"متلازمة داون".. اضطراب في مهارات جسم الطفل

406p.jpg
تختلف القدرات العقلية والجسدية لدى ذوي "متلازمة داون" من شخص إلى آخر

"متلازمة داون".. اضطراب في مهارات جسم الطفل




منال العابدي

أصبحت ولادة طفل منغولي ظاهرة تثير المخاوف في العالم‏، حيث يولد سنويا في العالم ما بين‏3‏ آلاف و5‏ آلاف طفل‏، ووصل عدد الحالات بالولايات المتحدة إلى ‏25‏ ألف حالة.
وتعتبر "متلازمة داون" من أكثر الظواهر انتشارا في العالم، وهي عبارة عن زيادة في عدد المورثات الصبغية عند الشخص المصاب بمتلازمة داون، بحيث يكون اجمالي المورثات الصبغية لدى الشخص 47 مورثا، بينما يكون العدد الطبيعي للشخص العادي هو 46 مورثا.

وقد توصّل العلم إلى بعض أسباب زيادة هذا المورث الصبغي الذي يؤدي إلى تثلث الصبغية 21 المعروفة بمتلازمة داون، أما تسمية هذه الظاهرة بمتلازمة داون فتعود إلى العالم البريطاني جون لانجدون داون الذي وصفها وصفا دقيقا عام 1866، وكان هذا عندما لاحظ ان أغلبية الأطفال في مركز الإعاقة الذي كان يقوفيه بدور الإشراف على مجموعة من الأطفال يشبهون بعضهم البعض في ملامح الوجه وخصوصا في العين التي تمتد إلى أعلى والتي تشبه العرق الأصفر، فأطلق عليهم اسم المنغوليين نسبة إلى جمهورية منغوليا، وظل هذا الاسم شائعا إلى عام 1967 عندما كانت أسباب المرض معروفة واتضح انه ناتج عن خطأ في الصبغيات ولا علاقة له بالعرق الأصفر، فتم بعدها اصدار قرار بمنع استخدام هذا الاسم لوصف المرض، وعرف منذ ذلك الوقت بـ"متلازمة داون"، وهناك ثلاثة أنواع أساسية من متلازمة داون، النوع الأول الثلاثي "21" ويشكل 95% من متلازمة داون، النوع الثاني، ويطلق عليه اسم الانتقال ويعني به التصاق مورث زائد زوج من المورثات، ويشكل 4%، النوع الثالث، موزيبك ويشكل 1%.

توصف الحالة بوجود تغييرات كبيرة أو صغيرة في بنية الجسم. تتصاحب المتلازمة غالباً مع ضعف العقل والنمو البدني، ومع مظاهر وجهية. يمكن التعرف على المرض غالباً أثناء الولادة. من أهم أعراضه: صغر الجسم، والبدانة، وبروز الجبهة، والتخلف العقلي.

أشارت الاحصائيات إلى أن من بين كل 700 إلى 1000 حالة ولادة طبيعية نجد حالة طفل مصاب بمتلازمة داون. ويلاحظ ان 80% من الحالات المصابة بمتلازمة داون لا تتجاوز أمهاتهم الـ 35 سنة من العمر ومع ذلك تزداد فرص إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون لدى هؤلاء الأمهات، كما ان إنجاب طفل ذي متلازمة داون يزيد من فرصة إنجاب طفل آخر. وتوجد النسبة بين كل 800 إلى 1200 ولادة طبيعية حالة طفل بمتلازمة داون. ومن سن 15 إلى 29 سنة: 1500، ومن سن 30 إلى 34 سنة: 800، ومن سن 35 إلى 39 سنة: 270، ومن سن 40 إلى 44 سنة: 100، وفوق عمر الـ 45 سنة تكون النسبة من: 50.

إعاقة ذهنية

متلازمة داون ـ حسب ما ورد في الموسوعات الطبية والعلمية ـ هي عبارة عن خطأ صبغي "كروموسومي" يحدث خللا في المخ والجهاز العصبي ينتج عنه عوق ذهني واضطراب في مهارات الجسم الإدراكية والحركية، كما يظهر هذا الشذوذ ملامح وجهية وجسمية مميزة وعيوبا خلقية في أعضاء ووظائف الجسم، ولا يحدث هذا الشذوذ الصبغي نتيجة خلل في جهاز من أجهزة الجسم أو نتيجة للاصابة بمرض معين، كما انه ليس بالضرورة ان يكون حالة وراثية، وعليه فإن أي زوجين ودون تمييز معرضان لأن يولد لديهما طفل ذو متلازمة داون. وتختلف القدرات العقلية والجسدية لدى ذوي متلازمة داون من شخص إلى آخر، وهذا يعني انهم قادرون على التعلم والاستيعاب ولكن لابد من مجهودات إضافية لتحقيق ذلك من خلال عملية الشرح المكثف واستخدام طرق وبرامج تربوية ووسائل ايضاحية مناسبة لترسيخ المعلومة لديهم.

تتفاوت ردود الأفعال من شخص إلى آخر، ومهما كانت المعلومات المتوفرة لكلا الأبوين عن متلازمة داون إلا انهما لابد وان يصابا بشيء من المفاجأة والخوف وعدم التصديق والحزن والغضب والشعور بالذنب وهي مشاعر طبيعية يشاركهم فيها جميع الآباء الذين أصيب أطفالهم بمتلازمة داون. وكان الشغل الشاغل لكثير من الدراسات التي استحدثت مؤخرا إيجاد طريقة جيدة ومقبولة لإعلام العائلة بوجود إعاقة مزمنة أو مرض في المولود الجديد، مع مراعاة المكان الذي سيتم فيه ابلاغ ذوي الطفل وذلك لأنه من أهم العوامل التي تساعد في التخفيف من شدة وقع الخبر على مسامعهم، كما ان اختيار المواقع غير المناسبة كإخبار الأب عبر الهاتف في مقر عمله، أو في ممر المستشفى أمام الآخرين من الممكن ان يتسبب في احراجه، لذا فقد وجد المختصون ضرورة لاختيار المكان والزمان المناسبين لإخبار أسرة الطفل ذي المتلازمة مع توفر الخصوصية، ونظرا لخطورة الموقف فقد وجد انه من الضروري إخبار الأم والأب فقط مع معرفة نوعية العائلة ومدى استيعابها وإدراكها لمثل هذه الحالات لما له من بالغ الأثر على نفسية الطفل في المستقبل والمهام الملقاة على عاتقهم وقدرتهم على تحمل مثل هذه المسؤولية.

أنواع "متلازمة داون"

هناك ثلاثة أنواع لمتلازمة داون، حسب الموسوعات الطبية والعلمية، وهي: التثلث الحادي والعشرين: وهنا يتكرر الصبغي 21 ثلاث مرات بدلآ من مرتين في كل خلية جاعلا عدد الصبغيات 47 بدلا من 56 صبغي، وهذا هو النوع الغالب، فيكون حوالي 95% من حالات متلازمة داون.

- الانتقال الصبغي: وهنا ينفصل الصبغي رقم 21 ويلتصق بصبغي آخر، ويكون هذا النوع 4% من حالات متلازمة داون.

- النوع الفسيفسائي: وفي هذا النوع الذي يشكل 1% من حالا متلازمة داون ، يوجد نوعان من الخلايا في جسم الشخص المصاب، فبعضها تحوي العدد الطبيعي من الصبغيات أي 46 ، وبعضها الآخر يحوي 47 صبغيا.

معظم الأطفال الرضع والأطفال الصغار ذوي متلازمة داون جذابون ويشبهون الأطفال العاديين أكثر مما يختلفون عنهم، إلا ان الصفات المميزة لهم تصبح أكثر وضوحا كلما تقدموا في العمر.

وهي خصائص وسمات جسمية وملامح وجهية خاصة تميز ذويها عن غيرهم من الأسوياء، ومن أهم هذه الملامح: ارتخاء العضلات والمفاصل وضعفها، وصعوبات في النطق مع تسطح الجانب الخلفي للرأس إضافة إلى قصر الرقبة وصغر حجم الأذنين وانشاء قليل من الحافة العلوية لهما.

قد يكون لدى الطفل ذي متلازمة داون عينان تشبهان في شكلهما حب اللوز وتكونان مائلتين نحو الاعلى، إضافة إلى أنف عريض ومسطح ويبدو اللسان كبيراً بالنسبة للفم وخط عرضي وحيد في راحة اليد.

بما ان طفل المتلازمة لا يعد طفلاً عادياً فمن المؤكد ان هناك عدة مشاكل صحية قد تواجهه، ومن أبرز هذه المشاكل:
أولاً - زيادة الوزن لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون وذلك بسبب نوعيات الأكل المتناول، قلة الحركة، ولاصابتهم بارتخاء العضلات يتأخر المشي والحركة.

ثانياً: ازدياد العيوب الخلقية في الجهاز الهضمي لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون اكثر من الأطفال العاديين وعادة ما تكون عند الولادة كضيق الاثني عشر وتعالج جراحياً، عدم انبثاق الشرج حيث يعاني الأطفال من الامساك الشديد، ونقص في عمل الامعاء الغليظة الذي يحتاج الى عمل biopsy اي خزعة للتشخيص.

ثالثاً: تعاني نسبة كبيرة من الأطفال ذي متلازمة داون من قلة السمع الذي يؤثر على اللغة والنطق بنسبة كبيرة تصل إلى 70% سببه خلل في عمل eustachian tube يسمى باللغة العربية "نفير اوستاش" وهو أنبوب غضروفي يصل بين الاذن الوسطى والبلعوم، او تشويه مركب في الأذن الوسطى ولذلك ننصح بالقيام باختبار للسمع لكل أطفال متلازمة داون في السنة الثانية من العمر واعطائهم العلاج المناسب اذا احتاجوا إليه. ويكون عبارة عن "علاج بالمضاد لفترة 6- 8 أسابيع او انابيب في طبلة الأذن تقلل من ارتشاح السائل وراء طبلة الأذن".

رابعاً: داء الزهايمر: وهو فقدان المريض القدرة على تذكر تلك الأمور التي حدثت قريباً وفقدانه كافة النشاطات اليومية، وذلك يرجع الى ترسب بعض البروتينات التي تسمى "اميلويد" على مسالك الأعصاب ويحدث في سن 30- 40 سنة.

خامساً: عدم ثبات الفقرات المحورية والاطلسية وهو زيادة المرونة بين الفقرة الاولى والثانية للرقبة نتيجة لارتخاء الرباط الذي يربط بين الفقرتين، وبما ان الفقرات تحيط وتحمي الحبل الشوكي فعدم ثبات هذا المفصل يمكن ان يزيد من مخاطر اصابته، ويصيب 13- 14% من الافراد دون ظهور اي اعراض.

سادساً: نقص عمل الغدة الدرقية

سابعاً: عيوب القلب فهناك 50% من الأطفال ذوي متلازمة داون يعانون من وجود عيوب خلقية في القلب، ونسبة كبيرة من هؤلاء يتم علاجهم جراحياً.

خيارات العلاج

يتم تشخيص متلازمة داون عادة عند الولادة عن طريق الملامح الجسدية المميزة للطفل، ويتم التأكد بعدها بإختبار الدم " تحليل الكروموسومات"، ويوصي الطبيب بإنجاز برنامج دعمي للأم والطفل لتتعلم كيف يمكن تطوير قدرات طفلها، فالأطفال المصابون بـ "متلازمة داون" يمكنهم بالفعل الإفادة بأكبر قدر ممكن من قدراتهم، وكثيرون منهم يتعلمون القراءة ويمكنهم أن يعيشوا حياة مستقلة عن طريق التعليم المستمر والدعم المباشر ويمكن لكثير من الأسر أن تنتفع بالاشتراك في إحدى جماعات الدعم.

لا يوجد في الوقت الحالي علاج للأشخاص المصابين بـ متلازمة داون ، وذلك بسبب عدم القدرة على تغيير الصبغة الوراثية، لكن يمكن التخفيف من المشكلات التي يتعرضون لها، ويكون ذلك بعدة طرق منها:
- توفير الرعاية الصحية الجيدة للطفل المصاب بـ متلازمة داون، وذلك لاكتشاف الأمراض التي يتعرض لها فور حدوثها، ومحاولة الحد من إصابته بالعدوى المتكررة، مثلا بإعطائه التطعيمات المهمة.
- التعليم و التدريب: يعلم الطفل في مدارس خاصة إذا كانت درجة الاعاقة كبيرة ، كما يمكن له الاندماج في المدارس العادية إذا كان مستواه الذهني في حدود المتوسط.
- إعادة التأهيل للأطفال الذين لم ينالوا الرعاية الكافية منذ البداية.
- التمارين الرياضية لتقوية عضلاتهم وتحسين معنوياتهم، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من العلاج الطبيعي والعلاج المهني.
- مساندة الوالدين قدر الإمكان، ولا بد أن تبدأ هذه المساندة منذ لحظة التشخيص، فمن المهم جدا مساعدة الوالدين على فهم حقيقة الموقف ومساعدتهما على تحمل الصدمة، ويفيد في ذلك التذكير بالله ، واحتساب الأجر عنده، كما أن التحدث مع أمهات أطفال لديهم نفس المشكلة يفيد كثيرا في تقبل الموقف وامتصاص المشاعر المؤلمة.
- توفير فرص العمل للبالغين المصابين بـ متلازمة داون ، ويمكنهم العمل في أعمال مختلفة بعد التدريب.
- ينصح بإجراء الفحص الصبغي لوالدي الطفل المصاب بالانتقال الصبغي لتحديد الناقل، وبالتالي فحص الحمول في المستقبل.

علاقة "متلازمة داون" بالسرطان

حسب مراجعة شاملة للأبحاث التي نشرت حتى عام 1998 اتضح أن احتمال الإصابة بمرض السرطان لمرضى متلازمة داون مختلف تماما عن غيرهم، فقد أظهر عدد من الدراسات الميدانية أن مرضى متلازمة داون لديهم ارتفاع ملحوظ في نسبة الإصابة بسرطان الدم يصل إلى أكثر بـ10 إلى 30 مرة مقارنة بغيرهم.

وأشار الدكتور عبد الرحيم قاري استشاري الأمراض الباطنية وأمراض الدم والأورام، مدير مركز قاري الطبي بجدة، إلى أن هناك بعض الحالات التي تتكاثر فيها الكريات البيضاء بشكل يشبه سرطان الدم لكن سرعان ما تختفي هذه الكريات البيضاء لدى المريض حتى دون علاج ولذلك وجب الحذر وعدم التسرع في الوصول إلى تشخيص خاطئ بأن الطفل لديه سرطان دم، والحقيقة غير ذلك. وهذا أمر يحتاج إلى شخص له دراية بمثل هذه الحالات ولدى مرضى متلازمة داون أخطار متزايدة لحدوث أورام أو وفاة بسبب أورام الغدد الليمفاوية وبضعة أورام صلبة أخرى، في حين أن عددا من الدراسات اعتبرت أن بعض الأورام الأخرى أقل انتشارا وشيوعا في الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون مقارنة بغيرهم، أي ربما يكون هناك تأثير وقائي متعلق بمتلازمة داون ضد بعض أنواع السرطان.

أفاد د. قاري أن هذه الدراسات قد شجعت على إنجاز الكثير من الأبحاث لمعرفة الآلية الوراثية المحتملة لمنع حدوث أورام معينة عند الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون. والأدلة التي وردت في الأبحاث المختلفة عن مدى انتشار الأورام زيادة أو نقصانا لدى مرضى متلازمة داون مختلفة فهناك 10 دراسات لخصها الأستاذ ساسكو في عام 2008 أظهرت أن احتمال الوفاة بسبب سرطان الدم لدى مرضى متلازمة داون هو أكثر بـ 10 إلى 30 مرة مقارنة بغيرهم.

أما الأورام الأخرى التي تميل إلى الانتشار بدرجة أكبر فهي أورام الخصية وأورام الكبد، بينما يقل انتشار أورام الرئة وأورام الثدي لدى مرضى متلازمة داون مقارنة بغيرهم من المرضى، وفي هذه الدراسات لم ترد أي معلومات حول أورام الفم أو البلعوم لدى هؤلاء المرضى بعكس بقية الأورام الصلبة. ولم تكن هناك فروق ذات قيمة تستحق الذكر.

وأفاد الدكتور قاري أن وجود أعداد أقل من سرطان الرئة أو سرطان الفم والبلعوم لدى مرضى متلازمة داون ليس بالمفاجئ، وذلك نظرا لأن مرضى متلازمة داون لا يدخنون ولذلك يمكن اعتبارهم أكثر حكمة من الأصحاء الذين يدخنون. ومثل هذا التوجه لأعداد أقل من سرطان الرئة والفم والبلعوم ظهر أيضا في مجموعات أخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل الذين يعانون من الشلل الدماغي.

على الجانب الآخر، ربما تقل نسب سرطان الثدي لدى مرضى متلازمة داون بسبب أن لديهم نسبة أقل من هرمون الاستروجين مقارنة بغيرهم، وفي دراسة نشرها البروفسور يانغ في مجلة "لانسيت" عن أسباب الوفاة التي تسجل لمرضى متلازمة داون تبين أن الأورام الصلبة ربما تكون أقل لدى مرضى متلازمة داون مقارنة بغيرهم إذا ما ذكرت كسبب للوفاة أمراض أخرى لدى تقارير وفيات مرضى متلازمة داون مثل الخرف أو الإعاقة أو ما شابه ذلك بدلا من ذكر الورم الأصلي. ومن المعروف أن سبب الخرف يذكر كثيرا لدى مرضى متلازمة داون في تقارير وفياتهم، لذلك يعتبر أن ذكر الأورام الصلبة ربما يكون ليس بالضرورة معبرا عن مدى انتشارها لدى مرضى متلازمة داون بينما لا يمكن إغفال وجود سرطان دم لدى هؤلاء المرضى لأنه يعتبر سببا مباشرا للوفاة أكثر من غيره من الأسباب المؤدية لوفاة مرضى متلازمة داون.




406.jpg




العرب اونلاين


 
رد: "متلازمة داون".. اضطراب في مهارات جسم الطفل

يعطيك العافيه علي هذا الموضوع

المفيد
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 3)

عودة
أعلى