الإشارة باليد للمعاقين المصابين بحاسة السمع

نشأت اللغة عند الإنسان نتيجة حاجته للتواصل والتفاهم مع المحيطين به. فبواسطة اللغة يعبر الإنسان عن أفكاره ومشاعره وأفراحه وأحزانه، وبواسطة اللغة يستفهم من الآخرين عما ينقصه من معلومات ويتعلم ويدرك ما يحيط به، والتعبير عن اللغة كان في البداية باستخدام إيماءات وحركات اليد وتعابير الوجه وتدريجيا بدأ في استخدام الأصوات المختلفة، ثم ارتقى إلى استخدام الأصوات اللغوية للإشارة إلى كلمة معينة، وبذلك انتقل إلى مرحلة الكلام الشفهي، والذي يعد أفضل وسيلة لتحقيق اللغة.


قبل التطور التكنولوجي الكبير في مجال المعينات السمعية وزراعة القوقعة ونتيجة فقدان السمع كانت إشارات اليد هي وسيلة التواصل الرئيسية وتكاد تكون الوحيدة المتاحة أمام الأشخاص الذين يعانون من فقدان أو السمع الشديد.


استخدم الصم والمصابون بضعف السمع الشديد إشارات اليد للتواصل مع المحيطين بهم منذ القدم، وتشير بعض المصادر التاريخية إلى العام 1755 عندما تم تأسيس أول مدرسة عامة لتعليم الصم باستخدام إشارات اليد في العاصمة الفرنسية باريس ومن هذه المدرسة تخرج شاب أصم يدعى Laurent Clerc والذي ارتحل إلى الولايات المتحدة.


وهناك وبتعاون مع Thomas Gallaudet قام بتأسيس أول مدرسة للصم في الولايات المتحدة استخدمت فيها إشارات اليد كوسيلة لتدريس الصم وبعد ذلك قام أحد أبناء Gallaudet بتأسيس أول كلية جامعية مخصصة لتدريس الصم باستخدام لغة الإشارة وتحولت هذه الكلية في عام 1864 إلى جامعة Gallaudet للصم كجامعة وحيدة في العام تستخدم »لغة الإشارة الأميركية« لتدريس الصم.


لغة الإشارة


يمكن تعريف لغة الإشارة على أنها طريقة أو وسيلة في التواصل تعتمد على استخدام حركات اليدين وأجزاء أخرى من الجسم وتعابير الوجه وحركة الشفاه يستخدمها الصم وضعاف السمع في التواصل مع الآخرين كبديل لاستخدام الأصوات اللغوية في إيصال المعنى وفي تبادل الأفكار والتعبير عن الذات.


تطورت لغة الإشارة في مجتمعات الصم أنفسهم بما في ذلك مترجمو لغة الإشارة وأسر الصم والمحيطين بهم، وهي مثلها مثل أية لغة تختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى بلد آخر، ومع هذا الاختلاف بين »لغات« الإشارة إلى أن التواصل ممكن (إلى احد ما بين أشخاص يتحدثون لغات مختلفة وذلك لكون لغة الإشارة تحتوي على إشارات وصفية تتشابه من مكان إلى آخر، إلا انه لا يمكن القول بوجود لغة إشارة عالمية Universal يفهمها الجميع بل هناك لغات إشارة محلية إلى حد كبير جداً تختلف عن لغات أخرى ويمكن التواصل بها بين الأشخاص الذين اخترعوها فقط.


وفي الوقت الحالي هناك محاولات لتطوير لغة إشارة عالمية تسمى Gestuno لكي يتمكن الصم من استخدامها في لقاءاتهم وتجمعاتهم الدولية مثل الألعاب الرياضية الخاصة بالصم Deaf Olympics.


لغة الإشارة تختلف في قواعدها عن تلك القواعد المعمول بها في اللغة المنطوقة وهذا الاختلاف يكون غالبا ما يكون في قواعد النحو والصرف، وفي الوقت الحالي هناك مئات من لغات الإشارة على مستوى العالم وبعض هذه اللغات حصلت على اعتراف قانوني بها كلغة خاصة بالصم والمصابين بضعف السمع الشديد مثل لغة الإشارة الأميركية American Sign Language ولغة الإشارة البريطانية والفرنسية وغير ذلك من اللغات.


وتخضع لغة الإشارة إلى تطوير دائم من قبل مجتمع الصم أنفسهم وهناك ضوابط كثيرة تحدد الإشارات التي يمكن استخدامها وكيفية استخدمها. وكدليل على تطور لغة الإشارة في مجتمعات الصم تقدم العروض المسرحية بهذه اللغة بل وصل الأمر إلى ترجمة الشعر والأغاني إلى هذه اللغة.


المصطلحات الإشارية العربية


نحن نستخدم حركة اليدين والجسم وتعابير الوجه أثناء كلامنا بشكل متواز مع الكلام والتواصل اللفظي، حتى ان الطفل يستخدم يديه في التعبير عن حاجته قبل أن يبدأ في التكلم. ففي سن ستة أشهر يرفع الطفل يديه للإشارة إلى حاجته للحمل وفي سن تسعة أشهر يبدأ باستخدام إشارة الاصبع Pointing للإشارة إلى الشيء الذي يريده ولا يستطيع الوصول إليه أو نطق اسمه.


وقد لوحظ كذلك أن بعض المكفوفين يحركون أيديهم عند الحديث بإشارات يدوية، وهناك من يحرك يديه عند الحديث بالهاتف. وقد نستخدم إشارات اليد في بعض الأماكن عندما يكون من الصعب أو ممنوعاً علينا التواصل الشفهي مثل استخدام إشارات اليد في المكتبات العامة أو قاعات الاجتماعات أو أستوديو التسجيل أو أماكن العبادة أو في البورصات (أماكن بيع وشراء الأسهم) حيث نجد مجموعة من المصطلحات الاشارية متفق عليها بين المتعاملين ويستخدمونها فيما بينهم، ونستخدم كذلك مجموعة من الإشارات في بعض الألعاب الرياضية. إلا أن هذه المصطلحات الإشارية طورها السامعون وقد تختلف عن تلك التي يستخدمها الصم.


والصم أو المصابون بضعف السمع الشديد في البلدان العربية لديهم مصطلحات إشارية خاصة بهم اتفق عليها الصم أنفسهم ويتواصلون بها وهي في معظمها إشارات وصفية، وبعض هذه المصطلحات محيلة تستخدم على نطاق ضيق في مدينة أو منطقة جغرافية واحدة.


وهناك مصطلحات إشارية موحدة تستخدم في جميع البلدان العربية، حيث تحرص إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على عقد الدورات التدريبية يحضرها الصم ومترجمو الإشارة لتوحيد هذه المصطلحات بين جميع الصم في البلدان العربية.


وفي هذا العام وقع الاختيار على وزارة الشؤون الاجتماعية في دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة الدورة التدريبية حول توحيد المصطلحات الإشارية حيث استضافت مدينة دبي هذه الدورة في الفترة الواقعة بين 4 ــ 14 نوفمبر 2007. ومع هذه الجهود إلا انه لا توجد لغة إشارة عربية موحدة مثل لغة الإشارة الأميركية أو البريطانية، والمستخدم في الوقت الحالي عبارة عن مصطلحات إشارية فقط تفتقد إلى القواعد اللغوية مثل قواعد النحو والصرف (مبنى الجملة ومبنى الكلمة) ولا توجد مصطلحات إشارية لعدد كبير من المفاهيم أو الكلمات المجردة أو المصطلحات التقنية والعلمية.


العلاقة بين اللغة المنطوقة والمصطلحات الإشارية أو لغة الإشارة


من الأخطاء الشائعة لدى البعض هو الاعتقاد بأن إشارات اليد تعتمد على اللغة الشفهية بمعنى أن إشارات اليد هي تهجئة للكلمات بحركة اليدين، والأمر نفسه بالنسبة للغة الإشارة. فعلى سبيل المثال هناك اختلاف كبير جداً بين لغة الإشارة الأميركية ولغة الإشارة البريطانية رغم أن اللغة المنطوقة المستخدمة في بريطانيا والولايات المتحدة هي نفسها.


وعند ملاحظة المصطلحات الإشارية العربية نلاحظ أن هناك إشارات تحاكي (تقلد) طريقة استخدام الشيء مثل إشارة تقلد حركة حمل فنجان القهوة للإشارة إلى شرب القهوة، أو إشارة تمشيط الشعر أو غسل الوجه. وهناك فئة أخرى من المصطلحات الإشارية تحاكي شكل الشيء مثل إشارة الطائرة، وفئة أخرى من الإشارات تشير إلى مكان الشيء مثل إشارة السماء التي تشير إلى فوق.


والفئة الأخرى من الإشارات وهي تحاكي فعلاً معيناً مثل النوم أو المشي. وهناك إشارات تعبر عن سلوك أو فعل معين يقوم به المقصود بهذه الإشارة. فكلمة أسد يعبر عنها بتحريك اليدين على شكل مخالب مع تشكيل الوجه بتعبير الشراسة أو التوحش. وفئة أخرى من الإشارات يعبر عنها بوصف شيء له علاقة مباشرة بالمقصود. فعلى سبيل المثال يعبر عن »مصر« بحركة اليدين على شكل الأهرامات التي تميز مصر عن باقي البلدان.


متى يستخدم المصاب بحاسة السمع إشارة اليد؟


استخدام المعاقين سمعياً إشارة اليد كوسيلة وحيدة للتواصل من أكثر الأمور التي يثار حولها الجدل في أوساط التربية الخاصة وبين الباحثين، فهناك من يعتبر لغة الإشارة هي اللغة الطبيعية للمعاقين سمعياً ولا يمكن الاستغناء عنها. وبالمقابل هناك من يعتبر استخدام الإشارات اليدوية في التواصل يعيق تطور اللغة وما يتبع ذلك من صعوبات إدراكية وصعوبات تعلم وبشكل خاص تعلم القراءة والكتابة وبالتالي يحد أو يمنع من إمكانية دمجهم في نظام التعليم العام.


ويعزل المعاقين سمعياً عن باقي أفراد المجتمع حيث يضعهم في »جيتو« منفصل تماما عن الأفراد السامعين والذين يعتمدون على التواصل الشفهي حيث أن هذا التواصل هو المتبع لدى الغالبية العظمى من أفراد المجتمع وعدد الذين يعرفون المصطلحات الإشارية أو لغة الإشارة قليل جداً.


والمتفق عليه في الوقت الحالي بين الكثير من المختصين والباحثين والعاملين في مجال تأهيل المعاقين، أن تستخدم إشارة اليد للفئات التي تعاني من فقدان سمع عميق أو ضعف سمع شديد جدا ولم تجرى لهم عملية زراعة القوقعة أو لم يكن هناك استفادة من المعينات السمعية، وأن تستخدم إشارة اليد كذلك عند المعاقين سمعياً من الذين لم يتمكنوا من اكتساب قدر معقول من التواصل الشفهي بسبب غياب برامج التدخل المبكر أو برامج التدريب على اكتساب وتعلم اللغة والكلام والتواصل الشفهي أو للأسباب أخرى.


وأن يستخدم التواصل الشفهي مع الفئات الأخرى من المعاقين سمعيا من الذين لديهم بقايا سمع تؤهلهم لذلك أو الذين أجريت لهم عملية زراعة القوقعة أو يستخدمون معينات سمعية مناسبة لمشكلة السمع التي يعانون منها.
 
رد: الإشارة باليد للمعاقين المصابين بحاسة السمع

اخوي اسماعيل المناعمه

الله يعطيك العافيه على الموضوع القيم شكرآ لك عزيزي الفاضل

تقبل مروري وتحييييييييييياتي الحاره لك
 
رد: الإشارة باليد للمعاقين المصابين بحاسة السمع

اخوي اسماعيل المناعمه

الله يعطيك العافيه على الموضوع القيم شكرآ لك
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى