طفل عفيف: اخجلوا على أنفسكم

السميري

عضو جديد
قبضنا حتى اللحظة على ثلاثة وما زلنا نطارد الرابع هاربا بعد أن انفجرت أمام الرأي العام قصة طفل عفيف المعاق ومن كان بينكم شجاعا فليستجمع قواه ليشاهد المقطع المأساوي على اليوتيوب. ومن المبكي بمكان أن مسؤولي الوزارة مثلهم مثل مسؤولي هيئة حقوق الإنسان يتساوون في خلاصة التصريح أن هذه ليست الحالة الوحيدة الشاردة، ومن المؤكد أننا لسنا في حاجة لمثل هذا الكشف الخطير في ذات التصريح. نحن نبرهن عن حالتين: الأولى، إننا مجتمع يعيش أزمة أخلاقية خانقة ولو أن مثل هذه القصة المؤلمة تحدث في مجتمع يعيش بضمير مستيقظ لسقطت رؤوس ونقلت أخرى إلى المكان الأبعد الذي تستحق لأن هذا – الطفل المعاق – حتى وهو الضحية، فإنه وأقرانه الكثر في ذات المأساة هم السبب الذي فتح للمئات من صحاح الجسم هذه الآلاف من الوظائف. الثانية، إننا مجتمع لا يفزع إلا بعد انتشار الأزمة وأنا لا أعيش في الخيال حين أؤكد لكم أن السؤال الأول الذي طرحه كل مسؤول تلطخ ضميره بهذه الحادثة من منتسبي الشؤون الاجتماعية كان كالتالي: كيف تهرب هذا الشريط ومن هو الذي سربه إلى وسائط الإعلام المختلفة؟ سؤالهم التلقائي البدهي كان عن الأيادي الخفية من داخل الجهاز من تلك التي أحرجتهم جميعا أمام الرأي العام لا عن مئات الأطفال الذين يعيشون ذات مأساة طفل عفيف. سؤالهم كان عن الشريط لا عن الضحية.
تعالوا إلى الصورة الأخرى في حمى تصريحات التنصل من المسؤولية وفي حرب تضليل الرأي العام على ذات القصة. يقول سعادة المسؤول حفظه الله وأيقظ ضميره إن الوزارة الموقرة، وبالبرهان الإحصائي، تتصدر معظم دول العالم في حجم المصروف الذي تصرفه الدولة على الفرد الواحد في مراكز تأهيل المعاقين وفي الميزانية المقررة بحساب عدد الأفراد الذين يعيشون في مثل هذه الدور التي تشرف عليها الوزارة. ونحن بلا شك لا يوجد لدينا مثقال بعوضة من شك في حجم المصروف ومقدار الميزانية المقررة ولكن المأساة أن هذه الملايين، وبالبرهان على أشرطة – اليوتيوب - تمخضت في المخرج النهائي عن الجملة الأولى في رأس هذا المقال ونحن ولله الحمد والمنة نقبض على ثلاثة عمال من آسيا ونطارد الرابع لضلوعه في هذه المأساة. مركز المعاقين في محافظة عفيف الغالية على القلب تمخض عن أربعة عمال من آسيا الكبرى هم الذين يتكفلون برعاية هؤلاء الضحايا ولكم أن تحسبوا رواتب هؤلاء ثم تتساءلون عن الميزانية الهائلة التي يتحدث عنها سعادة المسؤول. ومن المؤكد أننا كلنا – ذات عفيف – ولكن بأسماء مدن ومحافظات مختلفة. وبالإحصاء البسيط اجمعوا عدد المراكز في شتى الجهات والمناطق والمدن ثم اضربوها في أربعة ثم اضربوا المجموع في رواتب هذه العمالة نهاية الشهر لتعرفوا المخرج النهائي لهذه الميزانية الضخمة التي يتفاخر بها المسؤول، أي ميزانية هي تلك التي تكذب على هذه – اللحى – بينما النهاية الطرفية لذات الخدمة التي كانت من أجلها الوزارة وكانت لأجلها هذه الميزانية الهائلة في يد بضعة من الوافدين الذين نزبد ونرعد بمحاسبتهم دون أن نحاسب عشرات المسؤولين الذين وضعناهم على رأس المسؤولية وهرم الأمانة.
مضحك جدا أن الميزانية التي يتحدث عنها صاحب السعادة قد اتسعت لاستقدام بضعة عمال من آسيا الكبرى بينما لم تتسع هذه الميزانية لآلاف العاطلات من حاملات الدرجة الجامعية في تخصصات علم النفس والاجتماع والتربية الخاصة والخدمة الاجتماعية ليعملن بشرف، وبراتب مضاعف على رعاية هؤلاء الضحايا ونخجل جدا أن تتسع هذه الميزانية الضخمة لبنود رواتب المسؤولين وانتداباتهم وندواتهم الكاذبة وورش عملهم المضللة فلم تتسع أيضا لأن تكون – المرأة – السعودية المؤهلة هي النهاية الطرفية المثلى لتقديم هذه الخدمة بما تستحقه من الأجور ومن الرواتب المجزية. نخجل جدا أن نذهب إلى دكا ومانيلا وروالبندي من أجل استقدام رخيص لعمالة رخيصة تأتي إلى عفيف لرعاية بعض أطفالها المعاقين بينما يوجد لدينا في عفيف نفسها عشرات الأمهات اللواتي يتلهفن للمثوبة مقرونة براتب شهري كان، مثلما فيها مئات العاطلات المؤهلات اللواتي يستطعن القيام بالمهمة. السيارة الحكومية التي منحها النظام المالي الفاشل لصاحب السعادة تكفي، ووحدها، أن تتكفل برعاية أطفال عفيف في عام واحد. اخجلوا من أنفسكم في كل شيء. من المسؤول الذي لا يعرف وقع التصريح. من هيئة حقوق الإنسان التي تبعث بروقها اللامعة بعد ثبوت الكارثة لأن شريط الفيديو وحده أبلغ أثرا وتأثيرا من الملايين المقررة لميزانية هيئة حقوق الإنسان، من المجتمع النائم في العسل بينما هؤلاء الضحايا يصرخون من الألم ومن التعذيب ونحن نصحو على قصة شاردة بينما بقية القصص لم تكشفها الكاميرا بعد.
أيها المجتمع بأكمله: اخجلوا على أنفسكم وعلى الأقل انزعوا هذه الكاميرات من أسقف هذه الدور كي لا تزلزل هذا السبات وتستفز هذه الغيبوبة.
علي سعد الموسى 2012-02-12 2:16 AM
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى