اشعارات

ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان

مرهفة حس

New member


بـــــســـم الــلـه الـرحـــمـــن الــــــرحــــــــيــــم



ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"..

حكمة عظيمة نتناقلها فيما بيننا ،

وتُوضع فوق مكاتب النخبة المشهورين وكثير من المفكرين والجمعيات الخيرية ،

وقد يعيها البعض ولا يعيها آخرون ولا يعي مضمونها ناس بين هؤلاء وأولئك ..

كنت دائماً أقرأ العبارة السابقة وأفهمها كما فهمها الكثيرون ،

وهو أنها تشير إلى أهمية الجانب الروحي والمعنوي للإنسان في حياته ؛

لكن تولد لديّ فهم جديد لها في ضوء حديث نبوي شريف جاء فيه :

"الكلمة الطيبة صدقة"،
---

الشاعر الألماني ريلكه يحكي عن جانب من حياته في باريس فيقول :

" كنت أذهب للجامعة كل صباح بصحبة صديقة فرنسية ,

وكانت هناك متسوّلة تجلس في أحد الجوانب تلتقط ما يلقى إليها من النقود المعدنية ..

لم أفكر يوماً أن أعطيها شيئاً ؛

ربما لأني لم أجد يوماً ما أقدّمه في ذلك الوقت ؛

بينما كانت صديقتي تعطيها بضعة فرنكات ..

فكرت أن أمنحها شيئاً يساعدها على مشقة الحياة وتستطيع الانتفاع به ،

وبالفعل حملت زهرة لطيفة منحتها إياها في صباح يوم ما ؛

لكن يا للعجب لقد كان أثر ذلك فوق التصور ؛

لقد رفعت العجوز عينيها ونظرت إليّ بحنان ورقة غريبة ،

ثم وقفت بصعوبة لتمسك بيدي وتقبّلها , ثم مضت وهي تضم الوردة إلى صدرها .


وبعد ذلك غابت السيدة عن مكانها المعهود أياماً ثم عادت كسابق عهدها

جامدة منكّسة الرأس تمد يدها لتلتقط ما يلقى إليها ؛

فسألت صديقتي الفرنسية :

"أين كانت طوال الأيام السابقة ؟

وممّ كانت تعيش وتقتات ؟

فأجابت : من الوردة".



هل ما جاء في هذه القصة هو ما عناه النبي صلى الله عليه وسلم

حين ضم الكلمة الطيبة إلى مفهوم الصدقة

التي هي مساعدة مادية ملموسة تعين المسلم الفقير على حياته ؛

فهل الكلمة الطيبة بهذا الحجم وبتلك القيمة التي توازي القيمة المادية ؟

ومثلها معانٍ أخرى روحية كالبسمة مثلاً كما قال صلى الله عليه وسلم :

"تبسّمك في وجه أخيك صدقة

وأمرنا تعالى حين ندفع القيمة المادية للفقير أن نقرنها بقول لطيف يرفع معنوياته

ويعينه على الحياة ،

أو بدعوة طيبة تنفعه ويسعد بها فقال :

{وقولوا لهم قولاً معْرُوفًا} .

لقد وعى عظماء المفكرين وعلى رأسهم النبيّون والعارفون معنى الكلمة ،

ودورها في حياة الإنسان وإحيائه ،

فتكون غذاء للجسد كما هي غذاء للروح ..

بل إن العشاق في كل زمان يشعرون بقيمة هذه الكلمة في حياتهم ،

قيمة قد تغنيهم عن الغذاء المادي ؛

حين يسمع الحبيب صوت محبوبه أو يجلس معه أو يقرأ خطاباً منه

أو يسمع خبراً عنه .

فلا تبخل/ي -- بكلمة طيبة أو بسمة لطيفة أو نظرة حنون

أو مسحة على رأس أو ربتة على كتف

تُدخل بها السرور على قلب مَن حولك ،

وتحمل في طياتها معاني المحبة والتآخي، وتكون لك ذخراً وصدقة .
 

عودة
أعلى