من ذكريات عائض القرني

رجآوي

عضو لامع
أقرأ هذه الأيام كتاب لا تحزن الذي لا أمله أبدا

فأغلقت هذه الصفحة وشعرت أني شحنت بطاقة ما

فنقلتها لكم

ذهبت الى معهد الرياض العلمي وتركت أهلي في الجنوب وسكنت مع أعمامي على شظف العيش وجهد من الدراسة ومعاناة من المواصلات وشؤون البيت .

كنت أمشي على على قدمي كل صباح مايقارب ثلث ساعة الى نصف ساعة وأعود في الظهيرة ماشيا بنفس الزمن أو أطول ,كنت أشارك من معي في الطبخ صباحا وظهرا ومساءا وأكنس البيت وأغسله وأصلح الأثاث وأرتب المطبخ, وأذاكر دروسي وأشارك في نشاط المعهد وأحصل على درجات مرضية وترتيب مريح.

كان لي ثوب واحدا ليس الا, أغسله وأكويه وأرتديه , فهو للبيت والدراسة والحفلات, لأن المكافأة كانت ضحلة , ونفقة الطعام وايجار البيت ولوازم المعيشة تأتي على هذه المكافأة.

كنا نشتري قليلا من اللحم , ونادرا مانتذوق الفاكهة ونحن في عمل دؤوب من المذاكرة والحفظ والاطلاع, لا أجد فراغا الا مرة كل شهر أو اكثر للنزهة, كانت المواد الدراسية مايقارب سبع عشرة مادة , وقد أدخل علينا الانجليزي والهندسة والجبر والعلوم بأنواعها زيادة على مواد الدين والعربية وبدأت من أول متوسط أستعير كتب الأدب من المعهد العلمي وكنت اذا بدأت بكتاب الأدب كأنني في غيبوبة عن جلسائي لكثرة الانسجام.

والشاهد من هذا الحديث أنني كنت مع هذا الشظف والنصب والمشقة وقلة ذات اليد في سعادة , أنام قرير العين , هادىء البال, راضي النفس.

ثم استمرت الحياة فوجدت – والحمدالله- سكنا مريحا وطعاما كثيرا وأنواعا من الملابس ورغدا من العيش ولكنني لم أكن بنفسيتي الأولى , كثرت المشاغل والمزعجات والكدر , وهذا دليل على أن وفرة الشيء ليست هي السعادة والراحة.

ولذلك لا تظن أن سبب حزنك وهمك وغمك قلة ذات يدك, أو عدم توفر أسباب الرفاهية في حياتك, فإن هذا ليس بصحيح, فغالب الذين يعيشون الكفاف أسعد حالا من غالب الأثرياء.

كتاب لا تحزن لعائض القرني
صفحة 489

كونوا بخير
 
رد: من ذكريات عائض القرني

يعطيك العافيه
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى