من خصائص دين الإسلام

الصبر

عضو جديد
الإسلام دين الفطرة ، ودين السلام والأمان ، والبشرية لن تجد الراحة ، ولن تحقق السعادة إلا بالأخذ بالإسلام ، وتطبيقه في شتى الشؤون.
ومما يؤكد عظمة دين الإسلام ، ما يتميز به من خصائص لا توجد في غيره من المذاهب والأديان.

ومن تلك الخصائص التي تثبت تميز الإسلام ، ومدى حاجة الناس إليه ما يلي:

1- أنه جاء من عند الله : والله - عز وجل - أعلم بما يصلح عباده، قال - تعالى - : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }

2- أنه يبين بداية الإنسان ، ونهايته ، والغاية التي خلق من أجلها.

قال - تعالى - : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا ونساءً}

وقال : { منها خلقناكم ومنها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى }

وقال : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }

3- أنه دين الفطرة : فلا يتنافى معها قال - تعالى -: { فطرة الله التي فطر الناس عليها }.

4- أنه يعتني بالعقل ويأمر بالتفكر: ويذم الجهل ، والتقليد الأعمى ، والغفلة عن التفكير السليم ، قال - تعالى - : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } .

وقال: { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض } .

5- الإسلام عقيدة وشريعة : فهو كامل في عقيدته وشرائعه ؛ فليس ديناً فكرياً فحسب ، أو خاطرة تمر بالذهن ، بل هو كامل في كل شيء ، مشتمل على العقائد الصحيحة ، والمعاملات الحكيمة ، والأخلاق الجميلة ، والسلوك المنضبط ؛ فهو دين فرد وجماعة ، ودين آخرة وأولى.

6- أنه يعتني بالعواطف الإنسانية : ويوجهها الوجهة الصحيحة التي تجعلها أداة خير وتعمير.

7- أنه دين العدل : سواء مع العدو ، أو الصديق ، أو القريب ، أو البعيد.

قال تعالى: { إن الله يأمر بالعدل } ، وقال: { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} ، وقال : { ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى }

8- الإسلام دين الأخوة الصادقة : فالمسلمون إخوة في الدين ، لا تفرقهم البلاد ، ولا الجنس ، ولا اللون ، فلا طبقية في الإسلام ، ولا عنصرية ، ولا عصبية لجنس أو لون أو عرق ، ومعيار التفاضل في الإسلام إنما يكون بالتقوى.

9- الإسلام دين العلم : فالعلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، والعلم يرفع صاحبه إلى أعلى الدرجات ، قال - تعالى - : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } .

10- أن الله تكفل لمن أخذ بالإسلام وطبقه بالسعادة ، والعزة ، والنصرة فرداً كان أم جماعة : قال - تعالى - : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، ولبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً }

وقال: { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }.

11- في الإسلام حل لجميع المشكلات : لاشتمال شريعته و أصولها على أحكام ما لا يتناهى من الوقائع.

12- أن شريعته أحكم ما تساس به الأمم : وأصلح ما يقضى به عند التباس المصالح ، أو التنازع في الحقوق.

13- الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان ، وأمة وحال ، بل لا تصلح الدنيا بغيره : ولهذا كلما تقدمت العصور ، وترقت الأمم ظهر برهان جديد على صحة الإسلام ، ورفعة شأنه.

14- الإسلام دين المحبة ، والاجتماع ، والألفة ، والرحمة : قال النبي e : ((مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ))

وقال : ((الراحمون يرحمهم الرحمن ؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) .

15- الإسلام دين الحزم والجد والعمل : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، واحرص على ما ينفعك ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا ، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل)).

16- الإسلام أبعد ما يكون عن التناقض : قال - تعالى - : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } .

17- أنه يحمي معتنقيه من الفوضى والضياع والتخبط ، ويكفل لهم الراحة النفسية والفكرية.

18- الإسلام واضح ميسور ، وسهل الفهم لكل أحد.

19- الإسلام دين مفتوح لا يغلق في وجه من يريد الدخول فيه.

20- الإسلام يرتقي بالعقول ، والعلوم ، والنفوس ، والأخلاق : فأهله المتمسكون به حق التمسك هم خير الناس ، وأعقل الناس ، وأزكى الناس.

21- الإسلام يدعو إلى حسن الأخلاق والأعمال : قال - تعال - : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }

وقال: { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } .

22- الإسلام يحفظ العقول : ولهذا حرم الخمر ، والمخدرات ، وكل ما يؤدي إلى فساد العقل.

23- الإسلام يحفظ الأموال : ولهذا حث على الأمانة ، وأثنى على أهلها ، ووعدهم بطيب العيش ، ودخول الجنة ، وحرم السرقة ، وتوعد فاعلها بالعقوبة ، وشرع حد السرقة وهو قطع يد السارق ؛ حتى لا يتجرأ أحد على سرقة الأموال ؛ فإذا لم يرتدع خوفاً من عقاب الآخرة ارتدع خوفاً من قطع اليد.

ولهذا يعيش أهل البلاد التي تطبق حدود الشرع آمنون على أموالهم ، بل إن قطع اليد قليل جداً ؛ لقلة من يسرق.

ثم إن قطع يد السارق فيه حكمة الزجر للسارق من معاودة السرقة ، وردع أمثاله عن الإقدام عليها ، وهكذا تحفظ الأموال في الإسلام.

24- الإسلام يحفظ الأنفس : ولهذا حرم قتل النفس بغير الحق ، وعاقب قاتل النفس بغير الحق بأن يقتل.

ولأجل ذلك يقل القتل في بلاد المسلمين التي تطبق شرع الله ؛ فإذا علم الإنسان أنه إذا قتل شخصاً سيقتل به كف عن القتل ، وارتاح الناس من شر المقاتلات.

25-الإسلام يحفظ الصحة: فالإشارات إلى هذا المعنى كثيرة جدا سواء في القرآن أو السنة النبوية.

قال تعالى:((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلآ تُسْرِفُوا))

قال العلماء: إن هذه الآية جمعت الطب كله؛ ذلك أن الاعتدال في الأكل والشرب من أعظم أسباب حفظ الصحة.

ومن الإشارات لحفظ الصحة أن الإسلام حرم الخمر، ولا يخفى ما في الخمر من أضرار صحية كثيرة، فهي تضعف القلب، وتغري الكلى، وتمزق الكبد إلى غير ذلك من أضرارها المتنوعة.

ومن ذلك أن الإسلام حرّم الفواحش من زنًا ولواط، ولا يخفى ما فيهما من الأضرار الكثيرة ومنها الأضرار الصحية التي عرفت أكثر ما عُرِفَت في هذا العصر من زهري، وسيلان، وهربس، وإيدز ونحوها.

ومن حفظ الإسلام للصحة أنه حرّم لحم الخنزير، الذي عرف الآن أنه يولّد في الجسم أدواءً كثيرة ، ومن أخصِّها الدورة الوحيدة، والشعرة الحلزونية، وعملهما في الإنسان شديد، وكثيراً ما يكونان السبب في موته.

ومن الإشارات في هذا الصدد ما عرف من أسرار الوضوء، وأنه يمنع من أمراض الأسنان، والأنف، بل هو من أهم الموانع للسل الرئوي ؛ إذ قال بعض الأطباء: إن أهم طريق لهذا المرض الفتاك هو الأنف، وإن أنوفاً تغسل خمس عشرة مرة لجديرة بأن لآ تبقى فيها جراثيم هذا الداء الوبيل، ولذا كان هذا المرض في المسلمين قليلاً وفي الإفرنج كثيراً.

والسبب أن المسلمين يتوضؤون للصلاة خمس مرات في اليوم، وفي كل وضوء يغسل المسلم أنفه مرة أو مرتين أو ثلاثاً.

26-يتفق مع الحقائق العلمية: ولهذا لا يمكن أن تتعارض الحقائق العلمية الصحيحة مع النصوص الشرعية الصحيحة الصريحة.

وإذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لآ حقيقة لها، وإما أن يكون النص غير صريح في معارضته ؛ لأن النص وحقائق العلم كلاهما قطعي، ولا يمكن تعارض القطعيَّين.

ولقد قرر هذه القاعدة كثير من علماء المسلمين، بل لقد قررها كثير من الكتاب الغربيين المنصفين، ومنهم الكاتب الفرنسي المشهور (موريس بوكاي) في كتابه: (التوراة والإنجيل والقرآن) حيث بين في هذا الكتاب أن التوراة المحرفة، والإنجيل المحرف الموجودين اليوم يتعارضان مع الحقائق العلكية، في الوقت الذي سجل فيه هذا الكتاب شهادات تفوق للقرآن الكريم سبق بها القرآنً العلمَ الحديثَ.

وأثبت الكاتب من خلال ذلك أن القرآن لايتعارض أبدا مع الحقائق العلمية، بل إنه يتفق معها تمام الاتفاق.

ولقد تظافرت البراهين الحسية، والعلمية، والتجريبية على صدق ما جاء به الإسلام حتى في أشد المسائل بعدا عن المحسوس، وأعظمها إنكاراً في العصور السابقة.

خذ على سبيل قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أُولاهنَّ بالتراب)).

ولقد جاء الطب باكتشافاته ومكبراته فأثبت أن في لعاب الكلب مكروباتٍ وأمراضاً فتاكة لا يزيلها الماء وحده، وأظهرت البحوث العلمية الحديثة أنه يحصل من إنقاء التراب لهذه النجاسة ما لا يحصل بغيره.

وجاء-أيضاً- أن شرب الكلب في الإناء يسبب أمراضاً خطيرة، فالكلب كثيراً ما تكون فيه ديدان مختلفة الأنواع، ومنها دودة شريطية صغيرة جدّا، فإذا شرب في إناء، أو لمس إنسانٌ جسد الكلب بيده أو بلباسه انتقلت بويضات هذه الديدان إليه، ووصلت إلى معدته في أكله، أو شربه، فتثقب جدرانها، وتصل إلى أوعية الدم، وتصل إلى الأعضاء الرئيسة، فتصيب الكبد، وتصيب المخ، فينشأ عنه صداع شديد، وقيءٌ متوالِ، وفقد للشعور، وتشنجات، وشلل في بعض الأعضاء، وتصيب القلب، فربما مزقته، فيموت الشخص في الحال.

ثم إن العلوم الطبيعية تؤيد الإسلام، وتؤكد صحته على غير علم من ذويها.

مثال ذلك تلقيح الأشجار الذي لم يكتشف إلا منذ عهد قريب، وقد نص عليه القرآن الذي أنزل على النبي الأمي منذ أربعة عشر قرناً في قوله-تعالى- :((وَأَرْسَلْنَا الرِّياَحَ لَوَاقِحَ)) وكذلك قوله تعالى- :((وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ))، وقوله:((وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)) وقوله:((سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا)).

فهذا كلام رب العالمين في القرآن قبل أن تبين لنا العلوم الطبيعية أن في كل نبات ذكراً وأنثى.

ولقد اعتنق بعض الأوربيين الإسلام لما وجد وصف القرآن للبحر وصفاً شافياً مع كون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يركب البحر طول عمره، وذلك مثل قوله ـ تعالى ـ :((أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَاهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا)).

27- الإسلام يكفل الحريات ويضبطها : فحرية التفكير في الإسلام مكفولة ، وقد منح الله الإنسان الحواس من السمع ، والبصر ، والفؤاد ، ليفكر ، ويعقل ، ويصل إلى الحق ، وهو مأمور بالتفكير الجاد السليم ، ومسؤول عن إهمال حواسه وتعطيلها ، كما أنه مسؤول عن استخدامها فيما يضر.

والإنسان في الإسلام حر في بيعه ، وشرائه ، وتجارته ، وتنقلاته ، ونحو ذلك ما لم يتعد حدود الله في غش ، أو خداع ، أو إفساد.

والإنسان في الإسلام حر في الاستمتاع بطيبات الحياة الدنيا من مأكول ، أو مشروب ، أو مشموم ، أو ملبوس ما لم يرتكب محرماً يعود عليه ، أو على غيره بالضرر.

ثم إن الإسلام يضبط الحريات ؛ فلا يجعلها مطلقة سائمة في مراتع البغي والتعدي على حريات الآخرين ؛ فالشهوة على سبيل المثال لو أطلقت لاندفع الإنسان وراء شهواته ، التي تكون سبباً في هلاكه ؛ لأن طاقته محدودة ، فإذا استنفذت في اللهو والعبث والمجون - لم يبق فيها ما يدفعها إلى الطريق الجاد ، ويدلها على مسالك الخير ؛ فليس من الحرية - إذاً - أن يسترسل في شهواته وملذاته غير مبال بحلال أو حرام ، وغير ناظر في العواقب.

إن نهايته ستكون وخيمة في العاجل قبل الآجل ؛ إن ثرواته ستتبدد ، وإن قواه ستنهار ، و إن صحته ستزول ، وبالتالي سيكون تعيساً محسوراً.

ثم هب أن الإنسان أطلق لشهواته العنان هل سيجد الراحة والطمأنينة؟

الجواب : لا ؛ وإذا أردت الدليل على ذلك فانظر إلى عالمنا المعاصر بحضارته المادية ، لما أطلق حرية العبث والمجون ، ولم يحسن استخدامها - حدثت القلاقل ، والمصائب ، والأمراض الجسدية والنفسية ، وشاع القتل ، والنهب ، والسلب ، والانتحار ، والقلق ، وأمراض الشذوذ.

وليست الحرية - أيضاً - بالسير وراء الأطماع التي لا تقف عند حد ، دونما مبالاة في آثارها على الآخرين ؛ فهل يعد من الحرية ما يقوم به الأقوياء من سطو على الضعفاء ، واستخفاف بحقوقهم ، ومصادرة لآرائهم كما هي حال الدول الكبرى في عالمنا المعاصر؟

الجواب : لا ؛ فالحرية الحقة - هي ما جاء به الإسلام ، وهي الحرية المنضبطة التي تحكم تصرفات الإنسان ، والتي يكون فيها الإنسان عبداً لربه وخالقه ؛ فذلك سر الحرية الأعظم ؛ فالإنسان إذا تعلق بربه خوفاً ، وطمعاً ، وحباً ، ورجاءً ، وذلاً ، وخضوعاً - تحرر من جميع المخلوقين ؛ ولم يعد يخاف أحداً غير ربه ، ولا يرجو سواه ، وذلك عين فلاحه وعزته.

وبالجملة فالإسلام دين الكمال والرفعة ، ودين الهداية والسمو.

وإذا رأينا من بعض المنتمين إليه وهناً في العزم ، أو بعداً عن الهدى - فالتبعة تعود على أولئك ، لا على الدين ؛ فالدين براء ، والتبعة تقع على من جهل الإسلام ، أو نبذ هدايته وراء ظهره.
 
رد: من خصائص دين الإسلام

التواضع المحمدي
إذا كان التواضع معناه إظهار الضعة وذلك من رفيع القدر عالي المقام، شريف الأصل والمحتد وهو كذلك، فإن خلق التواضع من أفضل الأخلاق وأسماها، وقد بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم شأوًا لا يلحقه فيه أحد من الأولين ولا من الآخرين.
وباستعرضنا لأقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله الظاهرة تتجلى هذه الحقيقة ويطمع كل مؤمن يستعرض ما نورده في هذا الباب في أن ينال قدرًا من التواضع ائتساءً بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما رجوناه من كتابة هذه السيرة العطرة وتقديمها للمسلمين.

مظاهر التواضع المحمدي:

أخبر صلى الله عليه وسلم أنه قد خيّر بين أن يكون نبيَّا ملكًا، أو نبيا عبدًا فاختار أن يكون نبيًا عبدًا، وأخبر أن الله تعالى كافأه على اختياره العبودية بأن يكون سيد ولد آدم وأول من تنشقّ عنه الأرض، وأول شافع، فاختياره العبوديةّ على الملوكيّة أكبر مظهر من مظاهر التواضع المحمدي.

ما عرف به صلى الله عليه وسلم وشهد به غير واحد من أصحابه، وأنه كان يركب الحمار ويردف خلفه، ويعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس بين أصحابه مختلطًا بهم، حيثما انتهى به المجلس جلس، وكان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنّخة فيجيب.
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، وإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)).
وفي حجه الذي أهدى فيه مائة بدنة حج على بعير فوقه رحل عليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم.
ولما فتح الله تعالى على رسوله مكة ودخلها ظافرًا منتصرًا والجيوش الإسلامية قد دخلتها من كل أبوابها دخل راكبًا على ناقته، وإن لحيته الشريفة تكاد تمسُّ قائم رحله تطامنًا وتواضعًا لله عز وجل، وهو موقف لم يقفه غيره في دنيا البشر قط.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى)).
وروى أبو داود بإسنادٍ صحيح أن رجلاً قال له صلى الله عليه وسلم: يا خير البريّة: ((ذاك إبراهيم)).
ما أخبر به بعض نساءه، وتحدثن وهو أنه صلى الله عليه وسلم يكون في بيته في مهنة أهله يفلّي ( أي: ينقيه من القمل إن كان به.) ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع ثوبه ويخصف نعله ( يلصق بعضه ببعض إذا تقطع ويخرزه ليلصق ولا ينحلّ)، ويخدم نفسه، ويقم البيت، ويعقل البعير، ويعلف ناضحه، ويأكل مع الخادم، ويعجن معها، ويحمل بضاعته من السوق.
دخل عليه رجل فأصابته من هيبته رِعْدة فقال له: ((هون على نفسك فإني لست ملكًا وإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد)) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
عن سويد بن قيس رضي الله عنه فقال: دخلت السوق مع النبي صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل وقال للوازن: ((زن وارجح)) فوثب الوزان إلى يد النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها فجذب يده وقال: ((هذا تفعله الأعاجم بملوكها، ولست بملك، إنما أنا رجل منكم)), ثم أخذ السراويل فذهبت لأحملها فقال: ((صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله)) رواه الترمذي وأبو داود والنسائي قال الترمذي: حسن صحيح وصححه الألباني .
إن كل مظهر من هذه المظاهر التي بلغت أحد عشر مظهرًا دالٌ بمفرده على كماله صلى الله عليه وسلم ثم تواضعه، وأنه مضرب المثل في ذلك، ولما كان كماله لا يدانى فيه فتواضعه يكون آية نبوته ومعجزة رسالته، وغير مانع محاولة الائتساء به؛ لأن التواضع من الأخلاق المكتسبة، وبقدر صدق النية والرغبة الصادقة يحصل للعبد ما يرغب فيه من الكمالات المحمدية التي هي موضع الائتساء به صلى الله عليه وسلم.
 
رد: من خصائص دين الإسلام

لم يكتب لأحدٍ من البشر من الأثر والخلود والعظمة ما كتب لصاحب النسب الشريف - صلى الله عليه وسلم- .

ولقد دونت في سيرته الكتب ، ودبجت في مديحه القصائد، وعمرت بذكره المجالس ، وبقيت عظمته قمة سامقة لاتطالها الظنون .

تقلبت به صروف الحياة من قوة وضعف ، وغنى وفقر ، وكثرة وقلة ، ونصر وهزيمة ، وظعن وإقامة ، وجوع وشبع ، وحزن وسرور ، فكان قدوة في ذلك كله، وحقق عبودية الموقف لربه كما ينبغي له .

ظل في مكة ثلاث عشرة سنة ، وما آمن معه إلا قليل ، فما تذمّر ولا ضجر ، وجاءه أصحابه يشتكون إليه ويسألونه الدعاء والاستنصار فحلف على نصر الدين وتمام الأمر ، وأنكر عليهم أنهم يستعجلون ، فكان الأمر كما وعد ، علماً من أعلام نبوته ، ونصراً لأمر الله ، لا للأشخاص .

وكان من نصره أن تأتيه وفود العرب من كل ناحية مبايعة على الإسلام والطاعة فما تغير ولا تكبّر ، ولا انتصر لنفسه من قوم حاربوه وآذوه وعاندوا دينه .

كما كان يقول أبو سفيان بن الحارث :

لعـــــمرك إني يوم أحمل راية | لتغــلب خيل اللات خيل محمدِ

لكـــالمدلج الــحيران أظلم ليله | فهذا أواني حين أهدى وأهتدي

هـداني هــــادٍ غير نفسي ودلني | عـلى الله من طردته كل مطرد

وما حملت من ناقة فوق ظهرها | أبر وأوفى ذمــــة من محــــمد

فاستل العداوات ، ومحا السخائم ، وألّف القلوب ، وأعاد اللُّحمة ، وعرف عدوُّه قبل صديقه أنها النبوة ، وأنه لم يكن صاحب طموح شخصي ولا باني مجد ذاتي ، وإن كان الطموح والمجد لبعض جنوده .

تعجب من عفويته وقلة تكلفه في سائر أمره ، واحتفاظ شخصيته بهدوئها وطبيعتها وتوازنها مهما تقلبت عليها الأحوال، واختلفت عليها الطرائق .

قل إنسان إلا وله طبعه الخاص الذي يبين في بعض الحال ويستتر في بعض ، ويترتب عليه استرواح لقوم دون آخرين ، ويحكم العديد من مواقفه وتصرفاته حاشاه -صلى الله عليه وسلم- .

فهو يُقْبِل بوجهه على كل جليس ، ويخاطب كل قوم بلغتهم ، ويحدثهم بما يعرفون ، ويعاملهم بغاية اللطف والرحمة والإشفاق ، إلا أن يكونوا محاربين حملوا السلاح في وجه الحق ، وأجلبوا لإطفاء نوره وحجب ضيائه .

كل طعام تيسر من الحلال فهو طعامه ، وكل فراش أتيح فهو وطاؤه ، وكل فرد أقبل فهو جليسه .

ما تكلف مفقوداً ، ولا رد موجوداً ، ولا عاب طعاماً ، ولا تجنب شيئاً قط لطيبه ، لا طعاماً ولا شراباً ولا فراشاً ولا كساءً، بل كان يحب الطيب، ولكن لا يتكلفه .

سيرته صفحة مكشوفة يعرفها محبوه وشانئوه ، ولقد نقل لنا الرواة دقيق وصف بدنه ، وقسمات وجهه ، وصفة شعره ، وكم شيبة في رأسه ولحيته ، وطريقة حديثه ، وحركة يده ، كما نقلوا تفصيل شأنه في مأكله ، ومشربه ، ومركبه ، وسفره ، وإقامته ، وعبادته، ورضاه ، وغضبه ، حتى دخلوا في ذكر حاله مع أزواجه أمهات المؤمنين في المعاشرة ، والغسل ، والقسم ، والنفقة ، والمداعبة ، والمغاضبة ، والجد، والمزاح ، وفصلوا في خصوصيات الحياة وضروراتها .

ولعمر الله إن القارئ لسيرته اليوم ليعرف من تفصيل أمره ما لا يعرفه الناس عن متبوعيهم من الأحياء ، ومالا يعرفه الصديق عن صديقه ، ولا الزوج عن زوجه ، ولا كان أهل الكتاب يعرفونه شيئاً يقاربه أو يدانيه عن أنبيائهم وهم أحياء ؛ وذلك لتكون سيرته موضع القدوة والأسوة في كل الأحوال ، ولكل الناس.

فالرئيس والمدير والعالم والتاجر والزوج والأب والمعلم والغني والفقير ...

كلهم يجدون في سيرته الهداية التامة على تنوع أحوالهم وتفاوت طرائقهم .

والفرد الواحد لا يخرج عن محل القدوة به -صلى الله عليه وسلم- مهما تقلبت به الحال ، ومهما ركب من الأطوار، فهو القدوة والأسوة في ذلك كله.

وإنك لتقرأ سيرة علم من الأعلام فتندهش من جوانب العظمة في شخصيته فإذا تأملت صلاحيتها للأسوة علمت أنها تصلح لهذا العلم في صفته وطبعه وتكوينه ، ولكنها قد لا تصلح لغيره .

ولقد يرى الإنسان في أحوال السالفين من الجلد على العبادة ، أو على العلم ، أو على الزهد ما يشعر أنه أبعد ما يكون عن تحقيقه حتى يقول لنفسه :

لا تـــعرضن لذكرنا مع ذكرهم | ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ

فإذا قرأ سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحس بقرب التناول وسهولة المأخذ ، وواقعية الاتباع .

حتى لقد وقع من بعض أصحابه ما وقع فقال لهم (( أنا أخشاكم لله ، وأتقاكم له)) متفق عليه.

وقال(( اكلفوا من العمل ما تطيقون )) رواه البخاري ومسلم .

وقال : (( إن هذا الدين يسر ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ، والقصدَ القصدَ تبلغوا )) رواه البخاري ومسلم.

ولهذا كان خير ما يربى عليه السالكون مدارسة سيرته وهديه وتقليب النظر فيها وإدمان مطالعتها واستحضار معناها وسرها ، وأخذها بكليتها دون اجتـزاء أو اعتساف .

إن الله -عز وتعالى- لم يجعل لأحدٍ وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا المنصب الشريف : منصب القدوة والأسوة ؛ لأنه جمع هدى السابقين الذين أمر أن يقتدي بهم { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90] إلى ما خصه الله -تعالى- وخيَّره به من صفات الكمال ونعوت الجمال ، ولهذا قال -سبحانه- : { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [ الأحزاب: 21].

إن حياته -صلى الله عليه وسلم- وحياة خلفائه الراشدين هي المذكرة التفسيرية والترجمة العلمية لنصوص الشريعة .

وكثيرون من المسلمين ، وربما من خاصتهم يستهويهم التأسي بالأحوال العملية الظاهرة في السلوك والعبادة وغيرها ، فيقتدون به -صلى الله عليه وسلم- في صلاته ((صلوا كما رأيتموني أصلي )) وحجّه ((خذوا عني مناسككم )) وسنن اللباس والدخول والخروج …

وهذا جزء من الاتباع المشروع ، بيد أنه ليس كله ، ولا أهم ما فيه ، فإن اتباع الهدي النبوي في المعاملة مع الله تعالى ، والتجرد والإخلاص ، ومراقبة النفس ، وتحقيق المعاني المشروعة من الحب والخوف والرجاء أولى بالعناية وأحق بالرعاية ، وإن كان ميدان التنافس في هذا ضعيفاً ؛ لأن الناس يتنافسون –عادة- فيما يكون مكسبة للحمد والثناء من الأمور الظاهرة التي يراها الناس ، ولا يجدون الشيء ذاته في الأمور الخفية التي لا يطلع عليها إلا الله ، وربما تحرى امرؤ صفة نبوية في عبادة أو عمل واعتنى بها وتكلف تمثلها فوق المشروع ، دون أن يكلف نفسه عناء التأمل في سر هذه الصفة وحكمتها وأثرها في النفس .

وهذه المسائل ، حتى التعبدية منها ؛ ما شرعت إلا لمنافع الناس ومصالحهم العاجلة والآجلة ، وليست قيمتها في ذاتها فحسب ، بل في الأثر الذي ينتج عنها فيراه صاحبه ويراه الآخرون .

وقد جمعت من بطون الكتب والمؤلفات هديه صلى الله عليه وسلم وشمائله ووصفه وخصائصه، ومعجزاته، إلى غير ذلك من جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم.

مع ذكر نقولاتٍ من الكتب السابقة والتي اشتملت على البشارات ببعثته وبزوغ دينه وعلو شأنه .

إضافة إلى التعريف بهذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله عز وجل للبشرية ليكون الدين الخاتم الذي لا نجاة إلا باتباعه والدخول فيه فببعثته صلى الله عليه وسلم صار الإسلام هو الدين المهيمن على الدين كله، وقد بينت طرفًا من عظمة الإسلام وسماحته، وخصائصه وفضائله.

وتجد في ثنايا الكتاب ردًا لشبهات أهل الغي والبطلان حول نبينا صلى الله عليه وسلم ودينه الخالد حتى تقوم الساعة.

وقد ألمحت إلى موقف الغرب من ديننا ونبينا عليه السلام، وختمت الكتاب بدعوة إلى نصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

فهلموا معاشر الأنصار، يا حماة الإسلام ويا دعاة العقيدة الصحيحة بينوا دينكم واصدعوا بآيات كتاب ربكم، وأسمعوا الدنيا نداء الحق، حتى تبرأ الذمة وتقوم الحجة ويصير الدين كله لله أو نهلك دونه.

رزقنا الله حب نبيه وحسن اتباعه ظاهراً وباطناً وحشرنا في زمرته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
 
رد: من خصائص دين الإسلام

يسلمووووووووووووووووووووووو
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 4)

عودة
أعلى