الدعاء نور الروح

النقاء

المحظورين
[frame="9 10"]
ربما يتبادر إلى الذهن سؤال وهو : لماذا يبتلى الله أحبابه؟​


فقد ابتلى آدم بإبليس ، وإبراهيم بالنمروذ ، وموسى بفرعون ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأبي جهل، وقد قال عز وجل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ} الفرقان31

والسرُّ في ذلك أن البلاء يخلِّص القلب كليَّة لله ، لأن المرء عند الشدائد والأزمات يتوجه بالكليَّة إلى الله تعالى ، مستغفراً ، ومتضرعاً بالدعاء ، ليمنحه الرضا بقضائه ، ويلهمه الشكر على نعمائه ، ومن هنا نرى أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه في بدايتهم ، ثم يكون النصر لهم في نهايتهم ، ليرفع الابتلاء أقدارهم ، ويكمل بالنعماء أنوارهم ، فالإنسان لا يتطهَّر إلا بتقلبه بين الخير والشر ، والعسر واليسر

وانظر معي إلى سليمان الذي أعطى فشكر ، وإلى أيوب الذي ابتلى فصبر ، وإلى يوسف الذي قدر فغفر ، فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه ، فإذا صبر قربه واجتباه ، وإذا رضى اصطفاه وأعطاه فوق ما يتمناه ، هذا إلى أن البلاء يحقِّق العبد بأوصاف العبودية من الذل والإنكسار ، والشعور بالحاجة والاضطرار ، وهذا ما يؤهله للقرب من العزيز الغفار ، وهذا ما يوضحه احد الصالحين عند توضيحه لقول الله تبارك اسمه وتعالى.شأنه {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} العلق19

وقوله صلى الله عليه وسلم {أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ}[1]

حيث يقول { فإنَّ في هذه الآية والحديث تصريحاً بعدم تحيُّز الحق تبارك وتعالى في جهة دون أخرى ، أي فكما تطلبونه في العلوِّ ، فاطلبوه كذلك في السفل ، وخالفوا وهمكم ، وإنما جعل الشارع صلى الله عليه وسلم حال العبد في السجود ، أقرب من ربه دون القيام ، مثلا لأن من خصائص مقامات القرب أن لا يدخلها أحد إلا بوصف الذل والانكسار

فإذا عفَّر العبد محاسنه في التراب ؛ كان أقرب في مشهده من ربه من حالة القيام ، فالقرب والبعد راجع إلى شهود العبد ربه لا إلى الحق تبارك وتعالى في نفسه ، فإن أقربيته واحدة ، قال تبارك وتعالى في حق المحتضر {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ} الواقعة85 و {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} أي الإنسان {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ق16 انتهى

فالدعاء نور الروح وهداها ، وإشراق النفس وسناها ، وهو علاج القلق الذي ينتاب الإنسان في أوقات الأزمات ، ودواء الاضطراب والقنوط ، وهو الإكسير الذي يتجرَّعه المؤمن ، فيزول اضطرابه ، ويسكن قلقه ، وتنزل السكينة والطمأنينة على قلبه ، ويفرح فيه بلطف ربه

هذا إلى جانب أنه يُزيل ما ران على القلب ، ويذيب الغشاوات التي تعلو صفحة الفؤاد ، ويجتث من الوجدان شرايين الغلظة والجفوة والقسوة ، ففيه طهارة القلوب ، وتزكية النفوس ، وتثقيف العقول ، وتيسير الأرزاق ، والشفاء من كل داء ، ودوام المسرات ، والسلامة من العاهات ، وهو سلاح المؤمن الذي ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فكن على يقين من أن إجابة الدعاء معلقة بمشيئة الله تعالى ، والحق يقول {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء} الأنعام41

وقد ورد أن البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء ، فيعتلجان ، حتى يغلب الدعاء البلاء ، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلمحيث يقول {لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ }[2]

وقد وضح هذه الحقيقة الإمام الغزالي رضي الله عنه حيث يقول {فإن قلت : فما فائدة الدُّعاء ، والقضاء لا مردَّ له ؟ قلت : إن من القضاء ردَّ البلاء بالدُّعاء ، والدُّعاء سببٌ لردِّ البلاء ، واستجلاب الرحمة ، كما أن الترس سبب لردِّ الســـهم ، فيتدافعان ، كذلك الدعاء والبلاء يتعالجان}

فإذا ابتليت بمحنة يا أخي المؤمن فقل {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وإذا رأيت بليَّـة فقــل {سنَّة الله في خلقه} وإذا نزل بك مكروه {فاذكر أن الله ابتلى بالمكاره الأنبياء ، والمرسلين ، والأولياء ، والصالحين} فمن كانت له فطنة وبصيرة ؛ علم أن أيام الابتلاء قصيرة

وإياك والقلق والاضطراب ، والاستسلام للنحيب والبكاء ، واليأس من تحقيق الرجاء ، وكن كالشجرة العظيمة العالية ، لا تؤثر فيها الرياح العاتية ، فإذا صادفتك مشكلة فافحص أوجه حلِّها ، حتى لا تقع في مثلها ، وخذ في الأسباب ، وانتظر الفرج ، ولا تفقد الأمل ، ولا تضيِّع وقتك في القلق والاضطراب ، وفي لعن الحياة ، ودع التدبير لمدبِّر الأكوان ، مع الأخذ في الأسباب

واعلم أن الله وحده يصرِّف الأمور ، ويفرِّج الكروب ؛ فاعرض مشاكلك كلها عليه ، وإن لم يكن ما تريد ، فليكن منك الرضا بما يريد ، والله غالبٌ على أمره ، فقد أوحى الله إلى شعيب عليه السلام {يا شُعيب ، هبْ لِي مِنْ وَقْتِكَ الْخُضُوعَ ، وَمِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ ، وَمِنْ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعَ ، ثُمَّ ادْعُنِي، فَإِنِّي قَرِيبٌ}

فاتَّجه يا أخي إلى الله ، وعوِّد لسانك مناجــاة الله ، وتوقع الخير دائمـــــاً من الله ، وكرِّر دائــــــماً قول الحق سبحانه {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} الطلاق7​

 
رد: الدعاء نور الروح

طرح قيم ومفيد اختنا النقاء بارك الله فيك
نسأل الله الرضا والصبر ونيل الاجر في كل الاحوال
تقييمي وشكري واحترامي وتقديري لك
 
رد: الدعاء نور الروح


نعم الدعاء نور الروح
بارك الله فيكِ اختي النقاء
ع هذا الطرح القيم
وجزاكِ ووالديكِ جنات النعيم إن شـاء الله

تقييمي وتقديري لك "
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى