اللهم اجعلنا من المتقين

محمد عابد

عضو جديد
السلام عليكم
المتقون ذوو نفوس تقية، وقلوب زكية، تتوقى الضلالة، وتجتنب سبل الغواية، يعظمون شعائر الله، فيأتون الحلال تقرباً إلى الله، وحباً في الخير، ويبتعدون عن الحرام امتثالا لأمر الله، وبغضاً لما حرم الله. ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ [الحج:32].
المتقون أبعد الناس عن الانخداع بنزغات الشيطان وتوهيمه، فإذا مسهم طائف منه تذكروا فإذا هم مبصرون. قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (ينادى يوم القيامة أين المتقون؟ فيقومون في كنف الرحمن، لا يحتجب منهم ولا يستتر. قالوا: ومن المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا لله العبادة).

وقال ابن عباس رضي الله عنه: (المتقون هم الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من السيئات والهوى، يرجون رحمته بالتصديق بما جاء به من البينات والهدى).

المتقون قوم تنزهوا عن أشياء من الحلال المباح مخافة أن يقعوا في الحرام، فسماهم الله متقين. ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به البأس)).

وأصل التقوى، أن يعلم الإنسانُ ما يتقى ثم يتقيه. وفي صفات أهل الإيمان والتقوى يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (هم أهل الفضل، منطقهم الصواب، وملبسهم في اقتصاد، ومشيهم في تواضع، غضوا عن الحرام أبصارهم، ووقفوا على ما يستفاد أسمائهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت في الرخاء، عَظُم الخالق في نفوسهم، فصَغُر ما دونه في عيونهم، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، مطالبهم في الدنيا خفية، وأنفسهم عما فيها عفيفة، صبروا أياماً قصيرة، فأعقبهم راحة طويلة، يصفُّون أمام ربهم، جاثون على الركب، يطلبون النجاة من العطب، لا يرضون من الأعمال الصالحة بالقليل، ولا يستكثرون منها الكثير، من ربهم وجلون، ومن أعمالهم مشفقون، يتحملون في الفاقة، ويصبرون في الشدة، ويشكرون على النعمة، قريب أملهم، قليل زللهم، الخير فيهم مأمول، والشر منهم مأمون).

أيها المسلمون، قد يُرى المتقي في هذه الحياة رث الثياب، خشن المنظر، ضعيفاً متضعفاً، فتزدريه العيون، وتحتقره النفوس، وهو من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [النمل:53].

ورُبّ أشعث أغبر ذي طمرين باليين لا يؤبه له، مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله تعالى لأبر الله قسمه.

المتقون، رضوا بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، لا يأكلون الربا، ولا يستمعون الغناء، ولا يستحلون الرِشا، يطعمون الطعام، ويفشون السلام، ويصلون بالليل والناس نيام، ويصلون الأرحام طمعاً في دخول الجنة دار السلام.يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويخلصون النصيحة للمسلمين، يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، لا يستهينون بصغيرة من الذنوب، ولا يجترئون على كبيرة، ولا يصرون على خطيئة وهم يعلمون.

وإذا تحلى العبد بالتقوى اتصف بالإخلاص لله في كل عمل، وصدق الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم، فصار جميل الخلق، طيب القول، منافساً في الخير، سباقاً إلى كل فضيلة، يعبد ربه عبادة من يوقن بالوقوف بين يديه، والعرض عليه، ويخشاه خشية من يعلم أن الله مطلع عليه ويراه أينما كان، وأنه سبحانه وتعالى يجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

وهناك جانب مهم يغفل عنه فئام من الناس، وهو أن كثيراً منهم يظن أن التقوى هي القيام بحقوق الله تعالى، والابتعاد عن معصيته فقط، ويُفرطون في حقوق الناس، وهذا جميل وحسن، ولكن التقوى الكاملة هي القيام بحقوق الله تعالى وحقوق الناس جميعاً.
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وكثيراً ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله، والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها، والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جداً، لا يقوى عليه إلا الكُمَّل من الأنبياء والأتقياء".

فاتقوا الله تعالى حق التقوى، حققوا التقوى واقعاً ملموساً في حياتكم، قوموا بحقوق الله تعالى وحقوق عباده على الوجه الذي يُرضي الله عنكم
 
رد: اللهم اجعلنا من المتقين


جعلني الله وإياكم من المتقين..
جزاك الله خير اخي محمد
وجعله في موازين حسناتك إن شاء الله
وفقك الله وأسعدك بالدارين؛؛
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى