من آداب المروءة و خوارمها..

دارين

عضو جديد



الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية



الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعــــــــــــــــد :

فقد جاء دين الإسلام الحنيف داعياً لكل فضيلة
و ناهياً عن كل رذيلة
لأنه دين التربية الإسلامية الصافية
والفضائل الإنسانية النبيلة ، والآداب الكريمة
والأخلاق الحسنة التي تسمو بصاحبها
وترتقي به في مدارج الشرف والرفعة والمثالية البشرية .


ومن هذه الآداب الإسلامية الكريمة
والأخلاق الإنسانية الفاضلة ما يُسمى ( المروءة )

التي كثُرت تعاريفها وتعددت معانيها
حتى اختُلفَ في تحديد تعريفٍ موحّدٍ لها .

فقد عُرِّفت بأنها :
" استعمال كل خُلقٍ حسنٍ ، واجتناب كل خُلقٍ قبيح "

وجاء في تعريفها كما ورد عند بعض السلف
وقد سُئل عن المروءة فأجاب :
" أن لا تعمل في السرِّ شيئاً تستحي منه في العلانية "


كما ورد في تعريفٍ آخرٍ أن المروءة تعني :
" اجتناب الرجل ما يشينه ، واجتناؤه ( أي اكتسابه )
ما يزينه "


وقيل إن المقصود بالمروءة :
" أن يجتنب الرجل القبائح لقبحها ووخامة عاقبتها "


كما ورد عن أبي حاتم البُستي قوله :
" والمروءة عندي خصلتان :
اجتنابُ ما يكره الله والمسلمون من الفِعالِ
واستعمالُ ما يُحب الله والمسلمون من الخِصال "


وهكذا يتبين لنا أن التعريفات المذكورة
تتفق في الدلالة والمفهوم العام والقصد
ولا تختلف إلا على مستوى التعبير .


وعلى كل حال فإن كثرة تعاريف المروءة
واختلافها وعدم الاتفاق على تعريفٍ محددٍ لها

دليلٌ واضحٌ على سمو منـزلتها وعظيم شأنها
لاسيما وأنها خُلقٌ كريم ، وسلوكٌ قويم
وفضيلةٌ من الفضائل التي لا تكتمل إنسانية الإنسان
إلا بتوافرها في سلوكه القولي والفعلي

نظراً لما تدل عليه من كمال
الصفات ومحاسن الآداب حتى قيل في شأنها


" المروءةُ اسمٌ جامعٌ للمحاسن كلِّها "


ومن هنا يمكن القول :
إن المروءة تعني جماع مكارم الأخلاق
وكمال الأدب وحُسن السلوك
وتمام الخُلق الإنساني الرفيع .

وصدق من قال :


إنـي لتُطرِبُني الـخِلالُ كريمةً
طرَبَ الغريبِ بأوبـةٍ وتلاقي

*

وتـهزُّني ذكرى المروءةِ والندى
بين الشمائل هِـزَّةَ المـُشتاقِ

وليس هذا فحسب فهي خصلةٌ إنسانيةٌ رفيعة القدر لما يترتب على التحلي بها من جلالٍ وجمالٍ وكمالٍ في الخُلق ، وهي إلى جانب ذلك كله من خِصال الرجولة المحمودة ؛ فقد جاء في لسان العرب أن " المروءة : كَمالُ الرُّجُولِيَّة " ( 14 : 154 ) . وهذا يعني أن من كانت مروءته كاملةً
من الرجال
فقد كمُلت رجولته و علا مقامه .

قال الشاعر :


وإذا الفتى جمع المروءة والتُقى
وحوى مع الأدب الحياء فقد كمُل


كما أن من كانت مروءتها كاملةً من النساء
فقد كمُلت أُنوثتها
وفي ذلك ما فيه من العون على
صلاح الأمر بين الزوجين

لما ورد أن مسلمة بن عبد الملك قال :
" ما أعان على مروءةِ المرءِ كالمرأةِ الصالحة "

وفي هذا المعنى يقول الشاعر :


إذا لم يكن في منـزل المرءِ حُرَّةٌ
مُدبِّرةٌ ضاعتْ مروءةُ داره





آداب المروءة




للمروءة آدابٌ كثيرة
قل أن تجتمع في إنسان
إلا أن يشاء الله تعالى


ولذلك
فإن منازل الناس فيها تتباين
تبعاً لما يُحصِّله الإنسان من آدابها ومراتبها .


وقد وردت جُملةٌ من الآداب
التي يجب أن يتمتع بها صاحب المروءة
ومنهــــــــــــــــا :


• أن يكون ذا أناةٍ وتؤدةٍ
فلا يبدو في حركاته اضطراب أو عجلة أو رعونة

كأن يُكثر الالتفات في الطريق
ويعجل في مشيه العجلة الخارجة عن حد الاعتدال
وهكذا .


• أن يضبط نفسه عن
هيجان الغضب أو دهشة الفرح
وأن يقف موقف الاعتدال
في حالي السراء والضراء .


• أن يتحلّى بالصراحة
والترفع عن المجاملة والنفاق

فلا يُبدي لشخصٍ الصداقة وهو يحمل له العداوة
أو يشهد له باستقامة السيرة
وهو يراه منحرفاً عن السبيل .



• ألاَّ يفعل في الخفاء
ما لو ظهر للناس لعُدَّ من سقطاته والمآخذ عليه

وهو ما يُشير إليه قول الشاعر :

فسري كإعلاني وتلك خليقتي
وظُلمة ليلي مثل ضوء نهاري


• أن يتجنب تكليف زائريه وضيوفه
ولو بعملٍ خفيف

فقد ورد عن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -
قوله : " ليس من المروءة استخدام الضيف " .



• أن يُحسن الإصغاء لمن يُحدثه من الناس
لأن في ذلك دلالةً على اهتمامه به
وارتياحه لمُجالسته ، وأُنسه بحديثه .

وإلى هذا المعنى يُشير أبو تمام بقوله :


من لـي بإنسانٍ إذا أغضبته * ورضيتُ كان الحِلم رد جوابه


وتراه يُصغي للـحديث بقلبه *وبسـمعه ، ولعـله أدرى بـه


• أن يكون حافظاً لما يؤتمن عليه
من أسرارٍ وأُمور
لا ينبغي أن تظهر لأحدٍ غير صاحبها .

وفي هذا المعنى يقول المتنبي :


كفتك المروءة ما تتقي * وأمّنك الود ما تحذر



والمعنى
أن صاحب المروءة لا يُفشي سراً
وهو مؤتمنٌ عليه


كما أن من الآداب
التي يمكن أن تُضاف إلى ما سبق ذكره
من آداب المروءة :


أن يترفع الإنسان بطوعه واختياره
عن كل ما لا يليق به
من الأقوال الباطلة والأفعال الشائنة والسلوكيات المنحرفة

وأن يربأ بنفسه عن إتيانها أو الاتصاف بها.

قال الشاعر :


وحذارِ من سفَهٍ يشينُك وصفه
إن السِفاه بذي المروءة زاري



ويتبع لذلك
أن لا تُخالف أقواله وأفعاله
ما جرت عليه العادة من الأعراف
والتقاليد الاجتماعية الحسنة
المتوافقة مع تعاليم الشرع وتوجيهات الدين .

وأن يحترم الآخرين بأن يتعامل معهم
بما يُحب أن يتعاملوا معه
وألاَّ يُفضِل نفسه بشيءٍ عنهم

وفي ذلك يقول الشاعر :


وإذا جلست وكان مثـلُكَ قائماً
فمن المروءةِ أن تقـومَ وإن أبـى

*


وإذا اتكـأت وكان مثلُكَ جالساً
فمن المروءةِ أن تُزيـلَ المـُتَّكـا

*


وإذا ركبتَ وكان مثـلُكَ ماشياً
فمن المروءةِ أن مشيتَ كما مشى


وانطلاقاً من كون المروءة
ترتبط بالأعراف الإنسانية الصحيحة
والعادات المقبولة في المجتمع

فإنه ينبغي مراعاة أن
ما يكون مُخالفاً للمروءة في بلدٍ أو مجتمعٍ ما
قد لا يكون مُخالفاُ لها في بلدٍ أو مجتمعٍ آخر

وخير مثالٍ على ذلك
عادة كشف الرأس وعدم تغطيته للرجال
التي تُعد مقبولةً في بعض البلاد
وغير مقبولةٍ في بلادٍ أُخرى .

وفي هذا الشأن يقول الشاطبي :
".. مثل كشف الرأس ، فإنه يختلف بحسب البقاع
في الواقع
فهو لذوي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقية
وغير قبيحٍ في البلاد المغربية

فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك
فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة
وعند أهل المغرب غير قادح "


ولهـــــــــــــذا
فإن كل سلوكٍ يفعله الإنسان
لا بد أن يخضع لميزان الشرع والعقل
وألاَّ يُصادم النصوص الشرعية
أو يكون مخالفاً لما يستحسنه العقلاء

فإن الشرع لم يأت بما يُخالف العقل أبداً
ولذلك " سُئل بعض الحكماء عن الفرق
بين العقل والمروءة ؟

فقال :
العقل يأمرك بالأنفع
والمروءة تأمرك بالأجمل "

وهذا يعني أن
على الإنسان العاقل أن يُحافظ على مروءته
لما في ذلك من الجمال والكمال والجلال

وإلى ذلك يُشير الشيخ محمد الخضر حسين
( شيخ الجامع الأزهر ) بقوله :

"إذا نظرنا إلى تفاصيل الأخلاق والآداب
التي تقوم المروءة على رعايتها

وجدناها تبعث على
إجلال صاحبها وامتلاء الأعين بمهابته .

ومن الحِكم السائرة :

( ذو المروءة يُكرم وإن كان معدماً
كالأسد يُهاب وإن كان رابضاً ومن لا مروءة له
يُهان وإن كان موسراً
كالكلب يُهان وإن طوق وحُليّ بالذهب ) "






اكتفي بهذا القدر
وعلى المصدر أكثر وأجمل

وهبنا ربي ووهبكم
مع العلم العمل​
 
رد: من آداب المروءة و خوارمها..

بارك الله فيك

جزاك الله خيرا
 
رد: من آداب المروءة و خوارمها..


اللهم صلَ وسلم عليه

قيل في لسـان العرب " المروءة كمال الرجوليه ..والمروءه الإنســانيه..

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه" حسب المرء دينه وكرمه تقواه ومروءته عقله"

موضوع قيم

بـارك الله فيك اختي دارين وسلمت يداكِ

تقييمي وتقديري لكِ ؛
 
رد: من آداب المروءة و خوارمها..

صلى الله عليه وسلم

أن يترفع الإنسان بطوعه واختياره
عن كل ما لا يليق به
من الأقوال الباطلة والأفعال الشائنة والسلوكيات المنحرفة

وأن يربأ بنفسه عن إتيانها أو الاتصاف بها.

طرح قيم وشامل ومفيد عن المروءة بارك الله فيك اختنا دارين الله يعطيك العافيه كل الشكر لك .
تقييمي واحترامي وتقديري لك
 
رد: من آداب المروءة و خوارمها..

حيكم الله

وجزيتم خيرا على مروركم العطر
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 4)

عودة
أعلى