خاطرة عن الامل

محمد عابد

عضو جديد


jygw1q8t.jpg

دعانا الإسلام إلى الأمل والتفاؤل ونبذ التطير والتشاؤم ، ولقد كانت من عادات العرب قديماً التشاؤم بالأسماء وقبلها فكانوا يقلبون الأسماء تطيراً وتفاؤلاً فكانوا يسمون اللديغ سليماً باسم السلامة وتطيراً من اسم السقم ، ويسمون العطشان ناهلاً أي ينهل ، والنهل الشرب تفاؤلاً باسم الري ، ويسمون الفلاة مفازة أي منجاة تفاؤلا بالفوز والنجاة ولم يسمونها مهلكة لأجل الطيرة.


والتطير له أثره السيئ على حياة الإنسان وعلى جميع تصرفاته ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال : " ليس منا من تطير ولا من تُطير له أو تكهن ، أو تُكهن له ، أو سحر أو سحر له " إسناده حسن .


وقال صلى الله عليه وسلم :- ( لا طيرة وخيرها الفأل ..قالوا :- وما الفال ؟ .. قال :- الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) أخرجه البخاري في الطب 10/214 ، مسلم ( 2746) .


ومن ظواهر قوة الإدارة التفاؤل بالخير ، وصرف النفس عن التشاؤم ، لأن التشاؤم عنصر نفسي سئ ، يبطئ الهمم عن العمل ، ويشتت القلب ، ويميت روح الأمل ، وأما التفاؤل فإنه يجعل الإنسان يشعر بالسعادة ، وأنت إذا تفاءلت بالنجاح والتفوق وجدته ، فتفاءل وفكر بالنجاح ، فإن التفكير الإيجابي تنتج عنه أعمال إيجابية .


قال الشاعر : وليد الأعظمى :-


كن رابط الجأش وارفع راية الأمل *وسر إلى الله في جد بلا هزلِ


وإن شعرت بنقص منك تعرفه *فخذ روحك بالقرآن واكتملِ


وحارب النفس رافعاً غوايتها *فالنفس تهوى الذي يدعو إلى الزللِ


وعليك بالأمل فالأمل : " قوة دافعة تشرح الصدر للعمل ، وتقوى دواعي الكفاح من أجل الواجب وتبعث النشاط في الروح والبدن ، وتدفع الكسول إلى الجد والمداوم على الجد والزيادة فيه " القرضاوى : الإيمان والحياة ص 64


وعرف بعضهم الأمل بأنه :- شعور مصاحب للنشاط الإنساني المثمر ، فهي ليست تجربة لحظة من لحظات الذروة تندفع صاعدة لتهبط فجأة ولكنها أقرب إلى حالة وجود متصل على ربوة رحبة ، حالة شعورية تصاحب التعبير المثمر على جوهر القرارات الإنسانية للإنسان .ومن الآثار الطيبة للتفاؤل والأمل : الأمن والسكينة ، والسعادة النفسية وأما فقدان الأمل فإن آثاره وخيمة على الإنسان منها :-


1- السخط لقضاء الله وقدره .


2- الإحباط .


3- ضعف القلوب .


4- ضعف العزيمة .


5- الأحجام عن معالي الأمور .


6- تفويت الفرص .. راجع : محمد عبد الله: الأمل وأثرة في حياة الأمة ص 70 وما بعدها .


ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على بث روح الأمل والعزيمة والتفاؤل في نفوس أصحابه ، فهذا هو خباب بن الأرت يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسط برده عند الكعبة ليشكو له ما فعله المشركين بالمسلمين ، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل قبلكم كان يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ،


وينشر بالمنشار فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ، والذي نفسي بيده ليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى " حضر موت " لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون " . رواه البخاري برقم 3612 ، وأحمد 5/11 ، 6 / 395 .


وقال صلى الله عليه وسلم مبشراً أمته بالنصر والتمكين ، وباعثاً فيهم روح الأمل والتفاؤل :- ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا دخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز به دين الإسلام ، وذلاً يذل به الكفر ) رواه أحمد في مسنده 4/103 ، والطبراني في الكبر والحكام وهو صحيح على شرط الشيخين.


وقال - أيضاً – فيما رواه عنه أبى بن كعب :- " بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة ، والتمكين في الأرض فمن عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له الآخرة من نصيب " رواه أحمد في مسنده 5/134 .


وقد بشرنا الله تعالى بهذا الأمل في كتابه الكريم فقال تعالى :- ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مؤمنين ) سورة آل عمران : أية : 139.


فاعلم أن الأمور إذا ساءتك أوائلها سرتك أواخرها كالسحاب أوله برق ورعد وآخره غيث وخير عميم.


إذا اشتملت على اليأس القلوبُ* * * وضاق بما به الصدر الرحيبُ


و أوطنت المكاره واطمأنت * * * وأرست في أماكنها الخطوبُ


ولم تر لانكشاف الضر نفعاً * * * وما أجدى بحيلته الأريبُ


أتاك على قنوط منك غوث* * * يمن به اللطيف المستجيبُ


وكل الحادثات وإن تناهت * * * فموصول بها فرج قريبُ


ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر ، وهذا يدل على تفاؤله ، وصحته النفسية العالية ، وصفت السيدة عائشة ضحكه صلى الله عليه وسلم فقالت : ( كان جُل ضحكه التبسم بل كله التبسم ) كتاب ابن القيم : زاد المعاد ج1 ص 46 .


ولقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على ذلك . سئل النخعي رحمه الله هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال نعم ، و الإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي .


وأما ورد في النهى عن كثرة المزاج فذلك لم يكن مخالفاً لدعوة الإسلام إلى التبسم والتفاؤل ، إنما نهى عن المزاح الذي يذهب الهيبة ، ولا يكون له داعٍ أو سبب .


إذ إن كثرة المزاح والمداومة عليه تقسي القلب ، و تذهب الهيبة ، وتحط من قيمة الإنسان ، وتجعله مجالاً للسخرية والاستخفاف من قبل الآخرين ، كما أنه يوقعه في الزلل والخطأ وكثرة الهفوات .


فالوسيطة والاعتدال في كل شئ أمر حث عليه الإسلام ويبقى الأمل رائدا للنفس المسلمة الصحيحة .


أعلل النفس بالآمال أرقبها * * * ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل



فإذا ما ضاقت بك الحياة أو عضك اليأس فقل : غدا تغرد العصافير , وإذا لم تغرد فقل :بعد غد تغرد العصافير .

إذا اشتملت على اليأس القلوبُ* * * وضاق بما به الصدر الرحيبُ


و أوطنت المكاره واطمأنت * * * وأرست في أماكنها الخطوبُ


ولم تر لانكشاف الضر نفعاً * * * وما أجدى بحيلته الأريبُ


أتاك على قنوط منك غوث* * * يمن به اللطيف المستجيبُ


وكل الحادثات وإن تناهت * * * فموصول بها فرج قريبُ


 
رد: خاطرة عن الامل

طرح رائع يعطيك العافيه
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 4)

عودة
أعلى