معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

معاكسة هاتفيه من فتاة باخر الليل - حوار جريء
وانا

رنين الهاتف يعلوا شيئاً فشيئا .. اغط في سبات عميق … لم يقطعه إلاذلك الرنين المزعج … فتحت عيني .. ونظرت في الساعة … فإذا بها تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل !!…


وحيث انني انتظر مكالمة مهمة .. نهضت على الفور عن فراشي .. ورفعت سماعة الهاتف .. وبادرت قائلاً : نعم !! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فسمعت على الطرف الآخرصوتاً أنثوياً ناعما يقول :


لو سمحت !! .. هل من الممكن أن نسهر الليلة سوياً عبر سماعة الهاتف ؟!!


فرددت عليها باستغراب ودهشة قائلا : ماذا تقولين ؟!! … من أنتِ ؟!! ..


فردت علي بصوت ناعم متكسر : أنا اسمي ( أشواق ) .. وأرغب في التعرف عليك .. وأن نكون أصدقاء وزملاء ( !!! ) .. فهل عندك مانع ؟!!


أدركت أن هذه فتاةتائهة حائرة .. لم يأتها النوم بالليل .. لأنها تعاني أزمة نفسية أو عاطفية .. فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف !!


فقلت لها : ولماذا لم تناميحتى الآن يا أختي ؟!!


فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام بالليل ؟!!.. وهل سمعت بعاشق ينام بالليل ؟!!.. إن الليل هو نهار العاشقين !!!
فرددت عليها ببرود : أرجوك : إذا أردتِ أن نستمر في الحديث .. فابتعدي عن الضحكات المجلجلة والأصوات المتكسرة .. فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات !!


تلعثمت الفتاة قليلاً … ثم قالت : أنا آسفة … لم أكن أقصد !!


فقلت لها ساخراً : ومن سعيد الحظ ( !!! ) الذي وقعتِ في عشقه وغرامه ؟!!
فردت علي قائلة : أنتَ بالطبع ( !!! )
فقلت مستغرباً : أنا ؟!! .. وكيف تعلقتِ بي .. وأنتِ لا تعرفينني ولم تريني بعد ؟!!


فقالت لي : لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية .. وقرأت لك بعض المؤلفات .. فأعجبني اسلوبها العاطفي الرقيق .. والأذن تعشق قبل العين أحيانا ( !!! )
فقلت لها : إذن أخبريني بصراحة …كيف تقضين الليل ؟!!


فقالت: أنا ليلياً أكلم ثلاثة أو أربعة شباب !! … أنتقل من رقم إلى رقم … ومن شاب إلى شاب عبر الهاتف .. أعاكس هذا .. وأضحك مع هذا .. وأمني هذا … وأعد هذا .. وأكذب على هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وأستمعإلى أغنية من هذا .. وهكذا دواليك حتى قرب الفجر !! .. وأردت الليلة أن أتصل عليك .. لأرى هل أنت مثلهم !! أم أنك تختلف عنهم ؟!! ..


فقلت لها : ومع من كنت ِتتكلمين قبل أن تهاتفينني ؟!!…


سكتت قليلاً .. ثم قالت : بصراحة .. كنتأتحدث مع ( وليد ) .. إنه عشيق جديد .. وشاب وسيم أنيق !! ..


رمى لي الرقماليوم في السوق .. فاتصلت عليه وتكلمت معه قرابة نصف الساعة !!..


فقلت لها على الفور : ثم ماذا ؟!! .. هل وجدتِ لديه ما تبحثين عنه ؟!!


فقالت بنبرة جادة حزينة : بكل أسف .. لم أجد عنده ولا عند الشباب الكثيرينا لذين كلمتهم عبر الهاتف أو قابلتهم وجهاً لوجه … ما أبحث عنه ؟!! .. لم أجد عندهمما يشبع جوعي النفسي .. ويروي ظمأي الداخلي !! ..


سكتت قليلاً .. ثم تابعت : إنهم جميعا شباب مراهقون شهوانيون !! .. خونة .. كذبة .. مشاعرهم مصطنعة .. وأحاسيسهم الرقيقة ملفقة .. وعباراتهم وكلماتهم مبالغ فيها .. تخرج من طرف اللسان لا من القلب .. ألفاظهم أحلى من العسل .. وقلوبهم قلوب الذئاب المفترسة .. هدف كلواحد منهم .. أن يقضي شهوته القذرة معي .. ثم يرميني كما يرمى الحذاء البالي .. كلهم تهمهم أنفسهم فقط ..!!
إن حياتي معهمحياة خداع ووهم وتزييف !! .. كل منا يخادع الآخر .. ويوهمه بأنه يحبه !!


وهنا قلت لها : ولكن أخبريني : ما دمتِ لم تجدي ضالتك المنشودة .. عند أولئك الشباب التائهين التافهين .. فهل من المعقول أن تجديها عندي؟!! .. أنا ليس عندي كلمات غرام .. ولا عبارات هيام .. ولا أشعار غزل .. ولا رسائل معطرة !!


فقاطعتني قائلة : بالعكس .. أشعر – ومثلي كثير من الفتيات – أن مانبحث عنه .. هو موجود لدى الصالحين أمثالك ؟!! .. إننا نبحث عن العطاء والوفاء .. نبحث عن الأمان .. نطلب الدفء والحنان .. نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج منالقلب لتصل إلى أعماق قلوبنا .. نبحث عمن يهتم بنا ويراعي مشاعرنا .. دون أن يقصدمن وراء ذلك .. هدفاً شهوانياً خسيساً .. نبحث عمن يكون لنا أخاً رحيما .. وأباًحنونا .. وزوجاً صالحا !!
إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في هذهالدنيا !! .. نبحث عن معنى الراحة النفسية .. نبحث عن الصفاء .. عن الوفاء .. عنالبذل والعطاء !!
فقالت لها والدموع تحتبس في عيني حزناً على هذهالفتاة التائهة الحائرة : يبدو أنكِ تعانين أزمة نفسية .. وفراغاً روحياً .. وتشتكين هماً وضيقاً داخلياً مريرا .. وحيرة وتيهاً وتخبطا .. وتواجهين مأساةعائلية .. وتفككاً أسريا !!
فقالت : أنت أول شخص .. يفهم نفسيتي ويدركما أعانيه من داخلي !!


فقلت : إذن حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا .. لتتضحالصورة عندي أكثر


فقالت الفتاة : أنا أبلغ من العمر عشرين عاما .. وأسكنمع عائلتي المكونة من أبي وأمي .. وثلاثة أخوة وثلاث أخوات .. واخوتي وأخواتي جميعهم تزوجوا إلا أنا وأخي الذي يكبرني بعامين .. وأنا أدرس في كلية...
فقلت لها : وماذا عن أمك ؟ وماذا عن أبيك ؟
فقالت : أبي رجل غنيمقتدر ماليا .. أكثر وقته مشغول عنا .. بأعماله التجارية … وهو يخرج من الصباح .. ولا أراه إلا قليلا في المساء .. وقلما يجلس معنا .. والبيت عنده مجرد أكل وشربونوم فقط


ومنذ أن بلغت .. لم أذكر أنني جلست مع أبي لوحدنا .. أو أنهزارني في غرفتي .. مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد الحاجة إلى حنانه وعطفه .. آه !! كم أتمنى أن أجلس في حضنه .. وأرتمي على صدره .. ثم أبكي وأبكي وأبكي !!! لتستريح نفسي ويهدأ قلبي !!!


وهنا أجهشت الفتاة بالبكاءولم اتمالك نفسي … فشاركتها بدموعها الحزينة .
بعد أن هدأت الفتاة .. واصلت حديثها قائلة :


لقد حاولت أن أقتربمنه كثيرا .. ولكنه كان يبتعد عني .. بل إنني في ذات مرة .. جلست بجواره واقتربتمنه .. ليضمني إلى صدره .. وقلت له : أبي محتاجة إليك يا أبي … فلا تتركني أضيع


فعاتبني قائلا : لقد وفرت لكِ كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا !! .. فأنتِ لديك أحسن أكل وشرب ولباس … وأرقى وسائل الترفيه الحديثة .. فما الذي ينقصك؟!!..
سكتُّ قليلا .. وتخيلت حينها أنني أصرخ بأعلى صوتي قائلة : أبي : أنالا أريد منك طعاماً ولا شرابا ولا لباسا .. ولا ترفاً ولا ترفيها .. إنني أريد منكحنانا .. أريد منك أمانا … أريد صدراً حنونا .. أريد قلباً رحيما .. فلا تضيعني ياأبي !!
ولما أفقت من تخيلاتي .. وجدت أبي قد قام عني .. وذهب لتناول طعامالغداء


قلت لها هوني عليك .. فلعل أباكِ نشأ منذ صغره .. محروما من الحنان والعواطف الرقيقة .. وتعلمين أن فاقد الشيء لا يعطيه !! .. ولكنماذا عن أمك ؟ أكيد أنها حنونة رحيمة ؟ فإن الأنثى بطبعها رقيقة مرهفة الحس ..
قالت الفتاة : أمي أهون من أبي قليلا .. ولكنها بكلأسف .. تظن الحياة أكلا وشربا ولبسا وزيارات فقط .. لا يعجبها شيء من تصرفاتي .. وليس لديها إلا إصدار الأوامر بقسوة .. والويل كل الويل لي .. إن خالفت شيئا منأوامرها ..و( قاموس شتائمها ) أصبح محفوظاً عندي .. لقد تخلت عن كل شيء في البيتووضعته على كاهلي وعلى كاهل الخادمة .. وليت الأمر وقف عند هذا .. بل إنها لا يكاديرضيها شيء .. ولا هم لها إلا تصيد العيوب والأخطاء .. ودائما تعيرني بزميلاتيوبنات الجيران .. الناجحات في دراستهن .. أو الماهرات في الطبخ وأعمال البيت .. وأغلب وقتها تقضيه في النوم .. أو زيارة الجيران وبعض الأقارب .. أو مشاهدة التلفاز … ولا أذكر منذ سنين .. أنها ضمتني مرة إلى صدرها .. أو فتحت لي قلبها


فقلت لها : وكيف هي العلاقة بين أبيك وأمك ؟


فقالت الفتاة : أحس وكأن كلا منهما لا يبالي بالآخر .. وكل منهما يعيش في عالم مختلف .. وكأن بيتنامجرد فندق ( !!! ) .. نجتمع فيه للأكل والشرب والنوم فقط ….


حاولت أنابرر لأمها قائلا : على كل حال .. هي أمك التي ربتك .. ولعلها هي الأخرى تعاني منمشكلة مع أبيك .. فانعكس ذلك على تعاملها معك … فالتمسي لها العذر .. ولكن هلحاولتِ أن تفتحي لها قلبك وتقفي إلى جانبها ؟ فهي بالتأكيد مثلك …. تمر بأزمةداخلية نفسية ؟ !!!


فقالت الفتاة مستغربة : أنا أفتح لها صدري … وهل فتحتهي لي قلبها ؟ … إنها هي الأم ولست أنا .. إنها وبكل أسف .. قد جعلت بيني وبينها – بمعاملتها السيئة لي – جداراً وحاجزاً لا يمكن اختراقه !!


فقلت لها ) ولماذا تنتظرين أن تبادر هي .. إلى تحطيم ذلك الجدار ؟!! .. لماذا لا تكونين أنتِالمبادرة ؟!!… لماذا لا تحاولين الاقتراب منها أكثر ؟!!


فقالت : لقد حاولتذلك .. واقتربت منها ذات مرة .. وارتميت في حضنها .. وأخذت أبكي وأبكي .. وهي تنظرإلي باستغراب !! .. وقلت لها :
أماه : أنا محطمة من داخليإنني أنزف منأعماقي !! .. قفي معي .. ولا تتركيني وحدي … إنني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى … !!
فنظرت إلي مندهشة !!.. ووضعت يدها على رأسي تتحسس حرارتي … ثم قالت :
ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟! … إما أنكِ مريضة !! .. وقد أثر المرض علىتفكيرك .. وإما أنكِ تتظاهرين بالمرض .. لأعفيكِ من بعض أعمال المنزل .. وهذامستحيل جداً … ثم قامت عني ورفعت سماعة التليفون .. تحادث إحدى جاراتها .. فتركتهاوعدت إلى غرفتي .. أبكي دماً في داخلي قبل أن أبكي دموعاً !!..


ثم انخرطتالفتاة في بكاء مرير !!
حاولت أن اغير مجرى الحديث فسألتها : ومادور أخواتك وأخوتك الآخرين ؟


فقالت : إنه دور سلبي للغاية !! .. فالإخوانوالأخوات المتزوجات .. كل منهم مشغول بنفسه .. وإذا تحدثت معهم عن مأساتي .. سمعتمنهم الجواب المعهود :
وماذا ينقصك ؟ احمدي ربك على الحياة المترفة … التيتعيشين فيها


وأما أخي غير المتزوج … فهو مثلي حائر تائه .. أغلب وقته يقضيه خارج المنزل .. مع شلل السوء ورفقاء الفساد .. يتسكع في الأسواق وعلى الأرصفة !!


أردت أن استكشف شيئاً من خبايا نفسية تلك الفتاة … فسألها :


إن من طلب شيئاً بحث عنه وسعى إلى تحصيله … وما دمت تطلبين السعادة والأمان .. الذي يسد جوعك النفسي .. فهل بحثتِ عن هذه السعادة ؟؟


فقالت الفتاة بنبرة جادة : لقد بحثت عن السعادة … في كل شيء .. فما وجدتها !!!


لقد كنت ألبس أفخر الملابس وأفخمها … من أرقى بيوت الأزياء العالمية .. ظناً مني أن السعادة حين تشير إلى ملابسي فلانة .. أو تمدحها وتثني عليها فلانة … أو تتابعني نظرات الإعجاب من فلانةولكنني سرعان ما اكتشفت الحقيقة الأليمة …. إنها سعادة زائفة وهمية .. لا تبقى إلا ساعة بل أقل … ثم يصبح ذلك الفستان الجديدالذي كنت أظن السعادة فيه … مثل سائر ملابسي القديمة .. ويعود الهم والضيق والمرارةإلى نفسي … وأشعر بالفراغ والوحدة تحاصرني من كل جانب .. ولو كان حولي مئات الزميلات والصديقات !!
ظننت السعادة في الرحلات والسفرات .. والتنقل من بلدلآخر .. ومن شاطئ لآخر .. ومن فندق لفندق .. فكنت أسافر مع والدي وعائلتي .. لنطوفالعالم في الإجازات .. ولكني كنت أعود من كل رحلة .. وقد ازداد همي وضيقي .. وازدادت الوحشة التي أشعر بها تجتاح كياني …..


وظننت السعادة في الغناءوالموسيقى … فكنت أشتري أغلب ألبومات الأغاني العربية والغربية التي تنزل إلىالأسواق … فور نزولها .. وأقضي الساعات الطوال في غرفتي … في سماعها والرقص علىأنغامها … طمعاً في تذوق معنى السعادة الحقيقية .. ورغبة في إشباع الجوع النفسيالذي أشعر به .. وظناً مني أن السعادة في الغناء والرقص والتمايل مع الأنغامولكنني اكتشفت أنها سعادة وهمية … لا تمكث إلا دقائق معدودة أثناء الأغنية … ثم بعدالانتهاء منها .. يزداد همي .. وتشتعل نار غريبة في داخلي .. وتنقبض نفسي أكثروأكثر .. فعمدت إلى كل تلك الأشرطة فأحرقتها بالنار .. عسى أن تطفئ النار التيبداخلي


وظننت أن السعادة في مشاهدة المسلسلات والأفلام والتنقل بين الفضائيات .. فعكفت على أكثر من ثلاثين قناة .. أتنقل بينها طوال يومي .. وكنت أركزعلى المسلسلات والأفلام الكوميدية المضحكة .. ظناً مني أن السعادة هي في الضحكوالفرفشة والمرح
وبالفعل كنت أضحك كثيراً وأنا اشاهدها … وأنتقل من قناةلأخرى … لكنني في الحقيقة … كنت وأنا أضحك بفمي .. أنزف وأتألم من أعماق قلبي … وكلما ازددت ضحكاً وفرفشة .. ازداد النزيف الروحي
وتعمقت الجراح في داخليوحاصرتني الهموم والآلام النفسية ….


وسمعت من بعض الزميلات .. أن السعادةفي أن ارتبط مع شاب وسيم أنيق .. يبادلني كلمات الغرام .. ويبثني عبارات العشقوالهيام .. ويتغزل بمحاسني كل ليلة عبر الهاتف … وسلكت هذا الطريق .. وأخذت أتنقلمن شاب لآخر .. بحثاً عن السعادة والراحة النفسية … ومع ذلك لم أشعر بطعم السعادةالحقيقية .. بل بالعكس .. مع انتهاء كل مقابلة أو مكالمة هاتفية .. أشعر بالقلقوالاضطراب يسيطر على روحيوأشعر بنار المعصية تشتعل في داخلي .. وأدخل في دوامةمن التفكير المضني والشرود الدائم … وأشعر بالخوف من المستقبل المجهول .. يملأ عليكياني .. فكأنني في حقيقة الأمر .. هربت من جحيم إلى جحيم أبشع منه وأشنع ..
سكتت الفتاة قليلا .. ثم تابعت قائلة :


ولذلك لابد أن تفهمواوتعرفوا .. نفسية ودوافع أولئك الفتيات .. اللاتي ترونهن في الأسواق .. وهن يستعرضنبملابسهن المثيرة .. ويغازلن ويعاكسن ويتضاحكن بصوت مرتفع .. ويعرضن لحومهنومحاسنهن ومفاتنهن .. للذئاب الجائعة العاوية من الشباب التافهين … إنهن في الحقيقةضحايا ولسن بمجرمات ..إنهن في الحقيقة مقتولات لا قاتلات .. إنهن ضحايا الظلمالعائلي .. إنهن حصاد القسوة والإهمال العاطفي من الوالدين .. إنهن نتائج التفككالأسري والجفاف الإيماني .. إن كل واحدة منهن … تحمل في داخلها مأساة مؤلمة دامية .. هي التي دفعتها إلى مثل هذه التصرفات الحمقاء .. .. وتهدر شرفها بالخلود مع فلان ….


فبادرتها قائلا : هل مرورك بأزمة نفسية .. ومأساة عائلية .. يبرر لكي أن تعصي الله تعالى .. وتبيع عفتك .. وتتخلىعن شرفك وطهرك .. وتعرضي نفسك لشياطين الإنس .. هل هذا هو الحل المناسب لمشكلتك ؟؟ هل هذا سيغير من واقعك المرير المؤلم شيئا ؟؟
فأجابت الفتاة : أنا أعترف بأنه لن يغير شيئا من واقعها المرير المؤلم .. بل سيزيد الأمر سوءاًومرارة .. وليس مقصودي الدفاع عن أولئك الفتيات .. إنما مقصودي : إذا رأيتموهنفارحموهن وأشفقوا عليهن .. وادعوا لهن بالهداية ووجهوهن .. فإنهن تائهات حائرات … يحسبن أن هذا هو الطريق الموصل للسعادة التي يبحثن عنها ….
سكتت الفتاةقليلا … ثم تابعت قائلة : لقد أصبحت أشك .. هل هناك سعادة حقيقية في هذه الدنيا ؟!! .. وإذا كانت موجودة بالفعل .. فأين هي ؟!!.. وما هو الطريق الموصل إليها .. فقدمللت من هذه الحياة الرتيبة الكئيبة
فقلت لها : أختاه … لقد أخطأتِ طريق السعادة .. ولقد سلكتِ سبيلا غير سبيلها … فاسمعي مني .. لتعرفي طريق السعادة الحقة !! ….
إن السعادة الحقيقية أن تلجأي إلى الله تعالى .. وتتضرعي له .. وتنكسري بين يديه .. وتقومي لمناجاته في ظلام الليل .. ليطرد عنك الهموم والغموم .. ويداويجراحك .. ويفيض على قلبك السكينة والانشراح
أختاه : إذا أردتِ السعادةفاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار .. بدلا من قرع أرقام الهاتف .. على أولئكالشباب التافهين الغافلين الضائعين ..
صدقيني يا أختاه .. إن الناس كلهم لنيفهموك .. ولن يقدروا ظروفك .. ولن يفهموا أحاسيسك .. وحين تلجأين إليهم .. فمنهممن يشمت بك .. أو يسخر من أفكارك .. ومنهم من يحاول استغلالك لأغراضه ومآربهالشخصية الخسيسة .. ومنهم من يرغب في مساعدتك .. ولكنه لا يملك لكِ نفعاً ولا ضرا


أختاه : إنكِ لن تجدي دواءً لمرضك النفسي .. لعطشك وجوعك الداخلي .. إلا بالبكاء بين يدي الله تعالى .. ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة .. إلا وأنتِواقفة بين يديه .. تناجينه وتسكبين عبراتك الساخنة .. وتطلقين زفراتك المحترقة .. على أيام الغفلة الماضية


قالت الفتاة .. والعبرة تخنقها : لقد فكرت فيذلك كثيرا … ولكن الخجل من الله .. والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك .. إذكيف ألجأ إلى الله وأطلب منه المعونة والتيسير .. وأنا مقصرة في طاعته .. مبارزة لهبالذنوب والمعاصي


فقالت : سبحان الله …يا أختاه : إن الناسإذا أغضبهم شخص وخالف أمرهم … غضبوا عليه ولم يسامحوه .. وأعرضوا عنه ولم يقفوا معهفي الشدائد والنكبات … ولكن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده .. ولو كان منأكبر العصاة وأعتاهم .. بل متى تاب المرء وأناب … فتح له أبواب رحمته .. وتلقاهبالمغفرة والعفو .. بل حتى إذا لم يتب إليه … فإنه جل وعلا يمهله ولا يعاجلهبالعقوبة … بل ويناديه ويرغبه في التوبة والإنابة … أما علمت أن الله تعالى يقول فيالحديث القدسي : «إني والجن والإنس فينبأ عظيم .. أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهمالفقراء إلي !! من أقبل منهم إلي تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عني منهم ناديته منقريب ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ، فإني أحبالتوابين والمتطهرين ، وإن تباعدوا عني فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم منالذنوب والمعايب ، رحمتي سبقت غضبي ، وحلمي سبق مؤاخذتي ، وعفوي سبق عقوبتي ، وأناأرحم بعبادي من الوالدة بولدها»
وما كدت انتهي من ذلك الحديث القدسي … حتى انفجرت الفتاة بالبكاء ..وابكتني حتى سالت دموعي وهي تردد : ماأحلم الله عنا … ما أرحم الله بنا …. بعد أن هدأت الفتاة .. واصلت حديثي قائلا :


أختاه : إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذهالدنيا .. ولقد وجدتها أخيرا .. وجدتها في طاعة الله … في الحياة مع الله وفي ظلمرضاته .. وجدتها في التوبة والأوبة .. وجدتها في الإستغفار من الحوبة … وجدتها فيدموع الأسحار .. وجدتها في مصاحبة الصالحين الأبرار … وجدتها في بكاء التائبين .. وجدتها في أنين المذنبين .. وجدتها في استغفار العاصين .. وجدتها في تسبيحالمستغفرين .. وجدتها في الخشوع والركوع .. وجدتها في الانكسار لله والخضوع .. وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع .. وجدتها في الصيام والقيام .. وجدتها فيامتثال شرع الملك العلام .. وجدتها في تلاوة القرآن … وجدتها في هجر
المسلسلات والألحان


أختاه : لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق .. فوجدت أن الناس إذا احبوا أخذوا .. وإذا منحوا طلبوا .. وإذا أعطوا سلبوا .. ولكنالله تعالى .. إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب .. وإذا أطيع جازى وأثاب ..


أيتها الغالية : إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان .. وما نطلبه من رقة وحنان .. ونتعطش إليه من دفء وسلوان .. لأن كل منهم مشغول بنفسه .. مهتم بذاته .. ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة .. ولا يعرف معناها فضلا عن أن يتذوق طعمها .. ومن كان هذا حاله .. فهو عاجز عن منحهاللآخرين .. لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما هو معروف


أختاه : لن تجدي أحدايمنحك ما تبحثين عنه .. إلا ربك ومولاك .. فإن الناس يغلقون أبوابهم .. وبابهسبحانه مفتوح للسائلين .. وهو باسط يده بالليل والنهار .. ينادي عباده : تعالوا إلي؟ هلموا إلى طاعتي .. لأقضي حاجتكم .. وأمنحكم الأمان والراحة والحنان .. كما قالتعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذادعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }


أختاه : إن السعادةالحقيقية .. لا تكون إلا بالحياة مع الله .. والعيش في كنفه سبحانه وتعالى .. لأنفي النفس البشرية عامة .. ظمأ وعطشاً داخلياً .. لا يرويه عطف الوالدين .. ولا يسدهحنان الإخوة والأقارب .. ولا يشبعه حب الأزواج وغرامهم وعواطفهم الرقيقة .. ولاتملأه مودة الزميلات والصديقات .. فكل ما تقدم يروي بعض الظمأ .. ويسقي بعض العطش .. لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه .. فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل لغيره .. ولكن الري الكامل والشبع التام لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى .. والعيش فيظل طاعته .. والحياة تحت أوامره .. والسير في طريق هدايته ونوره .. فحينها تشعرينبالسعادة التامة .. وتتذوقين معنى الحب الحقيقي .. وتحسين بمذاق اللذة الصافية .. الخالية من المنغصات والمكدرات .. فهلا جربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة .. وحينهاستشعرين بالفرق العظيم … وسترين النتيجة بنفسك


فأجابت الفتاةودموعالتوبة تنهمر من عينيها : نعم .. هذا والله هو الطريق !! وهذا هو ما كنت أبحث عنه .. وكم تمنيت أنني سمعت هذا الكلام .. منذ سنين بعيدة .. ليوقظني من غفلتي .. وينتشلني من تيهي وحيرتي .. ويلهمني طريق الصواب والرشد


فبادرتها قائلا .. إذن فلنبدأ الطريق .. من هذه اللحظة .. وهاهو الفجر ظهر وبزغ .. وهاهيخيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلاً قليلا .. وهاهي أصوات المؤذنين تتعالىفي كل مكان .. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهة .. أن تعود إلى ربها ومولاها .. وهاهي نسمات الفجر الدافئة الرقيقة .. تناديك أن عودي إلى ربك .. عودي إلى مولاك .. فأسرعي وابدئي صفحة جديدة من عمرك وليكن هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد .. وليكن أول ما تبدئين به حياتك الجديدة .. ركعتان تقفين بهما بين يدي الله تعالى .. وتسكبين فيها العبرات .. وتطلقين فيها الزفرات والآهات .. على المعاصي والذنوبالسالفات ..
وأرجوا أن تهاتفيني بعد أسبوعين من الآن … لنرى هل وجدت طعمالسعادة الحقيقية أم لا ؟
ثم أغلقت السماعة … وأنهيت المكالمة
منقول

:

 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

حوار رائع
موضوع متميز
 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

حوار رائع

طرح مميز

يسلموووووووحمزة
 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

راااااائع جدا
يسلمووو خيوو..
 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

حفظنا الله وجميع المسلمين
 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

جزاك الله خير على هالطرح
الله يصلح بنات وشباب المسلمين
 
رد: معاكسه هاتفيه من فتاه باخر الليل ...حوار جريء

الله يعطيك الف عافيه على الطرح الرائع
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى