خلل العظم (Osteoporosis)

لخل العظم (Osteoporosis) هو الاصطلاح الطبي الدال على انخفاض كثافة العظام, أي ترققها. وتصبح العظام الرقيقة هشة, مما يؤدي إلى سهولة تعرضها للكسر, وخصوصا عظام العمود الفقري, والرسغ, والفخذ.

وبالرغم من أن كثافة العظام تنخفض بصورة طبيعية بعد سن الأربعين في الرجال والنساء على حد سواء, إلا أن النساء يتعرضن لفقد كثافة العظام بسرعة أكبر بعد الإياس. ويعد تخلخل العظم عملية فيزيولوجية مصاحبة للتقدم في العمر (Aging).


معدلات انتشار تخلخل العظم:
يعد تخلخل العظم, كمرض, أكثر انتشارا من أمراض القلب والداء السكري والصدمات مجتمعة!... ويصيب المرض نحو 10 ملايين شخص سنويا في الولايات المتحدة وحدها, وقد يكون السبب الرئيسي في 1.7 مليون من الكسور التي تعاني منها النساء المتقدمات في السن. وفي المملكة المتحدة, تشير الإحصائيات إلى أن تخلخل العظم سبب رئيسي في 60,000 كسر في عظم الورك و50,000 كسر في النهاية القاصية من الذراع و40,000 حالة مشخصة سريرياً من كسور العمود الفقري سنوياً.
وتنفق المملكة المتحدة حوالي 750 مليوناً من الجنيهات الإسترلينية سنوياً على عمليات استبدال أو إعادة عظم الورك للسيدات المسنات.
أما في دولة الكويت, فتشير الإحصائيات إلى أن ما يقارب من 80 ألف من السكان, إما مصابون بالمرض, أو هم عرضة للإصابة به, وهو رقم كبير مقارنة بعدد السكان.
ورغم شيوع هذا المرض وما يجلبه من إعاقة لكثير من المسنين والمسنات في كثير من دول العالم, إلا أن هذا المرض يمضي في أغلب الأحيان غير مشخص ولا يعرف عنه المريض شيئاً. وتأتي حادثة بسيطة, كسقطة عادية في الحمام أو لطمة خفيفة على أسفل الذراع, فتكشف عنه بعد إجراء تصوير بالأشعة السينية أو التعريض لأشعة فائق الصوت (Ultrasonography).


عوامل الإصابة بتخلخل العظم:
تختلف العوامل التي تزيد من معدلات الإصابة بتخلخل العظم باختلاف العادات الغذائية لشعوب العالم, كما يلعب العِرْق (Race)دوراً في الإصابة بهذا المرض, حيث أن أفراد الجنس القوقازي (Caucasians) أو الآسيوي معرضون أكثر من غيرهم للإصابة به.
وبالإمكان تفصيل هذه العوامل إلى النقاط التالية:
1- بنية الجسم النحيفة لها دور; حيث أنه لوحظ أن قلة من السيدات البدينات يصبن بهذا المرض. وهذا الأمر ليس غريباً حيث أن الشحم الإضافي يساعد على تكوين الفيتامين "D" الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم وبالتالي يساعد على زيادة صلابة العظم.
2- تلعب العادات الغذائية للشخص دورا في الإصابة بالمرض, وخصوصا نقص تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم والفيتامينات وخصوصا فيتامين "D".
تدخين السجائر; فإدمان النيكوتين يقلل بصورة مباشرة من هرمون الإستروجين في المرأة وهرمون التستوستيرون في الرجال, ويؤدي نقص أيهما إلى تسارع معدل تحلل العظام ونقص كتلتها.
4- وجود تاريخ عائلي (مثل الأخت أو الأم أو الخالة) للإصابة بالمرض.
5- حدوث الإياس في سن مبكرة: حيث يؤدي نقص هرمون الإستروجين إلى تسارع هدم وتحلل العظام, أي ترققها, حيث أن هذا الهرمون يقلل من تحلل العظام.
6- نقص هرمون الذكورة (التستوستيرون: Testosterone) في الرجال: ويؤدي هذا إلى تأثير مماثل, مما يزيد من احتمالية الإصابة بتخلخل العظم مع التقدم في العمر.
7- بعض الأمراض الهرمونية: حيث تؤدي بعض أمراض الغدد الدرقية والكظرية والنخامية إلى اختلال هرموني, وتسارع في معدلات تحلل كتلة العظام. وكذلك فإن مرضى الداء السكري معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بتخلخل العظم, وذلك نتيجة لنقص هرمون الإنسولين (Insulin) الضروري لاستقلاب السكر في الجسم.
8- تناول بعض الأدوية: يؤدي استخدام دواء الكورتيزون ومشتقاته لفترات طويلة إلى الإضرار بكتلة العظام ويسارع في هدمها وتحللها, وكذلك فإن بعض الأدوية المستخدمة في علاج الصَرَع (Epilepsy) تؤدي إلى تأثير مماثل.
9- عدم ممارسة التمرينات الرياضية: الحركة هي العنصر الرئيسي لصحة العظام وتوازن أملاحها ومعادنها, وتلعب ممارسة الرياضة دورا حيويا في التقليل من معدلات تحلل العظام. ويؤدي عدم تحريك العظام لفترات طويلة, كما يحدث في حالات الكسور مثلا, إلى فقدان تلك العظام لنحو 20% من كتلتها. ولذلك فإن الحياة الخاملة (Sedentary life) التي لا تتم فيها ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام, تكون مصحوبة بارتفاع معدلات الإصابة بتخلخل العظم في منتصف العمر.
وهناك عوامل سريرية قد تزيد من احتمالات الإصابة بتخلخل العظم بالإضافة إلى العوامل المذكورة آنفاً, وتتلخص في ما يلي:
1- الإياس المبكر(قبل سن الخامسة والأربعين) المحرّض (Induced) طبيعياً, أو جراحياً, أو إشعاعياً.
مرض كوشينج(Cushingصs Disease).
3- نقص الإستروجين الثانوي في حالات القهم العصابي(Anorexia nervosa) أو النَهَم (Bulimia) أو في متلازمة فرط ممارسة التمارين الرياضية في النساء الرياضيات (Athlete Women),أو في فرط برولاكتين الدم (Hyperprolactinemia).
4- أسباب أخرى لتوقف الطمث (الضهى: Amenorrhea)الأولي أو الثانوي غير المذكورة آنفاً.
5- تاريخ عائلي موطّد (Family history).
فرط الدرقية (Hyperthyroidism) أو فرط المعالجة بالثيروكسين.
7- أمراض الكبد المزمنة أو سوء الامتصاص (Malabsorption).
8- الأمراض المشلة للحركة (المُقْعِدَة: Immobilizing diseases).
9- فرط تعاطي الكحول (الكحولية: Alcoholism).
10- كسر رضحي منخفض سابق.
11- فرط التدخين.
12- قصور الغدد التناسلية الذكرية.
13- زرع (Transplantation) القلب والكبد وغيرهما.


arabspine0203001.jpg

شكل (1): العظم الأسفنجي (cancellous Bone) في مرض تخلخل العظم​

لمحة فيزيولوجية عن العظام وتركيبها:
يحتوي جسم الإنسان البالغ على 206 عظمة, منها22 في الجمجمة وحدها, و29 تكوّن العمود الفقري.
وتحتوي العظام الطويلة (مثل عظام الفخذ والساعد) على تجاويف مملوءة بنخاع العظم, وهو مادة ذات لون أحمر مصفر, وتقوم بالدور الرئيسي في تكوين خلايا الدم.
تتكون العظام من قشرة خارجية صلبة, وكتلة داخلية إسفنجية الشكل (Cancellous). وترجع صلابة العظام إلى ترسب عدد من الأملاح والمواد المعدنية فيها, وخصوصا الكالسيوم.
تلعب العظام دورا حيويا في حركة جسم الإنسان واعتدال قامته, كما تشكل درعا واقيا للأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والدماغ.



تغير تركيب العظام مع التقدم في العمر:
تبلغ العظام أقصى كتلة لها مع اكتمال البلوغ, وتستقر كذلك حتى سن الأربعين تقريبا في حالة الحياة المتوازنة من حيث التغذية والمجهود.
بعد ذلك, تبدأ العظام تفقد كتلتها بالتدريج, مما يفقدها صلابتها شيئا فشيئا, ويحدث ذلك التغير بمعدل سنوي مقداره 0.5% في الذكور الذين تتجاوز أعمارهم الأربعين, ويستمر ذلك الفقد بنفس المعدل لديهم حتى نهاية العمر.
أما النساء, فتبدأ كتلة العظام لديهن في التناقص بمعدلات سريعة بعد بلوغهن سن الإياس (انقطاع الطمث: Menopause), وتبلغ تلك المعدلات 4-2% سنويا, ولمدة 10-5 سنوات.
و أكثر العظام تعرضا لفقدان كتلتها لدى السيدات بعد سن الإياس هي عظام العمود الفقري, وعظام الحوض, والضلوع (Ribs).


*أعراض المرض:

مرض تخلخل العظم مرض شائع يصيب الإنسان بعد منتصف العمر بمعدلات متباينة.تصاب السيدات بالمرض أكثر من الرجال بمعدل 6 أضعاف.
يعتبر في كثير من الأحيان من الأمراض الصامتة, وقد تكون العلامة الوحيدة الدالة على المرض هي قصر قامة الإنسان بمعدل 15-5 سم أو تحدّب الظهر (الحُداب:Kyphosis).
قد تبدأ الأعراض بصورة مفاجئة أو حادة; على هيئة آلام بالظهر, وعادة ما يكون ذلك نتيجة لحدوث كسر في إحدى فقرات العمود الفقري, لكن الأكثر شيوعا هو حدوث أعراض المرض بصورة تدريجية, وقد يكتشف الطبيب لدى الفحص الروتيني للمرضى المتقدمين في السن وجود كسور بسيطة بالفقرات, وقد لا تؤدي تلك الكسور إلى أية مضاعفات مثل الضغط على أعصاب الحبل الشوكي. وقد تقتصر شكوى المريض على الانحناء المتزايد لقامته نتيجة لانخفاض كثافة عظام الفقرات ونقص كتلتها.
قد يظهر المرض على هيئة مضاعفات تتمثل في كسور بالجسم تحدث عند أقل صدمة أو مجهودـ حتى مجرد تحريك الأشياء المعتادة, أو نتيجة للسقوط على الأرض مثلا.
ويمكن تصنيف الكسور الشائعة في مرضى تخلخل العظم ـ وخصوصا السيدات ـ كالتالي:
* كسور العمود الفقري: 44%.
* كسور عنق الفخذ:22%.
* كسور المعصم:14%.
* كسور في مناطق أخرى من الجسم (الحوض, والضلوع, والذراعين):20%.


تشخيص الإصابة بتخلخل العظم:
هناك عدد من التقنيات الطبية التي تستخدم في التشخيص المبكر لمرض تخلخل العظم ومنها:
* بعض التحليلات المخبرية; مثل قياس معدلات الكالسيوم وهرمون الإستروجين بالدم.
* الفحص بالأشعة السينية, والفحص بفائق الصوت (الموجات فوق الصوتية).
* فحص عينة من عظام الحوض بعد تناول المريض لمادة خاصة ذات تأثير مشع.
* الفحص بجهاز قياس كثافة العظام (Bone densitometer); وهو أهم الأجهزة التشخيصية المستخدمة حالياً وأكثرها دقة, وهو مفيد في حالات خاصة نذكر منها ما يلي:
1- السيدات في فترة انقطاع الطمث (الإياس).
المصابات بكسور بدون تاريخ لحدوث صدمة أو بدون سبب واضح.
3- المرضى الذين يتناولون دواء الكورتيزون أو مشتقاته لفترة طويلة, ومرضى الروماتويد (Rheumatoid).
4- مرضى الغدة الدرقية (Thyroid) وجار الدرقية (Parathyroid).
5- مرضى الداء السكري غير المنضبط.
6- مرضى نقص هرمون الذكورة (التستوستيرون).
7- أثناء علاج ومتابعة مرضى تخلخل العظم, وذلك لتقييم الحالة بصورة دورية


الوقاية من الإصابة بتخلخل العظم:
التعرض لأشعة الشمس:
عند تعرض جسم الإنسان لأشعة الشمس المباشرة, فإن الأشعة فوق البنفسجية تعمل على تصنيع فيتامين زDسغير النشط من مادة موجودة تحت الجلد, ويعمل الكبد والكليتان على تحويل هذه المادة إلى الصورة النشطة من فيتامين "D", والتي تعتبر العامل الأساسي في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء, ثم ترسيبه في العظام والأسنان. وتجدر الإشارة هنا إلى أن زجاج النوافذ يمتص الأشعة فوق البنفسجية, لذلك يجب التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات تتراوح ما بين 30-15 دقيقة يوميا, وخصوصا في فترات الصباح وما قبل الغروب, حيث تكون حدة حرارة الشمس أقل ما يمكن.
الغذاء المتوازن:
يساعد تناول كميات مناسبة من البروتينات والكالسيوم في الطعام على تقوية العظام. ويوجد الكالسيوم بصورة طبيعية في الكثير من الأطعمة, بما فيها مشتقات الحليب (وينصح الأطباء بتناول كوبين من الحليب يوميا منذ الطفولة وحتى نهاية العمر), والأسماك, والبقوليات, والنباتات الورقية ذات اللون الأخضر الداكن (مثل الخس).
يمكن تناول أقراص الكالسيوم, بحيث يصل المدخول اليومي من الكالسيوم إلى 1,000 مجم قبل سن الإياس, أو 1,500 مجم بعد سن الإياس.
ممارسة الرياضة:
تساعد التمرينات الرياضية, مثل المشي والجري, على الوقاية من تخلخل العظم. ويؤكد المختصون على أن التمرينات السويدية مفيدة كذلك في الوقاية من تخلخل العظم, وكذلك في تقوية قدرة العظام على حمل وزن الجسم, وتنشيط عمل الأطراف, وتقوية عضلات الظهر. ويتفق الخبراء على أن ممارسة الرياضة بصورة منتظمة لمدة 60-30 دقيقة يوميا منذ فترة الصبا يوفر وقاية مناسبة من تخلخل العظم.
وحيث أن فوائد التمارين الرياضية سوف تضيع متى ما توقف الشخص من متابعة هذه التمارين, فإن أي برنامج للتمارين الرياضية يجب أن يكون شيقاً وممتعاً للشخص, ولذلك فإن تمارين المشي لمسافة كيلومتر يومياً هي أسهل وأحب هواية يمكن للنساء أو الرجال أن يقوموا بها. كما ينصح الخبراء بعدم ممارسة الرياضات العنيفة بعد سن الأربعين.


التغلب على مرض تخلخل العظم:
يحتاج التغلب على مرض تخلخل العظم إلى مراسم (Protocols) تشمل جميع الأنظمة السلوكية (Disciplines) والخدمات الضرورية. ويجب أن تشمل هذه المراسم نصائح عن نمط الحياة لكل الأعمار وتثقيف المرضى عن الفوائد والمخاطر المعروفة للمعالجة التعويضية بالهرمونات, ويجب أن تكون لدى الأشخاص الذين هم معرضون لخطر تخلخل العظام خاصة, التعرف المبكر, وكذلك يجب أن يتوفر قياس كثافة العظام عند الشك في وجود عوامل الخطر وكذلك عندما يكون الفرد متردداً في اتخاذ المعالجة الوقائية.
وبالإمكان المحافظة على صلابة العظم مدى الحياة بالإبقاء على قمــة الصلابة (Peak strength) في العقدين الثالث والرابع, وكذلك بإبطاء عملية بدء فقد العظم وتقليل معدل ذلك الفقد. ونمط الحياة هنا مهم للغاية: فالهيكل العظمي يتجاوب مع تمارين رفع الأثقال في جميع المراحل العمرية, ووجود الكالسيوم والفيتامين "D" الكافيين ضروري للنمـــــو الطبيعي للعظام الهيكلية (Skeletal bones) وصيانتها(Maintenance) , فيجب على النساء اللاتي تخطين سن الخسين من العمر أن يحافظن على تناول جرام واحد من الكالسيوم, على أقل تقدير, في شكله العنصري, وكذلك 400 وحدة دولية من الفيتامين "D" في طعامهن أو بصورة تكميلية. وجدير بالذكر أن التدخين والتعاطي المفرط للكحوليات سام للهيكل العظمي.
ورغم كون هذه الأنماط الحياتية مهمة, إلا أن هذه التدابير ليست مؤثرة كالمعالجة التعويضية للهرمون (HRT) بحيث تبطئ أو تقلل من سرعة فقدان الهرمونات التالي للإياس. حيث أن بإمكان المعالجة التعويضية بالهرمونات لمدة خمس سنوات أن يقلل من خطر الكسور بنسبة 50%, وسوف تدوم هذه الفائدة بصورة مؤكدة تقريباً بعد انقطاع هذه المعالجة التعويضية للهرمون, إلا أن حجم هذه الفائدة سيكون أقل من السابق. ولا نزال نحتاج إلى بيانات إضافية لقياس هذه الكمية. وحيث أن كتلة العظم المفقودة لا تعاد بالمعالجة التعويضية للهرمون (HRT), لذا فيجب أن يتـم الشـروع في هـذه المعالجة في فتـرة متقـاربة مـن سـن الإياس.
إن كثافة العظم(Bone density) هي أحسن مؤشر (Indicator) لصلابة العظم, ويمكن قياسها بكل يسر, بصورة صحيحة وبكل دقة بواسطة قياس امتصاص العظم بالأشعة السينية(X-ray Absorptiometry) , حيث أنها تنبئ عن خطر الكسور المستقبلية, كما أنه يمكن قياسها بصورة صحيحة وبكل دقة في المناطق ذات الاهتمام في الهيكل العظمي في مرضى تخلخل العظم.
وقد أظهرت الدراسات الطولانية (Longitudinal) الحديثة أن لكل هبوط في الانحراف المعياري لكثافة العظم, هناك زيادة في خَطَر الكسور (Fracture risk) يعادل ضعف ذلك. وهذا يعادل فرقاً في اختطار الكسور مقداره حوالي ثمانيــة أضعاف (Eight-fold) بين الشريحة الربــعيـة الأعلى (Highest Quartile) والشريحــــة الربــعيــة السفلى (Lowest Quartile) من السكان (Population).


تكهن الاختطار بمقياس الكثافة:
في العادة تكون العلاقة هي بين جميع المواقع التي يتم فيها القياس ولكن أشدها يكون بين مواقع القياس وبين الكسور المستقبلية في تلك المواقع.
وتقاس كثــافة العظم بطبيــعة الحـال بمقيــاس الامتـصــاص الإشعاعي ثنــائي الطــاقـــة بالأشعــة السيـنيـة (Dual Energy X-ray Densitometry; DXA).
وهذه تقنية بإمكانها قياس كتلة العظم في مواقع الكسور الشائعة في كلا العظام الطرفية والمحورية من الهيكــل العظمي, شامــلة عظمــة الفخذ(Femur) الدانيـــة (Proximal) والكعبرة (Radius) القاصية, والفقرات. أما تقنية الامتصاص الإشعاعي المنفرد (Single X-ray Absorption Technique;SXA), فبإمكانها قياس كثافة العظم في موقع الكعبرة القاصي فقط. ودقة قياس امتصاص العظم هي 1 إلى 1.5 في المائة.
وتسمى كمية المعادن في العظم الموجودة في أي من المواقع المحددة باسم: (محتوى المعدن في العظــم) أو(كثافة العظم المعدني) عندما تقسم على المساحة الكلية للعظم. وقد تم توطيد المجالات الطبيعية (Normal Ranges) لجميع الأعمار. وتصف منظمة الصحة العالمية (WHO) تخلخل العظم على أساس من المقارنة بكتلة العظم الذروة ولكن المرضى يفضلون عادة أن يعرفوا نتائجهم مقارنة بالآخرين من نفس الطبقة العمرية.
وبالإمكان تنبؤ خطر الكسور بمقارنة كثافة العظم المعدني المقارن عمرياً(The Z Score). وتعتمد احتمالية التدخل على النتائج التالية:
* يعتبر وجود حرز (Score) أعلى من متوسط المقارنة العمرية خطراً منخفضا لحدوث الكسر.
* يبين حرز الانحراف المعياري (SD) ما بين 0.65- إلى 0.00 من متوسط المقارنة العمرية خطراً معتدلاً (Moderate).
* يكون الذين لديهم حرز أقل من 0.65-من الانحراف المعياري تحت طائلة خطر الكسور مستقبلياً.
ويجب أن تفسر هذه النتائج ضمن محيط (Context) المريض وتحت إرشاد طبيب خبير. إذ تحدث المشاكل مع التفاسير في وجود القرص المتنكس (Degenerative disk) أو في أمراض المفاصل أو عند وجود كسر سابق.
وفي ضوء الخطر المتزايد لإصابة السكان بالكسور الناتجة عن مرض تخلخل العظم, والعلاقة القوية بين معدل كثافة العظم وخطر الكسور, فإنه قد يظهر للعيان أن على الأطباء أن يهدفوا إلى وضع السكان جميعاً تحت رحمة مقاييس الكثافة العظمية(Bone densitometry).
ولكن المسح (Screening) الجاري على السكان قاطبة والمعتمد على مقياس كثافة العظم ليس ملائماً. حيث أن كــلا الامتثال (للمسح) والأخذ بالنصيحة من قبل النساء اللواتي لم يبدين أي اهتمام أولي لمرض تخلخل العظم يكونان ضعيفين, ولهذا فإن استراتيجية المسح الشامل للسكان قاطبة سوف لن يكون فعالاً. ومع ذلك فإن مقياس الكثافة مفيد في صياغة القرارات السريرية في الحالات الفردية.
إن المعالجة التعويضية بالهرمونات والتي تعتبر من أكثر الطرائق فعالية لتقليل خطر الكسور ليست مقبولة من قبل عدد كبير من النساء. ولكن, بعد إعطائهن النصح عن الخطر الذي ينتظرهن شخصياً والمعتمد على قياس الكثافة للعظم فإن عدداً كبيراً من النساء سيقبل المعالجة الوقائية بالمعالجة التعويضية بالهرمونات.
كما أن الاستشارات سوف تحسن من مطاوعتهن على المدى الطويل للمعالجة التعويضية. وهناك استراتيجية يتزايد اعتمادها, وهي أن يستهدف الناس المعرضون لخطر كبير لعملية المسح, بالموازاة مع التدخلات المبنية على السكان عامة ومستهدفة تغيير النمط الغذائي والحث على زيادة التمارين وتجنب عوامل الاختطار كالتدخين وتعاطي الكحوليات.
جدول (1): الدواعي السريرية لاستعمال مقياس كثافة العظام.


arabspine0203002.jpg

علاج تخلخل العظم:

يعد علاج مرض تخلخل العظم أمراً وقائياً بالدرجة الأولى; إذ أنه من الصعب تحقيق زيادة في كثافة العظام إذا حدث فقدان كبير فيها في المرضى المتقدمين في السن.
هناك العديد من الأدوية التي تحتوي على هرموني الإستروجين والبروجستيرون اللازمين لصحة العظام في السيدات, وبالتالي تمنع هذه الأدوية أو تقلل من معدلات هدم وتحلل العظام.لذلك فتنصح السيدات اللاتي هن في سن الإياس أو حول سن الإياس بتعاطي الأدوية التي تحتوي على هذين الهرمونين.
وبالرغم من أن كثيرات مـن النســاء فــي ســن الإنجــاب يتـنــاولن أقـــراص (حـبــوب) منــع الحــمـل الفمويــــة (Oral Contraceptives) التي يفترض وجود هذين الهرمونين في تركيبتها, إلا أن زيادة تناولها فوق المستوى الطبيعي المسموح به لهؤلاء النساء لا يزيد ظاهرياً من كثافة العظام لديهن بصورة استثنائية, كما أنه لا يبدو أنه يعطي وقاية إضافية ضد الكسور.
ويصف الأطباء هذه الأدوية للسيدات بعد فحص كتلة العظام وبعد الفحص الإشعاعي للثدي, وذلك خوفا من وجود أورام خبيثة بالثدي قد يتزايد حجمها لدى تناول هذه الهرمونات الجنسية.


الدواء اللاهرموني الأول من نوعه:
لقد تمت موافقة الإدارة الأمريكية للغذاء والأدوية (Food and Drugs Administration; FDA) على أول دواء لاهرموني لمعالجة تخلخل العظم, والمسمى ألندرونات الصوديوم (Alendronate sodium).
وقد تمت الموافقة على أساس بيانات النجاعة (Efficacy data) مستقاة من خمس محاولات سريرية شاملة 1,827 امرأة في سن ما بعد الإياس مصابات بتخلخل العظم في 16 بلداً, واللاتي تمت متابعتهن لمدة سنتين على الأقل.
وقد صرحت إحدى الباحثات المختصات بدراسة تخلخل العظم في أحد المراكز الأمريكية المعنية بصحة المرأة بأن هذا الدواء سيساعد نحو 20 مليون امرأة مصابة بتخلخل العظم في الولايات المتحدة ليعشن نشيطات وقويات ومستقلات طــوال حياتهن.
وحتى زمن قريب لم يكن لهذا المرض المؤلم والمعيق والمهدد للحياة أحياناً سوى العلاج الهرموني. أما الدواء الجديد واسمه العلمي أمينـو ثنائي الفوسفــــونات (Amino-bisphosphonate) فهو يعمـل كمثبـــط نوعـــي لارتشــاف العظـــــم (Bone resorption)المتواســط بناقضــــــــات العظم (Osteoclast-mediated) فهو علاج فعال بصورة كبيرة. إذ يزيد من مقدار العظم في النساء اللاتي وضعن تحت التجارب السريرية.
قد يؤدي نقص العظم, في الأفراد المصابين بتخلخل العظم, إلى حدوث كسور في العظام الفقرية مما يسبب, تدريجياً, انخماصاً في عظام العمود الفقري فيسبب ذلك قصراً في الطول وآلاماً مبرحة وتحدباً في الظــــهر (حدبة الأرملة النبيلة: Dowagerصs hump).
وقد ساندت هذا الاستنتاج النتائج المستقاة من تجربتين رئيسيتين استغرقت كل واحدة منهما ثلاث سنوات واللتين أجريتا على 994 امرأة في سن ما بعد الإياس مصابات بتخلخل العظم بأن دواء ألندرونات الصوديوم قد بنى عظماً صحياً بصورة مأمونة. وقد حدثت زيادة مطردة في الكثافـــة المــعدنية للعــظـــــــــم (Bone mineral density) (وهو أحد مقاييس صلابة العظم) في المريضات اللاتي عولجن بالدواء الجديد (8.2%) في العمود الفقري و(7.2% في الورك) مقارنة بالمريضات اللاتي عولجن بالدواء الغُفل, واللاتي نقصت الكثافة المعدنية للعظم لديهن ما بين 0.65% إلى 1.16%. كما أن الدواء الجديد زاد من الكثافة المعدنية في أماكن (Sites) أخرى من الجسم بصورة مؤكدة, مما يوحي بأن الزيادة في الكثافة المعدنية للعظم التي ازدادت في الورك والعمود الفقري لم تحدث بسبب نقصان الكثافة المعدنية في أماكن أخرى من الهيكل العظمي (Skeleton).
ورغم أن هذه الدراسات لم يدخل في تصميمها طابع الكشف عن مخاطر الكسور, إلا أن التحاليل الإضافية أسفرت عن أن الكسور الجديدة في العمود الفقري نقصت إلى حوالي النصف في النساء اللاتي تعاطين الدواء الجديد (48%) مقارنة بالنساء اللاتي عولجن بالدواء الغُفل. كما أن العلاج الجديد أدى كذلك إلى نقصان يقدر بنسبة 63% من مجمل كسور العمود الفقري. والجدير بالذكر أن المرضى الذين يكسرون عظمة من عظام أعمدتهم الفقرية يكونون معرضين بصورة أكبر لكسور في عظام أخرى, مقارنة بالمرضى الذين لا توجد لديهم كسور في العمود الفقري.
وقد فقدت النساء اللاتي كن تحت المعالجة بالدواء الجديد في تلك التجارب ما قيمته الوسطية 3.00 ملم في الطول بالمقارنة إلى النساء المعالجات بالدواء الغُفل واللاتي فقدن وسطياً ما قيمته 4.6 ملم في طولهن; ويعتبر ذلك نسبة انخفاض تساوي 35 في المائة من إجمالي نقصان الطول. كما أن النساء المعالجات بالدواء الجديد اللاتي حدث لهن, على أقل تقدير, كسر واحد في العمود الفقري, فهن فقدن ما قيمته الوسطية 5.9 ملم في الطول, بينما فقدت النساء المعالجات بالدواء الغُفل, وسطياً, 23.3 ملم في الطول. ونتيجة هذه الفائدة هي التقليل من أعداد الكسور وتخفيض وخامـتها, كلاهما.
كما أن التأثيرات الجانبية الملاحظة في التجارب السريرية كانت على العموم خفيفة ولم تكن سبباً في توقف المرضى عن العلاج. وكانت معظم التقارير الشائعة عن المرضى الذين كانوا تحت المعالجة هي عن آلام بطنية (Abdominal pains) وعضلية هيكلية, وأقل شيوعاً كانت عن اضطرابات هضمية (Digestive) كالغثيان (Nausea) وحرقة الفؤاد (Heartburn) وتهيج الأمعاء, على سبيل المثال, وكذلك عن آلام في المريء.
والجرعة الموصى بها من الدواء الجديد, ألندرونات الصوديوم, هي 10 مجم مرة واحدة في اليوم للنساء المصابات بتخلخل العظم بعد سن الإياس. ويجب أن يؤخذ الدواء نصف ساعة على الأقل قبل تناول أول طعام أو شراب أو أية أدوية أخرى لليوم نفسه. كما يحظر على المرضى الاستلقاء لمدة 30 دقيقة على الأقل بعد تناول الـــدواء.
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى