قصه عن انعدام الضمير (منقول)

زيـر الـدولـة



خلال الخمسة عشر عاما الماضية عملت في ثلاث دوائر حكومية ؛ وفي كل مرة أرى ظاهرة غريبة قد لا تحدث في غير مجتمعنا المحلي .. فإذا تفحصك الأسماء جيدا (وراجعت أسماء العائلات والألقـاب) ستكتـشف أن هناك ثلاثة أو أربعة أقرباء يعملون سويا في نفس القسم .. ليس هذا فحسب بل تلاحظ ان كثيرا من الموظفين (صغار السن خصوصا) كان لهم والد أو عم (سقطه) مكانه قبل ان يتقاعد أو يتوفاه الله .. وقبل فترة بسيطة دخلت أحد "الأقسام" فلاحظت أن جميع الموظفين يملكون نفس السحنة والملامح الأمر الذي جعلني أفترض ــ للحظة ــ أنهم أبناء المدير!
هذه الظاهرة دليل على احتكار المسؤولين للوظائف وقصرها على الأقارب والأنساب مهما تدنت كفاءاتهم وصغرت شهاداتهم .. وتصرف كهذا ليس خيانة للأمانة فقط ؛ بل واستثناء لأصحاب الكفاءات والمواهب مقابل أفراد لايملكون غير الواسطة ورابطة الدم .. والنتيجة التي نجنيها اليوم هي ترهل مؤسساتنا الحكومية وتحولها بالتدريج الى مؤسسات للإعالة الاجتماعية !
على أي حال لا أعتقد أنكم تجهلون سـبب المشكلة وطريقة الحـل .. ولكن بما أننا لا أستطيع اتـهام مسؤول أو دائرة بعينها سأخبركم بقصة ذات مغزى يمكن من خلالها استنتاج الكـثيـيييييــر :
... فــفي يوم حــار نزل الخليفة الى شاطئ النهر بغرض النزهة . وهناك شاهد الفقراء يأتون لإرتشاف الماء وتعبئة القرب. وحينها سأل ببراءة: ألا يعرفون أن الماء الحار سيئ للصحة ويسبب البحة !!؟ تنحنح الوزير وقال: ومن يملك ثمن الزير !؟ استوعب الخليفة حال القوم وطلب ما يزيح عنه اللوم. وحين لم ينصحه احـد وجدها الوزير فرصة لجني الذهب وتوظيف النسب. فقال : ياسيدي لما لاتشتري لهم زيرا يتقبله الله منك عظيما . أعجبت الفكرة الخليفة فاخرج ثلاثة دنانير وأمر بشراء زير كبير ..
الـوزيــر الكبير احتكر مشروع الزير وطلب من بيت المال توظيف أقاربه لمئله بالمياه.. ثم عاد وطلب اموالا أضافية لتوظيف عمال حراسة يتم اختيارهم عــ"الهوية". ثم فكر بإنشاء مبني يحمي الزير من الشمس ففاز بعـقد البناء وحده. ثم امر بتوظيف محاسبين من أبناء عمومته، ثم كتبة من أبناء خالته، ثم حرفيين من داخل البطانة، ثم مراقبين من أبناء القبيلة.. ثم.. وثم.. وثم ..
وحين تشعـبت المهام وكثرت الاقسام طلب من بيت المال انشاء مباني حديثة تليق بزير الخليفة . وفي المباني الجديدة أعـاد الكرة (وكـاد يستحدث معامل للذرة ) فـوسع أقـسام الحراسة والصيانة والرقـابة ــ بل وانشـأ للزيـر "نـقـابـة"!!
الخليفة الطيب نسي موضوع الزير ولكنه شعر بميزانية الـدولة تتناقص . وحين سأل واستفسر اخبره رجل أمين ان الزير أصبح بقرة حلوب يستغلها كبار الجيوب.. حينها فقط تذكر "الزيـر" فنادى الوزير وطلب تنظيم زيارة بدون علم الادارة . الوزير رحب بهذا الطلب ( ولكنه أخبر شقيقه رجب ) ونهبا سويا ما تبقى في بيت المال لتنظيم الاحتفال . وحين وصل الخليفة ساءته الفضيحة ولكنه كتم غيضه ليعرف نهاية ريعـه. وهكذا طاف بالاقسام : هذا للحراسة ، واخر للنظافة ، وثالث للمحاسبة ، ورابع للكتبة ، وخامس للصيانة، وسادس للعناية .. وسابع .. وثامن .. وتاسع .. حتى داخ الخليفة وصاح من هول الفضيحة : قاتلكم الله أين الزيـر !!؟ نظـر أعضاء النقابة باستغراب وتهامسوا بعتاب : الزيــر؟ .....أين الزيــر!؟.... أي زيــر !؟ .... ذلـك الزيـر!
وبعد البحث والتمحيص وخسارة الغالي والنفيس اكتشفوا ان الزير كـُسر منذ عامين ونسوه بعد يوميـن .. الخليفة استشاط من الغيض وفكر بسجن الجميع ولكنه خاف على مقامه البديع .. ولأنه يؤمن بالستر والوسطية طرد الوزير وعفا عن البقية .. غير أنه رجع الى أعضاء النقابة واخرج ثلاثة دنانير وأمرهم بشراء زير جديد !!!
- ولكن هل انتهت الحكاية عند هذا الحد !؟
وزير (تحت التدريب) صاح من آخر الســيب :
ولكن زيـر اليوم أغلى من زيـر الأمس ياسيدي!
 
رد: قصه عن انعدام الضمير (منقول)

الله يكثر من امثال الخليفة
لانه ليس من العيب الخطأ ولكن الاستمرار في الخطا
فما اجمل ان نصحح اخطأ ونستفيد منها


[align=center]
330-Thanks.gif
[/align]



[align=center]
Bow13.gif
[/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى