لماذا الغضب؟

الحنان كله

عضو لامع

بسم الله الرحمن الرحيم


يغضب الإنسان في حالات عديدة , ومواقف مختلفة , بعضها يستوجب الغضب , وبعضها عكس ذلك .

إذا رجعنا بذاكرتنا إلى الوراء , واستعرضنا المواقف التي أثارت مشاعرنا , واجتاح الغضب فيها أجوائنا , وجلسنا جلسة صدقٍ مع أنفسنا , لوجدنا أنّنا فقدنا الكثير من سموِّ ذاتنا , ويبدأ تأنيب الضمير على حقارة ما أقدمنا عليه , وذلك من خلال النتائج التي حصدناها بسبب اللجوء إلى تحكيم عواطفنا في مواقف هي بأشدّ الحاجة إلى تحكيم العقل .

حالات ومواقف كثيرة نمرّ بها , تجعلنا نفقد السيطرة على أعصابنا , ولكن ردّة الفعل تتفاوت بدرجة قوّة الموقف أو ضعفها , وقد نتخلّص من شحنة الغضب في حينها , وعادة هذه المواقف قد تتكرر يوميّاً , وفي أماكن مختلفة , فقد تكون في العمل , أو أثناء السير بالسيارة , أو في الأسواق , وفي مختلف التعاملات مع الآخرين .

والإنسان يستطيع اختزال كل هذه المواقف التي أغضبته , ويحفظها في اللاشعور لديه , لتنفجر في لحظة معيّنة , دون الخوف من أدنى ردّة فعل من ضحايا هذه اللحظة , فمن هم هؤلاء الضحايا ؟

إنهم أطفالنا , وكم من القصص المحزنة والمؤثرة التي سمعنا وقرأّنا عنها , وحُدّثنا بها , عن ضحايا غضب الأبّ , ذلك الغضب الواهي , الذي أعجزه عن مواجهة أسبابه الحقيقيّة , ويجعل تصرفات أطفاله البريئة هي السبب الرئيسي لغضبه .

وليت الأمر يقف عند هذا الحدّ , وإنّما هناك الإعصار الآخر القادم من جهة الأمّ , والتي قد تُعذر أحياناً , فإنّ همجيّة غضب الأبّ , يُختزل في اللاشعورٍ لديها.

كم تقطّع قلبي أسىً على أطفالٍ ضربوا ووبّخوا أمام مرأى من الناس , بعضهم يجهش بالبكاء خوفاً وذعراً , وشعوراً بالإهانة , وبعضهم يتقلّب ألواناً خجلاً وتحطيماً , وبعضهم يصمت وهو يموت داخليّاً , فما هو الذّنب الذي اقترفوه ؟.

لو جلسنا جلسة صدقٍ مع أنفسنا كما ذكرت , فهل سيكون حالنا أفضل ؟ , ويعمّ الأمان لدى أطفالنا ؟ .

إننا في حاجة ماسةٌ جدّاً للجلوس مع أنفسنا , ونعترف أمامها بضعفنا في مواجهة المواقف المختلفة التي تجتاح حياتنا يوميّاً , ونبدأ بالبحث عن سبل الوقاية والعلاج , وأن نُرجع الأسباب لمصدرها الحقيقي , ولا نختفي هرباً وخوفاً من ردّة الأفعال المختلفة , ونتأسّى بسنّة المصطفى صلّ الله عليه وسلم , وأن نُعوّد أنفسنا على الصبّر والتأني والهدوء .

ردّة فعل الغضب هي لحظات لا تتعدى في وقتها الثواني , ولكنّ ما يترتّب عليها نتائجه مخيفة , ويكفي أنّ ما تخلفه ردّة الفعل هذه في غالب الأمر , الحسرة والندامة , من مناظر لا يمكن للعين أن تنساها ولا للعقل أن يُنكرها , ولا للقلب أن يتجاهلها .

أطفالنا لن يبقوا أطفالاً , سيكبرون , فإمّا ثقّة وأمانٌ نزرعه في نفوسهم , وإمّا خوفاً ورعباً , فأين القلوب الرحيمة ؟

[أنّ رجلا قال للنبي صلّ الله عليه وسلم : أوصني ، قال : ( لا تغضب ) . فردد مرارا ، قال : ( لا تغضب )] , فأين نحن من هذا ؟



راق لي



 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى