كيف نتعامل مع العوائق الداخلية؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع نور
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

نور

عضو مشارك
لماذا نفضل في بعض الأحيان -أو ربما الكثير من الأحيان- أن نتجاهل هذه الجزئية من العمل أو نتغاضى عن تلك أو نؤجل ذاك المشروع أو نهمل التالي؟ لا بد أننا نشعر أن شيئاً ما في داخلنا يجعلنا نتردد، يمنعنا من التقدم، يحبطنا وقد يتمادى ليسمرنا في مكاننا. هذا ما نطلق عليه العوائق الداخلية. قد تبدو لنا هذه العوائق بالغة القوة وكأنها خصم لا يقهر، ومع ذلك يبقى التعامل معها أمر لا مفر منه لنتمكن من المضي قدما ًفي طريقنا نحو الهدف.

ورغم أن الكثير من العوائق الداخلية عوائق نوعية بمعنى أنها تختلف من شخص لآخر -فالعائق الذي قد يستشعره زيد في داخله تجاه عمل معين قد لا يستشعره عمر والعكس صحيح- إلا أن هناك عوائق يمكننا أن نصفها بالعوائق القاعدية أو المشتركة التي لا يوجد إنسان بمنأى عنها مع اختلاف النسب أهمها الخوف من الفشل.

الخوف من الفشل
يتعرض الإنسان في طفولته إلى أنواع من التأنيب والعقاب والسخرية سواء من قبل الأهل أو من قبل معلمين يعوزهم الوعي أو من قبل الأصدقاء؛ وبغض النظر عن ما إذا كان هذا التأنيب أو العقاب يتوافق مع الذنب المرتكب أو لا يتوافق معه، فإنه يولد لدى الطفل شعوراً بأنه أحمق ويستشعر الخزي والبؤس كلما تذكر هذا الموقف أو ذاك أو مثل أمامه. ومع تكرار الأمر يصبح متردداً في إنجاز أي شيء قد يُطلب منه حتى لو كان جديداً.

عندما تصبح تجربة الفشل عبئاً يضغط عليه يكون عزوفه عن المحاولة تصرف لا يخلو من حكمة، وللأسف قد يرافقه هذا حتى سن البلوغ، وتراه يخشى مواجهة أي مهمة جديدة قد تفرض عليه بسبب ما ترسب لديه من شعور تجاه إمكانية الفشل.

أحياناً يعود بنا اللاشعور إلى طفولتنا وترانا نخاف من فكرة إمكانية تعرضنا لسخط الناس وسخريتهم في حال فشلنا في القيام بمحاولة ما، ولن يكون مستغرباً أن يقودنا نمط التفكير هذا إلى محاولة الهرب من أداء المهمات وترانا نصيح "لا، شكراً ليس ثانية!" ونفضل الهروب نحو أي نشاط آخر لا يحمل مخاطر الفشل.

يتطلب مثل هذا الوضع عملية إعادة بناء الثقة عن طريق:
الإقرار بخوفك من الفشل كخطوة أولى.

إدراك أن الفشل أمر طبيعي ولا يوجد إنسان لم يعرف الفشل.

الفشل جزء أساسي في العملية التعليمية التي تقودها الحياة.

غالباً ما يكون الفشل أفضل الطرق للوصول إلى القمة، والذي لم يعاني من الفشل لن يتذوق طعم النجاح.

المشكلة ليست في الفشل، المشكلة هي أن لا يتعلم الإنسان من الفشل.

إذا كان خوفك من الفشل يجعلك تتجمد في مكانك عاجزاً عن التعامل مع الأمور التي يتحتم عليك إنجازها، فتذكر أن الفشل أمر عادي، ولكن ما هو غير عادي أن تتجنب المحاولة وتحجم عن العمل.

السيطرة على الشعور بالفشل

نفترض أنك الآن تعاني من خيبة أمل بسبب فشلك في محاولة ما. أول ما عليك أن تعمل تفكيرك به هو أن تتذكر أن الفشل يدخل في عداد أكثر العوائق إحباطاً، وقد تتجاوز آثاره خيبة الأمل اللحظية لتلقي بظلالها على كل ما وراءها. إن إجادة التعامل مع الأمور المخيبة للآمال أمر ضروري، فغالباً ما يؤدي فقدان الثقة بالنفس إلى جعل المهام الجديدة تبدو أكثر إثارة للرعب. ماذا تفعل إذاً؟

تحدث عن التجربة التي تمر بها إلى أخ أو صديق، وإذا كانت في مجال العمل فإلى زميلك أو رئيسك. انتق الشخص المناسب. قد يقدم لك هذا الشخص الدعم العاطفي، وقد يسرد عليك تجارب مماثلة مر بها، وإذا كان الأمر مصيرياً بالنسبة لوضعك في العمل، فقد يكون مديرك أكثر قدرة على تقييم الوضع بحكم الخبرة.

لا تنغلق على نفسك وتذكر دائماً أن الحوار يثري الآراء.

إذا كنت صاحب عمل مستقل، فلا بد من المبادرة لإجراء تقييم للوضع يسمح لك بمعرفة متى دخلت الأمور في المنحى الخاطئ، لكن دون أن يعني هذا استغراقك في لوم نفسك.

حاول أن تعرف ما حصل، وبادر إلى السلوكيات العلاجية الضرورية لمعالجة الوضع.

أهم عوامل السيطرة على الشعور بالفشل هو أن تربط الفشل بسببه الفعلي الذي لا يكمن في شخصك أنت فالمحاولة هي التي فشلت، والطريقة في العمل هي التي رفضت، وخيبة الأمل تتعلق بالنتائج وأنت لا هذا ولا ذاك في المحصلة. لا تدع النتائج السلبية تتحول إلى عائق دائم.

انظر إلى تجربتك كدرس من دروس الحياة، تعلم ما يجب أن تتعلمه وتابع مسيرك، وإلا فستفقد الطاقة والدافع للبدء من جديد.

ابتعد عن لوم الذات، فما دام الإنسان على قيد الحياة فللخطأ منه نصيب.

كن واقعياً...

الكمال
عندما تسند إليك إحدى المهام يبدأ هاتف "على أكمل وجه" يلح عليك منذ اللحظة التي تكتمل فيها صورة المهمة في ذهنك. أنت بحاجة لأن تبرهن أنك متقن، بارع، لا بل فنان في أداء هذه المهمة، أنت الأقدر والأمهر... يجب أن يخرج التقرير بلا عيوب، وأن يخرج التقرير وكأنه جدير بجائزة نوبل، ومخطط المشروع خال من أي خلل!! أهداف عصية المنال وتقع خارج نطاق القدرة الإنسانية القاصرة، وهي قادرة على الهبوط بحماس المرء إلى الحضيض، بل تحطيم معنوياته على الأبد.

إذا كنت تواجه هذه المشكلة فعليك تحديد معنى الكمال وفق مفهومك وكيف يؤثر على تعاملك مع المهمة. اطرح على نفسك التساؤلات التالية وأجب عليها:

ما هي الذروة التي تظن خطأ أنك ستصل إليها؟

ما الذي تتوهم الحصول عليه لقاء قيامك بالمهمة وفق معايير الكمال التي تراها؟

هل أنت شخص كامل؟ المرجح أن الإجابة سلبية فنحن في النهاية بشر.

من قال أنه يتوجب عليك الوصول إلى القمة؟ من الذي وضع المعايير التي لا يمكن بلوغها؟ المرجح أنت.

هل هناك من سيهتم بكونك بعيداً بعض الشيء عن الكمال؟

هل سيمتنع الناس عن محادثتك؟

هل تسعى سراً للترقي في الوظيفة لو أنك أديت المهمة بصورة لا تشوبها شائبة؟

ماذا ستفعل لو أعيد إليك عمل غير مكتمل؟ ستبحث عن التعديلات الملائمة وتقوم بإجرائها. الأمر بسيط فبعض التعديل لا يعني نهاية العالم.

كن واقعياً... إن توقعات الآخرين عادة ما تنحصر ضمن دائرة الواقع، وهذا يعني أن نتاج عملك سيكون في مستوى إدراكهم الواقعي.

ليس هناك كمال إلهي على وجه الأرض، وليس هناك نتائج معجزة. حاول التقريب بين ما هو مطلوب منك وبين قدراتك.

يقول نيلز بور: "الخبير هو شخص ارتكب كل الأخطاء الممكنة ضمن مجال واحد"


م / ن
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى