قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

النظرة السلبية إلى المعاقين أحد الأسباب الرئيسة لكثير من معاناتهم ومشاكلهم، والمجتمع من حولهم يتجاهل مطالبهم الضرورية ويضاعف من آلامهم وغربتهم، والخطوة العملية في حل هذه المشاكل النظر في تفعيل المجلس الأعلى لشؤون المعاقين




أصدرت جامعة الملك عبدالعزيز مؤخراً بياناً حول قضية الشاب "عمّار بوقس" تقول فيه: "إن الجامعة لم ترفض تعيين عمار بوقس معيداً كما أثاره هو وبعض وسائل الإعلام، وإنما احتضنته وقدمت له دعماً ورعاية كبيرة طيلة مدة دراسته بالجامعة"، وجاء في البيان أيضاً أنه :"تم تحويل ملفه لاتخاذ الإجراءات الأكاديمية المتبعة..وطلبه لم يتم الانتهاء منه وهو تحت الدراسة من قبل المجالس العلمية المختصة بطلبات المعيدين".
في الحقيقة لا أخفي على القارئ الكريم، بأني لا أميل إلى تصديق البيان السابق للجامعة، وذلك لعدة أسباب، من أهمها: السكوت عن المعاملة السيئة التي تعرّض لها "عمّار" عند تقديم طلبه وكما قيل "السكوت في معرض الحاجة بيان"، والمتحدث الرسمي للجامعة لم يشر إلى هذه الحادثة صراحةً سواء بالنفي أو الإثبات، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، فكما هو معلوم أن من شروط شغل وظيفة المعيد في الجامعة هو أن يكون الطالب متفوقا علمياً وحاصلا على معدّل معين، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى في الغالب تكون بسيطة، ولا تستدعي هذا التأخر في دراسة طلبه! ويبدو أن الإعاقة هي سبب هذا التأخر، هذا بالإضافة إلى أن الجامعة لم تصدر البيان إلا في حين قبول "عمّار" معيداً في الجامعة الأمريكية في دبي! الأمر الذي جعل الجامعة في وضع محرج جرّاء تعاملها غير الموفق مع القضية.
إن قضية "عمّار" تمثل حالة نموذجية لما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة في المجتمع وخاصةً فيما يتعلق بتوظيفهم في القطاعين العام والخاص، ناهيك عن معاناتهم وهم أطفال سواء في تربيتهم أو في تعاملهم مع أقرانهم و كذلك عند التحاقهم بالمدارس في بدء حياتهم التعليمية.
يحكي "عمّار بوقس" عن قصته عندما كان طفلاً صغيراً، حيث التحق بمدرسة عادية غير مخصصة للمعاقين كما يقول في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى الصف الثالث الابتدائي، وعندما عاد إلى المملكة، انصدم بواقع المجتمع حيث رفضته العديد من المدارس، وطلبوا منه أن يلتحق بمدارس للمتخلفين عقلياً!، ولو رضخ "عمّار" وعائلته لهذا الواقع لكان الآن في أحد مراكز التأهيل أو المصحات العقلية.
هذا ما يلاقيه المعاق في بدء حياته في المجتمع للأسف الشديد، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الفرد المعاق يواجه اتجاهات سلبية تؤثر على حياته بشكل مباشر كاستبعاده من التوظيف والتعليم والعلاقات الاجتماعية، ناهيك عن اتجاهات السخرية والاستهزاء بهم بما يشعرهم بالدونية والنقص، حتى إن اتجاهات الرحمة والشفقة عليهم تؤدي إلى تراكم الآثار السلبية في أنفسهم.
وفي استطلاع رسمي لآراء بعض المسؤولين في مكاتب العمل عن العوائق الموجودة بخصوص توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة كانت الإجابات بأن العائق الأكبر الذي يواجه المعاقين أثناء بحثهم عن عمل هو: "نظرة أرباب العمل للفرد المعاق وعدم رغبتهم في توظيفه"، والسبب في ذلك الاعتقاد بعدم كفاءة الشخص المعاق في عمله بدرجة تماثل أو تقارب الشخص السليم، والاعتقاد أيضاً أن الشخص المعاق موظف غير مستقر في العمل.
وفي رأيي أن نتائج الاستطلاع السابقة تمثل السبب الرئيس في رفض جامعة الملك عبدالعزيز تعيين "عمّار" في وظيفة معيد بالجامعة على الرغم من تبريرات الجامعة، والدليل ما قاله الموظف: "أنت معاق وما تقدر تصير معيد".
ولو سألنا بعض المسؤولين ورجال الأعمال: هل تقبل بتوظيف شخص معاق في جهتك أو شركتك؟، لكانت الإجابة: إنهم يرحبون بتوظيف المعاقين وتهيئة البيئة المناسبة لهم، ولكن الواقع يقول خلاف ذلك فقلما نجد من يوظف المعاقين في سوق العمل.
ما حصل مع "عمّار" وهو شاب طموح وذكي جداً ومؤهل ويعي ويدرك حقوقه جيداً يمثل ما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة من تحديات كبيرة في المجتمع، فكيف إذن بالآخرين الأقل تأهيلاً والذين لا يعون حقوقهم والحوافز التي تضمنتها الأنظمة والقوانين، أعتقد أن ما يحصل معهم أسوأ بكثير مما حصل مع "عمّار" ولكن لا صوت لهم ولا لمعاناتهم.
من خلال تواصلي مع بعض الأصدقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة وجدت أن هناك تذمرا ونظرة تشاؤم للمستقبل رغم وجود القوانين والتشريعات التي تضمن حقوقهم، فهم يرون أن هذه الأنظمة غير مطبقة ولم تثمر عن أي نفع ملموس أو تطور واضح في أوضاعهم.
فهم يرون أن الجهات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والخدمة المدنية على سبيل المثال ليس لها جهود واضحة في جانب توظيف المعاقين وليس لديهم إحصائيات لعدد المعاقين في سوق العمل، كما أن الغرف التجارية ليس لديها غير عمل الحملات الإعلامية الشكلية التي لا تؤدي إلى نتائج حقيقية في واقع التوظيف، بالإضافة إلى أن مراكز التأهيل المهني للمعاقين لا تواكب التطورات الحديثة في المجال المهني.
مهما تحدثنا عن قضايا ومشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة فإننا لن نوفيها حقها فمثلاً هل نتحدث عن معاناتهم في طفولتهم وتربيتهم وتعاملهم مع أقرانهم وعائلاتهم وحياتهم الاجتماعية أم نتحدث عن معاناتهم في حياتهم التعليمية والوظيفية، أم نتحدث عن قضايا العنف ضدهم وانتهاك حقوقهم؟.
يمكن القول إن النظرة السلبية إلى المعاقين هي أحد الأسباب الرئيسة لكثير من معاناتهم ومشاكلهم، والمجتمع من حولهم يتجاهل مطالبهم الضرورية ويضاعف من آلامهم وغربتهم، والخطوة العملية في حل هذه المشاكل النظر في تفعيل المجلس الأعلى لشؤون المعاقين، والذي تضمنته المادة الثامنة من نظام رعاية المعاقين الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/37) وتاريخ 23/9/1421، فبدون وجود هذا المجلس يصعب تطبيق باقي مواد النظام وخاصة في ظل عدم وجود مؤسسات أو جهات مستقلة ضاغطة تهتم بمشاكل وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة إلى ضعف الرقابة الاجتماعية بشكل عام.


سطام عبدالعزيز المقرن 2012-09-13 12:20 AM
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=13496
 
رد: قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

رد: قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

اكثر أمر أثار استغرابي هو .. ظهور عمار على قناة ام بي سي يتحدث عن طلب الوظيفة في السعودية وتوقعت تجاوبا مع هذا الظهور الإعلامي ولكن للأسف وافانا خبر رفض الجامعة له واستقبالهم له في دبي استقبال رائع بــ أمير ووظيفة !!
 
رد: قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

رد: قضية "عمّار بوقس".. الكشف عن مساوئنا الاجتماعية

شكرا لمروركم العطر
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى