الصلاة والتمارين الرياضبة

ام عبد الجواد

عضو جديد
الصلاة والتمارين الرياضية
إنَّ المسلم المحافظ على أداء الصلوات، يمارس فيها من الحركات البدنية المتكررة ما مجموعها يفوق مجموع الحركات التي يؤديها ممارس التمارين الرياضية - هذا إذا فرضنا أنه يمارس التمارين كل يوم - ولكن إذا علمنا أنَّ معدل ممارسته للتمارين هي ثلاث مرات في الأسبوع أو أقل عندها لا يبقى أي مجال للمقارنة؛ لأن المسلم لا يؤدي الصلاة مرة واحدة في اليوم بل خمس مرات.
وبعض الرياضات قد يمنع من ممارستها بعض الفئات من الناس: كبار السن، ومرضى القلب على سبيل المثال، في حين يستطيع هؤلاء أداء الصلاة؛ لأن أداءها خال من أي خطورة، فحركاتها ليست عنيفة بل ناعمة وتؤدى ببطء وهدوء.
كما أن الصلاة ممكنة الأداء لجميع مراحل النمو، ابتداء من مرحلة الطفولة وحتى آخر يوم في عمر المسلم؛ لأنها لا تتطلب قدرًا عاليًا من القدرات والاستعدادات أو المواهب الخاصة.
لذا، فإن الصلاة من أكثر الأنشطة البدنية أمانًا وبعدًا بالفرد عما قد تسببه ألعاب رياضية من إصابات، كما أن أداءها لا يحتاج إلى استشارة الطبيب كما هو الحال في التمارين الرياضية وبعض الرياضات الأخرى، فهي إذًا بحق أفضل رياضة هوائية خفيفة تناسب جميع الناس.. إضافة إلى هدفها الأساسي وهو العبادة.
وكلنا يعلم الفوائد الأخرى للصلاة من النواحي الخُلقية والعقلية والاجتماعية والنفسية. كما أن لها قيمة تربوية في تعويد الفرد النظام والدقة، والمحافظة على المواعيد، والصدق والإخلاص، والتعاون والعمل مع الجماعة، خاصة أنها تؤدى بصورة جماعية وبتوقيت واحد.
فانظر إلى هذه النعم العظيمة التي ينعم الله بها على المسلم بالصلاة، فمن فضل الله وكرمه وحكمته أن دمج الرياضة أو الحركة - التي هي ضرورية للإنسان - في أكثر العبادات تكرارًا ، ألا وهي الصلاة.
لقد أخذ الأطباء في جميع بلدان العالم ينصحون الناس بممارسة الرياضة أو التمارين الرياضية للتعويض عن الحركة التي فيها حفظ الصحة والوقاية من الأمراض والتشوهات القوامية، وقد أخذ الناس فعلاً يخصصون أوقاتًا لمزاولة الرياضة، وأخذ الناس في بلادنا يسعون وراء التمارين ويبحثون عنها ليحركوا بها أجسامهم، وبعضهم تارك للصلاة وغافل عن النعم والفوائد التي تتضمنها.
فالسعي وراء التمارين وتخصيص الأوقات لممارستها هو شيء جيد ومطلوب، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما للتمارين الرياضية من فوائد بدنية، خاصة إذا مارسها الإنسان يوميًا، فهي تقوي العضلات، وتزيد من مرونة المفاصل، وتنشط الدورة الدموية، وتحسِّن عمل القلب، وتكافح السمنة، وتخفض الكولسترول وغيره من شحوم الدم المؤذية، وقد ثبت أن الذين يمارسون الرياضة والتمارين الرياضية لديهم مناعة ضد الأمراض أكثر من الذين لا يمارسون أي نشاط رياضي ويقضون معظم أوقاتهم جلوسًا.
والغربيون - من غير المسلمين - بحاجة إليها لأنها ملجأهم الوحيد، وليس لديهم صلاة مثل صلاتنا، ونحن إذا نظرنا إلى ظاهر الصلاة وجدنا حركات وتمارين لأجزاء الجسم المختلفة، ومن الطبيعي أن يكون لهذه الحركات والتمارين - فوائد بدنية مثل ما للتمارين الرياضية من فوائد أتيت على ذكرها قبل قليل.
إذًا.. نحن المسلمين لدينا هذه الصلاة ونمارس فيها من الحركات يوميًا أكثر مما يمارسه واحدهم من التمارين، وعلى الأقل أن يحافظ المسلم على أداء الصلاة عبادة فيكسب منها أنواعًا من الفوائد البدنية تلقائيًا، وإن أراد الاستزادة من الحركة فيمكنه أن يمارس بعض أنواع الرياضات المفيدة كالجري مثلاً: الجري في الهواء الطلق، أو الجري في المكان (في البيت) إن لم يرغب بممارسته في الشارع، ولا أقول المشي لأنه يمارسه فعلاً بالذهاب إلى المسجد خمس مرات في اليوم.
أو يمارس القفز في المكان، أو حتى التمارين الرياضية. بل يمكنه الاستزادة من الحركة بالصلاة فباب التنفل مفتوح ومستحب، وإن كنت أعتقد أن الأكثرية ممن يريدون الرياضة يسعون إلى تمارين خفيفة تكون شدة حملها كشدة حمل حركات الصلاة، فهذه إمكانية وقدرة الغالبية من الناس اليوم، ولا يتحمل ما هو أشد من ذلك إلا القليل.
إنني على ثقة من أنه ما من مدرب رياضي - حتى ولو كان من غير المسلمين - لو نظر نظرة رياضية إلى الصلاة وتفحص حركاتها - يستطيع أن ينكر كونها تتضمن رياضة مفيدة للجسم، خاصة إذا علم أن هذه الصلاة تؤدى خمس مرات في اليوم. وأحب أن أدعم قولي هذا بدليل مادي، فأذكر لك ما قاله مدرب كرة قدم برازيلي دخل في الإسلام وأصبح اسمه بعد إسلامه (مهدي إسلام) بعد أن كان اسمه «خوسيه فاريا» وعمره خمسون عامًا، يقول المدرب: ((.. وكذلك من دراستي للحركة التي يقوم بها المصلي وجدت أنها حركة رياضية مفيدة جدًا للجسم بالإضافة إلى ما تضيفه الصلاة من قوة إيمان وشفافية عظيمة أعظم ألف مرة من أي تدريب لليوجا)).
نعم.. هذا هو الحق، وهكذا يقول أي مدرب آخر إذا أراد أن يصدق القول ولا يكابر. والأطباء ينصحون شاربي الخمر أو المدخنين أو ممارسي العادات السيئة والأفعال المحرمة - بممارسة الرياضة لأنها حركة؛ ولأنها تساعدهم على ترك ما يفعلونه، هذا صحيح، ولكن الصلاة أبلغ في ذلك كونها تجمع بين الحركة، والعبادة التي لا توجد في الرياضة، وهي من باب أولى أن تنهي الإنسان عن الفعل السيئ والمحرم الضار بالجسم، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[1].
وهذا ما فعلته فعلاً بالمدرب البرازيلي المذكور، فقد نهته صلاته عن المحرمات ومن ثَم تحسَّنت صحته، يقول المدرب: (( .. وقد استفدت أيضًا من البعد عن المحرمات أن تحسَّنت صحتي كثيرًا وأفادتني كرياضي كما أفادني الصوم تمامًا وأنا لا أرى أي تعارض بين الصيام والرياضة)).
((ويقول الدكتور فارس عازوري الاختصاصي في الأمراض العصبية والمفاصل من جامعات أميركا: إن الصلاة عند المسلمين وما تحتويه من الركوع والسجود تقوي عضلات الظهر وتلين تحركات فقرات السلسلة الظهرية، وخصوصًا إذا قام الإنسان بالصلاة في سن مبكرة، ويترتب على ذلك مناعة ضد الأمراض التي تنتج عن ضعف في العضلات التي تجاور العمود الفقري والتي ينشأ من ضعفها أنواع من أمراض العصبي تسبب الآلام الشديدة والتشنج في العضلات)).
نعم.. وهذا ما سيقوله كل طبيب منصف.. وللصلاة فوائد أخرى الله أعلم بها، يقول الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {45} الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {46}﴾[2] ومن أجل ذلك يدعو الإسلام المريض إلى أداء الصلاة قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا حسب استطاعته.
وجميع هذه الفوائد والمنافع تعود عليك لا على الله عزَّ وجلَّ. والله تعالى لم يفترض عليك الصلاة إلا لصالحك أنت، وما غضبه عندما لا تؤديها لأنك أصبته بشيء من الضرر، بل لأنك ظلمت نفسك..!.


الصلاة عبادة ورياضة
[*]

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [1]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ [2]. وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر)) [3]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة)) [4].
للصلاة في الإسلام منزلة عظيمة جدًا، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)) [5].
لقد عني الإسلام بالصلاة عناية خاصة وأمر بإقامتها والمحافظة عليها في الحضر والسفر، في السلم والحرب، في الأمن والخوف، في الصحة والمرض، فقال تعالى: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {238} فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {239}﴾ [6]. وقد بيَّن القرآن الكريم والسنة المطهرة كيفيتها في السفر والحرب والأمن.
والصلاة عبادة تتضمن أقوالاً باللسان وأفعالاً بالبدن، وهي صلة بين العبد وربه، ولمن أقامها وداوم عليها وأحسن أداءها وخشوعه فيها من الأجر والفضل والإكرام، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وهي ((سبب في رقيه في مدار الإيمان والإحسان بمقدار حضور قلبه وفكره وخشوعه، وسبب في تمكنه في مكارم الأخلاق وبعده عن الفحشاء والمنكر)).
وبالصلاة يمحو الله الخطايا، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟)) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)) [7]، وعنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تُغش الكبائر)) [8].
لست هنا في صدد الحديث عن فضائل الصلاة ومنافعها، لأن الحديث عنها لا ينتهي، إنما أريد أن أقول إن الله عزَّ وجلَّ قد جعل الصلاة خيرًا للمسلم، ففوائدها لا تقتصر على ما يناله المسلم في الآخرة فحسب بل تشمل البدن أيضًا بفوائد يحصل عليها هنا في الدنيا...
فهناك فوائد بدنية عظيمة لا تعد، ينعم الله بها على المسلم بواسطة الصلاة، على الرغم من أنه يؤديها بنية تنفيذ أمر الله عزَّ وجلَّ وطلبًا لمرضاته وتقربًا إليه.
فالمسلم حين يؤدي الصلاة فإنه - ودون أن يلقي لذلك بالاً - يقوم بتمارين تشمل جميع البدن من أعلى الرأس إلى أخمص القدم. ففي كل حركة من حركات الصلاة هناك عضلات ومفاصل وأوتار وأربطة.. إلخ تشترك جميعًا في تأدية الحركة مما ينتج عنه تقويتها وتنشيطها.
ولو قيل لأحد المصلين إنه يؤدي خمسين حركة كل يوم لأصابته الدهشة، ومع ذلك فهو - كما سترى فيما بعد إن شاء الله - يؤدي عددًا من الحركات يفوق كثيرًا هذا الرقم. فالصلاة عمل بسيط وحركات قليلة متكررة خمس مرات في اليوم، ولكن إذا أحصيتها جميعًا وجدت أرقامًا مذهلة




فوائد الصلاة البدنية العامة للجميع
[*]

إن الفوائد البدنية للصلاة تحصل نتيجة لتلك الحركات التي يؤديها المصلي في الصلاة من رفع لليدين وركوع وسجود وجلوس وقيام وتسليم وغيره.. وهذه الحركات يشبهها الكثير من التمارين الرياضية التي ينصح الأطباء الناس - وخاصة مرضاهم - بممارستها، ذلك لأنهم يدركون أهميتها لصحة الإنسان ويعلمون الكثير عن فوائدها.
فهي غذاء للجسم والعقل معًا، وتمد الإنسان بالطاقة اللازمة للقيام بمختلف الأعمال، وهي وقاية وعلاج؛ وهذه الفوائد وغيرها يمكن للإنسان أن يحصل عليها لو حافظ على الصلاة، وبذلك فهو لا يحتاج إلى نصيحة الأطباء بممارسة التمارين؛ لأنه يمارسها فعلاً ما دامت هذه التمارين تشبه حركات الصلاة.
من فوائد الصلاة البدنية لجميع فئات الناس:
- تحسين عمل القلب.
- توسيع الشرايين والأوردة، وإنعاش الخلايا.
- تنشيط الجهاز الهضمي، ومكافحة الإمساك.
- إزالة العصبية والأرق.
- زيادة المناعة ضد الأمراض والالتهابات المفصلية.
- تقوية العضلات وزيادة مرونة المفاصل.
- إزالة التوتر والتيبس في العضلات والمفاصل، وتقوية الأوتار والأربطة وزيادة مرونتها.
- تقوية سائر الجسم وتحريره من الرخاوة.
- اكتساب اللياقة البدنية والذهنية.
- زيادة القوة والحيوية والنشاط.
- إصلاح العيوب الجسمية وتشوهات القوام، والوقاية منها.
- تقوية ملكة التركيز، وتقوية الحافظة )الذاكرة(.
- إكساب الصفات الإرادية كالشجاعة والجرأة.
- إكساب الصفات الخُلقية كالنظام والتعاون والصدق والإخلاص.. وما شابه ذلك.
- تشكل الصلاة للرياضيين أساسًا كبيرًا للإعداد البدني العام، وتسهم كثيرًا في عمليات التهيئة البدنية والنفسية للاعبين ليتقبلوا المزيد من الجهد خصوصًا قبل خوض المباريات والمنافسات.
- الصلاة وسيلة تعويضية لما يسببه العمل المهني من عيوب قوامية وتعب بدني، كما أنها تساعد على النمو المتزن لجميع أجزاء الجسم، ووسيلة للراحة الإيجابية والمحافظة على الصحة.
إن الصلاة تؤمِّن لمفاصل الجسم كافة صغيرها وكبيرها حركة انسيابية سهلة من دون إجهاد، وتؤمِّن معها إدامة أدائها السليم مع بناء قدرتها على تحمل الضغط العضلي اليومي. وحركات الإيمان والعبادة تديم للعضلات مرونتها وصحة نسيجها، وتشد عضلات الظهر وعضلات البطن فتقي الإنسان من الإصابة بتوسع البطن أو تصلب الظهر وتقوسه. وفي حركات الصلاة إدامة للأوعية الدموية المغذية لنسيج الدماغ مما يمكنه من إنجاز وظائفه بشكل متكامل عندما يبلغ الإنسان سن الشيخوخة.
والصلاة تساعد الإنسان على التأقلم مع الحركات الفجائية التي قد يتعرض لها كما يحدث عندما يقف فجأة بعد جلوس طويل مما يؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض الضغط، وأحيانًا إلى الإغماء. فالمداومون على الصلاة قلما يشتكون من هذه الحالة. وكذلك قلما يشتكي المصلون من نوبات الغثيان أو الدوار.
وفي الصلاة حفظ لصحة القلب والأوعية الدموية، وحفظ لصحة الرئتين، إذ إن حركات الصلاة تفرض على المصلي اتباع نمط فريد أثناء عملية التنفس مما يساعد على إدامة زخم الأوكسجين ووفرته في الرئتين. وبهذا تتم إدامة الرئتين بشكل يومي وبذلك تتحقق للإنسان مناعة وصحة أفضل.
والصلاة هي أيضًا عامل مقوٍ، ومهدئ للأعصاب، وتجعل لدى المصلي مقدرة للتحكم والسيطرة على انفعالاته ومواجهة المواقف الصعبة بواقعية وهدوء. وهي أيضًا حافز على بلوغ الأهداف بصبر وثبات.
هذه الفوائد هي لجميع فئات الناس: رجالاً ونساء، شيوخًا وشبابًا وأطفالاً، وهي بحق فوائد عاجلة للمصلي تعود على نفسه وبدنه، فضلاً عن تلك المنافع والأجر العظيم الذي وعده الله به في الآخرة.
وفضلاً عن هذه الفوائد العامة لجميع فئات الناس، هناك بعض الفوائد الخاصة ببعض فئات الناس أو ببعض الحالات الخاصة، أتناولها في الفصول الآتية، ولا تنس أنه إذا ذكرت بعض الفوائد النفسية فذلك لأن أثرها الإيجابي يعود على البدن.



فوائد الصلاة البدنية لكبار السن
[*]

((يوضح «ميتشن Mitchen» في بحثه عن كبار السن (60-83 سنة) أنهم يتميزون بحالات ارتعاش الأطراف بمقدار 1،96٪ زيادة عن سن الشباب، ويوصي بأهمية ممارسة التمارين البدنية في هذا السن المتقدم. ويتفق «أستراند Astrand» و«هتشيشر Hutschecher» على أهمية ممارسة التمرينات لكبار السن لكي يحتفظوا بحالتهم العقلية والنفسية والبدنية نشطة. والسؤال ما هي التمرينات الملائمة لكبار السن فوق 60 عامًا؟)).
عندما نتأمل في وصفة التمارين البدنية المعطاة لكبار السن نجدها تركز أولاً على المشي، وهذا المشي يمارسه المسلم من كبار السن خمس مرات في اليوم - في الواقع - وذلك عندما يواظب على أداء الصلوات الخمس في المسجد.
ونجد ثانيًا أن هناك عدة تمارين رياضية خفيفة يُنصح كبير السن بممارستها، ومعظمها لا يخرج عن تمارين مشابهة لحركات الصلاة، فهو يُنصح بممارسة تمارين لليدين، وهو يمارسها في رفع اليدين في الصلاة، وبتمارين للجذع، وهو يمارسها في الركوع والسجود، وبتمارين للرجلين، وهو يمارسها في النزول والقيام، وبتمارين للرقبة، وهو يمارسها في التسليم.. إلخ.
وعندما يصف أطباء القلب وغيرهم تمارين بدنية كعلاج لكبار السن لا نجدها - أيضًا - تخرج عن ما يمارسه كبير السن بمحافظته على الصلوات في المساجد من مشي وحركات بدنية.
هذا، وإذا كان الأطباء وغيرهم ينصحون كبار السن بممارسة التمارين الرياضية مرة واحدة في اليوم على الأقل - والقليل من الناس من يستطيع الالتزام بذلك - نجد أن كبير السن من المصلين يؤدي هذه الحركات البدنية خمس مرات في اليوم في الصلاة وهو مسرور بذلك مع الالتزام بأدائها.
الصلاة خير رياضة لكبار السن:
ومما تقدم ندرك كم لحركات الصلاة والمشي إلى المساجد لأدائها من أهمية لكبار السن وغيرهم من المسلمين. فالصلاة هي خير رياضة يمكن أن يمارسها كبار السن دون خوف على أجسامهم، ولذلك يجب على المسن ألا يترك الصلاة، أو يترك المشي إلى المساجد دون عذر شرعي، فيستسلم للخمول والكسل وكثرة الأكل، والأعظم من ذلك أن يدخن السجائر أو غيرها من السموم..! فهذه كلها تميت الخلايا وتسرع بالإنسان إلى الشيخوخة ثم الموت، سواء أكان كبيرًا في السن أم شابًا في مقتبل العمر.
والصلاة تحفظ صحة قلب كبير السن وأوعيته الدموية مما يبعد عنه مخاطر الإصابة بنوبات الذبحة الصدرية التي زادت نسبتها بشكل كبير في بلاد الغرب، حيث يربط الأطباء بينها وبين ما يتعرض إليه إنسان العصر الحديث من عوامل التوتر والإجهاد اليومي. كذلك فإن حفظ صحة الأوعية الدموية وخاصة المغذية لنسيج الدماغ - تمكِّن الدماغ من المحافظة على إنجاز وظائفه بشكل متكامل طوال سن الشيخوخة.
كما أن الصلاة وسيلة وقائية وعلاجية ينتفع منها جميع الفئات على السواء؛ لأن الصلاة تعني ضرورة استرجاع آيات القرآن والأدعية المأثورة والأذكار بشكل مستمر. وهذا الاسترجاع الدائم للنصوص والمعلومات يعد من أفضل الوسائل العلاجية الوقائية التي تحول دون وقوع المسنين في شرك العته والنسيان والإصابة بمرض الخرف.
فالتغذية المثالية للدماغ بالدم التي تتكرر بالسجود ينتج عنها تقليل نسبة حدوث الخرف عند المصلين خاصة المسنين منهم؛ والخرف هو العته الشيخي وهو تأخر عقلي يصيب بعض المسنين، وتبدأ أعراضه بمراحل تدريجية تنتهي باضطراب في الإرادة والذاكرة والسلوك وتردِّي في العواطف والوجدان ووظائف الأعضاء المختلفة. فنتيجة لهذه التروية المستمرة للدماغ بالدم، نرى أن نسبة حدوث مرض الخرف عند المصلين هي أقل بكثير من حدوثه عند غيرهم، كما أن الأمراض العقلية والنفسية الأخرى - إذا حذفنا الأسباب الوراثية - هي من الضآلة بمكان حتى إنها لا تعد مشكلة عند الشعوب الإسلامية، ولكنها تكوِّن مشكلة ضخمة تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم عند الشعوب الأخرى، حتى أن بلدًا مثل إنكلترا قد قارب عدد أسرة المستشفيات للمصابين بهذه الأمراض 45٪ من مجموع الأسرَّة عامة...!.
قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[1].
هذه بعض الفوائد الخاصة التي يحصل عليها كبير السن إضافة إلى الفوائد العامة التي ذكرتها في الفصل الأول، وذلك بمداومته على أداء الصلوات الخمس في المساجد



فوائد الصلاة البدنية للحامل
[*]

المرأة والولادة والتمارين:
في عصرنا الحاضر، تدخل الحامل إلى المستشفى للولادة وهي خائفة وقلقة ومتوترة بسبب عدم ثقتها بنفسها وعدم سيطرتها على جسدها.. وهذا الخوف والتوتر سيسبب لها تقلص عضلاتها، وتقلص عضلاتها سيسبب لها الألم، والألم سيسبب لها من جديد الخوف، وهكذا تدور الدائرة.


ويحدث أحيانًا كثيرة، بسبب تقلُّص عضلات الحامل وعدم مرونة الأعضاء الأخرى التي تشترك في عملية الولادة، أن تتعسر ولادتها، فالجنين عليه أن يمر - بعد خروجه من الرحم - من الحوض ثم المهبل. يحاول المرور أولاً من الحوض فلا يستطيع؛ لأن الحوض غير مرن، وقد يكفي أحيانًا أن يتمدد شيئًا قليلاً فينزلق الجنين من خلاله، ولكن، يخبرها القائمون على عملية الولادة بأنه لا بد من إجراء عملية قيصرية )شق بطن) لإخراج الجنين وإنقاذه قبل أن يموت.
وفي حالة نجاح الجنين في المرور عبر الحوض، يكون قد بقي عليه أن يخرج من الفتحة المهبلية، وأحيانًا كثيرة يكون رأسه أكبر منها والمهبل غير قادر على التمدد، إذًا، لا بد من مداخلة جراحية وإحداث شق لتوسعة هذه الفتحة لإتاحة الفرصة أمام الجنين للخروج، وأيضًا لتفادي التمزق، وهذه المداخلة الجراحية (الشق) أخذت تحدث على نطاق واسع مع هذا الجيل الجديد من النساء وفي معظم بلدان العالم.
ولكن هذه الجراحة البسيطة خير من التمزق بكثير، وفي كلتا الحالتين يعود السبب إلى عدم مرونة الأعضاء ونعود من ثَم إلى السبب الرئيس في ذلك ألا وهو قلة الحركة والتعود على الكسل والخمول.
وهذا ما جعل الأطباء وغيرهم ممن لهم علاقة بالأمر يقومون بوضع تمارين رياضية خاصة بالحامل، وإعداد برامج لمرحلة الحمل وكذلك لمرحلة ما بعد الولادة، للتعويض عن الحركة المفقودة والضرورية للحامل.
وتوضح عدة دراسات: أن ممارسة بعض هذه التمارين الخاصة بالحامل تسهل من عملية الحمل والولادة، والأطباء عامة ينصحون كل حامل بممارسة هذه التمارين، ولا يكاد مستشفى للولادة يخلو من بعض الرسوم والصور التي توضح بعض هذه التمارين.
وتوضح الدراسات: بأن مضاعفات الحمل وعدد الولادات القيصرية وتهتك الأنسجة أثناء الولادة يكون أقل لدى السيدات اللاتي يمارسنها بالمقارنة بغير الممارسات.
وهكذا يتضح لنا أهمية التمارين الرياضية وضرورتها للمرأة الحامل. بقي أن نعرف أن الكثير من هذه التمارين يشبه تمامًا حركات الصلاة وهيئاتها..! .




1- تمرين ميل الجذع للأمام.
وهو تمرين يشبه الركوع في الصلاة. 2- تمرين القرفصاء والقيام.
وهو مشابه للنـزول والقيام الذي يقوم به المصلي. 3- هذا التمرين مشهور جدًا في عالم تمارين الحامل وأكثر ما تُنصح بممارسته، ويسمى:
وضع الصدر-الركبة Knee–Chest Position
هو كما يبدو بوضوح تمرين مشابه للسجود في الصلاة.



4- تمرين الجلوس والاسترخاء.
وهو مشابه للجلوس في الصلاة. 5- تمرين الرقبة.
وهو مشابه للتسليم في الصلاة.

إنهم يذكرون أن لكل تمرين من هذه التمارين فوائد بدنية متعددة تعود على الحامل، والسؤال الآن: إذا كانت هذه التمارين المفيدة للحامل تشبه حركات وهيئات الصلاة، أفلا تحصل الحامل على هذه الفوائد نفسها أيضًا إذا حافظت على أداء الصلاة؟
والجواب، نعم بالتأكيد، خاصة إذا علمنا أن عدد مرات تكرار حركات الصلاة خمس أوقات في اليوم سيكون أكبر بكثير من عدد مرات تكرار هذه التمارين الرياضية.
ولو أن الأطباء أو الذين وضعوا هذه التمارين يعلمون أن جميع الحوامل يصلين هذه الصلاة لما وجدوا حاجة في وضع هذه التمارين ولاكتفوا بنصح الحامل بالمحافظة على الصلاة، ولأخبروا الحامل بأن صلاتها تغني عن هذه التمارين التي لو مارستها فإنها لن تمارسها خمس مرات في اليوم كما تفعل مع الصلاة، ولكن الذين اشتُهروا بأنهم واضعو هذه التمارين هم من غير المسلمين، وأكثر اللاتي يمارسنها هن من غير المسلمات، أي ليس لديهن هذه الصلاة حتى يؤدينها ويكتفين بها، إذًا، فملجأهن الوحيد هو هذه التمارين التي ينصحهن بها أطباؤهن.
أما المرأة المسلمة فلديها هذه الصلاة التي أنعم الله عليها بها، فهي إذا حافظت عليها عبادة لله عزَّ وجلَّ، فسيكون فضل الله عليها عظيمًا بأن يعجل لها في الدنيا بفوائد بدنية كبيرة تكسبها بطريقة تلقائية، وتنفعها في حملها وولادتها وبعد طهارتها من النفاس، فضلاً عن المنافع والأجر العظيم في الآخرة.
فوائد الصلاة البدنية للحامل لمرحلة الحمل:
إذا كان لا بد من ذكر بعض الفوائد البدنية التي تكتسبها المرأة الحامل من الصلاة، فهذه أهم الفوائد البدنية والنفسية:
• تُكسب مرونة لمعظم أعضاء وعضلات الجسم، وتسهل حركة العمود الفقري مع الحوض مفصليًا للمحافظة على ثبات الجسم واعتدال قوامه.
• تنشيط الدورة الدموية في القلب والدماغ والشرايين والأوردة، مما يساعد في توصيل الغذاء إلى الجنين بانتظام عبر الدم، ويساعد أيضًا في نمو الجنين نموًا طبيعيًا.
• المحافظة على مرونة مفاصل الحوض وعضلات البطن حيث لها أكبر الأثر في قوام الأم الحامل.


تحسين النغمة العضلية[2].
• رفع المعنويات وإكساب الثقة بالنفس، والسيطرة على الجسم، والقدرة على التركيز.
لقد سألت الدكتورة نجوى إبراهيم السعيد عجلان مدرسة بكلية طب جامعة طنطا، ودكتورة النساء والولادة بمركز الرياض الطبي بالرياض - عن وجهة نظرها فيما يمكن أن تستفيده الحامل من الصلاة، فأجابت:
((إن السيدة الحامل - كما هو معتاد دائمًا وخاصة في الشهور الأخيرة - تكون مثقلة بالجنين، ولكن عندما تؤدي الصلاة فإن حركاتها تساعد على نشاط الدورة الدموية وعدم التعرض لدوالي القدمين، كما يحدث لبعض السيدات.
إن معظم شكوى الحوامل هي عسر الهضم مما يجعل الإحساس بالانتفاخ والتقيؤ صعب الاحتمال، وفي الصلاة: الصحة بإذن الله والتغلب على عسر الهضم الذي يصاحب الحوامل، فالركوع والسجود يفيدان في تقوية عضلات جدار البطن، ويساعدان المعدة على تقلصها وأداء عملها على أكمل وجه.
وهناك تمرينات مفيدة للحامل قريبة الشبه تمامًا بحركات الصلاة التي تجعل أربطة الحوض لينة وخاصة في الأسابيع الأخيرة من الحمل، كما أنها تقوي عضلات البطن وتمنع الترهل.
كما أنه في الأسابيع الأخيرة للحمل هناك تمرينات تشبه تمامًا الركوع والسجود أثناء الصلاة، وهذه مهمة جدًا لدفع الجنين خلال مساره الطبيعي في الحوض كي تتم ولادة طبيعية بإذن الله)).
وهذه الفوائد والمنافع التي تجنيها الحامل من صلاتها تعود عليها بالنفع أيضًا وقت الولادة، حيث تساعدها في تخطي هذه العملية بكل يسر وسهولة، وإنهائها في أقصر وقت ممكن بسبب ثقتها بنفسها وسيطرتها على جسمها، وقدرتها على التركيز طوال العملية بدلاً من الخوف والصراخ والحركات الفوضوية.
فوائد الصلاة البدنية لمرحلة ما بعد الولادة:
أما من فوائد الصلاة البدنية لمرحلة ما بعد الولادة - أي؛ بعد الطهارة وزوال المانع من الصلاة - أنها تكسب عضلات الحوض القوة، وكذلك عضلات البطن والصدر ومن ثَم يتأثر العمود الفقري بهذا النشاط العضلي وينتصب معتدلاً.
كذلك مفاصل الحوض والأطراف تصبح أكثر مرونة واستعدادًا للحركة. مما يسمح للمرأة بالعودة إلى رشاقتها وجمالها وقوتها.
إذًا.. فالصلاة هي خير رياضة للبدن وخير تعويض عن الحركة المفقودة يمكن أن تمارسها الحامل دون أي خطورة أو خوف أو وجل، بل حتى دون استشارة الطبيبة كما هو مطلوب عند ممارسة التمارين الرياضية.
والحامل المحافظة على الصلاة إذا أرادت الاستزادة من الحركة بتمارين الحامل فلا بأس بذلك[3]، بل يمكنها أيضًا الاستزادة من الصلوات فباب التنفل مفتوح ومستحب، خاصة إذا لم يكن لديها أي معرفة بالتمارين الرياضية.
أما في مدة النفاس حيث لا صلاة فيها فيستحب للمرأة ممارسة التمارين الرياضية الخاصة بهذه المرحلة، وذلك من أجل أن تعود لها لياقتها البدنية.
تنبيه
لقد وردت - في بعض الفصول السابقة - بعض المقارنات بين الصلاة والتمارين الرياضية، والهدف منها ليس أن يترك الإنسان ممارسة هذه التمارين إذا كان محافظًا على أداء الصلوات، بل الهدف من عقد هذه المقارنات هو الكشف عن فوائد الحركات التي يؤديها المسلم في الصلاة، وهذا لا يتم إلا بتسليط الضوء عليها، وبيان أن هناك الكثير من التمارين الرياضية التي توصف كوقاية وعلاج، ويؤمن الناس بفوائدها البدنية والنفسية، إنما هي في الواقع مشابهة لحركات الصلاة.
وإذا كان من المتفق عليه بأن لهذه التمارين المشابهة لحركات الصلاة فوائد كثيرة، فمن الطبيعي إذًا أن ينتج عن حركات الصلاة من الفوائد مثل ما للتمارين الرياضية المشابهة لها.
وبهذه الطريقة أستطيع أن أثبت فوائد حركات وهيئات الصلاة، وإلا فلا مانع من أن يمارس المسلم التمارين الرياضية، فذلك زيادة في الفائدة والقوة والمنعة، وخاصة المرأة، فهي مثلاً لا تستطيع أداء الصلاة في مرحلتي الحيض والنفاس، في حين تستطيع ممارسة التمارين الرياضية.
وقد أشرت سابقًا إلى أن الإسلام قد اهتم بالرياضة وحث عليها، وكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم القدوة الحسنة لنا في ذلك. ولكن من الخطأ، بل ومن الخطورة بمكان أن تُترك الصلاة أو تُهمل على حساب ممارسة تمارين رياضية الكثير منها يشبه حركات الصلاة



الصلاة وقاية وعلاج لتشوهات القوام
[*]

:
إن حياة الراحة والرخاء في الوقت الحاضر - سواء أكانت في الحركات اليومية أم حركات العمل وخاصة العمل الفقير للحركات، وطريقة الحياة الجالسة - تؤدي إلى كثير من العيوب والتشوهات القوامية.
ونلاحظ أن التشوهات في المصانع أخذت دورًا كبيرًا فنتجت التشوهات نتيجة لإدارة الآلات بأجزاء محددة من الجسم - كالجانب الأيمن مثلاً - بصفة مستمرة فتقوى عضلات هذا الجانب دون الجانب الآخر.
واستدارة الكتفين على سبيل المثال من العيوب المنتشرة ويرجع ذلك إلى ضعف عضلات الظهر المتصلة بجانبي العمود الفقري من منطقة الرقبة إلى منتصف الظهر وأيضًا بعظام الكتفين، وغير ذلك من العيوب الأخرى مثل تحدب الظهر والتجويف القطني والانحناء الجانبي وتفلطح القدمين..الخ. وتنشأ معظم هذه الحالات عن طريق العادات القوامية السيئة وأوضاع المهنة الخاطئة التي بسببها يحدث تغير في أوضاع الهيكل العظمي. كما يكون أحد أسبابها الرئيسية - سوء التغذية.
نلاحظ أن هناك أعدادًا هائلة من الناس اليوم أصبح عملهم الوحيد هو الجلوس على كرسي لساعات طويلة في المكاتب، يضع أحدهم خلالها يديه أمامه على الطاولة يكتب أو يستخدم الحاسوب (الكمبيوتر)، أو غير ذلك من الوظائف، فنتج عن ذلك أوجاع أسفل الظهر؛ فترى الموظف يقوم من كرسيه فيضع يديه على خاصرتيه ويحاول فرد ظهره للخلف. هذا فضلاً عن العيوب القوامية التي من الممكن أن تنتج عن هذا الجلوس خاصة إذا لم يكن في وضع صحيح.
((وفي بريطانيا تعاني مواقع العمل فقدان 30 مليون يوم عمل و 200 مليون جنيه إسترليني سنويًا تنفق على استخراج شهادات الأطباء للمصابين بآلام الظهر أو الانزلاق الغضروفي بالإضافة إلى تحمل هيئة التأمين الصحي 160 مليون جنيه أخرى للإنفاق منها على علاج المصابين...
ويفسر الاختصاصيون أسباب شيوع آلام الظهر والانزلاق الغضروفي في المجتمعات الصناعية بأنها تعود إلى التغييرات الجذرية المفروضة على حركة الأفراد والتي تلجئهم إلى الوقوف ساعات طويلة أمام الآلات والمعدات داخل المواقع الصناعية والإنتاجية، والجلوس ساعات طويلة أخرى خلف المكاتب وتقييد حركة الدورة الدموية والعمود الفقري الذي يعد الدعامة الأساسية لجسم الإنسان مما يؤدي إلى الإصابة بآلام الظهر والانزلاق الغضروفي والتهابات المفاصل والحوض (وهذه تشيع عادة مع المتقدمين في السن).
إلا أن الإصابات الشائعة في الظهر والتي تصيب الكثيرين من مختلفي الأعمال من الشباب، لا يرى الاختصاصيون وسيلة للتغلب عليها سوى في تغيير أنماط السلوك الحركي. إذ إن معظم الأفراد في المجتمعات الصناعية يستنفذون ساعات طويلة خلال اليوم في الجلوس خلف مكاتبهم، أو على مقاعد وسائل النقل العام أو في سياراتهم الخاصة الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بآلام الرقبة بسبب قلة الحركة، أو التشوه في العمود الفقري الناجم عن الجلوس في أوضاع غير صحية أو رفع أحمال ثقيلة بيد واحدة تسبب ضغوطًا على الذراع ومن ثم الكتف والظهر ومعاناة آلام اللومباجو (آلام في الجزء الأسفل من الظهر)، في الوقت الذي يؤدي فيه اختلال الجهاز العصبي إلى الإصابة المباشرة بعرق النساء.
وينصح الأطباء للتخلص من آلام الظهر والانزلاق الغضروفي بالجلوس في أوضاع صحية تسمح بسهولة انسياب الدورة الدموية، وممارسة الرياضة البدنية بصورة يومية كلما أمكن ذلك، والسير لمدة لا تقل عن نصف ساعة يوميًا، إذ إن السير يساعد في الحفاظ على استقامة العمود الفقري لأطول مدة، كذلك السير بخطوات واسعة الأمر الذي يمنح عضلات الساقين فرصة أكبر لحرية الحركة)).
أهمية النشاط البدني:
وقد أدركت الدول المتقدمة في المجالات الصناعية أهمية التمرينات التعويضية للعمال، فقامت بعض المصانع بتخصيص دقائق تتراوح بين 5-15 دقيقة يقوم خلالها العامل بتأدية بعض التمرينات التعويضية التي تجدد نشاطه وتساعد في إزالة فضلات التعب ليعود إلى عمله ويواصل العمل بكفاءة أكبر مما يزيد الإنتاج.
وقد أثبتت التجارب الحديثة أن قيام العامل في أوقات الراحة بتمرينات تعويضية تساعد على إراحة العضلات العاملة، فيكون العامل أكثر إنتاجًا من جلوسه بلا حركة خلال أوقات الراحة.
وتقع التمرينات التعويضية في المرتبة الأولى للتمتع بالصحة ومنع حدوث التشوهات. ومن ثَم فإن إعطاء هذه التمرينات يجنب التعب من خلال الراحة الإيجابية، كما أنها تجنب العامل أو الموظف بعض الأخطاء القوامية التي يعتاد عليها أثناء أداء عمله.
أهمية الصلاة كنشاط بدني:
من ذلك ندرك أن الشيء المهم هو أن يكون هناك نشاط بدني رياضي تعويضي للعمال والموظفين، والغرب يستخدم التمارين لأنها المجال الوحيد لديه، أما نحن فلدينا المجال الأوسع ألا وهو الصلاة؛ لأن إجراء درس تمارين رياضية في أحد مصانعنا أو مكاتبنا قد يكون غير مستساغ أو غير مألوف، في حين أداء الصلاة شيء مألوف بل ومفروض. خاصة إذا علمنا أن درس التمرينات الذي يقوم به العمال أو الموظفون في الغرب يحتوي على حركات الصلاة نفسها، حيث إن الدرس يجب أن يحتوي على تمارين لأعضاء الجسم الرئيسة وهي الرأس، الجذع، اليدين، الرجلين. وهذا تمامًا ما تحتويه الصلاة.
كما أنه ليس هناك أفضل من الصلاة كنشاط بدني رياضي يمكن أن تعطي نموًا متزنًا حقيقيًا لجميع أجزاء الجسم، والمحافظة على اعتدال القوام ، وتحسين النغمة العضلية التي تزيد من كفاءة العضلة لأداء عملها بقدرة وكفاءة.
ولهذا، فمن مصلحة القائمين على المكاتب والمصانع والمؤسسات والدوائر الحكومية...الخ - أن يخصصوا مكانًا لأداء الصلاة جماعة في مكان العمل، وأن يسمحوا بإقامتها في أوقاتها، والمصنع أو المكتب.. سيكون مأجورًا في ذلك وجامعًا بين عمل الدنيا وعمل الآخرة، وهذا من أسباب الزيادة في الربح، والبعد عن الخسارة، فضلاً عن النجاح والتوفيق في العمل.
وإن عدم السماح بأداء الصلاة يعد خيانة في حق العامل أو الموظف، ولهذا الأمر مضار كثيرة مختلفة لا بد وأن تعود على أصحاب العمل أنفسهم.
فأثر الصلاة لا بد وأن يعود على المصلي ومن ثَم يعود على المصنع أو المكتب... من ناحية الإخلاص والصدق في العمل، وزيادة الإنتاج، وتحمل المسؤولية... الخ.
فالعامل لم يعد جزءًا من الآلة كما كان، وإنما أصبح سيدًا لها، ولكي تتحقق هذه السيادة لا بد أن يكون قادرًا على التحكم فيها وإدارتها بأقصى كفاءة، والصمود للعمل أطول مدة ممكنة بالمستوى نفسه بما يضمن زيادة الإنتاج.
ولا تتطلب سيادة العامل على آلته إلمامه بالنواحي الفنية والميكانيكية فقط، وإنما تستلزم الكفاءة البدنية بجانب سلامة القوام ولا شك أن العامل المصاب بتشوه أو عاهة دائمة يؤثر هذا تأثيرًا مباشرًا على إنتاجه، فيجهد بسرعة، وتزيد وتستفحل التشوهات في جسمه إذا لم تعالج بسرعة.
ويُجمع العلماء على أن الجسم السليم الخالي من التشوهات القوامية هو أقدر الأجسام على الصمود والمثابرة وبذل الجهد بمستوى عال لساعات طويلة قبل أن يظهر التعب والإجهاد.
وكما ذكرت من قبل فإن الصلاة تؤمن للمصلي الكفاءة البدنية وسلامة القوام. ولذلك فإن على أصحاب العمل أن يكونوا هم أول من يحرص على إقامة الصلاة جماعة في أماكن عملهم طالما أن آثارها الإيجابية ستعود عليهم، وإن سمحوا لعمالهم، أو موظفيهم بالذهاب إلى المسجد للصلاة - في حال وجود مسجد قريب - فهذا يكون أحسن وأفضل للجميع.
وإن المهارة في العمل يمكن أن تزداد إذا تخللت أوقات العمل الطويلة استراحة يقضيها الإنسان في الصلاة والمشي إلى المساجد لأدائها، فالواضح أن هذه الأوقات التي تتخلل ساعات العمل الطويلة يمكن أن تؤدي إلى زيادة كفاءة الذهن والجهاز العصبي، بل تساعد على سرعة اتخاذ القرارات الصحيحة. وفي هذا المجال أيضًا تزداد كفاءة العضلات بل وقوة تحملهما، وهكذا تنشط مهارة الشخص وكفاءته في أداء أعماله.
((ولقد أوضح دكتور ب. ل. جيدزB. L. Geddes أن ممارسة بعض التمرينات البدنية قبل إجراء اختبارات مهنية معينة ترتبط بالتذكر والملاحظة والتركيز وكفاءة الإنتاج، تؤثر تأثيرًا إيجابيًا)).
وهنا لا بد من القول من إن إقامة الصلاة في أماكن العمل - أو في المساجد القريبة - يجب أن يكون هدفها الأول والأخير هو العبادة. أما آثارها الإيجابية فإنها تعود على أصحاب العمل تلقائيًا كنتيجة لإقامة الصلاة.
أثر الصلاة كبناء:
من فوائد الصلاة البدنية أنها تزيد القوة العضلية والمرونة... الخ، وبذلك يرتفع المستوى الصحي لكل من العامل والموظف، وينعدم ظهور تشوهات قوامية بسبب المهنة أو الحرفة، ومن ثَم يرتفع مستوى الإنتاج.

أثر الصلاة كعلاج:في الصلاة يتم تشغيل أجزاء الجسم التي لا يستخدمها العامل في عمله أو الموظف في مكتبه، ومن ثَم لا تهبط نغمتها العضلية، ولا تفقد اتزانها العضلي على الجانب الآخر. كما أن التناوب بين العمل والصلاة يبعد العامل أو الموظف عن التعب والإعياء الفكري والجسدي.
كما أن الصلاة إلى الصلاة تصلح ما فسد بينهما من جسم العامل أو الموظف بسبب أوضاع المهنة، أو بسبب الجلوس الطويل، الذي لو ترك دون علاج لازداد واستفحل وأصبح عيبًا وتشوهًا قواميًا.
ولو أن كل صاحب مصنع أو شركة أو متجر... الخ، يخصص مكانًا لصلاة الجماعة في مكان العمل، ويسمح لعماله أو موظفيه بأداء الصلاة في أوقاتها، ويشجِّع غير المصلين من المسلمين على أدائها، لكان ذلك خيرًا له وللمصلي ولعادت الفائدة على صاحب العمل وعلى إنتاجه كما سبق وأوضحت، وإلا فهم خاسرون بالتأكيد؛ ذلك لأن العامل أو الموظف حين يشعر بالتعب والألم تقل كفاءته ويقل إنتاجه ومن ثَََم تعود الخسارة على صاحب العمل وهذا أقل ما فيه، وأما ما فيه من معصية الله بترك الصلاة وعدم التشجيع على إقامتها فأمر وراء ذلك.
الصلاة وقاية علاج لتشوهات القوام:
إننا إذا نظرنا إلى التمارين الآتية التي يصفها الأطباء كعلاج لبعض تشوهات القوام نلاحظ أنها حركات مشابهة لهيئات الصلاة وحركاتها. [انظر صفحة التشوهات القوامية]

تمارين علاجية لتشوهات القوام تشبه حركات الصلاة




تمرين مشابه للتسليم تمرين مشابه للركوع تمرين مشابه للسجود

فمن الحركات التي تعد وقاية وعلاج لتشوه انحراف الرأس: حركة التسليم في الصلاة. ونلاحظ أن هذه الحركة هي واحدة من الحركات التي يصفها الأطباء كعلاج؛ ذلك لأن حركة لف الرأس يمينًا ويسارًا في التسليم، تخلص الرقبة - الحاملة للرأس - من التيبس وتساعد على زيادة مرونة فقرات العمود الفقري العليا في الرقبة وتمنع تصلبها والتصاقاتها ومن ثَم تمنع حدوث انحرافات في الرأس، خاصة أن هذه الحركة تتكرر في خمس أوقات على مدار اليوم.
وكون حركة التسليم وقاية وعلاج لمثل هذه الانحرافات فهي إحدى الفوائد البدنية المصاحبة للفوائد الروحية للصلاة المقصود منها العبادة. ويستفيد المصلي الفائدة البدنية من التسليم بطريقة تلقائية دون انتباه منه ودون أن يلقي لذلك بالاً.
كذلك من الحركات التي تعد وقاية وعلاج لتشوهات القوام مثل: انحناء الظهر أو تحدبه، والانحناء الجانبي، والتجوف القطني، واستدارة الكتفين وتسطح الظهر، وتفلطح القدم: الركوع، والسجود، ورفع اليدين، والنزول والقيام، والجلوس. فمثلاً؛ ميل الجذع للأمام في الركوع والسجود يساعد على تمدد فقرات العمود الفقري وتباعدها عن بعضها البعض، وإن طول العمود الفقري يزداد بضعة سنتمترات في الركوع والسجود عن طوله في الوقوف - وهذا يؤمن للعمود الفقري المرونة اللازمة ويمنع التيبس فيه، ومن ثَم يمنع من حدوث مثل هذه التشوهات، وكذلك يفيد في علاجها. وهذا يفسر قلة نسبة الإصابة بمثل تشوه انحناء الظهر أو تحدبه مثلاً عند المصلين بالمقارنة مع غيرهم وخاصة من غير المسلمين.
كذلك حركة رفع اليدين في الصلاة التي يكررها المصلي عددًا كبيرًا من المرات في اليوم؛ ففيها تقوية عضلات الصدر والكتفين، وزيادة مرونة مفصل الكتف، وكذلك تحسين الهيئة في الحزام الكتفي وأعلى الجسم. وأثناء السجود ووضع الكفين على الأرض يتم إرجاع الكتفين إلى الخلف، وهذا جميعه يمنع من الإصابة بتشوه استدارة الكتفين وتسطح الصدر ويفيد في علاجه. وهناك تمارين علاجية يصفها الأطباء لمن لديه مثل هذا التشوه الغرض منها هو الحصول على هذه الفوائد.
وهكذا تتأكد تلك الفوائد البدنية التي قدَّر الله أن يحصل عليها المصلي عاجلاً في الدنيا بالوقاية من مثل هذه التشوهات أو علاجها وفوائد أخرى غير ذلك، فضلاً عما سيناله المصلي في الآخرة من أجر ومثوبة مقابل أدائه لهذه العبادة.
تنبيهات:
سبحان من شرع هذه الصلاة التي كل حركة وكل هيئة فيها هي وقاية وعلاج لمثل هذه التشوهات القوامية؛ وكون حركات الصلاة هذا شأنها فهذه أيضًا إحدى الفوائد التي تضاف إلى ما سبق وأن ذكرته من الفوائد البدنية في الفصول السابقة.
وأود أن أنبه مرة أخرى إلى أن أحد شروط الاستفادة من حركات الصلاة - هو إزالة أسباب حدوث الآلام أو التشوهات، وهي العادات السيئة أو الأوضاع الخاطئة وإلا فإن الأثر الإيجابي الذي تحدثه الصلاة بهذا الخصوص سيضيع نتيجة الاستمرار في ذلك.
كما أود أن أنبه إلى أنه وإن كانت الصلاة تفيد في علاج مثل هذه التشوهات فهذا لا يعني أن يهمل المسلم الذي يصاب بأحدها زيارة الطبيب للكشف على حالته وأخذ العلاج اللازم حتى ولو كان ذلك تمارين رياضية مشابهة لحركات الصلاة، فهذه التمارين سوف تكون إضافة علاجية أخرى جيدة إلى حركات الصلاة تساعده في الشفاء من إصابته بإذن الله تعالى.
وأنبه أيضًا إلى أن بحثي في هذا الفصل ليس هدفه وصف حركات الصلاة كتمارين علاجية للمصابين بمثل هذه التشوهات، أو أن يترك المصاب بأحدها التمارين العلاجية التي وصفها له الطبيب بحجة أنه مواظب على أداء الصلاة - إنما هدفه بيان الفوائد والمنافع التي ينعم الله بها على المصلي بهذه الصلاة المباركة، ومن هذه المنافع الوقاية من هذه التشوهات القوامية. وقد أثبتُ ذلك بالكشف عن التمارين العلاجية التي توصف لهذه التشوهات التي - كما رأيت - من بينها تمارين مشابهة تمامًا لحركات الصلاة، أو أنها تمنح فوائد حركات الصلاة نفسها، مثل: الركوع والسجود والتسليم وغيرها...
ومن الطبيعي أن يؤكد أطباء العظام على أن حركات الصلاة هذه تفيد فعلاً في الوقاية من العديد من العيوب والتشوهات القوامية، كيف لا وهم يصفون لمرضاهم تمارين علاجية مشابهة لحركات الصلاة هذه...؟!
 
رد: الصلاة والتمارين الرياضبة

[align=center] بارك الله فيك
image460.gif
[/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى