حواسيب للمكفوفين بلغة برايل

حواسيب للمكفوفين بلغة برايل







إعداد: حسني ثابت وعبد الرحمن عثمان

كانت لغة “برايل” إلى وقت قريب أفضل وأسهل الطرق فى القراءة والكتابة للمكفوفين، والمعروفة بـ “أبجدية النقاط البارزة” والتى ابتكرها العبقرى الفرنسى “لويس برايل” وكان لها الفضل فى إتاحة التعليم لأجيال كثيرة ممن فقدوا حاسة البصر بالرغم من اختلاف لغاتهم، حيث يمكنهم القراءة والكتابة باستخدام أدوات مُعينة، ومع استمرار التطور التكنولوجى أمكن التوصل إلى سُبل أسهل وأسرع للقراءة والكتابة للمكفوفين وذلك باستخدام الحاسبات الإلكترونية من خلال برامج مُعينة تناسب المكفوفين بل وضعاف البصر.

بعد مرور ما يقرب من 200 عام على ميلاد “لويس برايل”، مازالت أبجدية النقاط البارزة التى ابتكرها للتغلب على فقد بصره تؤثر فى حياة المكفوفين فى جميع أنحاء العالم، فهناك أدباء وشعراء وعلماء ممن فقدوا حاسة البصر أمكنهم التغلب على هذه الإعاقة ليقدموا نماذج يُحتذى بها على مستوى العالم فى الإرادة والعزيمة وتحدى الإعاقة.

لم تكن طريقة برايل الطريقة الوحيدة للكتابة البارزة، فقد كان هناك طرق أخرى مثل طريقة كتابة الحروف العادية ولكن بالبارز، وطريقة أخرى تستعمل فيها خطوط ومنحنيات بارزة، إلا أن سهولة طريقة “برايل” وبساطتها أدت إلى إندثار جميع الطرق الأخرى.

سيرته الشخصية

ولد “لويس بريل” في إحدى القرى الصغيرة قرب العاصمة الفرنسية باريس في الرابع من يناير 1809.

فقد لويس بريل بصره وهو في عمر 3 سنوات عندما فقأ أحد عينيه بالخطأ بواسطة مثقاب (أو مخرز) من ورشة عمل والده، ثم فقد بريل بصر عينه الثانية بسبب عدوى أصابتها في العام التالي.

عندما بلغ عمره 10 سنوات، حصل بريل على منحة تعليمية إلى معهد للمكفوفين في باريس. كانت الأوضاع في المعهد سيئة حيث لم يكن يحصل الطلاب في العادة على أكثر من الخبز والماء للطعام، وأحيانا كانت تساء معاملتهم كنوع من العقاب.

كان بريل طالباً متفوقاً في المعهد وخصوصاً في دروس الموسيقى حيث أجاد العزف على آلتي الكونترباس والأورج، وهذا مكنه من الاشتراك في الحفلات الكنسية عبر مختلف مُدن فرنسا.

كان يوجد في المعهد نظام كتابة مخصص للمكفوفين ابتكره مؤسس المعهد فالنتين أيوي، تطبع فيه الحروف بأشكالها العادية ولكن بحجم كبير على ورق سميك، تضغط على الورق من جهة فتبرز من الجهة الأخرى ويلمسها الكفيف بإصبعه لقراءتها. هذا النظام كان له الكثير من السلبيات إذ لم يكن نظاماً عملياً لنشر الكتب. ولم يكن المعهد يحتوي سوى على 14 كتاب بذلك النظام، قرأها لويس بريل جميعها.

في عام 1821 قام ضابط في الجيش الفرنسي اسمه شارل باربيار بزيارة للمعهد، أبلغ خلالها لويس بريل بأنه ابتكر طريقة جديدة مُشفرة للكتابة يستطيع بها الجنود التخاطب فيما بينهم في الأمور السرية بدون الحاجة للكلام، وهي تعتمد على استخدام أشكالا من النقاط البارزة أقصاها اثنتي عشرة نقطة على ورق سميك، لكل منها دلالة كلامية.

واجه بريل صعوبة في فهم تلك الكتابة، وبدأ في نفس ذلك العام بالعمل على اختراع طريقة كتابة جديدة، وانتهى في عام 1824 وهو بعمر 15 سنة. استخدم بريل في نظامه الجديد 6 نقاط فقط كرموز لحروف، بينما استخدم باربيار 12 نقطة كرموز لأصوات،
وقام بريل لاحقاً بتوسيع نظام كتابته ليشمل رموز الرياضيات والموسيقى. نُشر أول كتاب بنظام كتابة بريل في عام 1829.

ورغم أن بريل أصبح مدرّساً في المعهد لم يتم اعتماد نظام كتابته الجديد رسمياً فيه في فترة حياته حيث توفي عام 1852 وهو بُعمر 43، اعتُمد النظام رسمياً في فرنسا في عام 1854، أي بعد وفاة بريل بعامين.

في 1954 -الذكرى المائة لوفاته- أقيم احتفال كبير له في فرنسا ونقل رفاته إلى “مقبرة بانتيون لعظماء فرنسا” كتكريم لجهوده في اختراع نظام كتابة بريل.


لغة برايل

وهو نظام كتابة عالمي يستخدمه الأشخاص المكفوفون، أو الذين يعانون من ضعف حاد في البصر. كتابة بريل تقرأ بتمرير الأصابع على حروف مكتوبة بنتوءات بارزة (من واحد إلى ست نتوءات)، وقد تم تبني هذا النظام تقريبا في كل اللغات المعروفة.

تعمل طريقة “برايل” على تحويل الحروف الهجائية فى أى لغة إلى نظام حسى ملموس من النقاط البارزة، لتكون بديلاً لتلك الحروف الهجائية، فإذا كانت هناك لغة للصُم والمعروفة بلغة الإشارة، فهناك لغة محسوسة لفاقدي البصر أيضاً تسمى “لغة برايل”، وهى عبارة عن نقاط بارزة مرتبة على شكل مستطيل أو يمكن أن نقول عليها خلية مستطيلة بين كل نقطة والأخرى مسافة صغيرة، وتتكون كل خلية من هذه الخلايا من ستة نقاط [أفقياً نقطتان - رأسياً ثلاثة] ويمكن أن تستخدم نقطة واحدة فى الخلية أو أكثر، ترقم النقاط 1, 2, 3 رأسيا من الجانب الأيسر، وباقي الأرقام 4 ,5 ,6 رأسيا أيضاً من الجانب الأيمن، وتتكون اللغة بأكملها من 63 نقطة بارزة بترتيب متسلسل من سبعة أسطر:

• السطر الأول: يتكون السطر الأول من النقاط 1 ,2 ,3 ,4 ,5.
• السطر الثاني: يتكون السطر الثاني بإضافة النقطة 3 للسطر الأول.
• السطر الثالث: يتكون السطر الثالث بإضافة النقطتين 3 ,6 للسطر الأول.
• السطر الرابع: يتكون السطر الرابع بإضافة النقطة 6 للسطر الأول.
• السطر الخامس: يتكون السطر الخامس بتكرار السطر الأول ولكن في الجزء السفلي من الخلايا مستخدماً النقاط 2, 3 , 4 , 5، 6
• السطر السادس: يتكون السطر السادس من النقاط 3 , 4 , 5، 6
• السطر السابع: يتكون السطر السابع من النقاط 4 , 5 , 6.

العوامل المؤثرة على القراءة بطريقة برايل

تنقسم العوامل المؤثرة على استخدام طريقة برايل للقراءة إلى نوعين أساسيين هما: العوامل المتعلقة بالفرد نفسه والعوامل المتعلقة بالبيئة.

أولا: العوامل المتعلقة بالفرد

العمر: يبدأ الطفل المُعاق بصريا بتعلم القراءة قبل سن السابعة بقليل ويظهر التحسن في عملية القراءة بعد سن التاسعة، وفي حوالي سن الحادي عشرة يستطيع الطفل السيطرة على ميكانيكية القراءة، وتتوفر لديه القدرة على استخدام برايل كوسيلة للتعليم، ومن لا يستطيع إظهار الكفاية المطلوبة في سن الثانية عشرة يحتاج إلى تطوير مزيد من مهارات القراءة ذات العلاقة بالاستعدادات للقراءة المناسبة وتعلم القراءة اللمسية له علاقة بالنضج اللمسي والمهارات الحركية الدقيقة الضرورية لقراءة برايل.

الذكاء: هناك حاجة إلى مستوى عادي على الأقل من الذكاء لقراءة برايل فالذكاء يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على الأداء القرائي.

الإدراك اللمسي: وهناك علاقة قوية بين القدرة على تمييز الأشياء لمساً والذكاء والقدرة على قراءة برايل، فهناك حاجة إلى تطوير مهارات التمييز اللمسي، والتعرف اللمسي على الأشكال وتمييز درجة الخشونة والحجم فذلك يهيئ الطفل للقراءة المقبولة.

القدرة اللغوية: هناك علاقة قوية أيضا بين اللغة والتحصيل القرائي فقد أشارت بعض الدراسات أن الإيماءات في السياق كالقواعد ونهايات بعض الكلمات واللغة بتسلسل الأحرف يساعد في عملية القراءة. إن قدرة الفرد على استغلال هذه الإيماءات تعتمد على قدرة الفرد اللغوية ولا بد من التنبه إلى أن الطفل الكفيف يتطور من حيث النمو اللغوي كالآخرين ولكنه يحتاج إلى بعض الوقت الزائد، ولذا قد تتأثر القدرة على تعلم برايل في مرحلة الطفولة وخاصة في مرحلة البدء في تعلم القراءة.

ثانيا: العوامل البيئية

تمييز خصائص برايل: إن الأطفال المكفوفين منذ الولادة يتعلمون استخدام حاسة اللمس للتمييز الدقيق منذ وقت مبكر في حياتهم، أما بالنسبة لمن يفقد بصره فيما بعد فإن الإدراك اللمسي لديه ينمو بصورة ضعيفة.

نظام برايل: إن استخدام تعقيدات كثيرة في اختبارات برايل يؤدي إلى عرقلة تطور القدرات القرائية وقد يؤدي إلى الفشل في قراءة برايل.

التعزيز: في المراحل المبكرة من تعليم برايل قد يُصاب الفرد بالفشل والخوف من الاستمرار في القراءة بطريقة قد يراها صعبة لذا قد يلعب التعزيز المناسب للطفل دوراً إيجابياً في تجاوز الصعوبات والشعور بالراحة والنجاح.

طريقة التدريس يجب أن تتفق الطريقة مع قدرة الفرد ومستواه التعليمي وذكائه، ومن أهم الاعتبارات هنا هو الالتزام بالطريقة التي يستخدم فيها الطالب أصابعه للقراءة، فكما أشير سابقاً إن أفضل الطرق هي استخدام أصابع كلتا اليدين مع التركيز على إدراك النقط البارزة بالسبابتين، أما استخدام يد واحدة والضغط الشديد على النقاط فيقلل من فاعلية القراءة.

الكمبيوتر والكفيف

كان الحاسب بالنسبة للكفيف ولفترات قريبة شيء من المستحيل تعلمه، ولكن مع التطور العلمي والتكنولوجي أصبح من الممكن لـه أن يتعامل مع جهاز الحاسب بسهولة وذلك بعد اختراع شاشة البرايل الخاصة به حيث أصبح بإمكانه بواسطتها أن يرى كل ما هو موجود على شاشة الكمبيوتر وبمساعدة البرامج الناطقة زادت سهولة استعمال الكفيف للكمبيوتر.

وكانت بداية ظهور البرامج الناطقة في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عقد الثمانينات من القرن العشرين من قبل شركة Syntha voice وتلتها شركات Hinter Joyce وArkenStone وOut Spoken ، وقد أنتجت هذه الشركات برامج لقراءة الشاشة ولقراءة المستندات لأجهزة الحاسب الشخصي سواء من إنتاج IBM أو APPLE وهي برامج JAWS “Job Access with Speech” , Open Book وoutspoken for Windows and Mac وASAP and ASAW .

وكانت هذه البرامج تعمل في البداية على أنظمة التشغيل دوس DOS ، ثم نظام نوافذ ميكروسوفت windows 3.1، ومع ظهور برنامج windows 98 تقلص عدد البرامج الناطقة لصعوبة برمجتها على نوافذ تعتمد على الجرافيك والصور، والأمر المهم هنا هو أن جميع هذه البرامج كانت تتكلم بلغات أجنبية تصل إلى أربعين لغة لم تكن العربية من بينها .

في عام 1996 بدأت شركة صخر في تطوير برنامج الآلة القارئة الذي ينطق باللغة العربية، وخرجت نسخته التجريبية الأولى في عام 1998 كقارئ للمستندات فقط على نظام windows 98.

وفي عام 2000 قامت شركة مايكروسوفت بتزويد برنامج الويندوز 2000 ببرنامج Narrator وهوناطق يساعد الكفيف على الاستعمال الأساسي لعمليات الكمبيوتر، وكان هذا يحمل الأمل للكفيف لأنه يسهل عليه اقتناؤه لرخص سعره، ولكن ومع الأسف الشديد فإن هذا البرنامج لا يتكلم إلا اللغة الإنجليزية، وبناء عليه فإن الطالب العربي لا يستطيع أن يكتب أو يقرأ أي شيء باللغة العربية من خلاله، إضافة إلى أن هذا البرنامج لا ينطق كل ما هو على شاشة الكمبيوتر بل هناك بعض الأمور والأماكن يقوم بتجاوزها، لذلك فإن استعمال هذا البرنامج لا يتعدى أساسيات الكمبيوتر.

وبعد ظهور الإصدار الثاني من برنامج صخر المُسمى بالآلة القارئة الذي سُمى بعد ذلك باسم برنامج “إبصار ” ظهرت برامج أخرى تنطق بالعربية مثل “الهال” و “فيرجو” و “جوس” وهي برامج ممتازة إذ تمكن الكفيف من استعمال الكمبيوتر إلى درجة الاحتراف.

وهناك فروق واضحة بين هذه البرامج في القدرة على قراءة الأشياء والشاشات المختلفة طبقا لطريقة عملها وجودة صوتها.

أما مستخدمو أجهزة Mac (الماكنتوش) العرب فليس لديهم حتى الآن الحظ في برامج قراءة باللغة العربية، رغم أن الشركة أَدْمجت في نظام تشغيلها برنامجا للقراءة باللغة الإنجليزية يفوق في إمكانياته برنامج “”Narrator المُدمج في نظم ويندوز، ويُسمى برنامج “Tiger Voice Over” .

وفي نفس الوقت ظهرت برامج لتسهيل استخدام ضعاف الإبصار للحاسب لعل أشهرها Zoom Text, magic ثم البرنامج الملحق بنظام تشغيل ويندوز المُسمى Magnifier .

وتعتمد فكرة هذه البرامج على تكبير مكونات شاشة القراءة من كلمات وأيقونات بحيث يتمكن ضعيف البصر من قراءة هذه المحتويات بسهولة واختيار وضبط الألوان والخلفيات بل وتباين الألوان التي تتوافق مع قدراته البصرية، بل وفي حالة الضعف الشديد تزود النسخ المتقدمة من هذه البرامج بقارئ للشاشة يُدمج مع مكبر الحروف فيجعل الأمر أكثر يسراً وسهولة.


تصفح الانترنت

ساهمت التكنولوجية الحديثة فى مُساعدة المكفوفين وضعاف البصر على القراءة عبر الانترنت، والتعامل مع البريد الإلكترونى والتواصل مع الآخرين، بل ومُساعدتهم على التدريب الذاتى والتعرف على كل ما هو جديد فى عالم الكمبيوتر وزيادة قدراتهم وكفاءاتهم من خلال التدريب الذاتى باستخدام برامج مختلفة دون مُساعدة الآخرين، مع المُحافظة على استقلالية وخصوصية المستخدم والاعتماد على الذات.

وبإمكان ضعاف البصر استخدام أدوات وأجهزة تعديل الحروف وأحجامها حتى تتناسب مع إمكانيات كل شخص، حيث يمكنهم استعمال أدوات وأجهزة تكبير الحروف والتباين العالى لشاشة الكمبيوتر، حيث يتم عرض النصوص على شاشة كبيرة فى صورة ناصعة مُكبرة، وبتباين أكثر حدة بين الحروف وخلفية الشاشة، كما يمكن تعديل مقاس الحروف لتتلاءم مع الاحتياجات الفردية للمتدرب.

وقد أظهرت استطلاعات الرأى أن 80 % من المعوقين فى العالم يستخدمون شبكة الانترنت بشكل دورى، حيث أصبح الإنترنت بالنسبة للمعوقين وسيلة اتصال هامة، لأنها تتيح لهم فرصاً جديدة على الصعيد المهنى والاطلاع على العالم والتواصل مع الآخرين.

(المصادر: مشاركات متنوعة من موقع التربية الخاصة، وموقع جمعية أصدقاء الكفيف، كتاب “مبادئ الحاسب الآلي للمكفوفين وضعاف البصر”، ود ب أ، ووكالات)
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى