ارجوك قف في استراحة الثقة بالنفس

سمو النفس

عضو جديد


أرجوك قف في استراحة الثقة بالنفس


في يوم من الأيام، فقد الشبل الرضيع أهله من الأسود، وظل هائمًا على وجهه، إلى أن مر به قطيع من الغنم، فسار الشبل معها وصاحبها، وأكل الأعشاب كما تأكل، وكان يرعى الكلأ كما ترعى، إلى أن شب وكبر، ونما وترعرع، لكنه لا يزال يمأمئ كما تمأمئ الغنم، ويأكل كما تأكل، ولم يلفت انتباهه تفوقه عليها قوة وشجاعة.


وذات صباح، ذهب ليشرب من النهر، فرأى صورته فتعجب، إنها لا تشبه أباه الكبش، ولا أخاه الحمل، ولا أمه النعجة، فصادف فيلًا وسأله: من أنا؟ قال له: أنت أسد وسليل أسود، حينئذ زأر زئيرًا طارت له قلوب الكباش، تلك التي كان يمأمئ معها قبل قليل، ما الذي حدث لهذا الحيوان؟ وما الذي طرأ عليه و تغير فيه؟ لا شيء سوى أنه اكتشف نفسه، وأبدى قدرته، وكشف الغطاء عن ذاته.


فأنت ـ عزيزي القارئ ـ ذلك الأسد، وأنت سليل أسود هذه الأمة؛ فالثقة بالنفس، ومعرفة نقاط قوتها هي مصدر الطاقة الذي يحرك مراكب الناجحين على طريق التميز، فزوِّد نفسك بالوقود اللازم؛ فطريق النجاح طويل، وكلما كان الوقود كافيًا، كان الوصول إلى القمة أسرع.


معنى الثقة بالنفس.


و نعني بها ما يلي:


1. إيمان الإنسان بقدراته وإمكانياته:


فحينما يثق الإنسان في نفسه، يكون صادقًا في تقدير إمكانياته وقدراته، فهو لا يضخمها؛ فيغتر بنفسه، ولكنه يعترف بما حباه الله من القدرات، وما وهبه من الإمكانيات، ويسعى دائمًا إلى استثمارها وتنميتها وتطويرها.


2. إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته:


فالشخص الواثق من نفسه هو الذي يحدد أهدافه بدقة، ويدافع عنها عند انتقاد الآخرين له، وكذلك هو الشخص الذي ما إن يتخذ القرار، إلا ويشرع في تنفيذه، كما أنه يتحمل المسئولية الكاملة عن أهدافه التي حددها، وقراراته التي اتخذها.


مفتاح الكنز.


لو تصورنا أن الثقة بالنفس كنز، فمفتاحه أن تعرف ما لديك، وأن تؤمن بقدراتك وإمكانياتك التي حباك الله تعالى إياها؛ لتعمل على تحسينها وتضيف إليها، ولذا يقول الدكتور عبد الله السبيعي: (إن وجود الإيجابيات فيك يعني أنك قادر على التغيير والانطلاق للأمام، ومعرفتها سيكون بمثابة المصباح الذي يضيء لك الطريق، عندما تعترضك بعض العقبات، أو يضيق صدرك ويعتريك بعض الضعف البشري الطبيعي).


أول الطريق.


وكما أن معرفة نقاط قوتك هي مفتاح كنز الثقة بالنفس، فإن أول الطريق إلى التحلي بهذه الصفة الهامة هو السعي الدائم إلى إنجاز المهام والأهداف، فالإنجاز يُورِثُ مثله، والنجاح يولِّد النجاح، وكلما كان سجل إنجازات المرء في حياته عظيمًا، كانت ثقته في نفسه شديدة، فكما يقول الدكتور عبد الكريم بكار: (لا شيء كالإنجاز يحقق الذات، ويُورِثُ صاحبه التميز).


حول ما تظنه عيب إلى نجاح باهر:


تمامًا كما فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي صعد يومًا أعلى شجرة، فضحك الصحابة رضوان الله عليهم من دقة ساقيه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد))، فحول ضحكات الصحابة وقودًا للنجاح, حتى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)).
انظر إلى النصف الممتلئ من الكوب :

فلا تدمن النظر إلى نصف الكوب الفارغ، فهناك في نفس الكوب أمام ناظريك نصف ممتلئ، فتعرف على ما حباك الله تعالى به من إمكانات وطاقات، فهي أكثر مما تظن، فإن كنت لا تجيد شيئا بعينه، فإنك تجيد بدلًا منه أشياء.

اجعل بينهما حاجزًا.

ومن الأمور التي تعينك على اكتساب الثقة بالنفس والحفاظ عليها، أن تفصل بينك وبين المشاكل والعقبات، فحدوث تلك المشاكل، أو التعثر في تلك العقبات ليس نهاية المطاف، وليس معبرًا عن ضعف في ذاتك، ولكنه أمر طبعي، طالما تعرض إليها الساعون في ركب الناجحين، ولكن تذكر دائمًا قول رالف والدو إيمرسون أنه (عندما تظلم السماء بالقدر الكافي، ستتمكن من رؤية النجوم).

شتان ما بينهما.

ولكن ديننا دين الوسط والاتزان والاعتدال؛ فلا تظنن أن الثقة بالنفس نوع من الغرور؛ فشتان ما بينهما، فكما يقول الشيخ عائض القرني في كتابه لا تحزن: (الثقة بالنفس فضيلة كبرى، عليها عماد النجاح في الحياة، وشتان بينها وبين الغرور الذي يعد رذيلة، والفرق بينهما أن الغرور اعتماد النفس على الخيال وعلى الكبر الزائف، والثقة بالنفس اعتمادها على مقدرتها على تحمل المسئولية، وعلى تقوية ملكاتها وتحسين استعدادها).

كما أنه لا يعني كون المرء عارفًا بقدر نفسه، شاعرًا بتكريم الله له، أن يكون متكبرًا على غيره، متعاليًا عما سواه، فليس ذلك من خلق المؤمن الذي تربى على قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الكبر بَطَر الحق، وغمط الناس))، وتذكر دائمًا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((من تواضع لله رفعه))، فليست الرفعة إلا في تواضع العبد مع إحساسه بقدرته وقوته.

قصة واثق بنفسه.

وقبل الختام، أذكر لك قصة لرجل ياباني يدعى تاكيو أوساهيرا، والذي خرج من اليابان إلى ألمانيا في بعثة؛ ليدرس علم الميكانيكا والمحركات، وينال درجة الدكتوراة، وهو يريد أن ينقل لبلده من علوم ألمانيا، وأن ينهض بأمته، ويعزز من أحوالها، ولندعه يحكي لنا قصته فيقول: (ذهبت إلى ألمانيا فإذا بهم يدرسونني الكتب والنظريات، ولكني أريد أن أمتلك القدرة على تصنيع المحركات، وأن أعرف كيف أتعامل معها، فمكثت في حيرة أنظر إلى المحركات، وكأنني طفل أمام لعبة جميلة، ولكنها شديدة التعقيد، حتى سمعت عن معرض للمحركات الإيطالية، فأخذت كل ما أملكه من المال، وذهبت إلى ذلك المعرض، واشتريت محركاً مستعملاً، وذهبت به إلى بيتي، ثم شرعت في تفكيكه، وقلت إذا فككته قطعة قطعة، ثم استطعت إعادته؛ فإن ذلك يعني أني سوف أمتلك المعرفة اللازمة للتعامل مع هذه المحركات).

ثم يكمل قائلًا: (وكنت أفتح المحركات وأفككها، ثم أرسم كل قطعة رسماً دقيقاً، وقد يستغرق ذلك مني يوماً كاملاً من أوله إلى آخره، لم يكن لي فيه من الطعام إلا وجبة واحدة، ثم أعدت تركيبه، فلما أعدته وبدأت تشغيله بنجاح، فرحت فرحاً أعظم من كل شيء في حياتي، ثم أخبرت رئيس بعثتي بأني قد بدأت الطريق، فأعطاني محركاً عاطلاً فأصلحته بنجاح، وقال لي: (لا بد الآن أن تصنع لنا محركاً كاملاً من صنع يدك)، فتركت الدراسة وإكمال شهادة الدكتوراة، وذهبت إلى مصنع للصلب، ولبست لبس العمال، وبقيت تحت إمرة واحد منهم، أساعده وأعاونه تسع سنوات، حتى استطعت أن أتقن هذه الصناعة).

ويكمل قصته قائلًا: (ثم سمع بي (ميكادو) إمبراطور اليابان، ورغب في رؤيتي، فقلت في نفسي لن ألقاه حتى أصنع تلك المحركات بنفسي في اليابان، وبعد تسع سنوات كاملة، أخذت عشر محركات، وذهبت بها إلى الإمبراطور، وقلت له هذه محركات يابانية مئة بالمئة).

فانظر إلى ثقة هذا الشاب بذاته، تلك الثقة التي دفعته أن ينقل هذه التكنولوجيا المتقدمة، بل ويطورها من أجل إفادة بلده وأمته، إنها الطاقة المحركة التي لا تهدأ، إنها الثقة بالنفس.

ماذا بعد الكلام؟

1. اصنع لنفسك سجلًّا للمعجزات التي وهبك إياها ربنا سبحانه وتعالى، سجِّل فيه على الأقل عشرة أشياء من القدرات التي وهبك الله إياها، وزد عليها تدريجيًّا، وسجِّل فيه أيضًا خمسة إنجازات حققتها في حياتك.

2. اصنع ملفًّا خاصًّا لأهم نقاط قوتك التي تراها في نفسك أو يراها فيك الآخرون، واسأل من تثق بهم عن أهم نقاط قوتك التي يرونها فيك، وسجِّل على الأقل خمسًا منها في هذا الملف.




مماراق لي​
 
رد: ارجوك قف في استراحة الثقة بالنفس


ورآآآق لي ايضـآ اخي سموالنفس

من أرووع وأثمن مـايمتلك الإنسـان هي " الثقة بالنفس "

دافع قوي للخوض بالحياة وتجاربهـا وتحقيق هدف.. إحسآس جميل ينبع من الأعمـاق

يوحي بالرضـا والسعاده والهدوء...

سلمت يداك ..موضع رااائع احتوى ع الكثير الفوائد والمواضيع المفيده..

كل الشكر والتقدير لك ؛؛
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 2)

عودة
أعلى