صعوبات التعلم تعيق مستقبل الطفل

صعوبات التعلم تعيق مستقبل الطفل
صعوبات التعلم تعيق مستقبل الطفل



منال العابدي:

يواجه بعض الأطفال عدة صعوبات في التعلم وجود مشكلة في التحصيل الأكاديمي ‏‏"الدراسي" في مواد القراءة / أو الكتابة / أو الحساب، وغالبًا ما يسبق ذلك مؤشرات، ‏مثل عدم تمكنه من تعلم اللغة الشفاهية "المحكية"، فيظهر الطفل تأخرًا في اكتساب ‏اللغة، مرده إلى مشاكل نطقية يعاني منها، وينتج ذلك عن صعوبات في التعامل مع ‏الرموز.

حيث أن اللغة هي مجموعة من الرموز "أصوات كلامية وبعد ذلك الحروف ‏الهجائية" المتفق عليها بين متحدثي هذه اللغة والتي يستخدمها المتحدث أو الكاتب لنقل ‏رسالة "معلومة أو شعور أو حاجة" إلى المستقبل، فيحلل هذا المستقبل هذه الرموز، ‏ويفهم المراد مما سمعه أو قرأه.

فإذا حدث خلل أو صعوبة في فهم الرسالة دون وجود ‏سبب لذلك "مثل مشاكل سمعية أو انخفاض في القدرات الذهنية"، فإن ذلك يتم إرجاعه ‏إلى صعوبة تعلم هذه الرموز، وهو ما نطلق عليه صعوبات التعلم. ‏

إذن الشرط الأساسي لتشخيص صعوبة التعلم هو وجود تأخر ملاحظ، مثل الحصول ‏على معدل أقل عن المعدل الطبيعي المتوقع مقارنة بمن هم في سن الطفل، وعدم وجود ‏سبب عضوي أو ذهني لهذا التأخر "فذوي صعوبات التعلم تكون قدراتهم الذهنية ‏طبيعية".

وطالما أن الطفل/ الطفلة لا يوجد لديه مشاكل في القراءة والكتابة، فقد يكون ‏السبب أنه بحاجة إلى تدريب أكثر حتى تصبح قدرته أفضل، وربما يعود ذلك إلى ‏مشكلة مدرسية، وربما "وهذا ما أميل إليه" يكون هذا جزء من الفروق الفردية في ‏القدرات الشخصية، فقد يكون الشخص أفضل في الرياضيات منه في القراءة أو العكس. ‏

ويعتقد أن ذلك يرجع إلى صعوبات في عمليات الإدراك نتيجة خلل بسيط في أداء ‏الدماغ لوظيفته، أي أن الصعوبات في التعلم لا تعود إلى إعاقة في القدرة السمعية أو ‏البصرية أو الحركية أو الذهنية أو الانفعالية لدى الفرد الذي لديه صعوبة في التعلم، ‏ولكنها تظهر في صعوبة أداء هذه الوظائف كما هو متوقع. ‏

ورغم أن ذوي الإعاقات السابق ذكرها يظهرون صعوبات في التعلم، ولكننا هنا نتحدث ‏عن صعوبات التعلم المنفردة أو الجماعية، وهي الأغلب التي يعاني منها الطفل.‏

وتشخيص صعوبات التعلم قد لا يظهر إلا بعد دخول الطفل المدرسة، وإظهار الطفل ‏تحصيلاً متأخرًا عن متوسط ما هو متوقع من أقرانه ـ ممن هم في نفس العمر ‏والظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية ـ حيث يظهر الطفل تأخرًا ملحوظًا في ‏المهارات الدراسية من قراءة أو كتابة أو حساب. ‏

وتأخر الطفل في هذه المهارات هو أساس صعوبات التعلم، وما يظهر بعد ذلك لدى ‏الطفل من صعوبات في المواد الدراسية الأخرى يكون عائدًا إلى أن الطفل ليست لديه ‏قدرة على قراءة أو كتابة نصوص المواد الأخرى، وليس إلى عدم قدرته على فهم أو ‏استيعاب معلومات تلك المواد تحديدًا. ‏

ويرى العديد من علماء نفس الطفل أن صعوبات التعلم هي علم جديد، يعتبر من أنواع ‏الإعاقة الخفية - المستترة، قد يجهل الكثيرون وجوده، مع العلم أنه موجود بشكل كبير ‏في المجتمع، ويجب على الوالدين معرفة كيفية التعامل مع أطفالهم إذا كانوا يعانون من ‏هذه الصعوبات واستشارة تربويين واختصاصيين خصوصا وأن الطفل الذي يعاني من ‏هذه الصعوبات يحتاج إلى معاملة من نوع خاص.‏

وإدراك الوالدين للصعوبات أو المشكلات التي تواجه الطفل منذ ولادته هام جدا حيث ‏يمكن علاجها والتقليل من الآثار السلبية الناتجة عنها‏.‏

ورغم أن هذه المشكلة تزعج الأهل أو المعلمين في المدرسة العادية، فإن التعامل معها ‏بأسلوب العقاب قد يفاقم المشكلة، لأن إرغام الطفل على أداء شيء لا يستطيع عمله ‏يضع عليه عبئًا سيحاول بأي شكل التخلص منه، وهذا ما يؤدي ببعض الأطفال الذين لا ‏يتم اكتشافهم أو تشخيصهم بشكل صحيح للهروب من المدرسة "وهذا ما يحدث غالبًا مع ‏ذوي صعوبات التعلم أيضًا إذا لم يتم تشخيصهم في الوقت المناسب". ‏

ويصنّف الدكتور عبد الله محمد الصبي، أخصائي طب الأطفال ذوي الاحتياجات ‏الخاصة إلى نوعين:
الأولى: صعوبات التعلم النمائية ‏Devel-pmental Learning ‎Disabilities، وهي الصعوبات التي تتعلق بالوظائف الدماغية، وبالعمليات العقلية ‏والمعرفية التي يحتاجها الطفل في تحصيله الأكاديمي، وقد يكون السبب في حدوثها ‏اضطرابات وظيفية تخص الجهاز العصبي المركزي، ويقصد بها تلك الصعوبات التي ‏تتناول العمليات ما قبل الأكاديمية، التي تتمثل في العمليات المعرفية المتعلقة بالانتباه ‏والإدراك والذاكرة والتفكير واللغة، والتي يعتمد عليها التحصيل الأكاديمي، وتشكل أهم ‏الأسس التي يقوم عليها النشاط العقلي المعرفي للفرد.

والصنف الثاني هو صعوبات التعلم الأكاديمية : ‏Academic Learning ‎Disabilities، ويقصد بها صعوبات الأداء المدرسي المعرفي الأكاديمي، والتي تتمثل ‏في القراءة والكتابة والتهجئة والتعبير الكتابي والحساب، وترتبط هذه الصعوبات إلى حد ‏كبير بصعوبات التعلم النمائية.‏

عقبة في طريق النجاح
يقول د‏.‏ بطرس حافظ بطرس مدرس برياض الأطفال في جامعة القاهرة ‏إن مجال ‏صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبيا في ميدان التربية الخاصة‏، حيث يتعرض ‏الأطفال لأنواع مختلفة من الصعوبات تقف عقبة في طريق تقدمهم العلمي مؤدية الى ‏الفشل التعليمي أو التسرب من المدرسة في المراحل التعليمية المختلفة اذا لم يتم ‏مواجهتها والتغلب عليها‏.

والأطفال ذوو صعوبات التعلم أصبحت لهم برامج تربوية ‏خاصة بهم تساعدهم على مواجهة مشكلاتهم التعليمية والتي تختلف في طبيعتها عن ‏مشكلات غيرهم من الأطفال‏.

وقد حددت الدراسة التي قام بها د‏.‏ بطرس حافظ مظاهر صعوبات التعلم لطفل ما قبل ‏المدرسة في عدة نقاط‏:‏
‏ من حيث الادراك الحسي‏:‏ فإنه مثلا قد لا يستطيع التمييز بين أصوات الكلمات مثل‏[‏ ‏اشجار ــ اشجان‏، سيف ــ صيف، ولا يركز أثناء القراءة‏، مشكلة اكمال الصور ‏والاشكال الناقصة والعاب الفك والتركيب‏، قد لا يستطيع تصنيف الأشكال وفقا للون أو ‏الحجم أو الشكل أو الملمس‏، قد لا يستطيع التركيز علي ما يقال له أثناء تشغيل المذياع ‏أو التليفزيون وقد يكون غير قادر على التركيز على ما يقوله المعلم بالفصل‏.

‏ من حيث القدرة على التذكر‏، يأخذ فترة أطول من غيره في حفظ المعلومات وتعلمها ‏كحفظ الألوان وأيام الاسبوع‏:‏ فلا يستطيع تقديم معلومات عن نفسه أو أسرته‏، و‏قد ينسى ‏أدواته وكتبه أو ينسى أن يكمل واجباته، و قد يقرأ قصة ومع نهايتها يكون قد نسي ما ‏قرأه في البداية‏.‏

كما تظهر صعوبات التعلم من حيث التنظيم‏، تظهر غرفة نومه في فوضى ولا يسعى ‏لترتيبها، عندما يعطى تعليمات معينة لا يعرف من أين وكيف يبدأ‏.‏ وقد يصعب عليه ‏تعلم وفهم اليمين واليسار‏، فوق وتحت وقبل وبعد‏، الأول والآخر‏، الأمس واليوم‏.‏ ‏

إضافة إلى عدم ادراكه مدى مساحة المنضدة وحدودها فيضع الأشياء على الطرف مما ‏يسبب وقوعها كذلك اصطدامه بالاشياء واثناء الحركة‏.‏ وقد يكون أكثر حركة أو أقل ‏حركة من غيره من الأطفال أما من حيث اللغة فقد يكون بطيئا في تعلم الكلام أو النطق ‏بطريقة غير صحيحة‏ ‏ "ابدال حروف الكلمة".

وقد يكون متقلب المزاج ورد فعله عنيفا ‏غير متوافق مع الموقف فمثلا يصيح بشكل مفاجئ وعنيف عندما يصاب بالاحباط‏.‏ وقد ‏يقوم بكتابة واجباته بسرعة ولكن بشكل غير صحيح أو يكتبها ببطء دون إكمالها‏.‏

أما بخصوص أعراض ضعف التركيز فتظهر مصاحبة مع فرط النشاط أو الخمول ‏الزائد، وتؤثر مشكلة ضعف التركيز بشكل واضح على التعلم، حتى وإن كانت منفردة، ‏وذلك للصعوبة الكبيرة التي يجدها الطفل في الاستفادة من المعلومات، بسبب عدم قدرته ‏على التركيز على الفترة المناسبة لاكتساب المعلومات. ويتم التعامل مع هذه المشكلة ‏بعمل برنامج تعديل سلوك. ‏

مشكلة ثقة
أشارت دراسة أعدتها الدكتورة معصومة أحمد ابراهيم أستاذة علم النفس الى أن ‏اضطراب الانتباه يظهر عادة عقب الولادة وتتحدد ‏ملامحه بصورة أوضح عند التحاق ‏الطفل بالمدرسة التي تحتاج الى نظام وتركيز ‏واستقرار فتظهر الأعراض المصاحبة ‏لهذا الاضطراب في الجوانب السلوكية والانفعالية.‏

‏ وأوضحت الدراسة المنشورة في مجلة "دراسات عربية" في علم النفس الصادرة في ‏‏جمهورية مصر العربية أن أعراض مشكلة قصور الانتباه تتمثل في عدم قدرة الطفل ‏على ‏التركيز في المنبهات المختلفة لفترة طويلة بسبب صعوبة متابعته للتعليمات أثناء ‏‏‏أداء الأعمال التي يكلف بها.‏

‏ وأكدت الدكتورة معصومة ابراهيم في دراستها أن الأطفال الذين يعانون من هذه ‏‏المشكلة يتسمون بالضعف في القدرة على التفكير مما يؤدي الى زيادة أخطائهم علاوة ‏‏على اندفاعهم وحركتهم المفرطة بصورة عشوائية دون سبب أو هدف واضح ما يسبب ‏صعوبات ‏في التعلم والتأخر الدراسي.‏

‏ وربطت بين قصور الانتباه وصفة الاكتئاب كسمة شخصية ‏لدى بعض الأطفال والتي ‏أوضحت أيضا ميل الذكور الى الكآبة أكثر من الاناث حيث ‏حصلوا على درجات ‏مرتفعة في متغيرات التشاؤم وضعف التركيز وعدم الشعور بالثقة ‏وشعورهم بالوحدة ‏وانخفاض تقدير الذات وهي المتغيرات المستخدمة في الاستبيان الخاص ‏بالعينة محل ‏الدراسة.‏ ‏

‏ فالطفل الذكر على حد تعبير الباحثة يكون في العادة أكثر حساسية وقابلية للتأثر ‏‏بالضغط الاجتماعي بسبب وجود فجوة بين ما يتوقعه الوالدان من الطفل وبين ما ‏يستطيع ‏أن يؤديه بالفعل مما يؤدي ذلك إلى شعوره بعدم الثقة في ذاته وقدرته. ‏

التشتت الذهني
يؤكد د‏.‏ بطرس حافظ بطرس أن صعوبات التعلم تعد من الإعاقة التي تؤثر في ‏مجالات الحياة المختلفة وتلازم الإنسان مدى الحياة وعدم القدرة على تكوين صداقات ‏وحياة اجتماعية ناجحة وهذا ما يجب أن يدركه الوالدان والمعلم والاخصائي وجميع من ‏يتعامل مع الطفل.

فمعلم الطفل عليه أن يعرف نقاط الضعف والقوة لديه من أجل اعداد ‏برنامج تعليمي خاص به الى جانب ذلك على الوالدين التعرف على القدرات ‏والصعوبات التعليمية لدى طفلهما ليعرفا أنواع الأنشطة التي تقوي لديه جوانب الضعف ‏وتدعم القوة وبالتالي تعزز نمو الطفل وتقلل من الضغط وحالات الفشل التي قد يقع ‏فيها‏.‏

ويعد التشتت الذهني من أبرز الأسباب المؤدية إلى صعوبات التعلم، ويرى بعض ‏الأطباء ان التشتت الذهني مرض يصيب الأطفال، وان وراء هذا المرض مشاكل نفسية ‏واجتماعية، فيما يرى آخرون ان سببه تناول أنواع معينة من الأغذية.‏

وتشير البحوث الطبية والنفسية ان الطفل يمكن ان يعد مريضاً بالتشتت الذهني عندما ‏تظهر عليه علامات سوء السلوك وارتباك التصرف في مواقف عدة مختلفة وعلى ‏امتداد بضعة أشهر. ‏

ويعاني الطفل الذي يصاب بالتشتت الذهني من صعوبات في التعلم ليس بسبب عجزه أو ‏ضعف ذكائه، بل لعدم قدرته على التركيز على الدروس، واذا ما استطاع ان يركز ‏أطول مدة ممكنه في الصف "الفصل الدراسي" فإنه يشكو احياناً من القلق والصداع ‏والشعور المستمر بالعطش ، ومن المحتمل انه يعاني من الاصابة بالرشح الموسمي ‏بشكل أكثر من أقرانه أو يكون مهيأ للاصابة بالربو.

ومن الأعراض التي تبدو واضحة ‏على هؤلاء الأطفال ممن يصابون بالتشتت الذهني انهم قليلو النوم وقد يضطرب اكلهم ‏ويصابون بتقيؤ او اجترار الطعام.‏

وبالنسبة إلى حل مشكلات هذه الصعوبات، ففيما يتعلق بالقدرة على التذكر‏، يجب على ‏الوالدين أن ‏يتأكدا من أن أجهزة السمع لدى طفلهما تعمل بشكل جيد‏، وعليهما أن ‏يدعاه ‏يلعب ألعابا تحتاج الى تركيز وبها عدد قليل من النماذج ثم زيادة عدد النماذج تدريجيا‏.‏

‏ وفي نهاية اليوم أو نهاية الرحلة أو بعد قراءة قصة يدعوان طفلهما إلى تذكر ما مر به ‏من أحداث‏.‏

‏وأن يتأكدا أنه ينظر الى مصدر المعلومة المعطاة ويكون قريبا منها أثناء إعطاء ‏التوجيهات كالنظر الى عينيه وقت اعطائه المعلومة.‏

‏ويجب تعليم الطفل مهارات الاستماع الجيد والانتباه، ومحاولة استخدام مصطلحات ‏الاتجاهات بشكل دائم في الحديث مع الطفل أمثال فوق‏، تحت‏، ادخل في الصندوق‏.‏
ولحل المشاكل المتعلقة بالادراك البصري يجب التحقق من قوة إبصار الطفل بشكل ‏مستمر بعرضه على طبيب عيون لقياس قدرته البصرية‏.‏

وبخصوص مشاكل القدرة على القراءة، يجب التأكد من أن ما يقرؤه الطفل مناسبا ‏لعمره وامكانياته وقدراته واذا لم يحدث يجب مناقشة معلمه لتعديل المطلوب قراءته.‏

وقد يتساءل العديد هل تستوجب هذه الصعوبات هناك حلول‎‎دوائية؟‏‎ ‎‏ إلا أنه يجب ‏الاعتراف‎ ‎بأن الاتجاه السائد في علاج هذه الصعوبات هو الاتجاه " التأهيلي " فقط ‏دون أي‎ ‎مشاركة دوائية.‏

غير أن بعض‎ ‎الأطفال من جهة وبعض المدارس الطبية - العصبية - من جهة أخرى ‏تطرح مشاركة دوائية في‎‎الخطة العلاجية لهؤلاء الأطفال.‏‎



العرب أونلاين
http://www.alarabonline.org
 
رد: صعوبات التعلم تعيق مستقبل الطفل

جزاك الله خير على التوضيح اخت بصمه
 

اعضاء يشاهدون الموضوع (المجموع: 0, الاعضاء: 0, زوار: 0)

من قرأ الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

اعضاء قاموا بالرد في الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

عودة
أعلى