العوامل اللازمة لرعاية الطفل

يحتاج الطفل ذو الاحتياجات التعليمية الخاصة إلى العديد من العوامل التي تعمل على حمايته ورعايته خاصة في المناطق المدنية، لم تعد تمثل هذه العوامل الجيران المحيطين فحسب، ولكنها أصبحت تمثل منظومة كاملة من المتخصصين والاستشاريين والمعلمين والعديد ممن قد يشاركون في مساندة جهود الأسر ومساعدة الطفل على إحراز تقدم أفضل.
وأحياناً ما تظهر احتياجات الطفل الخاصة بمجرد ولادته أو بعد ذلك بفترة قصيرة.. وبالنسبة للعديد من الأسر الأخرى، تظهر عدم قدرة الطفل على القيام بواحدة أو أكثر من مهارات النمو المختلفة ببطء شديد. وفي كلتا الحالتين تصبح احتياجات الطفل هي بؤرة اهتمام بعض الأشخاص الذين تختلف آراؤهم واهتماماتهم وأولوياتهم. وقد يظهر هؤلاء الأفراد من بعض من هذه المجموعات التالية أو من جميعها.
> أولياء الأمور والأسرة الصغيرة.
> الأسرة الكبيرة والأصدقاء المقربون.
> آخرون ممن يقومون على رعاية الطفل سواء في المنزل أم الحضانة أم روضة الطفل.
> العاملون في المجال الطبي والمعالجون مثل مقدمي الرعاية الصحية والأطباء وأخصائيي اللغة وأخصائيي العلاج الطبيعي.
> المتخصصون في التعليم كالمدرسين ومن يتعاملون مع الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة وأخصائيو علم النفس التربوي وخدمات الدعم التعليمية.
> مجموع العاملين في الخدمات الاجتماعية والذين قد يكون منهم العديد من المتخصصين في هذه الخدمات والمسؤولين عن الرعاية اليومية والمشرفين على الإجازات.
> بعض خدمات الدعم الأخرى كالخدمات المنزلية (مثل خدمات بورتاج) والعاملون في مجالات دعم ومساعدة الآباء وأولياء الأمور من الأفراد ممن يشتركون في مشروع التعامل مع أولياء الأمور.
> الهيئات التطوعية.
> المسؤولون الإداريون عن الاحتياجات الخاصة في المؤسسات التعليمية المحلية والطفل جزء من محيط الأسرة وجزء من نظام تعليمي كما أنه مستخدم مباشر للخدمات الصحية. وقد يكون مستخدما مباشراً أو غير مباشر للخدمات الاجتماعية. وتتداخل هذه النظم وتتفاعل عند نقاط معينة وفي أوقات محددة. وبعض أفراد هذه الأنظمة قريبون من الطفل وقد يكونون على اتصال يومي به. والبعض الآخر قد يكون بعيداً عن الطفل ومع ذلك يكون له تأثير على ما يحدث للطفل حيث يتصل بطريق أو بآخر بهذه الأنظمة أو الأفراد الذين يساعدون في تنمية مهارات هذا الطفل.

الأدوار والمسؤوليات
وعلى الرغم من أن جميع هؤلاء الأفراد يرغبون في تحقيق أفضل شيء لهذا الطفل، لكل منهم أولوياته ووجهة نظره الخاصة. فلكل منهم دور ومسؤولية مختلفة، كما أنهم يعملون في مجالات مختلفة. بعضهم يقوم بعمل نوع خاص من التقييم كما يقوم بإسداء النصيحة وآخرون يتعاملون مع الطفل لتنمية مهاراته في مراحل النمو. وسيختص آخرون بمراقبة تقدم الطفل، بينما يهتم غيرهم بمساعدة أسرة الطفل. وهناك آخرون خاصة المدرسون سيرون الطفل كواحد من ضمن الكثير من الأطفال الآخرين، بينما يعطي أولياء الأمور الطفل الأولوية الكبرى ولكنه يظل جزءاً من العائلة الكبيرة، وتتعدد بعض من هذه الأدوار كما يتداخل البعض الآخر حتى أنه في بعض الأحيان لا يتضح تماماً الفرق بينها.
ولا بد من بذل مجهود كبير لتحويل هذه المجموعة من الأفراد المختلفين المتفرقين إلى فريق متعاون قادر على التعامل بشكل فعال مع بعضه البعض لمواجهة احتياجات الطفل داخل محيط الأسرة بأكمله وداخل الفصل. ولم تعد تساعد حقيقة أن المتخصصين التقليديين هم من أنظمة مختلفة لها كيانات نظامية وإعدادات مالية مختلفة. ففي كثير من الأماكن لا تتساوى الحدود الجغرافية وتكون هناك حاجة للعمل من خلال المؤسسات المحلية. وقد لا يعرف البعض المجال الذي يعمل فيه الزملاء الآخرون وحتى التعاريف المستخدمة قد تكون مختلفة. فقد يرى بعض المتخصصين، خاصة الذين يعملون في مجال الخدمات الصحية، أن الطفل يعاني من مشكلة فطرية تتطلب »العلاج« بينما يكون الكثير من المتخصصين الآخرين في الخدمات التعليمية والاجتماعية وجهة نظر أكثر تفاعلاً.
لقد تم النظر إلى فكرة العمل المشترك في الأدب والقانون على أنها فكرة ذات قيمة كبيرة، ولكن في الواقع تواجه هذه الفكرة الكثير من الصعاب وهناك تدريبات مكثفة داخل الدولة لتحقيقها. وفي بعض الأحيان يجد العديد من أولياء الأمور أنهم فقط يتناقلون المعلومات وذلك عندما يشعرون بالاضطراب والغموض. وفي أحيان أخرى قد يزداد اضطرابهم نتيجة المعلومات المختلفة التي يتلقونها من المتخصصين المختلفين.
ومنذ أن صدر قانون الطفل لعام 1989 وميثاق التعامل الخاص بالأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة الصادر عن إدارة التعليم والتوظيف عام 1994 وذلك الصادر عام ،2001 كان هناك مجهود أكبر لتنظيم الأشياء بطريقة مختلفة من أجل الوصول إلى مستوى أعلى من التعاون والتآزر، وقد تم التأكيد على ذلك حتى بعد فترة طويلة من خلال تقديم الجمعيات الخاصة برعاية الطفل وتنمية مهاراته في السنوات الأولى والعمل المشترك من أجل حماية الأطفال ومع ذلك فقد بدت الكثير من الممارسات الجيدة أنها معتمدة على الأفراد المتمسكين بشدة بمبدأ التعاون بين المؤسسات وأن كثيرا من الخطط ما زالت في مراحل التطور الأولى.

مستويات المعرفة والثقة المطلوبة
من الاختلافات المهمة بين هذه المجموعات المهتمة بالطفل نوع المعرفة المتوافرة لدى كل منهم عن احتياجات الطفل الخاصة وعلاقته بأسرته ومناهج الاحتياجات التعليمية ومصادرها فالمعرفة تزيد من الثقة اللازمة للقيام بما يعزز التطور وكذلك تزيد من التوقعات المناسبة فقد يبدأ أولياء الأمور والقائمون على رعاية الطفل بمعرفة القليل عن احتياجات الطفل ولكن تزيد معرفتهم بمرور الوقت ويصبحون أكثر دراية بحالة طفلهم من غيرهم وإلى جانب الاتفاق مع الأسرة يساعد أيضا تبادل المعلومات عن الطفل والبيئات التي يعيش ويتعلم فيها على التقدم به وقد يساعد اقتراح أو ملاحظة غير حقيقية عن متطلبات الأسرة ومناهج الاحتياجات الخاصة على زيادة الإحساس بالذنب وقد يثير بعض التوقعات غير الحقيقية التي تؤدي إلى الإحباط والصراع.

التطور والتقدم والتغيير:
احتياجات الطفل تكون قابلة للتغيير خاصة في السنوات الأولى وخلال شهور قليلة فالاتصال الجيد يساعد على استمرارية التغيير خاصة في المراحل الانتقالية وعند تعامل الطفل مع أشخاص جدد. وبينما يقوم بعض الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بتحقيق خطوات قليلة في فترة المراقبة لا بد أن يتأكد المتابعون لهم أنهم يقومون بتحقيق شيء فعلاً لذلك يجب الرجوع إلى التقدم الذي تم إنجازه على فترات أطول فيتذكر كل شخص نتيجة مجهوداته التي قام بها ومن المفترض أن تقوم بذلك عمليات المراجعة السنوية للأطفال المعاقين كلامياً ولكن مع التغاضي أحياناً عن القيام بذلك من أجل تنفيذ الخطط المقدمة بدلاً من الرجوع والمراجعة.

أهمية التدخل المبكر
تؤكد جميع التشريعات والتوجيهات الحديثة الخاصة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على ضرورة التدخل المبكر وهناك أسباب واضحة للقيام بذلك وأسباب أخرى أكثر دقة ولكنها لا تقل أهمية عنها.

تعزيز التطور
التدخل المبكر يساعد على اكتشاف حاجيات الطفل مبكراً لوضع برامج مناسبة ويزيد من نسبة تقدم الطفل التي من الممكن أن يحققها.. ومن المهم رؤية الطفل كشخص كامل والانتباه لكل مرحلة من مراحل نموه وبينما تكون الصعوبات التي يواجهها الطفل وعلاجه هي بؤرة اهتمام الأسرة فيمكن أن يكون هناك خطر عند تجاهل الأداء الطبيعي للطفل مع توالي العواقب السلبية الممكنة لما يمكن أن يؤدي فيه الطفل مهاراته بكفاءة والتعاون بين أولياء الأمور والمدرسين يضمن النظر لاحتياجات الطفل في سياق التطور بأكمله.

تأكيد احترام الطفل لذاته:
عندما يطلب من الطفل القيام بشيء ما لا يتناسب مع قدراته فيفشل دائماً يكون الطفل عن نفسه فكرة أنه لا يستطيع القيام بشيء وأنه يسبب لوالديه الإحباط فالطفل الذي يفشل دائماً يتوقف عن المحاولة مما يوقف تقدمه في المراحل الأولى فكلما كان التفهم لحاجاته والصعوبات التي يواجهها مبكراً زادت توقعات النجاح وعلى العكس من ذلك تماماً يحذر بعض أولياء الأمور عند التعامل مع طفلهم ويقومون بأي شيء من أجله وهذا التصرف غير صحيح ولا يشجع الطفل على محاولة القيام بعمل الأشياء بنفسه أو أن يحقق استقلالاً ذاتياً أفضل.

تقديم الدعم لأولياء الأمور:
الدعم الوجداني
قد يمر أولياء الأمور بمراحل من الإنكار والصدمة والغضب والشعور بالذنب والحزن الشديد وقد يصل الأمر إلى الاكتئاب قبل أن يتقبلوا حقيقة طفلهم وبعض الأسر لا تمر بذلك على الإطلاق وقد يواجه المتخصصون الذين يحتكون بأولياء الأمور خاصة في الأيام الأولى بعض هذه الاستجابات الوجدانية ولا بد أن يكونوا مستعدين لها.. لذلك يجب تحقيق التوازن بين إدراك استجابات أولياء الأمور الوجدانية وحقيقة الموقف والتعامل مع جميع الاحتمالات بإيجابية رغم عدم سهولة ذلك.

الدعم المعرفي:
يحتاج أولياء الأمور أن تكون لهم القدرة على طلب الأشياء نفسها عدة مرات كما قد يساعد في الأمر أن يكون مصدر المعلومات مختلفاً ومتعدداً شاملاً الأسر الأخرى التي تمر بتجربة مشابهة كما قد تساعد في ذلك أيضا التوجيهات المكتوبة التي يستطيع أولياء الأمور الإشارة إليها حيث يحتاج المتخصصون أن يكون أولياء الأمور هم أول من يمدوهم بالمعلومات فلا تجدي المعلومات الكثيرة التي يتم إبلاغها بسرعة إذا لم يصبح أولياء الأمور قادرين على فهمها.
ومع ذلك فإن آخر شيء يحتاج إليه أولياء الأمور في هذه المرحلة هو أن يشعروا بأنه تم حجب بعض المعلومات عنهم والتي قد تكون مقيدة ومع أنه لا يمكن إعطاؤهم إجابات قاطعة عن كل شيء إلا أنهم يحتاجون لمعلومات جيدة يصلون إليها من خلال لغة يمكنهم فهمها وقد يشمل ذلك بعض أو كل ما يلي اعتماداً على الاحتياجات الخاصة المحددة ومستواها ومدى تعقدها واعتماداً على الذين يتعاملون مع الطفل في هذه المرحلة المبكرة:
> التأكيد على أن أولياء الأمور سوف يكونون جزءاً من أي تدخل أو قرار يتم اتخاذه.
> مناقشة أي فعل مباشر لا بد من القيام به لما فيه مصلحة الطفل وعرض أسباب ذلك.
> أسباب وتفاصيل الاتصال الخاص بمشروع التعاون مع أولياء الأمور.
> أسماء وتفاصيل الاتصال الخاص بأية مؤسسة تطوعية.
> وجود نسخة من السياسة الخاصة بذوي الاحتياجات إذا كان الطفل تابعاً لإحدى المنح التعليمية.
> أسماء الأفراد الذين سوف يكونون على اتصال مباشر بالأسرة والترتيبات الخاصة بالاتصال بهؤلاء الأفراد.
> المناهج الخاصة بمؤسسات التعليم المحلية عندما يكون الوقت مناسباً لذلك.
> قدر الدعم المتاح.
> مراجعة الترتيبات.
لا يمكن توقع أن يقوم أولياء الأمور بفهم قدر جديد من المعلومات دفعة واحدة فهم ما زالوا يحتاجون لمعرفة الوقت الذي سيصبحون فيه مستعدين لذلك كما يحتاجون للشعور بالثقة والجرأة عند السؤال والاستفسار.

الدعم الأسري
لقد تأسست خدمات الدعم الأسري في مستشفى العيون بمورفيلدس في لندن على مدى »12 عاماً« ولها دور حيوي في معاونة الأسر في سد الفجوة بين عملية تشخيص العمى أو عدم سلامة النظر عند الأطفال والشعور والتطبيق العملي الحقيقي. ولقد تم الإشارة إلى هذه الخدمة من قبل الكثير داخل المجتمع كمثال على العمل الجيد للهيئات المتعددة.
وقد قال الأخصائي الاجتماعي والذي يدعى جاكي القائم على إعداد الخدمات هناك أن هدفه الرئيسي هو مساعدة الأسر. فقد قال: »تتمتع الكثير من الأسر بالقوة ولكنهم سوف يضطربون إذا لم يعرفوا كيف يحصلون على المساعدة عند الحاجة إليها«.
وتوقيت الإبلاغ بالمعلومات في الأيام الأولى مهم جداً وكذلك الطريقة التي تقدم بها، ولا يجد الأمر شيئاً أن يقوم بعض المتخصصين بإبلاغ الأسر بما لا يستطيع طفلهم القيام به وبما يجب على هذه الأسر فعله.
في المرحلة الأولى، لا يستطيع أولياء الأمور فهم كل ما يقوله لهم الأطباء ويحتاجون لفرصة للتحدث مع شخص ما بعيداً عن العيادة الطبية. وجاكي يستطيع شرح ما يعنيه التشخيص وتأثير ذلك على الأسر. كما أنه يكون موجوداً للإجابة على الكثير من الأسئلة التي قد يطرحوها ولمساعدتهم على التركيز بطريقة إيجابية وعملية على احتياجات طفلهم.
كما أنه يقوم بعمل توازن بين النموذج الطبي للتشخيص والعلاج وبين النموذج التفاعلي الذي ينظر إلى كيفية تقليل تأثيرات العجز البصرية. ويساعد ما يقوم به جاكي من دعم الاستجابات الوجدانية لأولياء الأمور في هذا الوقت وتوضيح أن أحاسيسهم طبيعية على أن يدركوا ما يعنيه الموقف كما قد يمنع ظهور الصعوبات الوجدانية فيما بعد. كما يقوم هذا العامل أيضاً بإسداء النصائح الودية للأطفال الذين دائماً ما يشعرون بالخوف من العلاج والقلق على حالتهم. كما يجعل جاكي أولياء الأمور على اتصال بأية شبكة من شبكات الدعم كما يمدهم عندما يكون الوقت مناسباً بالمعلومات عن حقوقهم وكيف يمكنهم الحصول عليها.
وبعد ذلك يقوم جاكي بعد الحصول على إذن مكتوب من ولي الأمر، بالاتصال مباشرة بالمؤسسات الأخرى، كخدمات الزيارة المنزلية والمدرسين المختصين بتعليم المكفوفين، الذين يذهبون للمنازل والمدارس لتقديم الإرشادات على أساس مناهج ووسائل معينة. ولا يفيد في تخطيط وتوفير الدعم والتعليم المناسب أن يكون هناك شخص على معرفة بالتفاصيل الطبية لحالة الطفل وعلى معرفة بالأسرة. كما تفيد المعلومات الخاصة بالطريقة التي تسيطر بها الأسرة وكذلك الطفل على حالة هؤلاء الذين يعالجون الطفل في المستشفى



جريدة الراية
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى