حو التربية: إرشاد علاجي عن الكذب01

نحو التربية: إرشاد علاجي عن الكذب01


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربي ومولاي وكفى
وصلاة وسلاما على الخليل المصطفى

قرأت هذه الدراسة فأعجبتني جدا، لعلاقتها بموضوع يهم كل أب وأم، ولاتصالها بخلق صار يؤرق علاجه ويرهق المربين، ألا وهو الكذب
وإن كانت الدراسة متجهة نحو العمل المدرسي إلا أن جوانبها المعرفية والتربوية شاملة محتوية لجميع المحاضن التربوية
ولطول الدراسة فقد تصرفت فيها بحذف بعض المقاطع وتغيير بعض الألفاظ، ثم قسمتها لمقالتين خوف ملالة القارئ ولتكون الأولى كالممهدة للثانية ومقدمة لها

إرشاد علاجي عن الكذب (المقالة الاولى)

مقدمة:
الصدقُ من الصفاتِ الحميدة التي حثَّنا الإسلامُ على التحلِّي بها، والصِّدقُ من أهمِّ أسبابِ حُبِّ الناس للشَّخص، ونحن الآن في أمَسِّ الحاجة إلى التحلِّي بالصِّدقِ، ولما كانت الطُّفولةُ هي صانعة المستقبل؛ فطفلُ اليوم هو رجلُ الغد، كانت الوسيلة الوحيدة لإصلاحِ الجيل المقبِل من الشَّبابِ، والنُّهوض به - هي العنايةُ بالطُّفولة في الجيلِ الحاضر.
ويُعدُّ العمل الإرشادي الطُّلابي من الدَّعائمِ الرئيسة للمدرسةِ المعاصرة، ولَمَّا كانت مقاصدُ العملِ الإرشادي استثمارًا للطَّاقاتِ، وتنميةً للقوى البشرية التي تعدُّ محورَ اهتمامِ الدولة؛ فإنَّ من الطبيعي أن يقومَ بهذا العمل مَن هو قادرٌ على القيامِ به وَفْق ما خُطِّط له، وأن يكون على قدرٍ من الكفاءةِ لِمُمارسةِ هذا العمل التخصُّصي والإنساني.

أولاً - موضوع الإرشاد:
إرشاد علاجيٌّ عن الكذب.

ثانيًا - أسباب الإرشاد:
1- حثُّ الإسلامِ على التحلِّي بالصدق.
2- تنمية السُّلوكياتِ الحسَنة لدى الطِّفل.
3- تقديم قُدوات إيجابيَّة؛ لكي يَقتدي بها الطِّفل.

ثالثًا - أهداف الإرشاد:
1- مُواجَهة هذه المشكلة (الكذب) لدى الأطفال.
2- تدريبهم على التحلِّي بالصِّدقِ دائمًا؛ مهما كانت النتائج.
3- الوصول بالطِّفلِ إلى حالةٍ من الصحةِ النفسيَّة، والسَّعادة وهناء النفس.
4- حثُّ الطفلِ على قولِ الصِّدق، وترغيبه في ذلك.
5- توضيح أمثلةٍ لأناسٍ تحلَّوا بالصِّدقِ، فكافأَهم الله على ذلك؛ حتى نتَّخِذَهم قدوةً لنا في حياتنا.
6- إرشاد الأطفالِ إلى الأخلاقِ الكريمة.

رابعًا - البرنامج العلاجي:
أولاً - إطار نظري عن الكذب:
الكذب هو أن يخبر الإنسان عن شيء بخلافِ الحقيقة، ويكون إمَّا بتزييفِ الحقائق جزئيًّا أو كليًّا، أو خَلْق رواياتٍ وأحداث جديدة، بنيَّةِ وقصدِ الخداع؛ لتحقيقِ هدفٍ معين، وقد يكون ماديًّا أو نفسيًّا أو اجتماعيًّا. وهو عكس الصِّدق، والكذب فعلٌ محرَّم في جميعِ الأديان، والكذب قد يكون بسيطًا، ولكن إذا تطوَّرَ ولازم الفردَ، فعند ذلك يكون الفردُ مصابًا بالكذبِ المرضي، وقد يقترنُ بعدد من الجرائم؛ مثل الغشِّ والنصب والتزوير والسرقة، وقد يقترنُ ببعض المهن أو الأدوار، مثل الدبلوماسية أو الحرب النفسية الإعلامية أو التسويق.

أسباب الكذب:
يوجد العديدُ من الأسبابِ التي تدفع النَّاسَ إلى الكذبِ، ومن أهمِّ هذه الأسباب:
1- الخوف من العواقب.
2- اكتساب فوائد.
3- تجنُّب ذكرياتٍ مؤلِمة.
4- الخيال الخصب.
5- الحفاظ على المكانةِ الاجتماعية، وحب الظهور.
6- العداء للآخَرين؛ فيتَّهمونهم، أو يقذفونهم، أو يصِفونَهُم بصفاتٍ كاذبة.
7- الاعتياد على الكذبِ والتربية عليه.
8- الشعور بالنَّصرِ على من يكذب عليه.

علامات تَظهر على الكاذب:
1- زيغ البصر: يتعمَّدُ الكاذبُ دائمًا إزاغةَ بصَرِه أثناء الحديث.
2- استخدام كلماتٍ قليلة: يستخدمُ الكاذبُ أقلَّ عددٍ ممكن من الكلماتِ، وهو في الحقيقةِ يفكِّرُ فيما يقول من أكاذيب، وهناك أيضًا كاذبون ينهجون العكسَ؛ لِيُربكوا المستمعَ، ويثبتوا أنهم صادقون.
3- التكلُّف العصبي: يميلُ الكذَّابُ إلى تكلُّفِ منظر الجادِّ، لا سيَّما في وجهه، إلا أنه يَكشفُ نفسَه ببعضِ الحركات اللاإراديَّة؛ كمسحِ النَّظارةِ، ولمس الوجه... إلخ.
4- التَّكرار: الكذَّابُ يميل عادةً إلى استخدامِ نفس الكلماتِ مراتٍ متتالية، وكذلك نفس المبرِّرات.
5- التعميم: يحاولُ الكاذبُ تجنُّبَ مسؤولية أفعالِه، باستخدامِ أسلوبِ التعميم؛ كأن يسأل المديرُ الموظَّفَ عن سببِ التأخُّر، فيرد الموظف: "كلُّ الموظفين يتأخَّرون، حركة المرور سيِّئة".
6- تجنبُ الإشارةِ إلى الذَّات: يتجنَّب الكذَّابُ عادةً استخدامَ كلمة (أنا)، ويقول بدلاً منها: (نحن، النَّاس، معظم).
7- إطلاق كلماتِ الاستخفاف بالآخرين: يميلُ الكذَّابُ إلى أن ينسبَ للآخرين تصرفاتٍ وأقوالاً رديئة، خصوصًا رذيلة الكذب التي هو مصابٌ بها، كما أنَّه سريعُ النسيانِ، وقد يَفضحُ نفسَه بنفسِه من كثرة مواقف الكذب التي عاشها، ويُناقضها أحيانًا.
قلت: وكما قالت العرب قديما "إذا كنت كذوبا؛ فكن عقولا"

نتائج الكذب:
تُعدُّ أهمُّ النتائج الاجتماعيَّة للكذبِ فقدان ثقةِ الآخرين في الشَّخصِ الكذَّاب، والتشكيكَ في جميعِ أقواله وأفعاله.

الكذب في الإسلام:
يحرِّم الإسلامُ الكذب، جاء في القرآن: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28]، وقولُ الله تعالى في سورة الحج: ﴿ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 30]، وكان الكذبُ هو أبغضَ الأخلاق إلى رسول الإسلام محمَّد بن عبدالله؛ فعن ‏عائشة بنتِ أبي بكر: ‏"ما كان خُلقٌ أبغضَ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ‏من الكَذب، ولقد كان الرَّجل يكذب عنده الكذبة، فما تَزال في نفسه حتَّى يعلم أنه قد أحدثَ منها توبةً".‏‏(1)
والكَذِب من خصال المُنافق، كما يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أربعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خُلَّة منهنَّ كانت فيه خلَّة من النفاق حتَّى يدعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا عاهد غدَر، وإذا وعدَ أخلف، وإذا خاصم فجَر)).(2)

أعظم أنواع الكذب:
يُعدُّ أعظمَ أنواع الكذب في الإسلام هو الكذبُ على الله وعلى رسوله، ويكون الكذب على الله بتحليل حرامٍ، وتحريم حلال، فقولُ الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]، ويقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ومن كذب عليَّ متعمدًا فلْيَتبوَّأ مقعده من النَّار)).(3)

متى يجوز الكذب؟
يُبيح الإسلامُ الكذبَ في ثلاث حالات فقط، وهي:
1- الكذب للإصلاح بين المتخاصِمين.
2- الكذب على الأعداء في الحروب.
3- الكذب لإرضاء الزوجة.
والدليل على ذلك قولُ أمِّ كلثوم بنت عقبة: ما سمعتُ رسولَ الله ‏‏ يرخِّص في شيءٍ من الكذب إلاَّ في ثلاث؛ كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((‏لا أعدُّه كاذبًا: الرجل يُصلِح بين الناس؛ يقول القول ولا يريد به إلاَّ الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرَّجل يحدِّث امرأتَه والمرأة تحدِّث زوجها)).(4)

والكذب صفةٌ لدى غالبيَّة الأطفال، وإن كانت طبيعيَّةً في صغار السنِّ؛ نتيجةَ الغموض القائم في ذهنِه، وعدم التَّمييز بين الحقيقة والخيال، وفي كيفيَّة تطوُّر الكذب عند الطِّفل يقول الخُبَراء: في عمر الثَّلاث أو الأربع السَّنوات، يكتَشِف الولد أنَّ هناك خيارًا جديدًا في الحياة، وهو أنَّه يستطيع ألا يقول كلَّ شيء! بعدها يكتشف أنَّه بإمكانه أن يقول أشياءَ غير موجودة (مثل اختراع القصَّة)، إنَّ الانتقال من الاكتشاف الأوَّل إلى الاكتشاف الثاني مرتبطٌ بشكل وثيق جدًّا بتطوُّر النُّطق؛ فالكذب عند الطِّفل هو تأكيدٌ له أنَّ عالَمه الخيالي الداخليَّ يَبقى له هو، ومِلكَه الشخصيَّ، من هنا تأتي رغبتُه في ألا يقول كلَّ شيء، وأن يُخفي بعض الأشياء عن الآخرين، وبما أنَّ الطفل في هذه المرحلة لا يَملك القدرة الذهنيَّة لتمييز العالم الحقيقيِّ من العالم الخيالي، آخذين بعين الاعتبار النَّمط السريع لتطوُّر النطق المرافق لهذه المرحلة، نفهم لماذا يستمتع الطِّفل باختراع وتأليف القصص أمام الآخرين.
لكن في عمر الستِّ والسبع السَّنوات، يبدأ الولد بالتَّمييز بوضوحٍ بين الصَّواب والخطأ في مُحيطه، وهذا أمرٌ طبيعي في مجرى التطوُّر الأخلاقيِّ عند الإنسان؛ ففي مثل هذا العمر تترسَّخ الأخلاق والقِيَم الاجتماعية الصَّالحة بشكلٍ وطيد، وهكذا يتعلَّم الطفل من ناحيةٍ أنَّ قول الحقيقة شيءٌ مرغوب فيه اجتماعيًّا، ومن ناحيةٍ أخرى يتعلَّم أنَّ الكذب قد يُساعده في الدِّفاع عن نفسه في ظروفٍ معيَّنة، والطِّفل يتعلَّم الصِّدق من المحيطين به إذا كانوا يُراعون الصِّدق في أقوالهم وأعمالهم ووُعودهم، والطِّفل الذي يعيش في بيتٍ يَكثر فيه الكذب لا شكَّ أنه يتعلَّمه بسهولة، خصوصًا إذا كان يتمتَّع بالقدرة الكلاميَّة واللَّباقة، وخصوبة الخيال؛ لأنَّ الطِّفل يقلِّد مَن حوله، فيتعوَّد منذ طفولته على الكذب، والكذب سلوكٌ مكتسَب، وليس سلوكًا موروثًا، وهو عند الأطفال أنواعٌ مختلفة، تختلف باختلاف الأسباب الدَّافعة إليه.
منقول
وللحديث معكم بقية
ان بقي في العمر بقية
------------------------------
1) قلت: أخرجه أحمد 6/ 152 ط الميمنية. انظر الصحيحة 5/ 80 ح2052
2) قلت: أخرجه البخاري برقم 34. ومسلم برقم 106
3) قلت: أخرجه البخاري برقم 110. ومسلم برقم 3
4) قلت: أخرجه أبو داود برقم 4921. انظر الصحيحة 2/ 83 ح545

{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ



منقول(89)
}
 
رد: حو التربية: إرشاد علاجي عن الكذب01

جزاكم الله خير
 
رد: حو التربية: إرشاد علاجي عن الكذب01

[align=center]يعطيك العافية على النقل الجميل [/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى