طه حسين.. فقد بصره بسبب الجهل فوهب عُمره للعلم

مريم الأشقر

عضو جديد
طه حسين.. فقد بصره بسبب الجهل فوهب عُمره للعلم

إعداد - شريف عبد الغني

احتفل العالم العربي قبل أيام قليلة بالذكرى الـ35 لوفاة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي توفي في 28 أكتوبر عام 1973، لكنه ظل واحدا ممن سيظل العقل العربي مدينا لهم، إذ إنه أفنى عمره مطالبا بإبعاد الخرافات عن تفكيرنا، وأن تكون قيم الحرية والعدل والعلم هي الأساس الذي يحكم حياتنا في العالم العربي كله. إنه الأديب والمفكر الكبير الدكتور طه حسين.. فماذا تعرف عنه؟

ولد طه حسين في 14 نوفمبر سنة 1889 في عزبة الكيلو التي تقع على مسافة كيلومتر من مغاغة بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط بمصر على مسافة نحو 120 كيلو مترا جنوب القاهرة. وكان والده حسين علي موظفا صغيرا رقيق الحال في شركة السكر، يعول 13 ولداً، سابعهم طه حسين.

فقد طه حسين بصره على إثر إصابته بالرمد وبفعل الجهل والعلاج الخاطئ تطور الرمد إلى أن فقد طه حسين بصره، واستكان صدر الطفل الصغير المقبل على المجهول حزن صامت عميق على حد تعبيره «ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به فعلم أنهم يرون ما لا يرى»، إذن خطا الطفل طه خطواته الأولى في الحياة نحو المجهول مكبلا بفقد بصره محاطا بجهل كبير يعم مصر، وحمل طه شعورا عميقا بالظلم.

تناول طه الطفل يوما لقمته بكلتا يديه ودفعها للصحن ثم لم يفلح في وضعهما فيه، فضحك منه إخوته وأجهشت أمه بالبكاء، وقال والده بحزن «ما هكذا يا طه تؤخذ اللقمة»، ولم يدر طه كيف نام ليلته وألزم نفسه أن لا يأكل أمام أحد أبداً شيئا مما يؤكل بملعقة.

تعلم طه حسين حُسنَ الاستماع بسبب إعاقته التي أقعدته عن ملاعبة زملائه فكان يكثر الجلوس منصتا لمجالس أبيه ومجالس أمه دون أن يتدخل فما كان ذلك مسموحا به لمن في مثل سنه، بل كان طه يجلس منصتا وعقله يفكر فيما يسمع.

تأثر طه الطفل بما سمع وحفظ معظم ما سمعه من أشعار التي تنشد أخبار السيرة الهلالية، ويتذكر طه فيما يتذكر أن غناء أخواته كان يحرك حسه لأنه كان خاويا من الحس، بينما كان يهزه هزا عنيفا ويؤثر فيه بكاء أمه ونواحها حين تحط الأحزان رحالها في نفس أمه فتأخذ شأن المصريات من نساء القرى في ذلك الزمان تنوح، وربما يصل بها الأمر حد البكاء المر.

وجد طه في إنشاد المتصوفة والدراويش وحلقات الذكر التي كانت تدور رحاها في قريته خاصة في شهر رمضان سلواه حتى إنه حفظ معظم ما سمعه من الأذكار إلى جانب ما حفظه من القصص والأشعار والأوردة والأدعية وأناشيد المتصوفة حفظ القرآن الكريم كله وهو ابن 9 سنوات.

التعليم

اتجه طه حسين بعد ذلك نحو القاهرة عام 1902 وذلك لكي يبدأ رحلته العلمية فالتحق بالأزهر وذلك لكي يتفتح ذهنه على المزيد من العلوم، ولكن قابلته مشكلة هامة، وهي أن أساتذته كانوا يدرسون العلم بشكله التقليدي غير مطلعين على الحديث منه، بالإضافة لعدم إلمامهم بالثقافات الأخرى مما جعل التعليم يأخذ شكلا جامدا غير متجدد، ولم يرض طه حسين أن يكون تعليمه بهذا الشكل فاصطدم كثيراً بشيوخه حيث كان يعارضهم، ويجادلهم في تفسير بعض أمور النحو واللغة والأدب مما أدخله في مشاكل دائمة معهم. ليقرر بعد ذلك الانتقال لجامعة عادية، وليست جامعة دينية فقام بالالتحاق بالجامعة المصرية في عام 1908 فتلقى الدروس في الحضارة الإسلامية، والحضارة المصرية القديمة بالإضافة لدراسته للجغرافيا، والتاريخ، واللغات السامية والأدب، والفلسفة، وخلال هذه الفترة قام بتحضير رسالة الدكتوراه، والتي ناقشها في 15 مايو 1914م، فتخرج من الجامعة حائزاً على درجة الدكتوراه في الأدب العربي وكان موضوع رسالته عن أبي العلاء المعري، وهو أحد شعراء العرب البارزين، والذي فقد بصره صغيراً أيضاً مثل طه حسين.

طه حسين وزوجته

لم يكتفِ طه حسين بهذا القدر من التعليم رغم حصوله على درجة الدكتوراه، ولكن دائماً كانت لديه رغبة لتلقي المزيد من العلم، فقرر أن يسعى من أجل السفر إلى فرنسا، وبالفعل تمكن من الحصول على بعثة لفرنسا فبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته فالتحق بجامعة مونبليه في عام 1914م حيث تخصص في الأدب، والدراسات الكلاسيكية وتخرج منها بتفوق كالعادة، وكان الوحيد من ضمن طلبة البعثة الذي تمكن من تحقيق النجاح.

انتقل بعد ذلك للعاصمة الفرنسية باريس للدراسة بجامعة السوربون، وذلك في الفترة ما بين «1915 – 1919» والتي حقق فيها النجاح أيضاً فتخرج منها حاصلاً على درجة الليسانس، كما حصل على شهادة الدكتوراه عن رسالة أعدها باللغة الفرنسية موضوعها «دراسة تحليلية نقدية لفلسفة ابن خلدون الاجتماعية».
وفي فرنسا التقى طه حسين مع شخصية رائعة أعانته كثيراً في هذه الفترة في حياته، وكانت هذه الشخصية هي السيدة سوزان التي تزوجها في عام 1917 وكان لهذه السيدة أثر عظيم في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة «برايل» حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه «منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم»، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما أمينة ومؤنس.

وأثرى طه حسين المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، وكانت هذه الأعمال الفكرية تحتضن الكثير من الأفكار التي تدعو إلى النهضة الفكرية، والتنوير، والانفتاح على ثقافات جديدة، هذا بالإضافة لتقديمه عددا من الروايات، والقصة القصيرة، وتوفي عام 1972.

http://www.alarab.com.qa/details.php...o=312&secId=23
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى