التمرد

التمرد


هل التمرد مرادف للعنف أن لكل مرحلة من مراحل الحياة خصوصيتها فيوجد بها من التكوين العقلي والجسدي والأمراض الجسمية والمشاكل النفسية والممارسات السلوكية. فكل من مرحلة الطفولة ومرحلة ما قبل المراهقة ومرحلة المراهقة وكذلك الكهولة والشيخوخة خصوصيتها وأن الفرد يحمل معه في كل مرحلة بعضا من أثار المرحلة السابقة التي كثيراً ما تسلك أساساً للمرحلة اللاحقة. إذ تثير كلمة تمرد تصورا سلبياً لدى السامع عند إطلاقها فهي تعني عند المتلقي العصيان والرفض السلبي دائما.

والتمرد بمعناه الإسلامي المرفوض: هو عبارة عن الخروج عن السلطة والقيم والقوانين والعقائد والأعراف السليمة أو هو الخروج على ما ينبغي الالتزام به. فليس التمرد هو مجرد الرفض وعدم الانصياع لما ألفه الناس فهناك من المألوفات أو القوانين والعقائد الغير صحيحة مما يجب رفضه والتمرد عليها. لذا فأن ظاهرة التمرد التي تظهر في حياة الشباب المنطلقة من الشعور بالقوة والتحدي وضرورة التغير تتجه اتجاهين متناقضين اتجاها سلبياً ضاراً وهداماً واتجاها إيجابياً مغيراً يساهم في تطوير المجتمع والدفاع عن مصالحة. وظاهرة التمرد السلبي التي تنشأ في أوساط المراهقين والشباب هي من أعقد مشاكل الأسرة والمجتمعات. إذا أن ظاهرة التمرد السلبي تبدأ في أحضان الأسرة وذلك برفض أوامر الوالدين أو تقاليد الأسرة السلمية وعدم التقيد بها عن تحد وإصرار. ومن ثم التمرد على الحياة المدرسية. بما فيها من قوانين والحضور وإعداد الوجبات المدرسية وإطاعة القوانين في قاعة الدرس. والعلاقة مع الطلبة والمدرسين ويأتي معها في هذه المرحلة التمرد على القانون والمجتمع والسلطة. ولعل للتمرد اسبابة التي تبعث عليه وتغذية ومن أبرزها مايأتي: أ-ممارسة بعض الأباء للدكتاتورية في التعامل مع الأبناء ومصادرة أرادتهم والإكثار من منعهم من غير موجب مشروع للمنع. فالأب لا يغير طريقة تعامله مع المراهق والشاب ويظل يتعامل معه كما يتعامل مع الطفل الذي لا يملك وعياً ولا إرادة من خلال الأوامر والنواهي والتدخل في شؤون الأبناء كشؤون الدراسة والعمل والحياة اليومية والصرف المالي ونوع اللباس … الخ مما يضطر بعض الأبناء إلى التمرد والرفض وعدم الإنصياع لأراءهم وأوامرهم فتحدث المشاكل وتتعقد العلاقة بينهم وقد تنتهي إلى نتائج سيئة وسقوط الاحترام المتبادل والخروج من بيت الأسرة أو غير ذلك. وقد تناول الفكر الإسلامي بر الأباء ولم يوجب الطاعة لغير الله فمثلاً التشريع الإسلامي لم يوجب على البنت أو الابن طاعة والديهما إذ رغبا بزواجهما من زوج أو زوجة لا تتوفر الرغبة فيه. أن واجب الأباء هو إرشاد أبنائهم إلى الطريق السوي وتجنبهم ما يضر حاضرهم ومستقبلهم وانطلاقاً من المسؤولية الشرعية أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوسل بكل الوسائل السليمة للحيلولة دون وقوعهم في مهاوي السقوط والفشل في الحياة … وقد قيل في الأثر \" لا تقسروا أولادكم على آدابهم، فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانهم\" ب- المدرسة : وكما يساهم الأباء في إيجاد روح التمرد والهدم فأن المدرسة دورها الفاعل في هذا المجال بما فيها من نظام وطريقة تعامل. لا ينسجم مع الظرف الواقعي له فيساق بهذه الأسباب وغيرها غلى تحدي النظام المدرسي وأحداث المشاكل وترك الدراسة . لذا كان من الضروري أن تكيف المدرسة وضعها ونظمها مع روح العصر وظروف المجتمع وتتعامل مع الطالب في هذه المرحلة بوعي لطبيعة المراهقة ومشاكلها من خلال التربية والتعامل كموجة وخبير يحمل المشاكل وليس طرفا يريد السيطرة وفرض العقاب ألا إذا كان العقاب ضروري للإصلاح. ج-طبيعة المرهق وتكوينه النفسي والسلوكي: لها أثرها البالغ في الرفض والتمر والتحدي فمرحلة المراهقة هي مرحلة الإحساس بالغرور والقوة كما أنها مرحلة الإنفصال عن الوالدين لتكوين الوجود الشخصي المستقل وهي مرحلة تحدي ما يتصوره عقبة في طريق طموحاته على المستوى الأسرة والدولة والمجتمع لذا ينشأ الرفض والتمرد السلبي كما ينشأ التمرد الإيجابي ومعالجة ظاهرة التمرد السلبي تكون بالاهتمام بالتربية السليمة المبكرة ونوعية المراهقين ومشاكل المراهقة وإبعاد المثيرات من الأجواء المحيطة بالمراهق فالشاب أو الشابة اللذان يتمتعان بمستوى من الوعي والثقافة يتفهمان الحوار والمشاكل ويتقبلان الحلول المعقولة من غير تمرد وإساءة في حين يتصرف الشاب الهابط الوعي والثقافة بعنجهية وسوء تصرف. د-الظروف والأوضاع : أن لطبيعة الظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية والفكرية والاجتماعية وللقوانين والأعراف تأثيراً بالغاً على سلوك الشباب وموقفهم فالظروف التي يشعر فيها الشباب من فراغ وعدم إشباع لأهم الاحتياجات الأساسية يندفع وبقوة غلى تحديها، والتمرد عليها بالرفض، وعدم الانصياع والرد بالعنف والقوة أحياناً، لذا فأن الحرية المعقولة وتحسين الأوضاع الاقتصادية من خلال مشاريع التنمية والتي تعمل على استيعاب مشاكل الجيل وتطلعاته. هي السبيل لمعالجة حالة الرفض والتمرد

 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى