السرعة والطمأنينة في الصلاة

السرعة والطمأنينة في الصلاة

يحيى بن موسى الزهراني

الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . . . أما بعد :
فإن السرعة في الصلاة من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها كثير من المصلين , و القادحة في إمامة كثير من الأئمة , وجاء التحذير منها , والترهيب منها في سنة النبي صلى الله عليه وسلم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ " ، فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ " ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فعَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا " [ أخرجه البخاري ومسلم ].
بل جاء التحذير من السرعة في الصلاة وعدم الطمأنينة فيها ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ " [ أخرجه الترمذي ، وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَرَوْنَ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ : مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ ، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ] .
ورَأَى حُذَيْفَةُ رضي الله عنه رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ، قَالَ : " مَا صَلَّيْتَ ، وَلَوْ مُتَّ ، مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا " [ أخرجه البخاري ] .
وكَانَ أَنَسٌ رضي الله عنه يَنْعَتُ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ يُصَلِّي ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِيَ " [ أخرجه البخاري ] .
ولهذا عد العلماء الطمأنينة ركناً مهماً من أركان الصلاة , لا تتم الصلاة بدونها فعلى المأموم والإمام والمنفرد وكل مصلٍ ، أن يحرص على الطمأنينة والخشوع في الصلاة فهي لبها وقلبها وأصلها .
ويجب على الإمام بوجه خاص أن يطمئن في صلاته ، و يمكّن أعضاءه من الاستقرار في كل ركن وواجب وسنة في صلاته ، حتى يدركه المأموم ، وينبغي أمر الإمام لأن يهتم بصلاته ويعتني بها ويتمكن من أدائها على الوجه المطلوب حتى يتمكن من خلفه حال الركوع والسجود من إتمام ذلك ، فإن الإمام إذا أحسن الصلاة كان له أجر صلاته ، ومثل أجر من يصلي خلفه ، وإذا أساء كان عليه وزر إساءته ووزر من يصلي خلفه ، قال صلى الله عليه وسلم : " الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين " [ أخرجه أبو داود وغيره ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم " [ أخرجه البخاري ] ، فأمر الإمامة عظيم ، وخطر التفريط فيها كبير .
ولقد أرشد العلماء الأجلاء ، أئمة المساجد إلى كيفية الخشوع في الصلاة ، فقال الحسن البصري : التسبيح التام سبع ، والوسط خمس ، وأدناه ثلاث تسبيحات . وأدنى ما يسبح الإمام في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات ، فإذا سبح ثلاثاً ينبغي له ألا يعجل بالتسبيح ولا يسرع فيه ولا يبادر ، وليكن التسبيح من قلبه ولسانه متمكناً فيه ، فإذا عجل بالتسبيح وبادر به لم يدرك من خلفه التسبيح ، وصاروا مبادرين إذا بادر ، وسابقوه ففسدت صلاتهم ، فكان عليه مثل أوزارهم جميعاً ، وإذا لم يعجل وصلى بطمأنينة وخشوع وخضوع وتمكن من التسبيح وأتم صلاته وتسبيحه ، فإن من خلفه يدركه ، فيكون الإمام قد قضى ما عليه وليس عليه إثم ولا وزر . وعلى الإمام أن لا يعجل في الرفع من الركوع والرفع من السجود ، وعليه أن يتمكن من الجلسة بين السجدتين حتى يدركه من خلفه ، فالإمام مسؤول عمن خلفه من المصلين فليتق الله تعالى فيهم وليحذر من عاقبة العجلة في الصلاة فإن عاقبة ذلك خسراً ، ويجب على الإمام ألا ينقر صلاته نقراً فقد جاء التحذير من ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " لا ينقر أحدكم صلاته نقر الغراب " بل أخبر أن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته فتراه لا يتم ركوعها ولا سجودها , فلا يستطيع المأموم أن يدرك مع الإمام الركن والواجب فضلاً عن أدنى الكمال , و هذا بلا ريب تساهل بهذه الشعيرة العظيمة من شعائر الدين والتي أمر الله بها المؤمنين وفرضها عليهم من فوق سبع سماوات لعظم قدرها ورفعة مكانتها عند الله تبارك وتعالى , وأمر المصلين بأن يطمئنوا فيها ويتموا أركانها وواجباتها فقال قولاً كريماً : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، أي خاشعين خاضعين متذللين , ولا يكون القنوت إلا بالطمأنينة , فلا يقتصر الإمام على أدنى الواجب بأن يسبح تسبيحه واحدة في الركوع أو السجود ، لأن المأموم لا يمكن والحال تلك أن يدرك الإمام بأي حال كانت ، بل لا بد أن تحصل المسابقة والتأخير مما يفضي إلى بطلان الصلاة , فالواجب على الإمام أن يقتدي بـأرحم الناس بأمته الذي قال : " من أم منكم بالناس فليخفف " فكان يسبح في الركوع و السجود عشر تسبيحات ، وكان أكثر شبهاً بصلاته الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله , فحزروا في ركوعه وسجوده عشر تسبيحات , هكذا كان يفعل نبي الرحمة والهدى والذي حث الأئمة على التخفيف ومع ذلك فالتخفيف لا يفهم منه الإسراع في الصلاة والإخلال بأركانها وواجباتها , بل التخفيف أمر نسبي , ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأئمة بالتخفيف قرأ بأصحابه في صلاة المغرب بسورة المرسلات والطور والأعراف , وكان يقرأ في الفجر بالستين إلى مائة آية , وكان يصلي صلاة الفجر بغلس أي في أول وقتها ويؤخرها أحياناً حتى يرى الرامي موضع نبله .

فيجب على الإمام أن لا يعود الناس على الكسل وحب السرعة في الصلاة .
حصل أن صلى رجل كان محافظاً على الصلاة مع إمام يخل بأركان الصلاة وواجباتها ويسرع فيها سرعة عظيمة , فصلى ذلك الرجل مع إمام آخر يتبع في صلاته ويتحرى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قدر المستطاع , صلى معه صلاة الظهر فكان يقرأ الإمام القراءة مداً يقف على رؤوس الآيات كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ الفاتحة وسورة الشرح في الركعة الأولى , والفاتحة وسورة الناس في الركعة الثانية , واقتصر على الفاتحة في الأخريين , فلما قضى صلاته قال له ذلك الرجل : هل هذه صلاة تراويح , قال له الإمام : ولم ؟ قال : لقد أطلت بنا . فانظروا كيف كان ذلك الإمام الذي يخل بصلاته سبباً في حصول مثل هذا الجدل العقيم الذي لا وجه له من الصحة , وكم هم الأئمة الذين أخذوا الإمامة وسيلة للكسب الدنيوي دون الأخروي , ويا ليتهم مع ذلك أقاموا الصلاة حق القيام وأدوها كما أداها نبيهم صلى الله عليه وسلم ولهذا الأمر الخطير العظيم سأذكر نماذج من قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلوات كما جاءت في كتب السنة وكما صح عنه الخبر في ذلك والله المستعان وعليه التكلان :

أولاً : صلاة الفجر :
اتفق الفقها على مشروعية تطويل القراءة في صلاة الفجر فقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بطوال المفصل الذي أوله ( ق ) . عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ مَا أَخَذْتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِهَا فِي الصُّبْحِ " [ رواه النسائي وأحمد بسند صحيح ] .
وكان يقرأ بالواقعة في الركعتين [ رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ]. وكان يقرأ بسورة ق ونحوها في الركعة الأولى [ رواه مسلم والترمذي ] ، وكان يقرأ بالستين آية فأكثر [ رواه البخاري ومسلم ] . عَنْ أَبِي بَرْزَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ " [ اخرجه النسائي ] ، وكان يقرأ بسورة الروم [ رواه النسائي وأحمد والبزار بسند جيد ] ، و أحياناً يقرأ بسورة يس [ رواه أحمد بسند صحيح ] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : " قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِالْمُؤْمِنُونَ ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ عِيسَى أَصَابَتْهُ شَرْقَةٌ فَرَكَعَ ، يَعْنِي سَعْلَةً " [ رواه البخاري تعليقاً ومسلم ] ، وقرأ مرة بسورة الزلزلة في الركعتين حتى قال الراوي فلا أدري أنسي رسول الله أم قرأ ذلك عمداً. [ رواه أبو داود والبيهقي بسند صحيح ] ، وقرأ مرة في السفر " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " [ رواه أبو داود وابن خزيمة وابن أبي شيبة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ] . وكان أحياناً يقرأ بقصار المفصل كـ "إذا الشمس كورت " [ رواه مسلم وأبو داود ] .
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ الْمِائَةِ إِلَى السِّتِّينَ ، وَكَانَ يَنْصَرِفُ حِينَ يَنْصَرِفُ وَبَعْضُنَا يَعْرِفُ وَجْهَ بَعْضٍ " [ أخرجه أحمد وغيره ] .
أما فجر الجمعة فالسنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الركعة الأولى بسورة السجدة كاملة , وفي الثانية بسورة الإنسان كاملة . [ رواه البخاري ومسلم ]، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ألم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى " [ أخرجه النسائي وابن ماجة وأحمد ] .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بنحو ستين إلى مائة آية ، وصلاها بسورة ق ، وصلاها بالروم ، وصلاها بـ " إذا الشمس كورت " ، وصلاها بالزلزلة في الركعتين كليهما ، وصلاها بالمعوذتين ، وكان في السفر فصلى بالمؤمنين .
وكان يصليها يوم الجمعة بـ " ألم تنزيل السجدة " ، وسورة " هل أتى على الإنسان " ، كاملتين ، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين ، أو قراءة السجدة وحدها في الركعتين ، وهو خلاف السنة ، وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فُضل بسجدة ، فجهل عظيم .
وقال أيضاً رحمه الله :
ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده ، فقرأ أبو بكر رضي الله عنه في الفجر [ زاد المعاد 1/ 202-203 ] .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقرأ في صلاة الفجر ، بسورة ( يوسف ) و ( النحل ) و ( هود ) و ( بني إسرائيل ـ الإسراء ـ ) ونحوها من السور ، ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخاً لم يخف على خلفائه الراشدين ، ويطلع عليه النقارون . وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر : ( ق والقرآن المجيد ) وكانت صلاته بعد تخفيفاً . فالمراد بقوله تخفيفاً : أي بعد الفجر ، أي أنه كان يطيل قراءة الفجر أكثر من غيرها ، وصلاته بعدها تخفيفاً . [ جامع الفقه 2 / 53 ]
.
 
رد: السرعة والطمأنينة في الصلاة

[b]انياً : صلاة الظهر: [/color]
كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأولين بـ ( فاتحة الكتاب ) و سورتين و يطول في الأولى ما لا يطيل في الثانية ، عن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ ، يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَيُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا " [ رواه البخاري ومسلم ] .
وكان صلى الله عليه وسلم يطيل صلاة الظهر أحياناً حتى قال أَبِو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : لَقَدْ كَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تُقَامُ ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْبَقِيعِ ، فَيَقْضِي حَاجَتَهُ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ، ثُمَّ يَأْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ، مِمَّا يُطَوِّلُهَا " [ رواه البخاري ومسلم ] .
وكان يقرأ في كل من الركعتين قدر ثلاثين آية . قدر قراءة " ألم تنزيل ـ السجدة ) . [ رواه مسلم وأحمد ] ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً ، أَوْ قَالَ : نِصْفَ ذَلِكَ ، وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ " [ أخرجه مسلم ] .
وكان يقرأ أحياناً بـ ( السماء والطارق ) و ( والسماء ذات البروج ) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ، وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَنَحْوِهِمَا " [ أخرجه النسائي ] .
وكان يقرأ بـ ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، وكان يقرأ بـ ( والليل إذا يغشى ) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ : وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ، وَفِي الْعَصْرِ نَحْوَ ذَلِكَ ، وَفِي الصُّبْحِ بِأَطْوَلَ مِنْ ذَلِكَ " [ أخرجه النسائي ] .
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا الظُّهْرَ ، فَنَسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ " [ أخرجه ابن ماجة ] .
فرحم الله حال المسلمين اليوم إذا قرأ الإمام في صلاة الظهر بقصار السور تضجروا وغضبوا وزمجروا , مع أنهم في أعظم موقف وأجل مقابلة وأشرف بقعة , فهم وقوف بين يدي الملك الجبار الذي هو أرحم بعباده من الأم بطفلها , وهم في أجل مقابلة مع الواحد القهار الرؤوف الرحيم الذي يغفر الذنوب ويستر العيوب , وهم أيضاً ضيوف على رب العالمين في أشرف البقاع و أحبها إلى الله سبحانه ألا وهي المساجد . ولو دققنا النظر في المدة التي يقفها العبد بين يدي ربه في صلاته لما تجاوزت عشر إلى عشرين دقيقة , مع أن الناس يقضون الساعات الطوال في اللهو واللعب والوقوف أمام البنوك وآلات الصرف الآلي , وأمام شبابيك الاشتراكات في الهاتف والكهرباء والمطاعم وغيرها يقفون إلى قرابة الساعة قلت أو كثرت ، هذا هو واقع الكثير من المسلمين , واقع مؤلم ولا حول ولا قوة إلا بالله , وإذا قرأ الإمام من أواسط المفصل أقاموا الدنيا ولم يقعدوها , ولا لوم على المأموم وخصوصاً من لاحظ له ولا نصيب من العلم , وإنما اللوم كله على أولئك الأئمة الذين عودوا الناس على السرعة في الصلاة , حتى أن بعضهم لا يقرأ في الركعتين الأولين بعد الفاتحة أي سورة تخفيفاً على الناس زعم , وهو والله في الحقيقة استخفافاً بالصلاة وجهلاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك , وحباً في الدنيا وزخارفها مع أن وقت العبد كله لله تعالى ولهذا قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وقال تعالى : " فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " .
فتأمل رحمك الله هاتان الآيتان وما تدلان عليه من أن جل وقت المسلم يجب أن ينصب في خزانة العمل الصالح ، وأعظم ذلك وأجله الصلاة لأنها الصلة بين العبد وربه , وهي قرة عيون المؤمنين كما قال صلى الله عليه وسلم : " جعلت قرة عيني في الصلاة " . ولأنها سبيل راحة المؤمن و متنفس كربته , ومزيلة همومه , بإذن الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم : " أرحنا بها يا بلال " , وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .
فنشكو إلى الله ضعف حال المسلمين في هذا الزمان , والتفكك الذي ساد الأمة واستشرى في مجتمعاتها حتى أصبحت أمة ضعيفة بعد أن كانت رائدة الأمم والمسيطرة على مقود سيرها .

ثالثاً : صلاة العصر :
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ في الركعتين الأولين منها بنصف قراءة الركعتين الأولين من الظهر أي بقدر خمس عشرة آية . [ رواه مسلم و أحمد ] ، وكان يسمع أصحابه الآية أحياناً . [ رواه البخاري ومسلم ] ، وكان يقرأ بالسور التي يقرأ بها في صلاة الظهر أحياناً أخرى .
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيلُ الْقِيَامَ وَيُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ " [ أخرجه أحمد ] .
ولقد وجه أهل العلم توجيهاً للأئمة بأن يستغلوا الوقت بعد صلاة العصر في قراءة من كتاب ، أو درس علمي ميسر سهل قصير ، لأن الناس تصلي بعد أن أخذوا قسطاً من الراحة ، فهم متهيئون لقبول كل ما يُقال ، فينبغي على الأئمة العناية بهذا الشأن لما له من فوائد عظيمة ، ولا سيما إن كان هناك عرض لبعض مشاكل الحي ، وتذكيراً بالمحتاجين الذين يقطنونه ، وربما لم ينتبه لهم من حولهم ، فهذه مسؤولية تقع برمتها على عاتق الإمام .

رابعاً : صلاة المغرب :
كان صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها أحياناً بقصار المفصل . [ رواه البخاري ومسلم ]
فتدبر رحمك الله قول الراوي أحياناً وليس دائماً كما هو الحال اليوم عند جمع غفير من الأئمة إلا من وفقه الله للعمل بسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك .
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أحياناً بطوال المفصل وأوساطه فكان يقرأ تارة بـ " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله " .[ رواه ابن خزيمة والطبراني والمقدسي بسند صحيح ] . وقرأ بالطور و المرسلات [ رواه البخاري ومسلم ] ، وقرأ بالأعراف في الركعتين [ رواه البخاري وغيره ] ، وقرأ بالأنفال في الركعتين [ رواه الطبراني في الكبير بسند صحيح ]
عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ : خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، فَقَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ ، قَالَتْ : فَمَا صَلَّاهَا بَعْدُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ " [ اخرجه الترمذي قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنِ اقْرَأْ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ ، قَالَ الترمذي : وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ ، وقَالَ الشَّافِعِيُّ : وَذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقْرَأَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ نَحْوَ الطُّورِ وَالْمُرْسَلَاتِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا أَكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ أَسْتَحِبُّ أَنْ يُقْرَأَ بِهَذِهِ السُّوَرِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ] .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بـ ( أ لـمـص ) ، وأنه قرأ فيها بـ ( الصافات ) وأنه قرأ فيها بـ ( حم الدخان ) ، وأنه قرأ فيها بـ ( سبح اسم ربك الأعلى ) وأنه قرأ فيها بـ ( التين والزيتون ) وأنه قرا فيها بـ ( المعوذتين ) وأنه قرأ فيها بـ ( والمرسلات ) وأنه قرأ فيها بـ ( بقصار المفصل ) ـ والمفصل من ق إلى آخر القرآن ـ قال ابن عبدالبر : وكلها آثار صحاح مشهورة .
[ التمهيد 3 / 114 ] .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائماً ، فهو فعل مروان بن الحكم ، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ ؟ قَالَ : الْأَعْرَافُ وَالْأُخْرَى الْأَنْعَامُ " [ رواه البخاري دون تفسير الطوليين ، وأخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح ] ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين [ رواه النسائي بسند صحيح ] ، ثم قال ابن القيم رحمه الله : فالمحافظة فيها على الآية القصيرة ، والسورة من قصار المفصل خلاف السنة ، وهو فعل مروان بن الحكم . [ زاد المعاد 1 / 204 ] .
ترجمة مروان بن الحكم :
مروان بن الحكم من كبار التابعين ، ويكنى أبي القاسم ، وأبا الحكم ، ولد بمكة ، روى عن عمر وعثمان وعلي وزيد ، وروى عنه عدد من التابعين ، وكان كاتب ابن عمه عثمان رضي الله عنه ، وإليه الخاتم ، فخانه ، وأجلبوا بسببه على عثمان ، ثم نجا هو ، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان ، فقَتَل طلحة يوم الجمل ، ونجا ـ لا نُجي ـ ثم ولي المدينة غير مرة لمعاوية ، وقد طرد النبي صلى الله عليه وسلم أبوه إلى الطائف ، ثم أقدمه عثمان إلى المدينة لأنه عمه ، واستولى مروان على الشام ومصر تسعة أشهر ، ومات خنقاً ، وقال مروان : قرأت كتاب الله من أربعين سنة ، ثم أصبحت فيما أنا فيه من هرق الدماء ، وهذا الشأن . [ سير أعلام النبلاء 3 / 476-479 ] .
وقد ذكر بن جرير في تاريخه بأسانيده أن المصريين لما وجدوا ذلك الكتاب مع البريد إلى أمير مصر ، فيه الأمر بقتل بعضهم ، وصلب بعضهم ، وبقطع أيدي بعضهم وأرجلهم ، وكان قد كتبه مروان بن الحكم على لسان عثمان متأولاً قوله تعالى : " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم " وعنده أن هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه من جملة المفسدين في الأرض ، ولا شك أنهم كذلك ، لكن لم يكن له أن يفتات على عثمان ويكتب على لسانه بغير علمه ويزور على خطه وخاتمه ، حتى كان ذلك العمل سبباً في قتله رضي الله عنه . [ البداية والنهاية 5 / 416 ] .


خامساً : صلاة العشاء :
كان يقرأ في الركعتين الأولين من أواسط المفصل . [ رواه النسائي وأحمد بسند صحيح ] وتارة بـ " إذا السماء انشقت " وكان يسجد بها . [ رواه البخاري ومسلم والنسائي ] .
وقرأ مرة في سفر بـ " والتين والزيتون " في الركعة الأولى . [ رواه البخاري ومسلم ] .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ قراءته البقرة في بني عمرو بن عوف ، بعدما مضى من الليل ما مضى ، ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أفتان أنت يا معاذ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها . [ جامع الفقه 2 / 52 ] . وسيأتي مزيد بيان لهذا الأمر في الصفحات التالية إن شاء الله .

سادساً : صلاة الجمعة :
الجمعة هي عيد المسلمين الأسبوعي ، وهي الصلاة التي يجتمع لها الناس من كل مكان في البلد الواحد ممن تجب عليه ، ولهذا شرعت لها خطبتان ، يذكر الخطيب فيها الناس بأمور حياتهم ، وما يكون نافعاً لهم عند ربهم ، وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة فيها أن يقرأ : الجمعة والمنافقون كاملتين ، وسورة سبح والغاشية . [ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ] .
وسُئلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ : مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ ؟ فَقَالَ : " كَانَ يَقْرَأُ بِهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " [ أخرجه مسلم وغيره واللفظ لأبي داود ] ، وأما الاقتصار على أواخر سورتي الجمعة والمنافقون ، فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس من هديه البتة ، بل كان يحافظ على قراءتهما كاملتين . ومن قال أن قراءة أواخر السور وأوساطها في الصلاة ليس بمكروه ، فهذا صحيح ، أما في الجمعة فهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا فوز ولا رفعة إلا باتباع هديه صلى الله عليه وسلم في كل شؤون الحياة .
وكذلك في الأعياد ، كان يقرأ بسورتي ق و اقتربت الساعة كاملتين ، أو يقرأ بسبح والغاشية ، وكان ذلك هديه عليه الصلاة والسلام إلى أن لقي ربه تبارك وتعالى . [ جامع الفقه 2 / 52-53 ] .

سابعاً : قيام الليل :
ويدخل في ذلك التراويح والتهجد ، فأما قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل فكانت قراءة طويلة جداً ، يطيل قراءتها وركوعها وسجودها وجميع أركانها وواجباتها وسننها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أحياناً في كل ركعة بقدر " سورة المزمل " [ رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح ] . وتارة قدر خمسين آية والحديث عند البخاري وأبي داود ، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض بالسبع الطوال وهي : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والتوبة . وصلى مرة في ركعة واحدة بالبقرة والنساء وآل عمران .
هكذا كان هدي نبي الرحمة والهدى في قيام الليل ، كان يقوم الليل حتى تتورم وتتفطر قدماه شكراً لله تعالى وإجلالاً له جل شأنه ، فأين الأئمة في هذا الزمان عن اتباع هدي نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فترى أحدهم يدخل في صلاة التراويح أو التهجد ولا هم له إلا آخرها ينقرها نقر الغراب ، ويراوغ فيها مراوغة الثعلب ، فسبحان الله أليس لله شأناً في قلوبهم ، أليس لله تعظيماً في نفوسهم ، ولكنها الغفلة والجهل وغلبة حب الدنيا والطمع في زخرفها الزائل ، فأوصي إخواني المسلمين وأخص منهم الأئمة بأن يتقوا الله في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وعليهم أن يشيعوها بين الناس ، وألا يميتوها كما أماتها كثير من شعوب الإسلام في زماننا هذا ، فلا فلاح ولا نصر ولا تمكين إلا بإقامة شعائر هذا الدين واضحة جلية للأعيان ، وعلى الأئمة أن يبينوا للناس كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهديه في القراءة والتدبر والخشوع والطمأنينة في الصلاة ، حتى يدرك الناس تلك السنن المستفيضة عنه صلى الله عليه وسلم ويألفوها ثم لا تعود غريبة عليهم .
وخلاصة القول : أن ضابط التخفيف أمر نسبي لا قطعي , فيخفف الإمام في صلاته تارة ويطيل تارة ويتوسط تارة بحيث يعتاد المسلم هذا العمل ويعرف أنه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته في صلاته .
ويسن للإمام أن يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية بعض السور بعد الفاتحة فالنبي صلى الله عليه وسلم : " كان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأولين قدر النصف , قدر خمس عشرة آية " [ رواه مسلم وأحمد ]
وفي الحديث لمن تأمل دلالة على سنية الزيادة على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين , وعلى ذلك جمع من الصحابة منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه .

صلاة التراويح والتفريط فيها :

صلاة التراويح سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم تركها ففضلها عظيم وقدرها كبير . وعلى المسلم أن يحافظ عليها مع جماعة المسلمين في بيوت الله عز وجل , قال فيها صلى الله عليه وسلم " من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " [ رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما] . وقال صلى الله عليه وسلم : " من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " [ متفق عليه ] .

فت[/color]



[/size]
[/b][/color][/b][/b][/B]
 
رد: السرعة والطمأنينة في الصلاة

جزاكم الله خير
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى