لكل داء دواء

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع الصبر
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • الردود 1
  • المشاهدات 3,107

الصبر

عضو جديد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أيها الأخوة الكرام:
موضوع الدرس اليوم موضوع يمس كل إنسان، هذا الموضوع حول أن إنساناً أصابته مصيبة، هذه المصيبة نغصت عليه حياته أو قلبت حياته إلى جحيم، ما السبيل إلى الخلاص منها ؟ هل في هذا الدين القويم، وهذا الشرع الحنيف، دواء ناجح لهذا الداء، وما أكثر المصائب، مصائب في المال، مصائب في النفس، مصائب في الأهل.
ثبت أيها الأخوة في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً))
(البخاري ـ ابن ماجة )
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلا، النفي والاستثناء، هذه صيغة الحصر يعني أي داء أنزله الله عز وجل أنزل له شفاءً، بقي الداء بأوسع معانيه الداء المادي والداء المعنوي، الداء في الجسم، والداء في النفس.
(( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً))
وفي صحيح مسلم:
((عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))
( مسلم ـ أحمد )
أولاً هذا الحديث يملأ النفس ثقةً برحمة الله، ثانياً الحديث علمي كل شيء خلقه الله مما يؤذي الإنسان خلق له ما يشفيه، طبعاً فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، هذا الموضوع متعلق بالطب إذا عرف الطبيب حقيقة المرض ووصف له الدواء برأ بشرط أن يسمح الله لهذا الدواء أن يفعل فعله، وفي حديث ثالث ورد في مسند الإمام أحمد:
(( عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ))
(أحمد ـ ابن ماجة )
((عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَدَاوَى، قَالَ: نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً أَوْ قَالَ دَوَاءً إِلا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ قَالَ الْهَرَمُ قَالَ أَبمو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))
( الترمذي ـ أبي داود ـ ابن ماجة)
حديث رواه الإمام البخاري، وحديث رواه الإمام مسلم، وحديث رواه الإمام أحمد في مسنده كل هذه الأحاديث تبين أن أي داء خلقه الله خلق له شفاءً، يأس لا يوجد، قنوط لا يوجد، اليأس هو الكفر القنوط هو الكفر، لا يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون، قال تعالى:
﴿لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)﴾
(سورة يوسف )
القنوط واليأس يساويان الكفر، السبب لأن المؤمن يؤمن بأن الله بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير وأن العبد إذا دعاه سمعه فإذا كان الدعاء خالصاً استجاب الله له.
النقطة الثانية الآن هذه الأحاديث الصحيحة أريد أن أصل منها إلى تعميم الموضوع لا إلى تضيقه، أكثركم توهم أن لكل داء دواء يعني كل مرض الله خلقه في الإنسان له دواء، أنا أريد أن أوسع هذا أي مرض يصيب الإنسان حتى ولو كان مرضاً نفسياً، حتى ولو كان قضية في الدين، كل مشكلة لها حل والدليل:
(( عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ، فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ شَكَّ مُوسَى عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ))
( أبي داود )
إذا إنسان لا يملك الجواب هذا داء ـ الجهل ـ شفاءه السؤال، معنى هذا أن النبي وسع الموضوع، الأحاديث الصحيحة الثلاثة ليست متعلقة بالطب فقط، إنسان يعاني من مرض الجهل، هذا المرض دواءه السؤال فقال عليه الصلاة والسلام:
((قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ أَوْ يَعْصِبَ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ))
أخبر أن الجهل داء وأن شفاءه هو السؤال، طبعاً درسنا اليوم نريد من هذا الدرس أن نوسع مفهوم هذه الأحاديث، أي مشكلة تعاني منها أي قضية نفسية، اجتماعية، أسرية، زوجية، مالية، اقتصادية مرضية، أي مشكلة تعاني منها ما من داء إلا وقد خلق الله له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، يعني إن لم تعلم الدواء ليس معنى هذا أن الدواء غير موجود، إن لم تعلم الدواء اسأل من يعلم الدواء لكل داء دواء.
الآن القرآن الكريم الله عز وجل جعله شفاءً، لا شك أعيد مرة ثانية الأحاديث الصحيحة الثلاثة التي بدأت بها الدرس قد يتوهم أحدكم أنها متعلقة بالجسم فقط، الله عز وجل جعل القرآن هو الشفاء، كم من مشكلة فكرية يعاني منها الإنسان يجد حلها في القرآن، كم من سؤال مستعصي يراود الإنسان يجد حله في القرآن، كم من حالة كآبة يعاني منها الإنسان يجد حلها في القرآن فالله سبحانه وتعالى يقول:
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾
( سورة فصلت (
القرآن شفاء، ربنا جل جلاله جعل هذا رحمةً لنا وشفاء الأمراض النفسية، أمراض في الفكر، أمراض في العقيدة الأزمات النفسية، الضيق النفسي، اليأس أحياناً الشرود، الخوف الشديد، الخوف المرضي، هذه كلها أمراض شفاؤها بالقرآن.
أيها الأخوة:
يوجد عندنا دواء لكل داء، الآن بدأنا في الأدوية، دواء لكل داء في متناول كل إنسان وبإمكان كل إنسان أن يتناوله، مبذول ولكن لا أحد يعبأ به، والله الذي لا إله إلا هو إن هذا الدواء يفعل فعل السحر في الأمراض، هذا الدواء هو الدعاء، أنا أعلم علم اليقين أن أناساً كثيرين لا يقيمون وزناً للدعاء، ما الدعاء ؟ أنت حينما تدعو خالق الكون الله جل جلاله بعلمه وقدرته، ورحمته معك، فأي شيء تخافه عندئذ، لكن الدعاء له شروط، الآن أخ يعاني من مشكلة، يعاني من ضيق ذات يد، لا سمح الله من مرض عضال، من شبح مصيبة من مشكلة في بيته، من مشكلة بأولاده، مشكلة مع زوجته مشكلة في دخله، في رزقه، مشكلة في نفسه كآبة، أية مشكلة تعاني منها الدعاء هو الشفاء لهذه المشكلة، لكن الدعاء علمه أصحاب رسول الله فاستعملوه كما أراد الله.
أولاً يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ))
( الترمذي)
أول شرط من شروط الدعاء المستجاب أن يجتمع القلب مع اللسان دعاء باللسان لا قيمة له، لا يستجاب أما إذا كان القلب مع اللسان كان القلب خاشعاً، وكان حاضراً، وكان مخلصاً وجاء الدعاء فهذا الدعاء يعد أكبر سلاحاً بيدك، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ))
دعاء فصيح، صوت مرتفع، موزون، فيه سجع، منتقى، محكم والقلب غافل، والقلب ساه ولاه، هذا الدعاء لا يقبل أما إذا جعلت قلبك مع لسانك، كان قلبك حاضراً وخاشعاً، وكان قلبك ملتفتاً إلى الله عز وجل فهذا الدعاء يفعل فعلاً سحرياً، أول شرط صحوة القلب وحضوره.
الشرط الثاني: أكل المال الحرام يبطل قيمة الدعاء، في الدخل يوجد شبهة، لا يوجد ورع، لا يوجد دقة، في البيع كذب، تدليس إخفاء عيب، يمين كاذبة، يمين فاجرة، في تساهل، في آلاف المخالفات في البيع والشراء، إذا كان في مخالفات في البيع والشراء صار المال حرام ومن أكل طعام اشتراه بمال حرام منع الدعاء المستجاب.
أيها الأخوة:
ما الذي زهد الناس بالدعاء ؟ أن المسلمين يدعون الله ليلاً ونهاراً صباحاً ومساءً، في لقاءاتهم، في محاضراتهم، في خطبهم، في صلواتهم، وأدعية فصيحة وعالية، وموزونة، ولا تجد أن هناك استجابة من الله عز وجل، لذلك الناس بجهلهم انكمشوا عن الدعاء منذ متى نقول الله شتت شملهم أعداءنا اليهود، اللهم فرق جمعهم اللهم اجعل كيدهم في نحرهم، لم يصبهم شيء إلى الآن، والمشكلة بالداعي مهما كان الدعاء فصيحاً، مهما كان الدعاء قوي صوت مرتفع، يحتاج إلى حضور قلب، أكل المال الحرام يبطل قيمة الدعاء، يقول عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث ورد في صحيح مسلم:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) وَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ))
) مسلم ـ الترمذي ـ أحمد ـ الدارمي (
أحياناً تكون آلة كبيرة جداً لا تعمل، يكون خط مقطوع كهربائي إذا وصل عملت، هذا الدعاء افرضه آلة كبيرة إذا في أكل مال حرام أو القلب ساه ولاهي الدعاء لا يفعل فعله، ندعو فلا يستجاب لنا.
ذكر الإمام أحمد في كتاب الذكر أن بني إسرائيل أصابهم بلاء فخرجوا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إلي أكفاً قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم لم تزدادوا مني إلا بعداً.
يعني يارب أي عبادك أحب إليك ؟ قال: أحب عبادي إلي تقي القلب نقي اليدين لا يمشي إلى أحد بسوء. اليد النظيفة والقلب الطاهر والنفس الطاهر هذا الدعاء يفعل فعله.
يوجد قصة جرت معي يوجد فائدة من روايتها، والقصة أعتقد قبل خمسة عشر سنة في هذا المسجد، بعد أن انتهى درس الأحد أنا خرجت رجل استوقفني خارج المسجد وقال لي: بعثني إلى عندك فلان ـ وذكر لي اسم صديق توفي رحمه الله ـ قلت له: ما الموضوع؟ قال: لي عندك سؤال، قلت: تفضل ـ وذهبت به إلى البيت وكانت بيتي في العفيف، قال لي: أنا شاب أحمل شهادة عليا درست في أوربا، ولي منصب رفيع في معمل وأنا مصاب في مرض الصرع أقع في الساعة، هل يوجد عندك حل لهذا المرض ؟ قلت له: أنا ليس طبيب، قال: لا هل يوجد عندك حل كرجل دين وأنا أعلم أنك لست طبيباً ولكن كرجل دين مشكلتي هل لها حل عندك؟
طبعاً اسمحوا لي أن أقول لكم أنا تورطت وقلت له يوجد حل عندي قال تعالى:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)﴾
(سورة النساء )
طبعاً قلت هذا الكلام، قال لي: ماذا أفعل ؟ قلت له: تب إلى الله توبةً نصوحة، ولكن أنا ما التقيت بإنسان مهتم ومتطلع إلى حل لمشكلته، قال لي: ماذا أفعل ؟ يعني ذكرت له غض البصر مثلاً أداء الصلوات في أوقاتها، ضبط السان، ضبط المنزل، ضبط الزوجة، وأذكر أنه أخرج ورقة وكتب، أربعين خمسين بند، ويقول ماذا أفعل، ويبدو أنه متلهف تلهف بلا حدود، وذكرت له بعض الطاعات وبعض المخالفات، قال لي: إن شاء الله سأفعل.
أذكر أن هذه الحادثة يوم الأحد، الأحد الثاني قال لي: تأتيني في الأسبوع ثلاث مرات أربع مرات، مرة في السيارة، مرة في المكتب مرة في الطريق، قال لي: حياتي جحيم لا يطاق وأنا أحمل شهادة عليا ودارس دراسة عليا، ولي عمل، ولي بيت وزوجة، شيء لا أحتمله، قلت له: خير إن شاء الله والذي أعرفه أن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)﴾
(سورة النساء )
ولكن بعد أن ذهب كأني ندمت هل معقول مرض في الدماغ تخريش في الدماغ، مرض مستعصي ليس له حل أنت بهذه البساطة قلت له حل، والله الذي لا إله إلا هو الدرس الثاني حضر الدرس وسلم علي بحرارة وقال: أستاذ أبشرك أول أسبوع ما صار معي ولا حادثة، ولكن أنا رأيته صادق جداً في عزيمته على التوبة، يكتب ثاني جمعة سألناه قال: الحمد لله، أذكر سبع أسابيع كنت أسأله كل أسبوع، الأسبوع الثامن غاب قلت في نفسي رجعت له وأنا شعرت بإحباط لأني تورطت معه وقلت له لها حل طبعاً استقيم الله يعافيك الأسبوع التاسع رجع وهو الذي بادرني، قال: اطمئن على مبدأك أنا ارتكبت مخالفة ورجعت لي والله، دخل إلى عند صديق له ويوجد اختلاط وسهر وملأ عينيه من الحرام وغلط فقال: في الطريق جاءتني، بعد هذا الله عز وجل أخذ بيده والتقيت به منذ فترة وطمأنني، يعني مرض ليس له شفاء مستعصي ولكن عامل الله عز وجل بإخلاص.
أنا أردت من هذا الدرس إذا أخ عنده مشكلة، عنده قضية، قضية مسدودة الأمل ضعيف، المرض عضال، المشكلة مستحكمة القضية مالية، أنت تخاطب خالق الكون كل شيء بيده، كل شيء بيده لا يستعصي عليه شيء وهو على كل شيء قدير، قال تعالى:
﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾
(سورة الشعراء )
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)﴾
(سورة الذاريات )
يوجد أدلة كثيرة جداً لا يوجد أخ إلا وعنده قصص، أنت تعامل رب العالمين من بيده ملكوت كل شيء، يجير ولا يجار عليه، فإذا الإنسان شعر أنه ليس من المعقول أن الله يشفيني، أن يخلصني ليس معقول... معنى هذا أنت يائس من رحمة الله، هذا اليأس نفسه مرض، أما المؤمن يوجد عنده تفاؤل، ثقة بالله عز وجل ليس لها حدود.
الدعاء كما قال عنه العلماء من أنفع الأدوية، صدقوني أيها الأخوة إذا أخ عرض لي قضية يبدو أنها مستعصية وليس لها حل، والطرق كلها مسدودة أنصحه بإخلاص، بصلاة الليل وأن يدعو الله في السجود، ياربي ألم تقل في الحديث الصحيح:
((إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ ))
( البخاري ـ مسلم ـ الترمذي ـ أبي داود ـ ابن ماجة ـ أحمد ـ الدارمي )
فكل إنسان يعاني من مشكلة وطبق هذه الشروط دخل حلال، في دخله لا يوجد كذب ولا تدليس، ولا غش، ولا احتيال، ولا إيهام ولا احتكار، ولا إيهام، وقلب حاضر خاشع، وإخلاص لله أنت بالدعاء أقوى إنسان على وجه الأرض أنت أقوى من أي مشكلة أقوى من أي مرض، أقوى من أي قضية تبدو مستحيلة الحل.
الدعاء من أنفع الأدوية، عدو البلاء، يدافع البلاء ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخففه إذا نزل سلاح المؤمن، من حديث علي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
((الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض))
أنا أريد هذاالدعاء الذي يئس الناس منه، لأنهم يسمعون أدعية فصيحة جداً والله لا يستجيب، نحن نريد دعاء طاهر، دعاء من قلب خاشع، دعاء من إنسان مستقيم، دعاء من إنسان دخله حلال دعاء من ورع، أنت بالدعاء أقوى إنسان على وجه الأرض، أيام يقول لك إنسان عندي زوجة لا يوجد إمكان أن تنصلح، غلطان الله تعالى قال:
﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾
( سورة الأنبياء )
عندي ابن شارد، الله عز وجل يهديه إليه، الآن استمعوا أيها الأخوة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم في مستدركه من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة، الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء))
أنا لا أطلب منكم أن تتركوا السعي وتتوانوا وتدعوا، لا، تقوم بالأسباب بكاملها ولكن وحدها لا تكفي، عليك أن تؤدي الأسباب كلها قال تعالى:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85)﴾
( سورة الكهف )
إياك أن تفهم مني أن تدع الأخذ بالأسباب، أبداً هذا سلوك فيه معصية، تأخذ بكل الأسباب، يعني ابن مريض تأخذه عند أمهر الأطباء وتنفذ التعليمات بأدق تفاصيلها، ثم تقول يارب أنت الشافي أنت المعافي، الأمل بك، الرجاء منك، يوجد فرق بين أن تأخذ بالأسباب وتعتمد عليها، وبين أن تأخذ بها طاعةً وأن تعتمد على الله هذا موقف دقيق، يوجد عندك منزلقين الأخذ بالأسباب منزلق، وأن تعتمد عليها، وترك الأسباب معصية فأنت إنك عاص إن لم تأخذ بها وإما أن الإنسان مشرك إن اعتمد عليها، لكن البطولة أن تأخذ بها وأن تجعل ثقتك بالله عز وجل، يقول عليه الصلاة والسلام من حديث ثوبان فيما رواه الحاكم والترمذي:
((لا يرد القدر إلا الدعاء ))
أنا والله الذي لا إله إلا هو لا أصدق إنسان قام في جوف الليل فتوضأ وناجى رب السماوات والأرض، يارب هذه مشكلتي بين يديك هذه قضيتي، هذه مصيبتي، أنت القادر على شفائي أنت القادر على رفع البلاء، الأمل معقود عليك أن القوي ونحن الضعفاء، أنت الغني ونحن الفقراء، لا يوجد إنسان يقف ليصلي ويناجي الله ويضع كل ثقته بالله الله يخيب رجاءه، قال تعالى:
﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62)﴾
( سورة النمل )
التقيت من أسبوعين مع أخ قال لي: يوجد إنسان أخذ منه مبلغ كبير على أساس يعطينا أرباح طائلة وكان نصاب، والمبلغ كبير وأنا جمعته من أقربائي، وآخذ مبالغ كبيرة من الناس وجدت لا يوجد أمل ذهب المبلغ، قال لي: صرت أصلي قيام الليل هذا المبلغ ليس لي وثقوا مني وأعطوني إياه، أقسم لي بالله أنه ما أعطى أحداً مبلغه الكامل، كيف لا أعرف، أعطاني مبلغي بالتمام والكمال ولم يعطِ أحداً غيري، بفضل الدعاء، أنا أشجعكم أعطيكم ألف دليل على أنك إذا دعوت الله مخلصاً مهما تكن قضيتك عويصة، مهما تكن المشكلة مستحكمة، مهما بدا لك الطريق مسدوداً، مهما بدت العقبات كؤدةً مهما بدا لك الأمل ضعيفاً، الله عز وجل هو القوي، الغني، بيده كل شيء، وقد تجد استثناءات غير معقولة.
أنا أعتقد أنه لا يوجد أحد من أخوتنا الكرام إلا عنده عشرات القصص التي تؤكد هذا الكلام، الآن يوجد شيء بالدعاء الإلحاح بالدعاء، يقول دعيت أنا، لا، يجب أن تلح في الدعاء لأن الله يحب الملحين في الدعاء اسأله مرة، ومرتين، وثلاثة، والظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وأنت تمشي في الطريق، وأنت تقود مركبتك، وأنت في بيتك يارب ليس لي غيرك، الله يحب الإلحاح، لا تلح على إنسان إلا أن الله يحبك، الإنسان إذا ألححت عليه يكرهك أما الله بالعكس مهما ألححت على الله فإنه يحبك.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لا يَسْأَلْهُ يَغْضَبْ عَلَيْهِ))
( أحمد ـ الترمذي ـ ابن ماجة )
وفي حديث آخر:
((لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد))
النبي الكريم في غار ثور وصلوا إلى الغار قال سيدنا الصديق: لو نظر أحدهم إلى موقع قدمه لرآنا، في الخندق قال تعالى:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾
( سورة الأحزاب
﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (25)﴾
(سورة الأحزاب)
الآن دخلنا في تفاصيل الدعاء، الإلحاح في الدعاء:
((مَنْ لا يَسْأَلْهُ يَغْضَبْ عَلَيْهِ))
((لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد))
تدعو وتهلك مستحيل، مستحيل على ذات الله أن تدعوه وأن يهلكك، وفي الحديث الصحيح:
((إن الله يحب الملحين في الدعاء ))
موانع الدعاء أول مانع أن يكون في دخل حرام، ثاني مانع أن يكون القلب ساه ولاه عن الله، أن لا يكون في خشوع، المانع الثالث هذا المانع أن يستعجل العبد وأن يستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً، بذر بذراً ويقول زرعنا البارحة الزيتونة أين الزيتون ؟ لم تخرج فقلعها هذا الذي يستعجل ويقول دعوت فلم يستجب لي، ليس أنت تفرض على الله عز وجل وقت الإجابة، أنت دعوت انتهى دورك الآن انتظر من الله أن يستجيب لك في الوقت المناسب وفي الوضع المناسب، الله جعل لكل شيء قدر، أما الذي يقول دعوته ولم يستجب لي معنى أنت فرضت على الله عز وجل تنفيذ الدعاء بوقت معين، لا هذا سوء أدب مع الله، لذلك قال عليه الصلاة والسلام بالحديث الصحيح في صحيح البخاري:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي))
(البخاري ـ مسلم ـ الترمذي ـ أبي داود ـ ابن ماجة ـ أحمد ـ مالك )
إذا قلت دعوت ولم يستجب لي معنى ذلك أنك تعجلت وكأنك يئست من رحمة الله، وكأنك فرضت على الله وقتاً معيناً لإجابتك وهذا من سوء أدبك مع الله، دعوت وقت الإجابة بيد الله عز وجل، قال تعالى:
﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾
( سورة يوسف)
بعد كذا سنة الله عز وجل استجاب، وفي صحيح مسلم:
((َعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ: يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ))
( البخاري ـ مسلم ـ التركذي ـ أبي داود ـ ابن ماجة ـ أحمد ـ مالك )
إذاً من المصيبة الكبيرة أن تدع الدعاء لتوهمك أن الله لم يستجب لك، كم مانع صاروا ؟ ثلاثة غفلة القلب، والدخل الحرام والاستعجال هذه موانع الدعاء، وفي مسند أحمد:
((عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ ؟ قَالَ: يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي))
(أحمد )
أنت لا تعرف متى الإجابة المناسبة، أنا ذكر لي أخ هو طالب طب كان يدرس في حلب وقال لي: أنا بلدي في إدلب يوم الخميس أردت أن أذهب إلى بلدي جاء إلى مركز الانطلاق في سيارة خمس ركاب جلست في المقعد الأمامي ـ وهو قطعته صغيرة ـ المقعد الخلفي ملآن ناقصهم راكب، يأتي شخص ضخم الجثة، عظيم الهيئة يعني متعجرف، متكبر مع صديقه، قال لي: فتح الباب وحملني ولم يكلمني وركب هو وصديقه، قال لي: شعرت بدناءة وذل يقول لي اسمح لي بالمحل أعطيه المحل، ما تكلم وركب ومشي، قال لي: اشتغل الحقد بنفسي، بحياتي ما نويت أن أقتل مثل هذه الساعة انتظر ساعة ثانية حتى امتلأت السيارة عند ـ تفتناز ـ السيارة قلبت والكل ماتوا، صار في انزلاق ومات جميع الركاب، خلال ثانية انقلب الذل والحقد إلى شكر إلى الله عز وجل، الحمد لله الذي حملني ووضعني خارج السيارة.
أحياناً الله عز وجل يريك أنت تمتلئ حقد، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، هذه الآية عندما تقرؤونها يجب أن تدخل إلى أعماقكم، قال تعالى:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
(سورة البقرة)
أيام سبب نجاتك إساءة لك، فلذلك يقول بعض العلماء: إذا جمع مع الدعاء حضور القلب وصادف وقتاً من أوقات اليجابة الست متى أوقات الإجابة ؟
الثلث الأخير من الليل، هذا أول وقت إجابة، في السحر.
وعند الأذان، إن سمعت المؤذن فادعو فوقت الأذان وقت الإجابة.
ـبين الأذان والإقامة.
عقب الصلوات المكتوبات، تنتهي من صلاتك، اللهم اهدني فيمن هديت، عافني فيمن عافيت، أعني على دوام شكرك وذكرك وحسن عبادتك لا تدع الدعاء عقب الصلوات الخمس لأن هذا الوقت وقت إجابة.
وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تنقضي الصلاة أنت في بيت الله، أنت ضيف لله عز وجل.
وآخر ساعة بعد عصر ذلك اليوم، عصر يوم الجمعة وقت إجابة.
إذا جمع مع الدعاء حضور القلب، وصادف وقتاً من أوقات الإجابة، وانكساراً بين يدي الله عز وجل، وذلاً وتضرعاً لله ورقةً، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد بن عبد الله، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة، وتملق الله، ودعاه رغبةً ورهبةً، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبداً، ولاسيما إذا صادف الأدعية التي أخبر عنها النبي أنها مظنة إجابة، دعا بدعاء النبي.
دعاء النبي:
اللهم إني عبدك، وابن عبد، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في قضاؤك، نافذ في حكمك، أعوذ بنور وجهك التي أشرقت له السماوات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أعوذ بك أن تحل علي غضبك، أو تنزل بي سخطك، أعوذ بك من تحول عافيتك وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، ولك العتبة حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا من دعاء النبي، احفظوا أدعية النبي لابد لك أخ منا من كتاب الدعاء المستجاب، كتاب صغير أدعية النبي احفظوها أدعية جامعة مانعة، من أدعية النبي المأثورة:
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ: فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ))
(الترمذي ـ ابن ماجة )
لأن سيدنا يونس غريب ما دعا الله قال تعالى:
﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾
(سورة الأنبياء)
ما دعا ولكن عندما قال لا إله إلا أنت سبحانك هذا دعاء، الثناء دعاء، الثناء على الله دعاء، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
يعني أخ من أيام في جامع الطاغوسية جالس يحكي قصته له مع أخ مبلغ ضخم وهذا الإنسان صعب، فكان دعاءه لله مخلص، بعد أن دعا لله دعاء مخلصاً الله عز وجل ملامح الفرج واضحة أمامنا سجد لله من شدة شكره لله والله وفقه لأنه صار الطريق واضح لنيل المبلغ فشكر الله بالسجود فوراً، أنت تعامل مع الله مباشرةً اعرض له همومك، مشكلاتك، ارفع قضيتك له، اسأله، بعلمه بقدرته، بحكمته، برحمته.
((سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ: فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ))
((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا يَعْنِي وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: تَدْرُونَ بِمَا دَعَا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى))
( النسائي ـ أبي داود )
((عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا
هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ ( الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) ))
 
رد: لكل داء دواء

يتبع
( الترمذي ـ ابن ماجة ـ الدارمي )
((عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ))
(أحمد)
أي احتموا، يعني تعلقوا بها والزموها وداوموا عليها، إذاً الرحمن الرحيم، الحي القيوم، ذو الجلال والإكرام هذه فيما ورد عن النبي من أسماء الله العظمى، من أجمع أدعية النبي عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ))
(ألترمذي)
أيضاً في جامع الترمذي:
((عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ))
(الترمذي ـ أحمد )
قال الترمذي حديث حسن صحيح، ذي النون سيدنا يونس، يوجد أيضاً حديث آخر عن سيدنا سعد:
((ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من بلايا الدنيا فدعا به يفرج الله عنه، فقيل له: بلى، قال: دعاء ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ))
هذا الليل أمامكم، وكل واحد بإمكانه أن يصل إلى ما يريد عن طريق الدعاء بشرط أن يكون دخله حلال، قلبه خاشع، لم يستعجل هذه ثلاث موانع للدعاء وإن كان في وقت إجابة أفضل.
من أدعية النبي صلى الله عليه انه قال:
((عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ))
(أحمد )
الحقيقة إذا قرأتم السنة لوجدتم أن أحوال النبي كلها أدعية، إنسان خرج من بيته إلى السوق يوجد خمسين مطب في السوق، يوجد صفقة خاسرة، في دين ميت، في مشكلة مع التموين، في ألف مشكلة:
((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ))
( أبي داود ـ الترمذي ـ النسائي ـ ابن ماجة ـ أحمد )
أقدمت على عمل قل: اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك يا ذا القوة المتين.
بيدك سلاح خطير خالق الكون يصير معك، بعلمه وحكمته وقدرته، وغناه، ورحمته، إذا دعوته، كن مع الله ترى الله معك بعضهم قال ونحن في ختام هذا الدرس: الدعاء سلاح لكن السلاح يحتاج إلى ساعد قوي، يحتاج إلى ساعد قوي فإن سلاح السلاح لا بحده بل بساعده.
ليس كل إنسان قرأ الدعاء وصل، قلب طاهر، يد نظيفة، دخل حلال، قلب خاشع، وقت إجابة، تذلل، تضرع، إخلاص، المهم الساعد القوي الذي يحمل هذا السلاح الفتاك ولا يوجد مانع، سلاح وساعد قوي، وانعدام المانع، والمانع كما قلت لكم، والمانع دخل حرام، استعجال، قلب غافل.
لا يوجد مانع يوجد ظهر في القلب، وإخلاص، والدعاء موجود يصبح الدعاء من أنجح الأدعية التي في يد المؤمن فقد قال عليه الصلاة والسلام:
((الدعاء سلاح المؤمن))
أحياناً في موضوعات كثيرة تعرض في موضوع الدعاء تحتاج إلى معالجة متأنية، لكن أحد هذه الموضوعات قد يقول قائل: الله عز وجل يرانا ويعلم أحوالنا فلماذا أمرنا أن ندعوه ؟ يعني أب يرى ابنه بحاجة إلى معطف لا يشتري له هذا المعطف إلا إذا سأله ؟
العبرة أن الدعاء وسيلة وهدف في الوقت نفسه، وسيلة من أجل أن تصل إلى مرادك، أما هدف، الدعاء يعد أعلى درجة بالصلة بالله عز وجل، الدعاء هو نفسه هدف، فربنا عز وجل حينما يخلق لك حاجة وينتظر أن تدعوه من أجل أن تتصل به، من أجل أن تسعد بالاتصال به، من أجل أن تذوق طعم القرب منه، صار الدعاء هدف، إلى الآن كان وسيلة يوجد عندنا مشكلة يحلها، أما الآن يوجد شيء جديد الدعاء نفسه هدف، الدعاء اتصال بالله، الدعاء قرب الدعاء رحمة، أيام الإنسان يدعو الله فيتنعم بقربه وينسى موضوع الدعاء، يدعو الله يسعد بقربه من الله وقد ينسى موضوع الدعاء لأنه حصل المراد وصار قريب من الله عز وجل.
أيها الأخوة:
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يترجم هذا الدرس إلى أدعية من قبلكم الآن موضوع بين أيديكم حل لك مشكلة، الله عز وجل ما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا وكل إنسان يتحرى الحلال بدخله ويكون ورع ويدعو الله بقلب خاشع، ولا يقول دعوت ولم يستجب لي ولينظر كيف أن الله سبحانه وتعالى يذهب عنه الغم والحزن.
والحمد لله رب العالمين
 

اعضاء يشاهدون الموضوع (المجموع: 0, الاعضاء: 0, زوار: 0)

من قرأ الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

اعضاء قاموا بالرد في الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

عودة
أعلى