رسالة يحتاجها المسلم

الصبر

عضو جديد
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

"إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله .. أما بعد "

فإن ما تقدم معنا من حمد وثناء على الله واستغفاره واستعانته إنما هي خطبة الحاجة والتي علمها نبينا عليه الصلاة والسلام لأصحابه أن يبدؤوا بها في كل أمرٍ يهمهم وقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من حديث اذكر منها :

الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " عَلَّمَنَا النبي صلى الله عليه وسلم خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ثُمَّ تَذْكُرُ حَاجَتَكَ .

وفي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ فَقَالَ لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ قَالَ فَلَقِيَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ قَالَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَقَوْلَ السَّحَرَةِ وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ قَالَ فَقَالَ هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى قَوْمِكَ قَالَ وَعَلَى قَوْمِي قَالَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً فَقَالَ رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ .

كذا في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَخَيْرُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ .

فهذه ثلاث نصوص أثبتت مشروعية خطبة الحاجة ولما كان نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام قد أُوتي جوامع الكلم وبلاغة اللسان ، فإن هذه الخطبة على قلة جملها وقصرها إلا أنها تحمل الكثير من المعاني العظيمة .

ابتدأت هذه الخطبة "بحمد الله" : والحمد هو وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيما وإجلالا فإذا وصف العبد ربه بالكمال فهذا هو الحمد لكن لا بد أن يكون مصحوبا بالمحبة والتعظيم والإجلال لأنه إن لم يكن مصحوبا بذلك سُمي مدحا لا حمدا .. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى " فإن الله سبحانه أخبر أن له الحمد وأنه حميد مجيد وأن له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم ونحو ذلك من أنواع المحامد ، والحمد نوعان : حمد على إحسانه إلى عباده ، وهو من الشكر وحمد لما يستحق هو بنفسه من نعوت كماله ، وهذا الحمد لا يكون إلا على ما هو في نفسه مستحق للحمد ، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال ..." . أما قوله نحمده فهي جملة فعلية مؤكدة لما فبلها من حمد الله .

أما قوله "نستعين" : الاستعانة هي الثقة بالله والاعتماد عليه والعبد محتاج إلى الاستعانة بالله على مصالح دينه ودنياه فهو محتاج إليها في فعل المأمورات وترك المحظورات وفي الصبر على المقدرات ، قال شيخ الإسلام : " تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في (إياك نعبد وإياك نستعين) " ، فعندما نقوم للصلاة نستعين به على أداء الصلاة على الوجه الذي يرضيه عنا ، كذا في إلقاء الخطبة فإننا نستعين به على أدائها .. وفي الحديث ( ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله ) .

أما قوله "نستغفره" : ففي هذا المعنى ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (نستغفره ومعنى نستغفره : نسأله المغفرة ، والمغفرة : هي ستر الذنب مع التجاوز عنه .
هذه المغفرة ، أن يستر الله عن عباده ذنبك وأن يعفو عنك هذا الذنب ، ومعلوم أن الإنسان له ذنوب بينه وبين الله ، ذنوب خفية في القلب ، وذنوب خفية في الجوارح ، لكن لا يعلم بها الناس .
أرأيتم لو أن الله كشفها لكانت محنة ، ولكن بحمد الله - عز وجل - أنه سترها عن العباد ، فأنت تسأل الله أن يغفر لك ، أي : أن يستر عليك الذنوب وأن يتجاوز عنك ، فانتبه لهذا المعنى .
أنت عندما تقول : أستغفر الله . تسأل الله شيئين هما : ستر الذنب ، والثاني : التجاوز عنه بحيث لا يعاقبك الله عليه ، ولهذا إذا كان يوم القيامة فإن الله - تعالى - يخلو بعبده المؤمن ، ويقول : ( فعلت كذا فعلت كذا حتى يقر ، ثم يقول الله - عز وجل - : قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم للهم اغفر لنا )
وقوله " نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا " : والاستعاذة معناها الالتجاء والاستجارة بالله في دفع كل مكروه وقد جاء في هذه الخطبة الاستعاذة من شرور الأنفس وسيئات الأعمال ، وشر النفس يكون من النفس الأمارة بالسوء وقد ذُكِرت بالقرآن الكريم فقال تعالى ( وما أُبرئ نفسي إنَّ النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .
والعمل السيء له أثر سيء فقد قال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) والسيئة تجلب السيئة وتقود الإنسان إلى سيئة أخرى قهرا ، ولهذا قال العلماء رحمهم الله " إنَّ المعاصي بريد الكفر "

وقوله "من يهد الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له" :
فمن هداه الله تعالى الإيمان فبفضله وله الحمد كما قال تعالى ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) وقوله تعالى ( ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين) ، ومن أضله فبعدله قال سبحانه (وما كان ربك بظلام للعبيد) وقال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وقوله ( إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين) .
وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل الله الهداية ففي حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول " اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى "

وقد قال ابن القيم في مدراج السالكين " ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب ونيلها أشرف المواهب علَّم الله عباده كيفية سؤاله وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمدا والثناء عليه وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم فهاتان وسيلتان إلى مطلوب ... التوسل إليه بأسمائه وصفاته والتوسل إليه بعبوديته وهاتان الوسيلتان لا يكادان يُؤد معهما الدعاء .... وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين وهما التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده ، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين فالداعي به حقيق الإجابة ."

بعد ذلك تختم بكلمة التوحيد وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد اله ورسوله .. وقد قال الدكتور محمد القناص " وكلمة التوحيد هي أفضل الذكر وهي كلمة التقوى والإخلاص، ودعوة الحق، وهي براءة من الشرك، ولأجلها خُلق الخلق، وأرسلت الرسل، ، وأُنزلت الكتب، وأعدت دار الثواب ودار العقاب في الآخرة، فمن قالها وعمل بمقتضاها كان من أهل الجنة، ومن ردها وعمل بما يناقضها كان من أهل النار، ومن أجلها شرع الجهاد، من قالها عصم ماله ودمه، وهي مفتاح دعوة الرسل، وهي تمحو الذنوب، وتجدد ما درس من الإيمان في القلب . والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة معناها الإيمان بأنه رسول من الله تجب طاعته واتباعه والاقتداء به وتوقيره ومحبته .."

وقد ذُكِرَ في بعض الصيغ قراءة ثلاث آيات بعد الشهادتين وهي : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )

وفي هذه الآيات الثلاث حث على تقوى الله فهي مفتاح لكل خير وقد وعد عز وجل المتقين أن يجعل لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون ..
وقوله :كاليد الجذُماء أي: المقطوعة والجدم سرعة القطع يعني أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لافائدة بها

وقال الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله : ولعل هذُا هو السبب أوعلى الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من الدروس والمحاضرات التي تلقى على الطلاب ،أنها لا تفتتح بالتشهد المذُكور،مع الحرص النبي صلى الله عليه وسلم البالغ على تعليمه أصحابه اياه ،كما شرحته في الرسالة المشار اليها ،فلعل هذُا الحديث يذُكر الخطباء بتدارك مافاتهم لهده السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذُه السلساة وغيرها ..انتهى كلامه رحمة الله عليه
تم بحمد الله

فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ..



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسأل الله أن يوفقنا لطاعته وأن يبعدنا عن معصتيه نسأل الله الثبات لنا ولكم ولجميع المسلمين. ووفقنا لما يحبه ويرضاه، ورزقنا الاستقامة على شرعه القويم . وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، ورزقنا حبه ورضاه . نسأل الله تعالى الإخلاص في القول والعمل والنوايا.
 
رد: رسالة يحتاجها المسلم

بارك الله فيك اختي الكريمة
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 4)

عودة
أعلى