لاتنظرون إلينا بعين الشفقه

رد: لاتنظرون إلينا بعين الشفقه

صرخة معاق: لا تظهروا الشفقة علي

أحمد نصيب علي حسين

مقالات متعلقة





هل رأيتَ معاقًا قطُّ؟ فبماذا شعرتَ لما رأيته؟ وبما أحسستَ لما أبصرته؟ هل أحسستَ بالحسرة والألَم على حاله، ثم تحوَّلَت هذه الحسرة التي في داخلك إلى شفقة ورحمةٍ على المعاق، تظهر في عينيك، يراها المعاق في وجهك، ويسمعها في صوتك؟!

فإن كنتَ فعلت ذلك فأنت قد ارتكبت في حقِّه أعظمَ إساءة، وجعلتَه يرى الشيء الذي انتقص من حياته أشياء، وتحوَّلَت النِّعَم التي يعيش فيها إلى هباء، فهو يُريد أن ينظر إلى الجانب المُشرق من حياته، وأنت تريد منه أن يرى الجانب المُظْلِم! إنَّه يريد ألاَّ يرى أحدًا يُظهر الرحمة به، أو الشَّفَقة عليه، إنَّه يرى مع رحمة الناس به إعاقتَه تتمثَّل أمام عينيه، ويُخيَّل إليه كأنَّما حُرم من كلِّ نعمة، وكأن حياته امتلأت بالمصائب والنقائص! فهو ينظر إلى نِعَم الله عليه، والناس بإظهار الشفقة عليه تجعله يَنْسى تلك النِّعَم الكثيرة التي يعيش فيها.

لو أرَدْنا الخير بالمعاق لأبدلنا هذه الشفقة به إلى تشجيع، وأبدَيْنا له ما في نفسه من طاقات، وأوضَحْنا له ما يستطيع من بذلٍ في الخيرات، ونوضِّح له أنَّ الله قد منحه المزيد، وعلَّمْناه طريق الرِّضا، والتكيُّف مع حالته، وفتَحْنا له باب الأمل، وهو مفتوح، ولكن نحن الذين نُغْلِقه أمامه، بنظرة الشَّفقة التي نصبُّها عليه كلما التقينا به!

إنَّ الكثير منَّا يُعاني من كثرة الانكسارات، وقلَّة الانتصارات، والمشكلة أنَّ الواحد منا إذا أخذ يُحْصي ما في حياته من إخفاقاتٍ، وما في نفسه من عيوبٍ ونقائص، لاستَحْوذ الشيطان عليه، وملأ قلبه بالحُزن، وإنَّ من أهمِّ الأمور التي يسعى إليها الشيطانُ أن يملأ صدر الإنسان بالحزن واليأس؛ والحزن هو السبيل لمن أراد أن يترك العمل، وينظر إلى الحياة بمنظارٍ أسود، وهذا في الأمور التي قد يتيسَّر إصلاحها من العيوب الخُلُقيَّة، فكيف يكون في الصِّفات الخِلْقية - بالنسبة للمعاق - إن نظر المرء لما يفتَقِده من النِّعم يحزنه، ويكسر قلبه.

إظهار الرحمة بالمعاق، أو الشَّفَقة عليه، لها صُوَر عديدة، تتجلَّى عندما يختلط المعاق بجماعةٍ من الناس، فإذا أراد أن يَسْلك الطريق، إذا بعضهم يقول له: "انتبه من الطريق"، وإذا أراد أن يخرج أو يَدْخل لمؤسَّسة قال له البعض: "انتبه؛ حتَّى لا تقع أرضًا"!

وقد يلاحِظ المعاقُ نظرة الرحمة عندما يدخل إلى اجتماعٍ للناس، يلاحِظُ أن الكثير يحدُّ النظر إليه، مع أن النبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تديموا النَّظر إلى المَجْذومين))[1].

المشكلة تَظْهر في أنَّ الناس لا يشعرون بما يدور في خَلَد المعاق من ألَم ومعاناة، وشعوره بالتَّمييز نحوه، فهم يظنُّون أنَّهم يُحْسِنون به صُنعًا، ولو عَلِموا بذلك ما أظهَروا هذه الشفقة، وجعلوها في صدورهم خفيَّة من دون أن تَبْدو على ألسنتهم، ما يضرُّ الناس لو أظهروا - بدلاً من الحزن - فرحًا، وحولوا عبوسَهم إلى استبشار، وتثبيطَهم تشجيعًا، لعَمْر الحقِّ مَن الذي يسمع هذا القول منهم؟ ومن ذا الذي يُخْبِرهم بهذه المشكلة التي يكاد لا يَشْعر بها إلاَّ مَن يُعاني منها؟!

فما أحوجَنا إلى علاج هذه المشكلة، وهي يسيرةٌ في علاجها، لكنَّها كبيرةٌ في أثرها، خطيرةٌ في ضررها؛ فالعلاج يبدأ بالخطوات التَّالية:
1- مراعاة مشاعر المعاق، وعدم إظهار الشَّفَقة به.
2- الكلمة الطيِّبة.
3- التشجيع.
4- السَّعي في دمجه في المجتمع.
5- تأهيل منَ الصِّغر في إتقانه لِمِهْنة من المهن، أو حرفة من الحِرَف.
6- معاملة المعاق كغيره من الناس؛ لا يتميَّز بنقص، أو نحوه.

قد بسطْتُ شَكاتي، فهل أجِدُ الآذان السَّامعة، أو القلوب الواعية؟!

هذه المشكلة تحتاج إلى إعادة نظرٍ في سلوكنا، وكيف نُعامل ذوي الاحتياجات الخاصَّة، وكيف ندمجهم بفئات المُجتمع، ولا نضع حواجز بينهم وبين فئات المُجتمع.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/73652/#ixzz3HwS5hs8E
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى