لقاء مع فتاة عربية تحدت إعاقتها

نهى

عضو مشارك
منال يوسف فتاة سورية في العشرين من عمرها، تعيش مع أسرتها حياة متواضعة في إحدى قرى مدينة طرطوس، أصابها مرض الشلل الدماغي منذ طفولتها، وحال دون أن تحيا كباقي أقرانها بشكل طبيعي فحرمت من اللعب والدراسة وممارسة حياتها بشكل اعتيادي.

وتمتلك منال إحساسا مرهفاً وثقافة متنوعة وموهبة أدبية ناجمة عن تحديها لظروف إعاقتها، وواجهت المرض باللجوء إلى الكتابة، رغم عدم قدرتها على متابعة الدراسة التي نالت قسطا بسيطاً منها لبعد المدرسة عن منزلها، وعدم قدرة أهلها على دفع أجور مواصلاتها يومياً، والسير على الأقدام أمر صعب بسبب مرضها، رغم كل هذه الظروف نمت في داخلها موهبة الكتابة، واستطاعت تجاوز واقعها بنصوصها ونتاجاتها وقصائدها التي تنشر على صدر الصفحات الأدبية في الصحف المحلية السورية، كما أنجزت قبل أسابيع روايتها الأولى التي تفكر بطباعتها، وطباعة ديوان شعري. “الخليج” التقتها، وفيما يلي نص الحوار:





دمشق - نجلاء بكرو:

بداية حدثينا عن طفولتك؟
طفولتي كانت حزينة لأنني كنت أتساءل دائماً لماذا لست مثل باقي الأطفال الذين يلعبون في الحي، ويذهبون إلى المدرسة ويتكلمون ويضحكون ولا يعيقهم المرض مثلي عن اللعب واللهو. وأكثر ما كان يؤلمني أن أخواتي كن يرفضن اللعب مع زميلاتهن من أجلي ومن أجل اللعب معي فقط، وأنا غير قادرة على ذلك، مما يعني أنهن كن أسيرات لمرضي وإعاقتي.

هل سببت الإعاقة لك أحساساً سلبياً في نظرتك للآخرين؟
أجل منذ طفولتي عشت صدمة مبكرة لأن المرض أجبرني على ترك المدرسة، كنت أقف أمام النافذة وأراقب الأطفال الذين في مثل عمري وهم يذهبون إلى المدرسة ويعودون منها وهم فرحون، وأنا حبيسة البيت، كنت أتمنى أن أكون مثلهم.

كيف ظهرت موهبة الكتابة لديك؟
منذ طفولتي كنت أكتب كل ما يمس أحاسيسي حتى ولو كانت كلمات عابرة، وأنا أُسمي كل ما كتبته في مرحلة الطفولة “خربشات طفولية”.

ما إحساسك حين تكتبين، وماذا يمنحك هذا الإحساس؟
لا يمكنني وصف إحساسي عند الكتابة، عندها أكون سعيدة جداً، أشعر وكأنني أسير في حقل من النجوم، أما عندما أنتهي من الكتابة يزداد جمال ذلك الإحساس لأنني أكون كمن يصنع تمثالاً من الصخر. الكتابة حالة أنا بحاجة إليها كالماء والهواء لأنها تمنحني التوازن والديمومة في الحياة.

متى تكتبين؟

أكتب في كل الأوقات.. في حالات الحزن والألم والفرح، أكتب في المساء وأحياناً في الصباح الباكر عندما توقظني فكرة ما أكتب وأكتب دائماً لأن الكتابة حياتي.

هل شاركت في مسابقات أدبية؟
نعم شاركت في مسابقة على مستوى مدينة طرطوس، ونلت المركز الأول في مجال الخاطرة، كما شاركت في مسابقة أدبية في الشارقة وحصلت على المركز الثاني.

لمن قرأت؟، ومتى بدأت الكتابة؟

قرأت الأدب الروسي، وللعديد من الأدباء السوريين والعرب مثل: حنا مينا، وسعد الله ونوس، وحيدر حيدر وغادة السمان وأحلام مستغانمي، وغسان كنفاني، وجبرا إبراهيم جبرا، وقد وكنت استعير الكتب من المركز الثقافي في قريتي، وأصدقائي يقدمون لي بعض الكتب، وبدأت الكتابة في عام ،1997 وكتبت خاطرة هدية لوالدي بمناسبة عيد العمال، بسبب عدم وجود نقود لدي لأشتري له هدية، ولذات السبب كتبت لأمي بمناسبة عيد الأم، وتوالت كتاباتي ونشرت في صحف سورية منها: الوحدة، والبعث، والثقافة، والمسيرة عمريت، كما نشرت العديد من التحقيقات والمقالات إلى جانب النصوص الأدبية.

ما دور الأهل في رعاية موهبتك؟
أهلي منحوني رعاية خاصة، أمي لم تتركني، لحظة واحدة كانت رفيقتي، أُملي عليها ما أريد كتابته، تهتم بتفاصيل حياتي، باقي أفراد الأسرة شجعوني حتى أختي الصغرى فهي بابتسامتها تمنحني القوة والصبر والشجاعة، وفي أحيان كثيرة أشعر أن الله سبحانه وتعالى يوصيني بالصبر عندما أنظر إلى وجهها.

ما أحلامك؟

أحلم بالحصول على فرصة عمل حتى لا أكون عالة على أهلي وعلى المجتمع، وأن أجمع كل ما كتبته ونشرته ضمن كتاب، وأن أطبع روايتي “الحلم” وأتمنى أن أصبح مستقبلاً كاتبة مشهورة.



الأم والصديقة: كان لوالدة منال الدور الأبرز في تخطي ابنتها لإعاقتها وفي زيادة مساحة الأمل لديها، ودفعتنا العلاقة الممزوجة بالصداقة والزمالة والأخوة والأبوة علاوة على علاقة الأمومة، للحوار مع الأم.
ما الصعوبات التي واجهتك وأنت تتعاملين مع حالة ابنتك الصعبة؟
عانيت كثيراً بسبب وضعها الصحي، لم أترك طبيباً مشهوراً في سورية إلا وذهبت إليه أملاً في علاج مرض منال وكان التشخيص إصابتها بشلل دماغي ناجم عن نقص أوكسجين أثناء الولادة، وهي تستطيع أن تتحرك ولكن ببطء، وتتكلم بصعوبة.

كيف تعاملت معها في فترة الطفولة؟
منحتها رعاية خاصة، أكثر من أخواتها، الذين كنت احثهم على اللعب معها ورعايتها، أحيطها بالحنان، وأبعدها عن كل ما يزعجها، لأن الحزن والانفعال يؤثر في صحتها، منذ طفولتها إلى الآن لم أقصر أبداً في خلق الجو المناسب والمريح لها، أؤمن الغذاء المناسب والخاص لها، أعطيها الأدوية في وقتها، أنا صديقتها وأختها.

ماذا عن الصعوبات في مرحلة المراهقة؟
واجهت منال صعوبات نفسية في مرحلة المراهقة، وطلبت من جميع أفراد الأسرة أن نكثف جهودنا لمساعدتها، وأخذت مساحات زمنية كبيرة للتواصل مع صديقاتها.


منال لا تستطيع الإمساك بالقلم فمن يخط لها ما تريد أن تكتب؟
في البداية كنت أكتب ما تمليه عليّ، ورغم مشاغل المنزل وتربية الأولاد كنت أجد وقتاً لأخط ما تريد، فيما بعد أصبح أخوتها يساعدونها على الكتابة، ثم انتقلت هي للتعامل مع الكمبيوتر حيث تطبع وترسل موادها للصحف عبر البريد الإلكتروني.

بماذا تنصحين الأمهات اللواتي رزقن بأولاد من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
أنصحهن بالصبر، أنا والحمد لله لم أقصر تجاه منال، وإذا أنقصت عليها شيئاً أشعر وكأنني أنقصته عن نفسي، أنا ملتزمة بواجباتي تجاهها وتجاه الأسرة.
 
رد: لقاء مع فتاة عربية تحدت إعاقتها

العفو..زهره
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى