انا معكم لاتهضموا حقوقي !!!

أم الغالين

عضو فعال
أنا معكم لاتهضموا حقوقي .!!

2942011-bc02b.jpg


هذا ما ينادي به طفل توحدي... طفل كتب له أن يكون مختلفا... ولكنه إنسان من لحم ودم... ينتمي لأسرة من هذا المجتمع الذي يجب أن يكون سنداً لها ولا يثقلها بجهله وتعاليه... يجب أن نعترف ونقدر المجهود النفسي والجسدي الذي تقوم به الأسرة من أجل أن تربي هذه النوعية من الأطفال... إن عدم تثقيف أنفسنا عن هذه الإعاقة يعتبر تعاليا... كما أن عدم معرفة كيفية تصرفنا في حضور هؤلاء الأطفال يعتبر جهلا! سأسرد نموذجين لحياة طفلتين الأولى ولدت في زمن ساد الجهل فيه لدرجة تحولت حياتها فيه إلى جحيم... والثانية ولدت لأسرة مثقفة متعلمة قدمت لها كل ما توصل إليه العلم والطب من أجل التغلب على صعوبة الحياة مع هذه الإعاقة... سأسمي الأولى (س) كي لا أثير حفيظة أحد وبدلا من التركيز على الموضوع تشمر السواعد استعدادا للهجوم علي... عند ولادتها لم تظهر أي إشارة للحياة فاعتقد أهلها أنها ميتة... لفت بقطعة من القماش ووضعت على الأرض بجانب الحفرة التي كانت تعد لها لتكون مثواها... وبينما كان والدها مشغولاً بالحفر تحركت فجأة... سعد الأب وطار بها إلى والدتها التي كانت تعيش لحظات الحزن والأسى... وكبرت في كنف هذه الأسرة البسيطة... ولكن ظهر شيء كان ينغص عليهم فرحتهم بهذه الطفلة الجميلة... كانت لا تستجيب حين يداعبها والداها أو حين تنادى... ولا تلعب مع الأطفال في سنها... كانت منزوية لا تنطق ولا تتفاعل مع باقي أفراد الأسرة... قدمت التفسيرات من قبل عجائز الأسرة والحي مثل "هذه عين خذوها لمقرئ"، "هذا بسبب أنها ربما أصابها شيء من السحر"، "هذا لأنه يا لطيف بسم الله قد دخل بها عندما كانت تحضر للدفن"، "في اعتقادي أنه عقاب من رب العالمين... لا نعلم ماذا فعلت والدتها كي تعاقب بهذه المعاقة"! المهم بسبب الجهل وعدم الوعي لم يتم التشخيص الصحيح لحالة الطفلة وبالتالي عدم تعرضها للتدخل المبكر لطرق العلاج المساعد... وبدلا من أن تعيش حياة كريمة عاشت وتعيش حياة ألم وذل... أحاطتها والدتها بالمحبة... ومن الحب ما قتل... فلم تدع أحداً يتدخل في تربيتها وفضلتها على إخوتها في المعاملة والاهتمام لدرجة أنها أشعلت نار الغيرة في نفوسهم وكان السبب في التهرب من مسؤوليتها فيما بعد... فأصبح وزنها في تزايد رهيب نتيجة الإفراط في الطعام وعدم الحركة... وكلما حاول أحد أن يتدخل كانت الأم تصرخ معترضة "تأكل من خير والدها لا من خيركم"... أما مفردات الطفلة اللغوية فلم تنم لأن الأم رفضت إلحاقها بمدرسة للمعاقين ولم يتم إخراجها من المنزل للمشاركة بالمناسبات الأسرية أو الاجتماعية أو زيارة الأماكن الترفيهية كي لا تتعرض لنظرات وتعليقات الناس الجارحة... وعند وفاة الأم بدأت المعاناة... الكل يتهرب من الاعتناء بها... حتى إن بعضهم اقترح وضعها في مأوى العجزة كي يباع المنزل ويأخذ كل نصيبه من الورثة... ولكن الإجراء الوحيد الذكي الذي اتخذته الأم هو كتابة حصتها في المنزل، وهي الكبرى، لمن يعتني بابنتها من الإخوة... لن أدخل بتفاصيل المعاملة التي حصلت عليها ولكن سأذكر حادثتين كان لهما التأثير الكبير في مسار حياتها... الأولى عندما تركت في إحدى الليالي وحدها في المنزل وهي نائمة... فاستيقظت على صوت باب الشرفة ينغلق بقوة مما فجر الزجاج ونثره في أرجاء الغرفة... حاولت الوصول إلى الباب فانزلقت على الأرض... انكسرت قدمها والتوت ذراعها... فأخذت تزحف إلى الباب مما تسبب في تمزق في أربطة الذراع والقدم... نقلت إلى مشفى حكومي حيث أجريت لها الإسعافات الأولية... أما عملية الذراع والقدم فأُجلت إلى أن يأتي دورها... وبعدما كانت تستطيع أن تقوم بخدمة نفسها أصبحت لا تستطيع حتى أن تتناول الطعام دون مساعدة...ثار بعض المعارف على هذه الطريقة غير الإنسانية في التعامل معها فرضخ الإخوة ونقلت إلى مشفى خاص حيث حاول الأطباء إصلاح ما يمكن إصلاحه لتأخر وصول الحالة إليهم... والناتج أنه تربى لديها الخوف من المشي أو الخروج من غرفتها... فكتب عليها السجن وهي البريئة... هل انتهى الأمر عند ذلك؟ هيهات... بعد مضي عام تعرضت لألم جعلها تكرر رمي نفسها من السرير وضرب أسفل ظهرها من الألم... "مغص... برد... دلع" هذا كان رد فعل أهلها عند سماع صراخها... ومرة أخرى تدخل الغرباء وأجبروهم على نقلها إلى المشفى حيث استؤصلت حصوة من كليتها... حتى الطبيب الجراح استغرب كيف استحملت هذه الإنسانة كل ذلك الألم لكبر حجم الحصوة... اليوم تعيش جمادا أكثر منها بشراً... عيناها شاخصتان في السقف مستسلمة...لا إرادة لا اعتراض... حتى الابتسامة التي كانت تضيء وجهها بل تضيء الغرفة بأكملها اختفت... تلاشت.

أما الحالة الثانية فسوف أسميها (ص)... عندما لاحظ والداها تأخرها في الحركة والاستجابة والكلام أسرعا بها إلى الطبيب الذي حولها بدوره إلى المختص... وبدأت عملية التثقيف للأسرة في كيفية التعامل معها وكيف يتم تجهيز المنزل لكيلا تتعرض للأذى... وحدد لها نوعية خاصة من الغذاء والتدريبات في المنزل إلى أن ألحقت بمركز للتوحد لتطوير ما لديها من قدرات وإدراك... كما تم تثقيف أخيها الذي جاء بعدها عن إعاقة التوحد...في كل مرحلة عمرية كان يزود بمعلومات تساعده على فهم أكثر للأمر وقدرة على التعامل معه... كان يدرب على طرق التواصل واللعب مع أخته بحيث لا ييأس من عدم تجاوبها ولا ينفر منها ولا يعتبرها عبئاً عليه... عرف كيف لا يخجل من أخته ويجيب على تساؤلات أصدقائه بثقة وعلم... كانت (ص) تصطحب لتشارك الأسرة بجميع مناسباتهم... كما قامت والدتها بالاتصال بأسر أخرى لديهم نفس المشكلة وكونت فريقاً مساعداً يدعم أفراده بعضهم بعضا بالنصائح والإرشادات... وقامت المجموعة أيضا بالعمل كمرشدات للمجتمع المحلي عن طريق المحاضرات وزيارة المدارس التي تسمح لهن بذلك وعادة تكون من المدارس الخاصة، للتعريف عن هذه الإعاقة... كما قام والدها باستشارة محام لوضع خطة تضمن تواجد من يهتم بها من المختصين واستمرار تزويدها بما يكفيها للعيش الكريم في حالة وفاته وزوجته... (ص) اليوم تعمل كمساعدة معلمة (حسب إمكاناتها المتواضعة) في مرحلة رياض الأطفال... وصلت إلى مرحلة من حياتها بحيث تستطيع أن تفيد وتستفيد... لم تشف من هذه الإعاقة ولكنها بفضل الله ثم بفضل استعداد أسرتها استطاعت التغلب على الصعوبات وتحظى بحقها بالعيش بكرامة.

ما يجب أن نعلمه أن التوحد ليس بنفس الدرجة بل يتفاوت من حالة إلى أخرى... أي من حالة انقطاع تام عن العالم إلى حالات بسيطة تكمن بأن يكون لدى الفرد صعوبة التواصل اللغوي الصحيح والاجتماعي والحركي... وقد يصاحب التوحد إعاقة جسدية... المهم لكل حالة طريقة خاصة في العلاج والتعامل... والحمد لله لقد أصبح لدينا اليوم عدة مراكز للتوحد منها المركز الحكومي للتوحد التابع لوزارة التربية والتعليم، ومركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد بالرياض، ومركز جدة للتوحد التابع للجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة... وهذا الأخير يقدم الكثير من الخدمات منها تدريب مساعدين للاختصاصيين وإجراء البحوث والدراسات والاتصال بمراكز التوحد حول العالم والمشاركة في المحافل الدولية التي تتعرض لهذا الموضوع... ليس لدينا إحصاءات عن عدد الأطفال الذين يولدون بهذه الإعاقة نظرا لصعوبة تواجد العدد الكافي من الأخصائيين والآليات المعتمدة أو القوانين التي تلزم المدارس الابتدائية ودور الحضانة بإجراء مثل هذه الفحوصات... إننا بحاجة إلى فتح هذا التخصص في جامعاتنا وكلياتنا لتزويد البلد بمن يقوم بهذه المهمة الحيوية... كما أننا بحاجة إلى حملات توعية مكثفة في جميع أنحاء الوطن مثل تلك التي تقوم بها المراكز التي ذكرتها مسبقا والتي قامت بها اللجنة الثقافية بقسم التربية وعلم النفس بكلية التربية للبنات بجدة (الأقسام الأدبية)... فعلى بقية مؤسسات التعليم العالي كالجامعات والكليات أن تخصص أسبوعاً توعوياً عن الإعاقة وأنواعها... أسبابها... طرق العلاج... مسؤولية المجتمع... مسؤولية المؤسسات الحكومية...نحن لا نريد مآسي كالتي حصلت لـ(س) بل نريد أطفالاً يعيشون بكرامة ينمون ويتطورون كل حسب قدراته وإمكانياته الجسدية والعقلية... نريد أسراً واعية... نريد مجتمعاً واعياً... نريد وطناً يحتضن أبناءه المعاقين مثل احتضانه للأسوياء.


مما راق لي
 
رد: انا معكم لاتهضموا حقوقي !!!

كل الشكر ام احمد
بارك الله فيك .
 
رد: انا معكم لاتهضموا حقوقي !!!

نحن لا نريد مآسي كالتي حصلت لـ(س)
بل نريد أطفالاً يعيشون بكرامة ينمون ويتطورون كل حسب قدراته
وإمكانياته الجسدية والعقلية... نريد أسراً واعية... نريد مجتمعاً واعياً... نريد وطناً يحتضن أبناءه المعاقين مثل احتضانه للأسوياء.

.........................

ام حمودي وفقت بطرحك غاليتي
بوركتِ .|

 
رد: انا معكم لاتهضموا حقوقي !!!

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
شرفتم متصفحي جميعا لكم كل التقدير والاحترام
[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 4)

عودة
أعلى