أسرار فيروس الخنازير!!!

أسرار فيـروس "الخنازير" .. سر ا لقدرة التدميرية في ضرب أنسجة الجهاز التنفسي فيروس إنفلونزا الخنازير الذي هدد العالم وأصابه في م قتل منذ أبريل‏2009‏ وحتي اليوم‏,‏ تعود جذوره إلي نحو‏90‏ عاما مضت‏,‏ وبالتحديد عام‏1918‏ وأوائل عام‏1919,‏ حين شهدت‏1919‏ أكبر كارثة في تاريخ ال إنسانية سميت‏"‏ الهولوكوست الميكروبيولوجي المدمر‏"‏ حيث توفي في غضون أشهر قليلة نحو‏50‏ مليون إنسان أغلبهم في قارتي أوروبا وأمريكا‏,‏ بسبب فيروس‏(H1N1),‏ والذي وصف آنذاك بال إنفلونزا الأسبانية‏,‏ وإن كان بدأ أساسا في معسكرات الجيش الأمريكي بولاية بوسطن‏,‏ لكن الأخيرة أخفت إعلان ظهور هذا الوباء لأسباب استراتيجية عسكرية لأن الحرب العالمية الأولي لم تكن قد وضعت أوزارها بعد‏
فعندما أعلنت إسبانيا عن تفشي وباء ال إنفلونزا بها كان ذلك في حقيقة الأمر في غضون أسابيع من ظهور ال حالات الأمريكية‏,‏ وامتد هذا الوباء الفتاك ليصيب أغلب البلدان الأوروبية وكان أغل بها في الموجة الجائحة الثانية التي حدثت في خريف عام‏1918‏ إلي بداية عام‏1919,‏ وحصد من البشر ما يفوق عدد ضحايا الحرب العالمية الأولي‏!!‏
هذا ال فيروس كان إحدي فصائل مجموعة فيروسات ال إنفلونزا الشهيرة ب المجموعة‏(A)‏ ولكن كيف تسلل هذا ال فيروس من داخل هذه المجموعة ليكتسب قوة قاتلة غير عادية ؟ لقد تحور إلي أقصي درجة ممكنة خلال عدة سنوات دون أن نتنبه عبر فصائل من الطيور المهاجرة والحيوانات البرية واستخدم الخنازير كعائل وسيط للتبادل الجيني مع فصائل إنفلونزا أخري لقدرة الخنازير علي ال إصابة بكل الفصائل ال فيروسية‏.‏
والغريب في الأمر أن الإصابات ب إنفلونزا‏(H1N1)‏ بلغت القطب الشمالي في ظاهرة وبائية قاتلة ـ كان لها أهمية علمية فيما بعد ـ فقد أصيب جميع سكان بلدة في آلاسكا هي‏"‏ بريفج ميشان‏"‏ وذلك في الفترة من‏10‏ ـ‏15‏ نوفمبر‏1918,‏ ففي يوم حزين أرسل رهبان أحد الأديرة الموجودة هناك إشارة استغاثة للقوات الأمريكية القريبة لدفن جميع سكان هذه القرية المنكوبة من رجال ونساء وأطفال في مقبرة جماعية في الأرض الثلجية‏,‏ حيث إن تربة هذه القرية مكونة من الثلج الدائم‏.‏
وتمر السنون‏,‏ وفي صيف عام‏1951‏ بعد أكثر من‏30‏ عاما كانت في زيارة إلي ألاسكا بعثة علمية من جامعة أيوا الأمريكية‏,‏ أحد أعضائها شاب صغير في السن سويدي الأصل يسمي‏"‏ جوهان هالتن‏"‏ كان قد التحق في عام‏1949‏ بالجامعة ليدرس علوم الميكروبولوجي وتشاء المصادفة أن تزور البعثة مقبرة قرية‏"‏ بريفج ميشان‏"‏ القابعة في الثلوج وكان عليها شاهدان يحكيان مأساة‏1918‏ حيث دفن جميع أهل القرية في وباء قاتل‏,‏ وقد تأثر هذا الفتي ال شاب برواية أهل القرية عن هذا اليوم المأساوي‏,‏ وقرر مواصلة دراسته في محاولة لكشف سر قيام هذا ال فيروس ب قتل أكثر من‏50‏ مليون إنسان في فترة لا تتجاوز أربعة شهور‏,‏ وأصبح جوهان بعد التخرج باحثا في علم الباثولوجيا بالجامعة قبل أن يصبح أستاذا لها فيما بعد‏.‏
محاولة البحث عن فيروس إنفلونزا‏1918‏
بعد سنوات عديدة وبالتحديد عام‏1991‏ قرر فريق علمي بقسم ال فيروسات بجامعة واشنطن بالتعاون مع المؤسسة الطبية ال عسكرية وضع بروتوكول علمي ل محاولة البحث عن فيروس إنفلونزا‏1918‏ أو فيروس‏H1N1‏ الذي سبب المأساة البشرية منذ أكثر من‏90‏ عاما وإعادة هذا ال فيروس إلي الحياة ليخضع إلي الوسائل العلمية والتقنية الحديثة التي لم تكن موجودة في الماضي لمعرفة أسراره‏,‏ وكيف حصد الملايين من البشر‏.‏ وكان يرأس ال فريق العلمي الدكتور جفري توبنبرجر الاستاذ بقسم الميكروبيولوجي بجامعة واشنطن‏,‏ والذي يقول‏:‏ لقد وضعنا خطة بحثية علمية دقيقة وشاملة لدراسة خصائص ال فيروس القاتل‏,‏ ولكن أين نجد هذا ال فيروس بعد‏80‏ عاما؟؟
وأضاف‏:‏ لقد قضينا عدة سنوات في البحث والتقصي حتي حصلنا علي عينات محفوظة في الفورمالين من المعامل ال عسكرية الأمريكية‏,‏ وهذه ال عينات أخذت من جثث بعض الجنود واستطعنا بعد جهد جهيد الحصول علي ال فيروس في بعض منها‏,‏ ولكن كان ال فيروس محطما وعبارة عن بقايا أجزاء وشذرات لتأثير الفورمالين عليه‏,‏ وأصبنا بخيبة أمل كبيرة حتي كانت المفاجأة الكبري وهو الحصول علي ال فيروسات كاملة من عينات عن طريق العالم جوهان هالتن‏..‏فكيف حدث ذلك؟
لقد تذكر الدكتور جوهان زيارته لبلدة بريفج ميشان في ألاسكا منذ‏40‏ عاما مضت عندما كان لا يزال طالبا وتذكر مقبرة الثلوج‏,‏ وفكر في أن حفظ جثث الموتي في الثلج الدائم ربما تبقي علي ال فيروسات طوال هذه السنين الطويلة‏,‏ وعاد جوهان بمفرده هذه المرة إلي آلاسكا‏,‏ وكان يناهز من العمر‏71‏ عاما‏..‏وحصل علي إذن من المجلس المحلي لقرية بريفج ميشان وتم فتح المقبرة القابعة في الثلوج واختار جثة كاملة لسيدة بدينة للحصول علي أجزاء من الرئة ربما يكون ال فيروس مازال كامنا فيها‏,‏ وأكد أن دهون الجسم مع البرودة المستمرة حافظت علي أنسجة الرئة‏....‏وعاد بال عينات إلي زملائه‏.‏
إعادة الحياة إلي القاتل ال كبير
ولأول مرة في تاريخ البشرية في عام‏1997‏ وب طريقة غير مسبوقة يتم عزل ميكروب ويعاد إلي المعامل الحديثة بعدما يقارب من‏80‏ عاما ليتم فصل هذا ال فيروس‏"‏ فيروس إنفلونزا‏1918‏ أو فيروس‏H1N1"‏ ليخضع لجميع ال أبحاث ال فيروسية للتعرف علي أسرار ا لشراسة التي حملها وتدميره القاتل لأنسجة الرئة في فترة وجيزة‏,‏ وكشف ال أسرار عن تفاصيل تركيبه الجيني واختلافه عن الفصائل الأخري‏....‏
وقضي ال فريق العلمي برئاسة الدكتور جفري توبنبرجر عدة سنوات في أبحاث مضنية استخدموا فيها كل الطرق ال تكنولوجية الحديثة في الهندسة الوراثية والجينية والبيولوجية واستخدموا مزارع باثولوجية وأجروا العديد من حيوانات التجارب الم عملية‏,‏ وتم أيضا تركيب فيروسات تخليقية تحمل أجزاء جينية منفصلة من ال فيروس القاتل لدراسة كل علي حدة‏,‏ ليتم كشف جميع أسرار فيروس‏H1N1,‏ ونشر ال فريق العلمي نتائج جميع أبحاثه في مقالات علمية بال دوريات العالمية‏.‏
التركيب ال فيروسي ل فيروس ال إنفلونزا
ويقول الدكتور أحمد عبد اللطيف أبو مدين أستاذ ورئيس قسم الأمراض المتوطنة الأسبق بكلية طب قصر العيني و نائب رئيس الجمعية الطبية المصرية للحميات إن جميع فيروسات فصائل المجموعة‏(A)‏ تشترك في الصفات التركيبية وأهمها‏:‏ وجود بروتين‏(H)‏ ويسمي‏"‏ هيموأجليوتينين‏"‏ علي السطح الخارجي لل فيروس كجزء من الغلاف المحيط به وهو المسئول عن اتحاد ال فيروس مع مستقبلات خاصة علي سطح الخلايا المكونة لنسيج الجهاز التنفسي‏,‏ ليتم بعد ذلك اختراق ال فيروس لهذه الخلايا‏,‏ وي حدث ذلك في الثدييات التي تصاب بال إنفلونزا وتشمل ال إنسان والخنازير وبعض الحيوانات البرية‏,‏ لكن تبين أن الهيموأجليوتينين الموجود في بعض فصائل ال فيروسات الأخري مثل إنفلونزا الطيور له مستقبلات خاصة بها علي الخلايا الطلائية للأمعاء في الطيور وفي الجهاز التنفسي للخنازير أيضا‏.‏
أما البروتين‏(N)‏ ويسمي‏"‏ نيورأمينيداز‏"‏ وهو موجود أيضا علي السطح الخارجي لل فيروس كجزء من الغلاف المحيط به ويقوم ب دور مهم بعد اختراق ال فيروس للخلية المصابة و بعد حدوث استنساخ لآلاف ال فيروسات داخل الخلية‏,‏ فهو يحرر هذه ال فيروسات ويساعدها علي الخروج من الخلايا لتـنطلق وتصيب آلاف الخلايا الأخري‏..‏
لماذا يقوم فيروس الانفلونزا دائما بتغيير أنماطه؟
السبب الذي يدعو فيروس ال إنفلونزا دائما إلي التغيير دوريا إلي أنماط جديدة حتي داخل المصاب نفسه هو أنه عند ال إصابة لأول مرة بنوع معين من ال فيروس تتكون لدي المصاب أجسام مضادة لبروتين الهيموأجليوتينين‏,‏ وهذه الأجسام المضادة تقوم ب دورها بإعاقة استخدام الهيموأجليوتينين لهذه ال مستقبلات‏,‏ وب هذا يصبح ال فيروس غير قادر علي اختراق الخلايا وإعادة العدوي بنفس النمط السابق‏,‏ لذا يقوم ال فيروس بتغيير صفاته الانتجينية ليتحاشي إعاقة الأجسام المضادة له من خلال إعادة تنسيق مكوناته الانتجينية بإنتاج فيروسات جديدة داخل الخلية المصابة نفسها أو من خلال تبادل المكونات الانتيجينية مع الفصائل الأخري التي تزخر بها عائلة ال إنفلونزا‏,‏ ويتم ذلك أيضا من خلال الانتقال داخل أنواع الثدييات و الطيور‏,‏ ويقبع علي رأس القائمة الخنازير و الطيور المهاجرة‏.‏
ا لقدرة التدميرية ل فيروس‏H1N1‏
أثبتت الدراسات التجريبية التي قام بها ال فريق العلمي برئاسة الدكتور جفري توبنبرجر علي فيروس‏H1N1‏ القاتل أن له عدة أساليب قاتلة أثناء ال إصابة‏,‏ منها قدرته الضارية علي التدمير السريع والشامل لأنسجة الجهاز التنفسي خاصة الحويصلات الهوائية‏,‏ فعند ال إصابة به يقوم ال فيروس باستنساخ أعداد مهولة وشرسة لينتشر بسرعة خارقة من خلية إلي أخري دون أن يكبح جماحه شيء‏,‏ ودلت التجارب باستخدام هندسة ال فيروسات والتي أجريت علي جينات فيروس‏1918‏ أنها سببت كارثة مروعة مكونة من قدرة فائقة علي التكاثر من خلال استـنساخ رهيب وعنيف‏,‏ حيث تبين أن من خصائص بروتين هذا ال فيروس‏(N)‏ والذي يسمي‏"‏ نيورأمينيداز‏"‏ أنه يبدأ بمقاومة عنيفة لمنع تحفيز النوع الأول من الإنترفيرون الخاص بالمصاب من خلال إعاقة نظامه التحذيري المبدئي للجهاز المناعي‏,‏ وهذه الإعاقة تحبط ب دورها الاستجابة المناعية ضد العدوي ال فيروسية‏,‏ ولذلك ترتع ال فيروسات داخل الخلايا دون رادع أو رابط‏.‏
أما الأسلوب التدميري الآخر الذي ثبت بإعادة ال أبحاث واستخدام حيوانات التجارب الم عملية ومناظرتها ب عينات الرئة ال محفوظة لضحايا الوباء‏,‏ فقد وجد أن فيروس‏H1N1‏ يسبب حدوث تدمير رئوي فادح وشامل وسببه بصمات البروتين‏(N)‏ الذي يسبب نشاطا التهابيا متعاظما مكونا من أعداد هائلة من خلايا الجهاز المناعي‏,‏ و يؤدي هذا الوجود المكثف لهذه الخلايا المناعية داخل ا لأنسجة إلي تدميرها خاصة الحويصلات الهوائية‏,‏ وهذه الخلايا المتجمعة هي الخلايا الأكولة ال كبيرة وخلايا تي الليمفاوية‏,‏ بالإضافة إلي عدد كبير من الجينات التي لها علاقة بتخريب ا لأنسجة والتدمير التأكسدي مع تفاقم عمليات الموت الخلوي المبرمج أو ما يسمي الانتحار الخلوي‏,‏ كل ذلك ينتهي بتدمير شامل وسريع لأنسجة الرئة وتسمي هذه الظاهرة‏(‏ زوبعة السيتوكاين أو زوبعة المحركات الخلوية‏)‏ التي تنتج من تحويل الاستجابة المناعية لحماية الجسم إلي أسلوب تدميري‏.‏
كيف حدث التفاعل المناعي القاتل ل فيروس‏H1N1‏
وأضاف الدكتور أحمد أبومدين قائلا‏:‏ تعتبر زوبعة المحركات الخلوية إكلينيكيا أحد أساليب التفاعل المناعي القاتل الذي يؤدي ب دوره إلي حدوث الأعراض العنيفة للمرض خلال فترة وجيزة من ال إصابة‏,‏ وهي الحمي العالية المستمرة والفشل التنفسي السريع‏,‏ وميكانيكية حدوث هذا التفاعل المناعي القاتل هي أن هجوم ال فيروس يؤدي عادة إلي إرسال إشارات استغاثة من الخلايا المصابة إلي الخلايا التائية الليمفاوية و الخلايا الأكولة ال كبيرة التي تسارع إلي الذهاب لمكان ال إصابة في الرئتين‏,‏ ولكن ي حدث وجود لهذه الخلايا المناعية بأعداد هائلة تزاحم الخلايا الطبيعية بل تعوقها عن أداء وظائفها‏
وتبدأ هذه الخلايا المناعية في إنتاج المحركات الخلوية أو‏"‏ السيتوكاين‏"‏ بكميات كبيرة تفوق حد استيعاب ا لأنسجة‏.‏ وتبين أنه في حالة ال إصابة ب فيروس إنفلونزا‏1918‏ أو فيروس‏H1N1‏ القاتل فإن هذا الاندفاع المناعي الهائل لم يكن له ضابط مع عدم ا لقدرة علي السيطرة علي هذه القوات المتزاحمة في مكان واحد دون فا علية‏,‏ مما يؤدي إلي امتلاء الرئتين والحويصلات الهوائية بالسوائل و الخلايا الالتهابية‏,‏ و هذا ب دوره يؤدي إلي الفشل التنفسي‏.‏
ومن الملاحظ أن هذا التفاعل المناعي الجائر علي وظائف الرئتين يوقف تبادل الغازات داخلهما مما يؤدي إلي الاختناق‏,‏ ومن المعروف أن هذا التفاعل المناعي القاتل ينتج دائما عند تعرض الجسم ل هجوم ميكروبي ل فيروس جديد ليس لجهاز المناعة سابق معرفة به‏,‏ خاصة إذا كان هذا ال فيروس عالي ا لشراسة‏,‏ مما يدفع جهاز المناعة إلي القيام بوجود مكثف مكان ال إصابة‏,‏ مما يؤدي إلي نتائج عكسية تماما علي حياة المريض‏.‏
وهناك دور آخر خطير تلعبه مادة تسمي‏"‏ الانترلوكين‏10"‏ وهي أحد السيتوكاين‏,‏ ففي دراسة ال فريق العلمي لخصائص فيروس‏H1N1‏ وجد سبب آخر يساهم في حدوث التفاعل المناعي الجائر وهو إرسال إشارات مفاجئة قادمة من مادة‏"‏ الانترلوكين‏10"‏ والتي تمنع تحول الاستجابة المناعية من وضع الالتهاب إلي وضع الشفاء‏,‏ ولذلك فإن إشارات هذه المادة تسهم في استمرار الحالة الالتهابية وتفاقمها لدرجة تهدد حياة المصاب‏.‏
صفات قتل مشتركة
يشترك فيروس ال إنفلونزا الاسباني‏1918‏ مع فيروس إنفلونزا الخنازير‏2009‏ في قتل المصابين عن طريق حدوث زوبعة المحركات الخلوية‏,‏ ولكن من الملاحظ أن هذه الظاهرة لا تكاد تكون سائدة ال حدوث مع فيروس‏2009,‏ وتبلغ نسبتها أربعة في الألف ونتائجها يمكن السيطرة عليها عن طريق الجهاز المناعي للمصاب الذي يوقف تفاقمها في أغلب ال حالات‏.‏ ولكن الأكثر شيوعا هو حدوث متلازمة الفشل الرئوي الحاد التي تعتبر جزءا من انهيار الأعضاء الحيوية للجسم‏,‏ ولذلك فان علاج حالات ال إصابة ب فيروس‏H1N1‏ يجب ألا يعتمد فقط علي مضادات ال فيروسات‏,‏ حيث إنها لن تؤدي إلي حصر الحالة المرضية المتفاقمة نتيجة الاضطرابات المناعية الخطيرة‏.‏
ال دور الخطير للمضادات ال فيروسية
من خلال أبحاث تقييم علاج الإصابات ب فيروس‏H1N1‏ بالمضادات ال فيروسية‏,‏ مثل العقار الوحيد المعروف والمضاد للنيورأمينيداز‏,‏ فقد تبين أن هذا العقار يقوم ب دور مهم في منع انطلاق آلاف ال فيروسات من الخلايا المصابة‏,‏ باعاقة عمل بروتين النيورأمينيداز‏,‏ وهو الذي يستقطع ال فيروسات الناشئة المتكونة داخل الخلايا المصابة لتنطلق وتصيب خلايا أخري‏,‏ ولكن منع خروج ال فيروسات من الخلايا المصابة أحيانا يأتي بنتائج عكسية تماما‏,‏ كما يؤكد الدكتور أبومدين‏,‏ حيث إن منع ال فيروسات المستنسخة من الخروج وحجزها داخل الخلايا المصابة يسبب انفجار هذه الخلايا في ظاهرة باثولوجية خطيرة تؤدي إلي تحلل أنسجة الرئة تباعا وانهيارها وتلك الظاهرة مع تجمع السوائل الالتهابية وبقايا الخلايا المدمرة تؤدي إلي تسارع الفشل الرئوي والوفاة حتما‏.‏
الفرق بين انفلونزا ‏1918‏ و‏2009‏
لقد تبين بعد التحليل الاحصائي وتقييم الآلاف من حالات ال إصابة بال إنفلونزا المكسيكية‏H1N1(2009)‏ والمسماة إنفلونزا الخنازير ومقارنتها بمثيلتها ال إنفلونزا الإسبانية‏H1N1(1918)‏ هناك اختلاف واضح لشراسة فيروس‏1918,‏ حيث إن أعراض غالبية حالات ال إصابة ب فيروس‏2009‏ المسبب لأنفلونزا الخنازير تت شابه حتي الآن و إلي حد كبير مع ال إنفلونزا الموسمية التي تصيب البشر دوريا وهو دور ال إنفلونزا العادية‏,‏ ولكن بصورة أكثر وبائية‏,‏ فهي أكثر انتشارا ومن الملاحظ أنها تصيب جميع الأعمار‏,‏ مما يعني أن هذا التكوين ال فيروسي جديد وانتشاره الوبائي يعود إلي عدم سابق هجوم علي البشر فلم يتعرف عليه بعد الجهاز المناعي للمصاب‏
ولم يكتسب بعد ا لشراسة القاتلة التي كان يحملها فيروس‏1918‏ وبمقارنة حالات الوفيات في كل من ال فيروسين وجد أن نسبة الوفاة في إصابات فيروس‏1918‏ كانت تتجاوز‏70%‏ وقد بلغت حالات الوفيات أكثر من‏50‏ مليونا من البشر في خلال فترة وجيزة‏,‏ بينما في حالة فيروس‏2009‏ فإنها لم تتعد‏12‏ في الألف حتي الآن‏,‏ وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في آخر حصيلة نشرتها الجمعة الماضي أن فيروس‏H1N1‏ أصاب علي الأقل‏378‏ ألفا و‏223‏ شخصا في العالم وتسبب في وفاة‏4525‏ شخصا في‏191‏ بلدا ومنطقة في العالم‏,‏ وذلك منذ ظهوره في مارس‏2009,‏ بنسبة قدرها‏1.1%.‏
مقارنة بين فيروس إنفلونزا الخنازير و الطيور
وطبقا لما ذكره الدكتور أبومدين وجد أن ال فيروس‏H1N1‏ المعروف ب إنفلونزا الخنازير لا يصيب إلا الخلايا غير الهدبية التي تحمل ال مستقبلات الخاصة ل هذا ال فيروس والمسماة ألفا‏2-6‏ المرتبطة بحامض السيالك‏)‏ وهذه الخلايا منتشرة في النسيج الطلائي للجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والقصبة الهوائية و داخل الرئة أيضا‏,‏ وهناك دراسة أثبتت أن فيروس إنفلونزا الخنازير‏2009‏ قد اكتسب إحدي الصفات التي يحملها فيروس إنفلونزا الطيور وهو إصابة الخلايا العميقة داخل الرئة إذا أتيحت له فرصة التغلغل الباثولوجي‏
أما ال فيروس‏H5N1‏ المعروف ب فيروس إنفلونزا الطيور فهو لا يصيب إلا الخلايا التي تحمل مستقبلات أخري مختلفة خاصة به وهي‏(‏ ألفا‏2-3‏ المرتبطة بحامض السيالك‏)‏ وهذه ال مستقبلات لا توجد في ال إنسان إلا في أعماق الرئة وعددها قليل جدا حيث توجد الخلايا الهدبية‏,‏ ولكن هذه ال مستقبلات توجد أيضا في أمعاء الطيور بكثرة‏,‏ فقد بينت إحدي الدراسات أن عدد ال فيروسات الموجودة في فضلات الطيور تصل أحيانا إلي مائة مليون فيروس في الجرام الواحد‏.‏
وقد تبين أن كلا من النوعين من ال مستقبلات موجود في رئة الخنزير الذي يصاب ل هذا السبب ب ال فيروسات‏H5N1‏ و أيضا‏H1N1,‏ وعدم وجود ال مستقبلات الخاصة ب إنفلونزا الطيور في ال إنسان إلا في أعماق الرئة هو سبب عدم انتقال فيروس إنفلونزا الطيور‏H5N1))‏ من ال إنسان المصاب مع الرذاذ إلي المخالطين‏,‏ عكس ما ي حدث في ال إصابة ب إنفلونزا الخنازير‏,‏ فان مستقبلات ال فيروس‏H1N1‏ موجودة في الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والقصبة الهوائية فيصبح الرذاذ والإفرازات الأنفية حاملة لل فيروس لتنتقل إنفلونزا الخنازير بين الناس والمخالطين بسهولة‏.‏
وأخيرا يبقي التساؤل‏..‏ هل فيروس‏H1N1‏ أو سلالة أنفلونزا الخنازير قد تسربت إلي العالم بفعل فاعل؟ أم ما حدث هو التطور الطبيعي ل فيروسات الأنفلونزا؟ أم هي الطفرة التي كانت تترق بها الصحة العالمية كل عقدين أو ثلاثة و ربما تسعة عقود من الزمن؟
‏.‏تساؤلات سنجد الإجابة عنها حتما ولو بعد حين‏.‏



اضغط هنا للمزيد...
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى