الشكل السلوكي و الانفعالي للطفل الكفيف

بنت قحطان

شاعره المنتدى
nameofgod.jpg





تعد أبرز المشكلات السلوكية والانفعالية التي تكرر وجودها لدى المعاقين بصرياً استناداً للدراسات السابقة والأدب النظري هي:


الانسحاب من المشاركة الاجتماعية، والسلوكات النمطية، والاعتمادية، والتشكيك، والعدوان، والانطواء، والتشتت والشرود، والقلق، والخوف، وأحلام اليقظة، والاكتئاب. تكمن وراء هذه المشكلات السلوكية والانفعالية العديد من الأسباب أهمها: الافتقار للمهارات الاجتماعية اللازمة والكفايات الاجتماعية المناسبة، التخوف من التفاعل الاجتماعي مع الآخرين بسبب خبرات الفشل السابقة، لجوء بعض أولياء الأمور إلى حماية أولادهم المعوقين بشكل مبالغ فيه عموماً مما يحد من الفرص المتاحة لهم للتطور، لذا ؛ لابد من العمل على إيقاف تلك السلوكيات الاجتماعية والانفعالية غير التكيفي ( الخطيب والحديدي، 2004 )،

ويتم ذلك من خلال مساعدة الكفيف على إعادة تشكيل تقدير واقعي لذاته بقدر الإمكان، بتذكيره بمميزاته وقدراته وإمكاناته، وكذلك طرح الفرص المناسبة والمتوفرة لتحقيق توافق شخصي ونفسي واجتماعي، ومناقشة الصعوبات والمشكلات والعراقيل التي تقف في طريقه وكيفية مواجهتها التي تتم بالفهم الحقيقي لحالته، والتقييم الواقعي لحجم المشكلة من خلال عدم التهوين والتقليل منها، وفي الوقت ذاته عدم تعظيم المشكلة أو تصعيبها أو استحالة مواجهتها وإيجاد حلول لها ( خضير والببلاوي، 2004 ). كما ويؤكد كل من روسين بلوم وجورج ودوكويتي أن أبرز العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في التطور النفسي والاجتماعي والصحي للفرد المعاق بصرياً هي: معرفة المبصرين للوضع البصري الذي يعانيه الفرد، وتقدير الفرد للتعلم، وحافزه ونجاحاته الماضية ( الأكاديمية والرياضية )، وصرف الوقت مع طلبة آخرين يعانون حالات عجز مماثلة، بالإضافة للنشاطات الترفيهية، والصداقة الناجحة،


والأهم هو دعم وتشجيع الوالدين ( Rosenblum, 2000 ؛ George and Duquette, 2006 ). كل هذه العوامل تخلق بيئة مساعدة لتطوير المهارات والاستراتيجيات الملائمة. كما وتؤكد الحديدي أن معظم الناس المكفوفين متكيفون نفسياً ويقدرون المساعدة التي تقدم إليهم في المواقف التي يحتاجون فيها المساعدة، إلا أنهم لا يريدون العون الذي لا يحتاجون إليه، فهم يرفضون الشفقة، ويرتاحون للمواقف التي تبرز مواطن الشبه بينهم وبين المبصرين وليس مواطن اختلافهم عنهم ( الحديدي، 2002 )، لكن وجود المشكلات السلوكية والانفعالية لدى الأفراد المعاقين بصرياً، تستدعي الوقوف عند عدد من العوامل التي تؤثر فيها.

basmabbbb.gif



العوامل المؤثرة على المشكلات السلوكية والانفعالية


تلعب العديد من العوامل دوراً هاماً في ظهور المشكلات السلوكية والانفعالية من أبرزها: العمر، الجنس، مستوى الرؤية، سبب الإعاقة، العمر عند الإصابة، الخبرات السابقة، درجة الوعي بالإعاقة، الوضع الاقتصادي، المستوى العلمي، التخصص، الوضع الاجتماعي، مكان الإقامة، وجود أكثر من فرد كفيف في الأسرة، ردود فعل الوالدين واتجاهاتهم، اتجاهات العاملين في المؤسسات الخاصة، الاتجاهات الاجتماعية العامة (Sommers,1944 ؛ Huurr et al., 1999؛ أبو فخر، 2000؛ إبراهيم، 2001 ؛ كازدين، 2003؛ الفرح، 2006 ). هذه العوامل وغيرها على قدر كبير من الأهمية، لكن الدراسة الحالية اقتصرت على متغيرات العمر والجنس، ودرجة الإعاقة وسببها، وسوف يتم فيما يلي توضيح أثرها.

يؤثر العمر على المشكلات السلوكية والانفعالية التي يواجهها الفرد، حيث تختلف مشكلات المراهقين وتميل إلى الارتفاع مقارنةً بالراشدين ( كازدين، 2003 )، ويعود ذلك لطبيعة وخصائص كل مرحلة، فالمراهقة فترة حرجة، فترة التغيرات الجذرية للفرد في الجانب العاطفي والمظاهر الاجتماعية. وكل مراهق يجب أن يجد هويته الخاصة، ومكانه الخاص بالعمل، والمواطنة، والالتزامات الأخلاقية ( Wagner, 2004 )، بالتالي يمر المراهق بصراعات عديدة سواء مع نفسه أو مع محيطه بغية تحقيق هويته، حيث يشتد الصراع بين الاستجابة لاستقلاليته ورفضه للتبعية الأبوية، وبين الإذعان لما اعتاده من إتكالية طفولية (Chapman, 1988 )،


ومن ناحية أخرى يهتم المراهق بتعليقات رفاق السن والجنس الآخر فيشعر إزاءها بشيء من القلق والانزعاج الذي يثير لديه شيئاً من عدم الاطمئنان، فالتغيرات الجسمية والإعاقة البصرية لا تقتصر على التغير في التكوين أو الوظيفة نتيجة الإصابة، وإنما تمتد لتؤثر في سلوكه الاجتماعي وفي نشأة الاتجاه نحو ذاته ونحو الآخرين، ويتوقف ذلك على درجة تقبل المعاق لذاته وتقديره لها. وقد تفرض طبيعة مرحلة المراهقة مشكلات سلوكية وانفعالية مختلفة، وهذا ما بينته الدراسات السابقة، حيث أشارت وريكات والشحروري عام 1996 إلى أن أبرز المشكلات السلوكية لدى الأفراد المعاقين بصرياً سلوك الحركة الزائدة، السلوك المتخاذل، سلوك الشرود والتشتت، الحساسية الزائدة، التشكيك.



بينما وجدت كيف أن المكفوفين أقل سعادة ( Kef, 2002 )، وأشار وجنير أن المراهق فاقد البصر يتعرض بنسبة أعلى لسوء التوافق الاجتماعي والشخصي من الآخرين، أما الراشدين تظهر لديهم مشكلات تتعلق بالاستقلالية (Wagner, 2004 ). وبين افانس أن كبار السن لديهم مشاكل خاصة تتعلق بإدارة تمويلاتهم ومهام الحياة اليومية مثل التسوق والطبخ، بالإضافة إلى الخوف من إمكانية تعرضهم لخطر ما أثناء التنقل يؤدي للموت (Evans, 2005 ).

في حين بين كل من روفنير وشمولي ( Rovner and Shmuely, 1996 ) أن 38.7 % من الأفراد المعاقين بصرياً من كبار السن لديهم درجة مرتفعة من الاكتئاب، بينما أكد الفرح (2006 ) أن كبار السن من المعاقين بصرياً لديهم توافق انفعالي عالٍ، يعود إلى النضج الذي يزداد مع التقدم في العمر.


أما روبنسون وليبرمان أشارا إلى أن مجموعة الأفراد المعاقين بصرياً بعمر 16-23 سنة مستقلون، يتحملون مسئولية أعمالهم، وتم إعطائهم فرص أكثر لمزاولة مهارات مختلفة من مجموعة الأفراد المعاقين بصرياً بعمر 8-15 سنة الذين لم تعط لهم فرص لاتخاذ قرار بالاعتماد على أنفسهم في نشاطات الحياة اليومية (حلاقة الشعر، وجبات الطعام، وقت النوم، اللباس، وقت الفراغ، زينة غرفة النوم ..) حيث أمروا بعمل العديد من الاختيارات من قبل شخص أخر متمثل في الآباء، والمعلمين، ومدراء المدارس ( Robinson and Lieberman , 2004 ).


يعد متغير الجنس عاملاً مهماً لا يمكن تجاهله، إذ بينت العديد من الدراسات والأدبيات وجود فروق بين الذكور والإناث، فقد أظهر هاردي وجود فروق في القلق لصالح الذكور (القريوتي، 1988). وأشار براون إلى أن الإناث أكثر تعرضاً للقلق والتوتر والانطواء من الذكور ( Brown, 1983 ). في حين وجد الفرح بدراسته عام 2006 أن تقدير الذات والسعادة كانت أكثر لدى الذكور، بينما أظهرت الإناث قلقاً أعلى.


بينما بينت ( وريكات والشحروري، 1996 ) وجود فروق بين الجنسين، حيث غلب السلوك العدواني لدى الذكور، وسلوك الحركة الزائدة، والسلوك المتمرد، والسلوك المخادع، والسلوك المتخاذل، والسلوك النزق، في حين ظهر لدى الإناث شعور بالقلق وحساسية زائدة. كما بين هور وآرو لجوء الإناث الكفيفات إلى العزلة( Huurre and Aro, 1999 ). وأشارت الحديدي إلى معاناة الفتيات الكفيفات من صعوبات أسرية واجتماعية مختلفة من أبرزها: الخوف والتردد، الاعتماد على الآخرين، الحرمان العاطفي، الإساءة النفسية والجسدية ( الحديدي، 2005 ). وقد تقف العديد من العوامل وراء الاختلاف بين الذكور والإناث ومن أبرزها: التحيز الثقافي، التوقعات المختلفة، العوامل البيئة كالظروف المنزلية وأساليب الرعاية الوالدية، الإقامة الداخلية ( كازدين، 2003 ).


basmabbbb.gif


إن تأثير درجة الإعاقة البصرية على نوعية أو شدة المشكلات التي يعاني منها الفرد المعاق بصرياً عامل لا يستهان به. فيتضح من الدراسات السابقة أن الأفراد المكفوفين جزئياً لديهم مشكلات انفعالية أكثر من المكفوفين كلياً، حيث تؤكد دراسة بومان أن ضعاف البصر امتازوا بتكيف أقل وشعور أكبر بالقلق والضغط والتوتر والارتياب، وعدم الشعور بالأمن، وقلةالثقة بالنفس، وقدرة أقل على تلبية متطلبات العائلة والمدرسة أكثر من الطلاب المكفوفين ( Bouman, 1984).


anyaflower497.gif


وتشير إيموري وكوين إلى أن الأفراد المكفوفين جزئياً أقل توافقاً من الأفراد المكفوفين كلياً، حيث أظهروا نسبة عالية من القلق ( الملا وأمين، 1982). في حيـن وجد سانـدلر مجموعة من السمات السلبية لدى الأفراد المكفوفين كلياً منذ الولادة هي: الخوف من أن يتركوا لوحدهم، الاستغراق في حركات تكرارية آلية، وصعوبة التفاعل مع الأنشطة الجماعية، والتمركز حول الذات، ومحدودية الاهتمام بالعالم الخارجي (Sandler, 1963 ).


وأشار روفنير وشمولي إلى أن الأعراض الاكتئابية كانت أكثر شيوعاً واستمراراً لدى الأفراد ذوي البصر المنخفض ( Rovner and Shmuely, 1996 ). أما في دراسة إبراهيم عام 2001 تبين أن الطلبة المكفوفين يعانون مشكلات تتعلق بالقراءة وإجراء الامتحانات أكثر من الطلبة ضعاف البصر، فهم بحاجة إلى الاعتماد على الآخرين لتجاوزها، في حين بين كل من روبنسون وليبرمان إن مستوى الضعف أو الإعاقة البصرية لها تأثير هام على فرص تقرير المصير وخاصة لدى الأفراد المكفوفين كلياً، حيث ظهر اعتمادهم الكلي في جانب الرعاية الصحية والمدرسة على الأهل والمعلمين أكثر من اعتمادهم على أنفسهم ( Robinson and Lieberman , 2004).

كما يعد سبب الإعاقة من العوامل التي لا يمكن تجاهل أثرها على الفرد المعاق بصرياً، إذ يعتبر سبب الإعاقة مهماً في تشكيل هذه المشكلات السلوكية والانفعالية، فثمة أدلة على أن الاضطرابات الانفعالية أكثر شيوعاً لدى الأطفال المكفوفين الذين فقدوا البصر بسبب اعتلال الشبكية الناجم عن الخداج ( الخطيب والحديدي، 2005 )، حيث تؤكد دراسة فرابير وفريدمان، والمراجعة التي قام بها وارن للدراسات السابقة أن الاضطرابات الانفعالية تعتبر أكثر انتشاراً بين المعوقين بصرياً بسبب التلف خلف العدسي ( أبو فخر، 2000 ).

basmabbbb.gif


ويبين نوريس معاناة الأفراد المكفوفين بكف بصر نتيجة التليف خلف العدسي الولادي، والأفراد المكفوفين بكف بصر نتيجة أسباب أخرى لمشكلات تكيفية واضطرابات سلوكية ( Norris, 1957 ). في حين وجد كلينشميدت أن الأفراد المعاقين بصرياً المصابين بانحلال الشبكية المرتبط بتقدم العمر، كانوا جميعهم متكيفين، ولديهم نظرة إيجابية نحو الحياة رغم إحساسهم بفقدان البصر (عليوات، 2001).

anyaflower497.gif


وبعض الأسباب وبشكل خاص اعتلال الشبكية الصباغي قد يؤدي لحدوث مشاكل وبشكل خاص عندما يبدأ الفرد التفكير بالزواج وبناء عائلة ( Scholl, 1986 ) ، وأكدت لوبيز أن المعاقين بصرياً بمن فيهم المصابين باعتلال الشبكية الصباغي يعانون من العزلة الاجتماعية، والانسحاب، وترك العمل أو التعلم، كما يظهرون أعراض اكتئابية، ومفهوم ذات متدن. وتوضح أن اعتلال الشبكية الصباغي يؤدي إلى تغير كبير في أسلوب الحياة، ويؤدي لظهور مشاكل اجتماعية وتربوية ونفسية ( Lopez, 2006). في حين توصل روفنير وزملائه إلى أن الأفراد المصابين بانحطاط الحفيرة المتعلق بالعمر يبدون حالات اكتئاب Rovner et al., 2006 )).


jkguy.jpg
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى