقوق الانسان كانت في مقدمة الاهتمامات التي يبحث عنها ذوو الاعاقة في الاعلام بكافة صوره.

دمج ومسئولية
ليس الاعلام وحده شريكاً في الخدمة، والتوعية بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة لكن هناك مسئولية اجتماعية تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني نحو الاطفال تحديداً من ذوي الاعاقة ومن هنا يؤكد الدكتور سليم عبد الغني الاستاذ بقسم التنمية والتخطيط بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة الفيوم على أن قطاع المجتمع المدني اصبح يشكل مساحة كبرى في هذه القضية لكونه يعمل على التحسين من مستوى المعيشة والارتقاء برفاهية المجتمع فبإمكان أي منظمة اجتماعية تعزيز فرص نجاحها في المجتمع من خلال زيادة الاهتمام بدور اجتماعي لها لتصبح المسئولية الاجتماعية جزءا من استراتيجية العمل داخل المنظمات الاجتماعية الأهلية للتفاعل مع البيئة المحيطة وأوصى الدكتور عبد الحميد باتجاه عدة خطوات من اجل تفعيل هذا الدور اهمها وضع سياسة للعمل الاجتماعي نحو الاطفال المعاقين بحيث تشارك مؤسسات المجتمع المدني بالتنسيق مع الجهات الحكومية ومشاركة فعالة للقطاع الخاص وكذلك التنسيق بين الجمعيات الأهلية بحيث تعمل كوحدات متكاملة لتبادل الخبرات ومنع الازدواجية والتكرار في الأنشطة والخدمات التي تقدمه الجمعيات في خدمة ذوي الاعاقة، وبناء القدرات الادارية والتنظيمية لهذه الجمعيات بحيث تسمح للكوادر الشابة لتحمل عبء العمل الاجتماعي، كما يجب تشجيع الجمعيات والمؤسسات الاهلية على مسايرة التغيرات الاقليمية والدولية من خلال وضع اجندة قومية مستقبلية تركز على قضايا الاطفال المعاقين.
من أهم القضايا التي تهم ذوو الاحتياجات الخاصة والتي تلقي كافة المؤتمرات المعنية الضوء عليها هو الشعور بالاندماج والتوافق المجتمعي والتعرف على طبيعة المشكلات التي يعاني منها ذوي الاعاقة من أهم الطرق التي يتم التعرف عليها من خلالها، فالمشكلات التي تقف عقبة امام ذوي الاعاقة الحركية على سبيل المثال قد تؤدي الى الشعور الدائم بالنقص الناشئ عن القصور العضوي وهذا ما اكدته الدكتورة ايمان صبري رئيس قسم علم النفس ورانيا جمال المعيدة بنفس القسم من خلال بحث اجرى على 60 فرداً من الجنسين من ذوي اعاقات حركية «شلل - بتر - نقص قدم» وثبت أن هناك فروقاً دالة احصائية بين المعاقين حركياً والأصحاء في كل ابعاد نوعية الحياة ما عدا ما يخص العلاقات الاجتماعية وكانت الفروق لصالح الاصحاء، كما ظهرت فروق في نوعية الحياة باختلاف الحالة الاجتماعية اي الزواج من عدمه وكذلك باختلاف المهنية وظائف حكومية أو اعمال حرة، وثبت أن اصحاب المهن الحكومية يتمتعون بصحة نفسية اكثر من غيرهم.

رعاية نفسية
تحديد معنى الاعاقة في مجتمع من المجتمعات يتوقف على معلوماتنا عن الاعاقة والضغوط السياسية والاجتماعية بالمجتمع وهما عاملان يتأثران ببعضهما ولا يمكن تناول احدهما بمعزل عن الآخر وتتأثر المعلومات التي نجمعها عن الاعاقة وكيفية فهمها واستخدامها بالضغوط السياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الى حد كبير.. وعن الاتجاهات الحديثة في الرعاية الاجتماعية والنفسية للمعاقين أكد الدكتور عرفات زيدان الاستاذ بقسم طرق الخدمة الاجتماعية ان هناك ما يشبه الاتفاق بين العلماء على وجود عدة عوامل يؤدي توافرها الى تغيير نظرة المجتمع نحو معني الاعاقة ومفهومها وفلسفة رعاية المعاقين وتتمثل هذه العوامل في الاتجاه المتطور السريع نحو التضيع وزيادة التحضر وما واكب ذلك من تغيير طبيعة العمل من الريف الى الحضر الى المجتمع الصناعي وتطور التعليم وانتشار الوعي وثورة الطب واكتشافاته المتوالية لأمراض تعوق صاحبها لم تكن معروفة من قبل، كل هذه العوامل ساعدت في تغيير مفهوم المجتمعات عن الاعاقة حتى أصبحت مجتمعات القرن الحالي من ارتفاع نسبة الاعاقة بها وفقاً للمفاهيم المعاصرة وخصوصاً بين الاطفال اكثر من ذي قبل بسبب الفقر وأمراض سوء التغذية وانخفاض مستويات الصحة داخل المجتمع المتحضر. كذلك تطور ادوات القياس النفسي والعقلي مما ساعد على مفهوم واضح للاعاقة مثل مقياس بينية Bient للذكاء على التمييز بين التلاميذ الذين يستطيعون الاستفادة من نظام التعليم العادي وبين هؤلاء الذين يحتاجون الى نظام تعليم خاص سواء كانوا عباقرة او ضعاف العقول.
ويشير الدكتور عرفات الى وجود عدة عوامل حديثة في رعاية المعاقين منها الاكتشاف المبكر، التوجيه المهني تنمية القدرات الاستثنائية لدى المعاق، جمع كافة الخدمات التي يحتاجها المعاق في مؤسسة واحدة بدلاً من الانتقال من مؤسسة لأخرى كذلك الرعاية النفسية والاجتماعية لذوي الاعاقة وتطوير ادوات القياس النفسي والعقلي والقياس السيكومتري مما ساعد على تحديد مفهوم واضح للاعاقة.

شهادات حية
من اكثر المزايا التي جمعها المؤتمر الدولي لجامعة الفيوم حضور نخبة من المتميزين من ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة المجالات العلمية والثقافية ونشطاء حقوق الانسان في هذا المجال وقد أكد الدكتور ابراهيم عمارة استاذ مساعد الاعلام بجامعة طنطا على ضرورة تحديث طرق التدريس والمناهج للطلاب المعاقين فيما طالب الدكتور وجيه الشمس بحتمية الاستفادة من جهود متحدي الاعاقة وضرورة تهيئة المناخ المناسب لهم.
من جهته أكد فوزي تاج الدين، مسئول الاتصال بالمؤتمر، ضرورة العمل على رفع معاناة متحدي الاعاقة في مصر وتضافر جهود مختلف الهيئات للتمكين المجتمعي الشامل لذوي الاعاقة.
وأوصى المؤتمر بإحدى وعشرين توصية من اجل دمج وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من اهمها توفير الامكانات التعليمية اللازمة بالكليات الجامعية المختلفة التي يمكن بها تعليم فئة ذوي الاعاقة، كذلك تفعيل نسبة تشغيل متحدي الاعاقة الـ 5٪ بالوظائف المناسبة بالدولة طرح برامج تدريبية جديدة للعاملين في مختلف التخصصات بكافة المؤسسات التعليمية والاجتماعية والطبية، ضرورة الاهتمام بالتخطيط السليم للمناهج الدراسية واساليب التقويم وارتباطها بالاهداف الخاصة لمتحدي الاعاقة واعداد الكوادر العلمية القادرة على التعامل الامثل معهم، فتح قناة رسمية متخصصة في التليفزيون المصري تبث إرسالها مخاطبة متحدي الاعاقة واسرهم وأوصى المؤتمر بضرورة تطبيق معايير الجودة على البرامج والخدمات التي تقدم لذوي الاعاقة وانشاء مجمع خدمات في كل محافظة لتقديم الخدمات التي يحتاجونها وتخصيص جزء من المقررات والبرامج الدراسية بالمدارس والجامعات لبيان حقوق ذوي الاعاقة وكيفية التعامل معهم.
http://alwafd.org/تحقيقات-وحـوارات/968516-هموم-ذوي-الإعاقة-مسئولية-الجميع
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى