الرحمة في الاسرة

الحنان كله

عضو لامع
الرحمة في الأسرة


حين نبدأ قراءة القرآن الكريم، ونسمي باسم الله عز وجل نقول: بسم الله الرحمن الرحيم..

الرحمن.. الرحيم

قرن الله عز وجل صفة الرحمة تحديداً بالبسملة، ففي فاتحة الكتاب كانت البسملة هي الآية الأولي «بسم الله الرحمن الرحيم»..، وحين أمر الله تعالي الأبناء بالدعاء لوالديهم قال عز وجل في سورة «الإسراء» «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا»، وكأن أكثر ما يحتاجه الأب والأم من ابنهما هو الرحمة، وهذا هو موضوعنا اليوم، فالعلاقات الأسرية يجب أن تكون قائمة علي مبدأ يسمي الرحمة.

ألم تلاحظوا أنه كلما جاءت العلاقات العائلية في القرآن دائما ما تذكر معها كلمة «الرحمة» كمثل الزوج وزوجته «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً...» (الروم:٢١)، والأبناء والآباء والأمهات «وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيانِي صَغِيراً» (الإسراء:٢٤)، والعائلة الكبيرة مع بعضها أصلاً تسمي صلة الرحم.

انظر إلي ختام سورة البقرة وبعد كل الأوامر «... وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا...» (البقرة:٢٨٦)، هذا هو الختام، ودعاء الصالحين «... وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» (آل عمران:٨).

في يوم من الأيام عندما كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أميراً للمؤمنين كان هناك رجل تراجعه زوجته فترك لها البيت وذهب يشتكي لعمر، فذهب إلي بيته، فقبل أن يطرق الباب سمع صوت زوجة عمر وهي تراجعه، فلم يطرق الباب، وقرر أن يمشي، وبينما هو ذاهبٌ فتح سيدنا عمر الباب فقال: أجئتني؟

قال الرجل: نعم.

قال: أطرقت الباب؟

قال: لا.

قال: فلم؟

قال: والله جئتك أشتكي من زوجتي فوجدت أن زوجتك تفعل معك ما تفعله زوجتي فتركتك وعدت.

انظر ماذا قال عمر: تحملتني، غسلت ثيابي، بسطت منامي، ربت أولادي، تفعل كل ذلك وتتحملني، أفلا أتحملها إذا رفعت صوتها؟

تأتي امرأة للنبي صلي الله عليه وسلم وتقول له: إني سفيرة النساء إليك. وتشتكي له لأن الرجال يأخذون ثوابا كثيرا: ثواب الجهاد وصلاة الجمعة والصلاة في المسجد، ولكن ماذا أخذت النساء؟ فقال: أخبري من وراءك من النساء أن حسن تَبَعُّل المرأة لزوجها يعدل كل ذلك.

ألم يتحدث «مُصْطَح» ابن خالة السيدة عائشة - رضي الله عنها - عنها في عرضها؟ علي الرغم من أن أبا بكر الصديق كان ينفق عليه، فقرر أبو بكر ألا ينفق عليه بعد ذلك، فنزل القرآن: «وَلاَ يأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَي وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيعْفُوا وَلْيصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحِيمٌ» (النور:٢٢)، فقال سيدنا أبو بكر: والله لأنفق علي مُصْطَح، إذا أردت أن تنزل الرحمة اعفو عنهم وسامحهم.

وكان سيدنا يوسف - عليه السلام - ترك بيته ووالده ٢٠ سنة بسبب إخوته الذين قذفوه في البئر ودخل السجن.. إلخ، وفي نهاية الأمر قال: «... وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» (يوسف:٩٩)،

«...لاَ تَثْرِيبَ عَلَيكُمْ الْيوْمَ يغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (يوسف:٩٢) كل هذا من أجل أن يلم شمل العائلة، يقول لأبيه: «... مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيطَانُ بَينِي وَبَينَ إِخْوَتِي ...» (يوسف:١٠٠) أين يوسفُ هذا الزمان؟

كل عائلة بها شيطان ينزغ وكل بيت به شيطان ينزغ، من يتغلب علي نزغ الشيطان؟ أتريد أن يرحمك الله؟ ارحم عائلتك، واعف عنهم لوجه الله، حتي لو عاملوك معاملة سيئة فأنت تعامل الله وفعلت ما بوسعك، ولكن سوف تحاول مرة أخري.

حاول أن تفعل هذا حتي تقول لك الملائكة كما قالوا لسيدنا إبراهيم: «رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت».


اللهم اهدنا
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى